من «أبو غريب» إلى «بيت لاهيا»
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
جاء مشهد تعرية الأسرى والمدنيين الفلسطينيين فى «بيت لاهيا» شمالى قطاع غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى الغاشم بمثابة نقطة تحول خطيرة منذ تصاعد الأحداث فى السابع من أكتوبر الماضى، تزامنًا مع مقاومة الجانب الفلسطينى لممارسات الكيان الصهيونى التى تزداد شراسة يومًا بعد يوم.
ولعل ما حدث أعاد للذاكرة ممارسات جيش الاحتلال الأمريكى ضد العراقيين فى «سجن أبوغريب»، بما يعنى عدم احترام حقوق الإنسان، وغياب الإنسانية فى كافة التصرفات، لنرى بأعيننا صوراً نخجل من رؤية أطفالنا لها، ونحن نقف مكتوفى الأيدى أمام الحرب النفسية لرجال أعزاء يسطرون أفضل الفصول فى تاريخ المقاومة.
وإذ كان الكيان الصهيونى يعتقد أن ما فعله تجاه الرجال والنساء العزل هو بمثابة «كسر النفس والعزة والكرامة»، فإن ما نراه لم يكن من وجهة نظرنا سوى مشهد جديد من مشاهد العزة والكرامة دفاعًا عن الأرض بأغلى الأثمان، ولم يكن سوى تعبيرًا عن خسة وندالة وجبن المحتل المغتصب للأرض قبل العرض، وهو سلوك اعتاد عليه الصهاينة فى حروبهم منذ عقود.
والغريب فى الأمر أن الدول التى تتشدق بحقوق الإنسان لم تحرك ساكنًا أمام المشاهد المخزية والموثقة فى التاريخ الأسود للاحتلال الغاشم للأرض الفلسطينية، فى حين أصدرت العديد من البيانات الرسمية ضد بعض الدول تحت غطاء الحقوق السياسية وحقوق السجناء والحريات وامتلاك السلاح النووى دون دليل واضح، لمجرد تشويه المشهد، واستغلال مثل هذه البيانات والتقارير للضغط على الدول لتحقيق مكاسب والحصول على تنازلات انتهت بتدمير دول.
والآن رأينا بأعيننا المشاهد التى يصعب وصفها، لولا عدسة الكاميرات التى كشفت المجرمين وممارساتهم لننتقل إلى الحرب النفسية وقتل الروح المعنوية لكل فلسطينى يقاوم ويدافع عن أرضه، فى الوقت الذى رأينا فيه الإشادة الواضحة من الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم وتلقيهم الرعاية الصحية وتوفير الغذاء لهم من قبل رجال المقاومة.
هكذا كان الفرق فى المعاملة لمن لا دين لهم ولا ملة، ولا يعرفون شيئًا عن حقوق الإنسان، وبين أصحاب الأرض الذين بذلوا أرواحهم دفاعًا عنها ويتعاملون بأخلاق الدين الكريم، والإيمان بالله فى كل شىء حتى فى حالة الخصام والحرب، وهو الدرس الذى قدمته المقاومة لسمأسرة حقوق الإنسان فى الغرب وعديمى الدين.
إن رهان الكيان الإسرائيلى ورجاله الداعمين له على طول أمد الحرب الدائرة فى غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية حتى ينشغل الرأى العام العالمى عنها هو رهان خاسر، خاصة فى العالم العربى والإسلامى الذى لم يقل اهتمامه عن متابعة تطورات الموقف منذ اليوم الأول للحرب الدائرة برغم الكثير من القضايا الحياتية اليومية التى تشغل الجميع.
خلاصة القول إن القضية الفلسطينية كامنة داخلنا إلى الأبد، بل استمرار ما يحدث من انتهاكات وجرائم لا تفيد الاحتلال بقدر ما تفيد الأجيال الجديدة فى تشكيل صورة عن عدوهم الأول الذى اغتصب الأرض وانتهك العرض تحت سمع وبصر منتهكى حقوق الإنسان من «أبو غريب» ومعاونيهم فى حلف الناتو، وصولًا إلى «بيت لاهيا»، وستبقى فلسطين حرة أبية مهما طال الظلم.
«وللحديث بقية إن شاء الله».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قطاع غزة قوات الاحتلال الاسرائيلي حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
بودكاست يوسف السنوسي
بودكاست يوسف السنوسي..
خلال اسبوع كامل ظللت اداوم على الاستماع إلى حلقات بودكاست يوسف السنوسي محمد كوكو ، الضابط السوداني الذي اختطفته مليشيا الدعم السريع المتمردة من داره بمنطقة الجيلي شمال الخرطوم ، وحزنت كثيراً لبعض القصص ، وشعرت بالأسي لأخرى وغضبت ودمعت عيناي ، وشعرت بالفخر فى اخرى ، الحلقات مزيج من مشاعر شتى ، كما أنها تعطيك صورة مصغرة لهذا البلاء الذى اجتاح البلاد والعباد ، إن مليشيا الدعم السريع المتمردة صورة لا متناهية من البشاعة والفظائع واللإنسانية..
وخرجت بنتائج كثيرة من اللقاء الذى اجراه الزميل المحترم أحمد فال ، وزادت معارفي ، وبدأت إعادة قراءة تأثيرات المحتوى الإعلامي وأوجز ذلك فى عدة نقاط..
وبشكل عام فإن الحلقات تكشف عن:
– معدن وصلابة الإنساني السوداني وقدرته على التحمل والصبر والثبات على المبدأ..
– حجم التضحيات التى قدمها شعبنا بشكل عام فى هذه الحرب ، وعظم تضحيات مؤسساتنا واجهزتنا العسكرية والأمنية وقد كانت هدفاً لهذه المليشيا المجرمة ومن وراءها من قوى سياسية ماكرة وغادرة واجندة خبيثة..
– وتجددت قناعاتي بقبح وفظاعات هذه المليشيا وغياب أى حس إنساني أو أخلاقي لديها و افتقارها لأى ضبط أو قيم..
– غياب المنظمات والجمعيات الانسانية والمؤسسات المتخصصة للدفاع عن هؤلاء الضحايا ، وقد قضوا أكثر من عامين فى اسوأ الظروف الإنسانية وانتفاء الحقوق ولم تسلط على هذه الانتهاكات اضواء كاشفة وكل الادانات كانت خجولة.
– وما زال دور المؤسسات الحقوقية والقانونية غائباً لإسترداد حقوق هؤلاء من خلال طرح قضاياهم فى المنابر الدولية ، وتشكيل مجموعات قانونية ومجتمعية ونفسية لمتابعة ملفاتهم وطرح حكاياتهم وتتبع اشكالاتهم..
اما من ناحية السرد فقد خرجت بخلاصة تؤكد:
– قيمة المعنى حين يرتبط بالصدق والبساطة ، هكذا ، دون تكلف أو ادعاءات ، وإنما حديث دون رتوش أو تقعر (كبوا لنا الماء فى خشمنا ونخرتنا) ، ذلك الاستغراق فى التوصيف بكل الحواس واستشعار كل لحظة..
– وهذا إئذان بعودة (الحكي) فى تقديم الرسالة الاعلامية ، وهذا ما يفعله البودكاست ، حيث القيمة والنجومية الأساسية لدى الراوى (الضيف) و(المحتوى)..
الحمدلله على سلامة الأخ بوسف وفك الله أسر المأسورين..
ابراهيم الصديق على
18 مايو 2025م..