جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-19@01:14:34 GMT

الصهيونية ومستقبل السلام

تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT

الصهيونية ومستقبل السلام

 

حاتم الطائي

الاحتلال الصهيوني يستهدف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي

◄ الصهيونية حركة إرهابية تمارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية

◄ لا لسلامٍ في ظل الصهيونية.. ونعم لسلام الأبطال المُنتصرين

رغم المذابح التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة والضفة الغربية وكامل الأراضي الفلسطينية، تتجلّى انتصارات المقاومة الباسلة وصمودها التاريخي بدعمٍ كاملٍ وتأييدٍ غير مسبوق من الشعب الفلسطيني، الذي يرزح تحت ويلات الاحتلال البربري البغيض، وهذه الانتصارات تؤكد أنّ مسارًا واحدًا فقط سيسير عليه الشعب الفلسطيني من الآن وصاعدًا، إنه طريق المقاومة والنضال، لأنه لا مستقبل للسلام المزعوم في ظل الصهيونية الإجرامية.

عملية السلام من المنظور الغربي الإمبريالي، رحلت إلى غير رجعة، والسلام الذي يتحقق الآن، هو سلام القوة والصمود الفلسطيني في مواجهة آلة القتل العسكرية الإسرائيلية، الأمريكية الصُنع. فالسلام الذي كانت تروّج له اتفاقيات أوسلو ووادي عربة وغيرها، ارتكز على تقديم التنازلات واحدًا تلو الآخر، حتى مبادرة السلام العربية، قدمت مبدأ الاعتراف بإسرائيل في مقابل حصول الفلسطينيين على بعض حقوقهم، حتى ولو كانت على حدود 1967، لكنها تظل منقوصة، وغير عادلة.  

فما يحدث من جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة منذ 77 يومًا يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن كيان الاحتلال لا يستهدف سوى ممارسة التطهير العرقي، في استمرار مُتعمَّد للجرائم البشعة التي ينفذها على مرأى ومسمع من العالم أجمع، وتحت غطاء دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، حتى إن مجلس الأمن الدولي المعني بحفظ الأمن والسلام في العالم- أو هكذا كُنَّا نظن- يفشل مرة تلو المرة في تمرير أي مشروع قرار يطالب بوقف الحرب في غزة، في فضيحة عالمية تُعرّي تلك الأنظمة التي تدّعي الديمقراطية وتزعم أنها تدافع عن حقوق الإنسان، لكن يبدو أن مفهوم الإنسان لديهم يختلف عن المفهوم الصحيح، إذ يدافعون عن القاتل المجرم الإسرائيلي بدعوى أنه "يمارس الدفاع عن النفس"، كما يقمعون أي تعاطف مع ضحايا العدوان الهمجي على غزة، ويسنون التشريعات لمُعاقبة كل من يُعلن تأييده للحق الفلسطيني. تلك العنصرية الغربية- الصهيونية في أساسها- تتسبب في سقوط المزيد من الشهداء والجرحى بنيران الاحتلال، الذي لا يتوانى عن قصف أي هدف مهما كان، مستشفى أو مدرسة أو مسجداً أو كنسية أو حتى طريقاً عاماً يسير عليه الأبرياء رافعين الرايات البيضاء.

لكن في المقابل، علينا أن نتحلى بيقينٍ تامٍ بأنَّ النصر يتحقق يومًا تلو الآخر، ولو أنَّ أعداد الشهداء في ازدياد، لكن هذه ضريبة الدفاع عن الأرض والمقدسات، وثمن نيل الحرية والاستقلال، فكُل حروب التحرير التي خاضتها الشعوب لم تكن مجانية أو دون ضريبة الدم؛ بل كانت التضحيات هي الوقود الذي يضيء نور الحق، وعنصر النجاح في كل معركة عادلة. اليوم نرى المقاومة الفلسطينية تُحقق الانتصارات واحدة تلو الأخرى، بينما يفشل الاحتلال البربري في تحقيق ولو حتى نصف هدف من أهدافه.. فهو زعم أنَّه يريد تحرير الأسرى، وقد فشل فشلًا ذريعًا ومدويًا وغير مسبوق، بل قتلهم وأمعن في قتلهم علانية وباعترافه هو نفسه، وهذه فضيحة كبرى لو تعلمون. كما فشل في القضاء على المقاومة، بينما الواقع يؤكد أنَّها تزداد قوةً وعزيمة يومًا وراء يوم، دون أن تفتُر همتهم أو تتراجع إرادتهم، وسط حمام الدم الذي يتسبب فيه الاحتلال.

في المقابل، نفذ الاحتلال الجبان أسوأ جرائم الإبادة الجماعية، ومارس إرهاب الدولة وهو أشد وطأة من أي إرهاب آخر، ولنا أن نتخيل أنَّ دولة بأكملها بسلاحها المتقدم وطائراتها وجنودها عديمي الضمير، تنفذ أبشع الهجمات الجوية والبرية دون تمييز، فيقصفون منازل المدنيين، والمستشفيات والمدارس وكل شيء ماثل أمامهم. دون تحقيق نتيجة واحدة مما أعلنوا عنه.

ولذلك نقول بقناعة شديدة إنَّ الكيان الصهيوني في أضعف حالاته الآن؛ بل هو في مرحلة الترنح، وسيسقط قريبًا، ولولا الدعم الغربي له بالسلاح والعتاد والاستخبارات، لسقط في غضون أيام قليلة من معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر المجيد.

وما نشاهد ونتابع من أخبار يوميًا ومن بيانات المقاومة الشجاعة، وما تُحرزه من انتصارات تاريخية على هذا الجيش البربري، يؤكد أن الصهاينة في أضعف حالاتهم، ولنا أن نقرأ جيدًا ذلك المشهد الذي يحتفل فيه جنود صهاينة في لواء جولاني، بقرار سحبهم من غزة، بعد الخسائر الفادحة التي تجرعوها هناك! هذا يؤكد أنَّ الجنود وضباطهم بل وهذا الجيش كله، في حالة صعبة ويعيشون أهوالًا.

غزة بالنسبة لجيش الاحتلال باتت مستنقعًا من الوحل، لن يستطيع الخروج منه بسهولة، وقد رأينا أن من يخرج من غزة من الصهاينة، إما أن يكون قتيلًا في نعش، أو جريحًا بإصابات شديدة، ولا يعود منها أي جندي في حالة صحية سليمة، ناهيك عن الأمراض النفسية والهلاوس وأمراض الفزع والهلع التي أعلنوا عنها هم بأنفسهم. وبالتوازي مع الهزيمة العسكرية النكراء، فإنَّ رأس الشر بنيامين نتنياهو تلاحقه تهم الفساد، والسجن بانتظاره، ليقضي بقية حياته فيه، لذلك هو يسعى لإطالة أمد الحرب بأي شكل من الأشكال، في محاولة منه لتأخير موعد دخوله السجن. وما يُفاقم مأزق نتنياهو أنَّ أهالي الأسرى يمارسون أعنف الضغوط على حكومته المُجرمة، خاصة وهم يشاهدون أن أسراهم يموتون بأيدي جيشهم، وليس بأيدي المقاومة.. وهذه مفارقة عجيبة، تؤكد مدى غباء دولة الاحتلال وحالة الجنون التي وصلوا لها.

مرة أخرى، لم يعد السلام الذي كان يُروّج له على مدى العقود الماضية، صالحًا في ظل ما أحرزته المقاومة من انتصارات، وأذكر بصفة خاصة هنا ما تحقق من تطوُّرٍ في قوة المقاومة وسلاحها، والذي يمثل معجزة بكل المقاييس؛ فهؤلاء الأبطال الذين يعيشون تحت وطأة حصار خانق، استطاعوا أن يطوِّروا من سلاحهم وبأبسط الأدوات، ليبنوا ترسانة عسكرية متنوعة محلية الصنع، لكنها تبُث الرعب والهلع في نفوس العدو، والأهم من ذلك أنها تحقق ما لم تحققه الصناعات العسكرية الأخرى التي يمكن أن تكون أكثر تقدمًا عنهم، فبسلاح المقاومة المحلي الصنع نجحت المقاومة في تدمير الدبابة الميركافا التي يصل سعر الواحدة منها 11 مليون دولار، كما استطاعت قذائف الياسين وغيرها أن تنسف تحصينات العدو وتُلحق بهم أشد الخسائر.

ويبقى القول.. إنَّ الاحتلال الصهيوني لفلسطين يرتكز في جوهره على الإبادة الجماعية، والتهجير القسري؛ لأنه احتلال عنصري بغيض مُستعد لتنفيذ أبشع المذابح الدموية، وقتل الأبرياء دون وازع من ضمير؛ بل ربما يحتفلون بقصف مستشفى وقتل من فيه، أو بتصفية رجل عجوز برصاصة مباشرة في القلب، أو سحل طفل على الأرض حتى الموت، أو بقر بطون النساء الحوامل.. ولذلك لا لسلامٍ في ظل الصهيونية، ولا لسلام الخذلان والذل، ولا لسلام منقوص ينزع السيادة عن الدولة الفلسطينية المنشودة، ونعم لسلام الشجعان، الذي يؤسس لدولة قوية قادرة على صون سيادتها وحفظ دماء شعبها بقوة جيشها الوطني، ونعم لسلام الأبطال القائم على انتصارات المقاومة وما تحقق من نصرٍ مُظفَّرٍ، دفع ثمنه الأبرياء بدمائهم وأرواحهم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: هذه أهداف إسرائيل حاليا بغزة وجيشها يواجه تحديات

قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن تصريحات قائد لواء القدس في جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن معارك حي الشجاعية شرقي مدينة غزة تعكس الواقع الميداني وأهداف الحرب الحالية بالنسبة لإسرائيل.

وأوضح حنا -في حديثه للجزيرة- أن هذه التصريحات تكشف أهداف إسرائيل في غزة وهي التدمير والاحتلال، إلى جانب تأمين منطقة غلاف غزة، التي اقتحمتها المقاومة الفلسطينية في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وكانت صحيفة معاريف قد نقلت عن قائد لواء القدس بالجيش الإسرائيلي قوله إن القتال في حي الشجاعية كان ضاريا، ودفع الجيش الإسرائيلي ثمنا باهظا هناك.

وأضاف المصدر أن جيش الاحتلال هدم نحو ألف مبنى في شمال قطاع غزة وقتل 250 "مسلحا"، مشيرا إلى أنه لم تبقَ في الشجاعية مبانٍ تطل على كيبوتس ناحل عوز، وأن الجيش أجرى عمليات لتأمين مناطق الغلاف.

تحديات إسرائيلية

وتعكس تصريحات القائد العسكري الإسرائيلي تحديات يواجهها جيش الاحتلال، وهي شبكة الأنفاق، وامتلاك المقاومة السلاح وشراسة القتال لديها، حسب الخبير العسكري إلياس حنا.

وكذلك، يواجه جيش الاحتلال تحديات أخرى مثل قدرة المقاومة على التأقلم واحتفاظها بما يمكنها من القتال والابتكار على المستوى التكتيكي.

إعلان

وأشار حنا إلى أن الحملة الجوية الإسرائيلية المكثفة تظهر نوايا الاحتلال في توسيع العملية البرية.

وكان قائد لواء القدس قال أيضا إن الجيش رصد تغيرا في طريقة القتال عند مسلحي المقاومة الفلسطينية، وامتلاك عناصرها كميات غير بسيطة من السلاح، مشيرا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال تمتلك كثيرا من الأنفاق، ولم يستطع الجيش اكتشافها كلها.

وأكد أن مقاتلي حماس باتوا يتعاملون بدهاء وينفذون عمليات استدراج للجنود، مما تطلّب من الجيش بذل جهد أكبر.

وأمس الخميس، بثت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- كمينا مركبا نفذه مقاتلوها ضد قوات الاحتلال في الشجاعية، أطلقت عليه اسم "أسود المنطار".

وتظهر المشاهد استهداف عناصر القسام جيبات وآليات إسرائيلية بالقذائف المضادة للدروع واشتباكهم مع جنود الاحتلال، وأدى الكمين لمقتل عسكريين اثنين.

وكان جيش الاحتلال قد أعلن إصابة ضابطين كبيرين و7 جنود في انفجار لغم شمالي قطاع غزة، مبينا أن المصابين ينتمون إلى "لواء القدس" في حي الشجاعية، وأن من بين المصابين نائب قائد الفرقة 252 وقائد الكتيبة 6310.

ووفق حنا، فإن القتال في بيت حانون شمالا يختلف عن القتال في حي الشجاعية بغزة، وكذلك يختلف عن رفح جنوبا، إذ لا تزال تنفذ عمليات هجومية داخل منطقة يصفها جيش الاحتلال بأنها "آمنة بعد القضاء على المقاومة فيها".

وفي وقت سابق، قال اللواء احتياط بالجيش الإسرائيلي يسرائيل زيف إن حركة حماس طورت طرق قتالها، مشددا على أن إدخال قوات كبيرة إلى قطاع غزة يزيد فرص تعرضها لإصابات.

مقالات مشابهة

  • قيادي بحماس: الاحتلال يربك الساحة بأخبار مزيفة للضغط على المقاومة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • الجبير يربط أمن البحر الأحمر باستقرار اليمن.. محاولة لإعادة إنتاج الرواية ’’الصهيونية-الأمريكية’’ أم تهرب سعودي من استحقاقات السلام؟
  • ماذا يعني اختيار جيش الاحتلال معبر كيسوفيم للتوسع البري؟
  • نائب عن الصهيونية الدينية: العالم اعتاد القتل بغزة دون أن يُبدي أي اهتمام (شاهد)
  • ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب
  • استشهاد فلسطيني بزعم عملية طعن جندي بالقدس
  • حماس تطالب الدول العربية بتحمل مسؤوليتها لوقف جرائم الإبادة الصهيونية في غزة
  • خبير عسكري: هذه أهداف إسرائيل حاليا بغزة وجيشها يواجه تحديات
  • حماس: جيش الاحتلال ارتكب مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من 250 شهيدا