«الشارقة للآثار» تُقدم تاريخ الاستيطان الأول للبشر
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
الشارقة: «الخليج»
قدمت هيئة الشارقة للآثار، موقع «الفاية» الأثري، في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي «كوب 28»، ضمن جلسة «التراث الطبيعي والثقافي للواحات في مصر»، كجزء من دراسة مقارنة، من خلال جلسات اليونسكو المشارك في الجناح المصري، وذلك ضمن اهتمام اليونسكو بالتراث الثقافي والطبيعي للبيئات القديمة في المنطقة العربية.
واستعرض الدكتور كنوت بريتزكي، رئيس البعثة الأثرية الألمانية بالشارقة والمدير المشارك لمشروع التعاون بين هيئة الشارقة للآثار وجامعة «توبنجن» الألمانية، موقع الفاية الذي من المقرر أن يتم ترشيحه لقائمة التراث العالمي في عام 2024، وبعض الأمثلة على مواقع ما قبل التاريخ المبكرة من الواحات لرفع مستوى الوعي حول العصر الحجري بالمنطقة، إضافة إلى تقديم رؤى حول الاستراتيجيات السلوكية في الواحات والصحارى التي تعتبر أنظمة بيئية حيوية في المناطق القاحلة والمعروفة بتنوعها الثقافي والبيولوجي الفريد.
وقال عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار: «يُسعدنا أن نقدم ونشارك العالم موقع الفاية الأثري، ضمن فعاليات «كوب 28»، المنصة العالمية الأساسية التي تُشكل فُرصة ثمينة لتحقيق أهدافنا المتعلقة بالتواصل المعرفي وتبادل الخبرات مع باحثين ومختصين في الحواضر العالمية الكبرى المعنية باكتشاف المعالم الإنسانية القديمة، استناداً لرؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لإبراز هوية وإرث الشعوب».
وأضاف أن استعراض الموقع المُسَجل على القائمة التمهيدية للتراث العالمي لليونسكو تحضيراً لترشيحه رسمياً على القائمة النهائية في 2024، يُشكّل معْلماً أثرياً يعكس للعالم دلالة صادقة على التاريخ العريق والحضارة الموغلة في الأصالة والقدم لإمارة الشارقة، وينقل إلى شعوب الدول الأخرى أن الشارقة زاخرة بوجهاتها الأثرية وقادرة على تقديم تجربة مبهرة على صعيد السياحة التراثية الثقافية بأجمل صورها.
وأكد أهمية اختيار الموقع لكونه نموذجاً للمشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في المنطقة الوسطى بالشارقة، وشاهداً على الاستيطان البشري، حيث يعتبره علماء الآثار بمثابة أرشيف استثنائي يؤرخ تعايش الإنسان في العصور الحجرية مع الواحات واستفادته منها وتكيفه مع بيئة صحراوية قاسية، ووثقت الدراسات الأثرية والبيئية للطبقات التاريخية في الموقع استمرارية الاستيطان البشري منذ 210 آلاف سنة.
وتناول الدكتور كنوت بريتزكي في هذه الجلسة أيضاً، مواجهة هذه النظم البيئية تهديدات من الاستغلال المفرط وتغيرات استخدام الأراضي وتغير المناخ، وطرق الحفاظ على استدامة الواحات وما يتطلبه ذلك من استراتيجيات الحفاظ والإدارة المستدامة، حيث يعمل المكتب الإقليمي لليونسكو في القاهرة ومعهد سينكنبرغ وشركاء من المنطقة العربية معاً لإنشاء مبادرة عالمية لتوفير فهم شامل للواحات، ودمج كل من الطبيعة والثقافة من الماضي والحاضر.
ويقع موقع الفاية الأثري في إمارة الشارقة، وهو أحد أهم مواقع العصر الحجري القديم في شبه الجزيرة العربية، حيث كشفت عمليات التنقيب الأثري في عام 2009 عن وجود استيطان بشري يعود إلى 125000 عام، حدث في ظل جملة غير متوقعة من الظروف المناخية، وقبل ذلك بكثير، مما كان يُعتقد سابقاً، مما يجعله أقدم موقع بشري معروف في شبه الجزيرة العربية.
وباستخدام مجموعة متطورة من التقنيات الأثرية والمناخية القديمة وتقنيات التأريخ، تمكن الفريق من إعادة بناء أربع مراحل متميزة من الاستيطان البشري بين 210,000 – 120,000 سنة ماضية، حيث يوضح أن البشر قاموا باستيطان الموقع خلال الظروف المناخية الجافة والرطبة.
وتوثق السمات الجيومورفولوجية على طول نطاق الفاية هذه الأحداث والتغيرات، مما ساعد على فهم هذه الحقبة الزمنية المهمة من تاريخ المنطقة، وتوافر مصادر المياه والمواد الخام والكهوف التي تم استيطانها، مما ساهم في جعل الفاية أقدم مشهد صحراوي مأهول بالسكان في العالم.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات هيئة الشارقة للآثار الشارقة للآثار
إقرأ أيضاً:
محافظ الإسكندرية: رفع موقع دير أبو مينا الأثري من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر
هنأ محافظ الإسكندرية، أحمد خالد حسن سعيد، الدولة المصرية ممثلة في وزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار، والكنيسة المصرية، وكافة الجهات المعنية بالدولة، بمناسبة اعتماد لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) رسميًا قرار رفع موقع دير أبو مينا الأثري بمدينة برج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
وقدم محافظ الإسكندرية، بحسب بيان صادر عن المحافظة اليوم /الخميس/، خالص الشكر والتقدير إلى وزير السياحة والآثار شريف فتحي، وقداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وكافة الجهات المعنية بالدولة على جهودهم المبذولة في تحقيق هذا الإنجاز الكبير الذي يعد بمثابة إنجاز جديد يُضاف إلى رصيد الدولة المصرية، ويعكس التزامها بحماية وصون تراثها الثقافي وفقًا للمعايير الدولية.
وأوضح المحافظ أحمد خالد أن المحافظة استطاعت من خلال التنسيق بشكل كامل مع وزارات السياحة والآثار والري وكافة الجهات المعنية من إنجاز أعمال البنية التحتية اللازمة، من طرق وكهرباء وخدمات.
وأضاف أن جهود المحافظة بدأت منذ عام 2019 بالقيام بأعمال توسعة الطريق وإنشاء الطبقة الإسفلتية بالإضافة إلى الانتهاء من أعمال الإنارة والتنسيق مع الإدارة العامة للمرور لوضع كافة اللوحات الإرشادية.
وثمّن محافظ الإسكندرية الجهود التي تمت بالموقع ككل خلال السنوات الماضية لخفض منسوب المياه الجوفية وترميم العناصر المعمارية الأثرية وتطوير بعض الخدمات السياحية، التي ساهمت بالإشادة الدولية لجهود الدولة المصرية في تنفيذ التدابير التصحيحية اللازمة لرفع هذا الموقع الاستثنائي من قائمة التراث المعرض للخطر، وضمان استدامة مكوناته الأثرية للأجيال القادمة، بما يتفق مع المعايير الدولية في مجال الحفظ والترميم.
يذكر أن اعتماد لجنة التراث العالمي قرار رفع موقع أبو مينا من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، جاء خلال اجتماعات الدورة الـ 47 للجنة التراث العالمي والمنعقدة حالياً بمقر منظمة اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس، بعد استعراض التقرير الصادر عن بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) لعام 2025، الذي أشار إلى ما تحقق من تقدم ملحوظ في أعمال الحفاظ والصون بموقع أبو مينا الأثري، من أبرزها إنشاء نظام رصد ومراقبة فعّال لاستقرار منسوب المياه الجوفية، الذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة.
كما أشاد التقرير بالجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في تنفيذ كافة التوصيات المطلوبة من قبل في هذا الإطار، مؤكدة على أن حالة الصون المطلوبة لإزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر (DSOCR) قد تحققت بالكامل.
وتُعد منطقة دير أبو مينا أحد أبرز المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية، إذ كانت هي المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، وقد تم إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو منذ عام 1979، تقديرًا لأهميته الدينية والمعمارية.
ومن بين أبرز الاكتشافات المعمارية والأثرية التي كشفت عنها الحفائر في دير أبو مينا هي البئر الذي يحتوي على قبر القديس مينا، الكنيسة الكبرى، وساحة الحُجّاج، والتي تعكس جميعها عمق الأهمية الروحية والعمرانية للموقع.
وقد أدى التوسع في أنشطة استصلاح الأراضي والاعتماد على أساليب الري بالغمر في محيط الموقع، إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية بشكل كبير، مما أثّر سلبًا على البنية الأثرية ونتج عنه إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر في عام 2001.
وفي إطار الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة المصرية للحفاظ على هذا الإرث الفريد، وحماية المكونات الأثرية للموقع والحفاظ على سلامته، تم البدء الفعلي بمشروع خفض منسوب المياه الجوفية عام 2019 بعد الانتهاء من جميع الدراسات اللازمة لتحديد الأسلوب الأمثل للتصميم والتشغيل لمنظومة خفض منسوب المياه الجوفية، وتم تشغيله تجريبياً في منتصف شهر نوفمبر 2021، وافتتحه وزير السياحة والآثار الأسبق عام 2022. كما تم تنفيذ أعمال ترميم شاملة للعناصر المعمارية المتبقية بالدير، في خطوة مهمة ساهمت بشكل مباشر في استيفاء متطلبات رفع الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.