لماذا رفض بايدن تقديم مروحيات الأباتشي للاحتلال؟
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
سرايا - فاجأت تقارير عن رفض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الموافقة على طلب الاحتلال شراء طائرات مروحية من طراز أباتشي الهجومية، الكثير من المعلقين الأميركيين، خاصة في ضوء الدعم الكبير الذي تقدمه واشنطن لكيان الاحتلال منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وحتى يوم 20 كانون الأول (ديسمبر) الحالي، قدمت واشنطن أكثر من 230 طائرة شحن و20 سفينة محملة بمختلف أنواع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية إلى الاحتلال، مع تعهد إدارة بايدن بتقديم الدعم للصهاينة مهما استغرق الأمر.
وأشارت تقارير إلى تقديم تل أبيب طلبها بخصوص طائرات الأباتشي قبل أسابيع، وهو الطلب الذي عادت وقدمته الحكومة إلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أثناء زيارته للكيان في وقت سابق من هذا الشهر. وجاءت أنباء الرفض الأميركي في الوقت الذي رجح فيه رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي أول من أمس أن الحرب التي تشنها بلاده على قطاع غزة ستستمر لأشهر عدة. وترغب إدارة بايدن في أن ينتقل جيش الاحتلال سريعا إلى المرحلة الثالثة من العدوان بما يخفض معه أعداد الضحايا بعدما تخطى عدد الشهداء 20 ألفا، إضافة إلى إصابة ما يزيد على 50 ألفا آخرين. وأشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، إلى أنه "لدى الولايات المتحدة كميات محدودة من هذه الطائرات الرئيسية لقواتنا المسلحة، علاوة على ذلك، ربما تكون هناك أولوية في التخطيط لإمداد أوكرانيا بتلك الطائرات لهجوم محتمل في العام المقبل". وأضاف أنه "بالنظر إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يقتل الفلسطينيين في غزة وكذلك مدن الضفة، فمن المنطقي أن توقف إدارة بايدن تقديم أسلحة هجومية، علاوة على ذلك، لا نريد أن نشجع إسرائيل على فتح جبهة جديدة ضد لبنان حيث ستكون طائرات الأباتشي المسلحة بصواريخ هيلفاير إضافة رئيسية إلى الترسانة الإسرائيلية". ورغم أن بعض التقارير قد ذكرت أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد رفضت بشكل قاطع الطلب، فإن من يقول إنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن الرفض النهائي والصارم. من جانبه، اعتبر الدبلوماسي الأميركي السابق، ولفغانغ بوستزتاي، أنه "إذا كان هذا هو القرار النهائي -والقرار لم يتخذ بعد وفقا لمعلوماتي- فهذه بالتأكيد علامة قوية أخرى على أن واشنطن غير راضية عن الطريقة التي تدير بها إسرائيل الحرب، خاصة فيما يتعلق بالعدد الكبير من الضحايا المدنيين". وأشار بوستزتاي إلى أنه "لن يكون هناك تأثير فوري لهذا القرار على ساحة المعركة في غزة، لأن المروحيات بالتأكيد لن تكون متاحة لإسرائيل خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة". ويرى محللون أن رفض بايدن جاء نتيجة لانتقادات شديدة لدعم واشنطن حرب الإبادة الجماعية على غزة ويأتي رفض واشنطن إعطاء الاحتلال المزيد من مروحيات الأباتشي، رغم الاستمرار في تقديمها مساعدات عسكرية للاحتلال بلا توقف منذ اندلاع الصراع، ليمثل إشارة إلى عدم اتفاق واشنطن مع استمرار تل أبيب في عدوانها بالأساليب نفسها المستمرة منذ "طوفان الأقصى". وأشارت مصادر في واشنطن إلى أن موضوع الطائرات قد أثير أثناء اجتماع وزير الشؤون الإستراتيجية بكيان الاحتلال رون ديرمر، وهو مستشار رئيسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان في البيت الأبيض بعد ظهر أول من أمس، وسبق أن خدم ديرمر سفيرا لكيان الاحتلال لدى الولايات المتحدة من 2013 إلى 2021. وقال ديفيد دي روش، الضابط السابق، والأستاذ المساعد حاليا في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، إنه يعتقد أن "إدارة بايدن تحاول إقناع الإسرائيليين بأن يأخذوا طلب واشنطن للحد من الخسائر في صفوف المدنيين على محمل الجد، خاصة مع استمرار تجاهل الإسرائيليين دعوات واشنطن لتقليص حدة هجماتهم". من جانبه، ذكر مدير مؤسسة دراسات دول الخليج جورجيو كافيرو للجزيرة نت أن رفض "إدارة بايدن قد يكون جاء تلبية لرفض تيارات واسعة داخل الحزب الديمقراطي والناخبين الليبراليين الذين ينتقدون بشدة دعم البيت الأبيض القوي لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة". وتتمتع المروحية الهجومية من طراز أباتشي بشعبية كبيرة بين العسكريين منذ ظهورها القتالي لأول مرة عام 1986، وتصنعها شركة بوينغ، ويبلغ متوسط سعرها نحو 52 مليون دولار. وتشير تقارير إلى مشاركة طائرات مروحية هجومية للاحتلال من طراز "أباتشي 64-إيه إتش" في هجمات مباشرة ضد مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باستخدام مدفع سلسلة من عيار 30 مليمترا وصواريخ هيلفاير. ومنذ العدوان على غزة، تسلم الاحتلال 2000 صاروخ هيلفاير موجه بالليزر ليستخدم من طائرات الأباتشي الصهيونية، إلى جانب 36 ألف طلقة من ذخيرة 30 مليمترا. وتمتلك كيان الاحتلال سربين من مروحيات الأباتشي (48 طائرة)، تتمركز في قاعدة رامون الجوية في صحراء النقب. وما يزال سلاح الجو الصهيوني يعتمد بشكل كبير على المروحية الأكثر تقدما في العالم في عدوانه وضرباته اليومية ضد قطاع غزة، وضد حزب الله في جنوب لبنان.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: إدارة بایدن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تغول جديد للاحتلال على قطاع غزة.. تصعيد إسرائيلي غير مسبوق وخطة استيطانية بالقوة العسكرية
البلاد – غزة
تشهد “عملية عربات جدعون” تصعيداً غير مسبوق في طبيعة وحجم التدخل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، حيث انتقلت إسرائيل من التكتيكات الجوية المكثفة إلى توسيع العمليات البرية في شمال وجنوب القطاع. هذا التوسع يشكل تجسيداً واضحاً لتغول الاحتلال، الذي لم يعد يكتفي بضربات جوية تستهدف المقاومة، بل يسعى إلى فرض سيطرة فعلية على الأرض عبر اجتياح تدريجي قد يفضي إلى احتلال شامل.
المعركة الآن ليست مجرد مواجهة عسكرية بين جيش وقوة مقاومة، بل تحولت إلى مشروع استعماري ينتهك كل الأعراف والقوانين الدولية، ففي الوقت الذي تتحدث فيه إسرائيل عن “تفكيك حماس وهدم أنفاقها”، تمضي قدماً في تنفيذ استراتيجية تمس بأراضي وسكان القطاع بشكل مباشر، عبر تهجير قسري متعمد للسكان المدنيين نحو رفح، مما يشي بسياسة تطهير عرقي ضمنية. هذه السياسة ليست محض رد عسكري بل خطة ممنهجة لإعادة رسم الجغرافيا السياسية في غزة، وهو ما يظهر جلياً في مراحل العملية التي أعلن عنها الجيش، والتي تصل إلى مرحلة إقامة وجود عسكري طويل الأمد على حساب سيادة الفلسطينيين وحياتهم.
تغول الاحتلال لا يقتصر على البعد العسكري فقط، بل يمتد ليشمل الأبعاد الإنسانية، حيث تتحول غزة إلى ساحة مأساوية يتعرض فيها السكان المدنيون لحصار خانق وعمليات قصف ممنهجة أودت بحياة مئات الضحايا، بينهم نساء وأطفال، في مشاهد تذكر بفظائع الحروب الاستعمارية. بيانات وزارة الصحة في غزة التي تشير إلى “مسح عائلات كاملة” من السجل المدني تعكس حجم المأساة، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية لوقف هذا النزيف المتواصل.
على الصعيد السياسي، تكشف العملية عن محاولة إسرائيل لفرض واقع جديد على الأرض يصعب التراجع عنه في المستقبل، عبر توسيع وجودها العسكري في غزة والسيطرة على المعابر الحيوية والمناطق الاستراتيجية. هذا الواقع الجديد يهدد بشكل مباشر فرص التوصل إلى حل سياسي شامل، ويعزز من حالة التوتر الإقليمي التي قد تفضي إلى تصعيد أوسع في المنطقة، وفي هذا السياق، تبقى المبادرات الدبلوماسية التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة تواجه عقبات كبيرة بسبب تعنت الاحتلال وتصميمه على فرض أجندته بالقوة. كما أن استمرار سياسة الحصار ومنع إدخال المواد الأساسية إلى غزة يثبت أن إسرائيل تستخدم أدوات الحرب الاقتصادية إلى جانب العسكرية، لخلق حالة من الضغط النفسي والمعيشي تهدف إلى كسر إرادة المقاومة وأهل القطاع، لكنها في الوقت نفسه تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كارثي يفاقم معاناة المدنيين ويجعل من القطاع سجناً مفتوحاً.
ويعكس تغول الاحتلال الإسرائيلي في “عملية عربات جدعون” أزمة عميقة في النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، حيث تتداخل المصالح الأمنية مع مشاريع توسعية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية عملياً، ويصبح القطاع مسرحاً لتجربة عسكرية واستراتيجية قد تغير موازين القوة في المنطقة. هذا الواقع يستوجب تحركاً دولياً عاجلاً لا يقتصر على الإدانات، بل يتطلب ضغطاً فعلياً على إسرائيل لوقف هذه السياسات التدميرية وفتح الباب أمام حل سياسي يحفظ حقوق الفلسطينيين ويضمن الأمن والاستقرار الإقليميين.