تحدثت الكاتبة ألفة بن حسين -في تقرير بموقع "جاستس إنفو"- عن "جدل كبير" بشأن تدوينة نشرها عالم الرياضيات التونسي الشهير أحمد عبّاس على صفحته في فيسبوك بخصوص عدم فهمه لموقف الحكومة من عدم مساهمتها في تحريك ملف مجازر إسرائيل في غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وذكرت أن عبّاس، وهو مدير أبحاث بالمركز الوطني للبحث العلمي في باريس ومعروف بنشاطه الداعم للقضية الفلسطينية، كان قد قال في تدوينته إن تونس قادرة على "تقديم دعم حقيقي لفلسطين بدلًا من مجرد الاكتفاء بالخطابات الجوفاء" بالنظر إلى أنها وقّعت -إلى جانب فلسطين والأردن- على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وتابع بأن الفرصة كانت سانحة أمام تونس لأن تنضم إلى جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي في طلبها -إلى المدعي العام للجنائية الدولية في 17 نوفمبر/تشرين الثاني- لفتح تحقيق في الجرائم الإسرائيلية في غزة.

عريضة

وذكرت الكاتبة أن منشور عبّاس سرعان ما تحوّل إلى عريضة نُشرت يوم 5 ديسمبر/كانون الأول، وضمت مجموعةً من الأكاديميين في تونس الذين وزّعوها على الشخصيات العامة والمنظمات غير الحكومية.

ويدعو نص العريضة المكتوب بالعربية السلطات إلى "إحالة المسألة رسميًا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وطلب فتح تحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ارتكبها المستوطنون الإسرائيليون على مدار الـ 75 عامًا الماضية. وقد تزايدت هذه الجرائم بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023".

وتابعت بأن السفير الفلسطيني في تونس هائل الفاهوم رحّب بهذه المبادرة في 13 ديسمبر/كانون الأول، إلا أنها لم تثِر أي رد فعل من الحكومة التونسية. فقد التزمت السلطات الصمت تجاه تصرفات واحتجاجات وطلبات المنظمات غير الحكومية المحلية التي سبق أن وصفتها بـ "الفاسدة" و"العميلة للأجانب" وحتى "المقرّبة من الحركة الصهيونية".

وتوضح الكاتبة أن الرئيس قيس سعيّد أعرب في عدة مناسبات عن دعم بلاده الكامل وغير المشروط للمقاومة الفلسطينية، وذهب إلى حد القطع مع "حلّ الدولتين" الذي غالبًا ما يؤيّده السياسيون في البلاد. كما لم يحدث من قبل أن أدلى وزير الخارجية نبيل عمّار بهذا العدد الكبير من التصريحات في جميع أنحاء العالم، تأكيدا لـ"موقف تونس الصارم والثابت بشأن الحقوق المشروعة وغير القابلة للتغيير للشعب الفلسطيني".

تفسيرات

وذكر موقع "جاستس إنفو" -في التقرير- أن حكومة تونس لم تغتنم بعد الفرصة التي أتاحتها المحكمة الجنائية الدولية لتقديم الدعم الرمزي "للشعب الشقيق والصديق".

واستبعدت الكاتبة فرضية عدم ثقة تونس بالجنائية الدولية كمبرر لعدم التحرك، بالنظر للطريقة التي اشتغلت بها الدبلوماسية من أجل انتخاب القاضي التونسي هيكل بن محفوظ لعضوية المحكمة في لاهاي، الذي أصبح أول قاض عربي ينضم إلى لهذه المحكمة، وهو ما أشادت به الحكومة التونسية.

وذكّرت بامتناع تونس عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، لتُغيّر موقفها في 12 ديسمبر/كانون الأول وتصوّت هذه المرة لصالح الدعوة ذاتها لوقف إطلاق النار.

كما أعربت تونس في 12 نوفمبر/تشرين الثاني عن تحفظاتها على معظم البنود الواردة في قرار القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المنعقدة بالرياض لدعم فلسطين، بما في ذلك القرار الذي يدعو إلى اللجوء إلى الجنائية الدولية.

استهلاك محلي؟

ونقلت الكاتبة -عن مدير الدبلوماسية العامة والإعلام بالخارجية محمد الطرابلسي- قوله ردا على سؤال عن أسباب تباين ردود فعل الحكومة "نحن لا نستبعد أي خيار من شأنه تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه".

وأضاف "أولويتنا الحالية وقف فوري لإطلاق النار، ونحن نعمل على تحقيق هذا الهدف من خلال قنواتنا الدبلوماسية والسياسية". ودعا للتركيز على "السبب الحقيقي للصراع" واصفا ما يجري بأنه "احتلال نُدينه ونجرّمه".

وأشارت الكاتبة إلى أن الاقتصاد التونسي غارق في الديون ويعتمد لسدادها على كتل تعتبر حليفة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة وأوروبا. فحسب بعض المحللين، قد تكون هشاشة الوضع الاقتصادي لتونس السبب وراء عدم لجوء السلطات إلى العدالة الجنائية الدولية.

واختتمت الكاتبة تقريرها بأنه من المحتمل أن يكون الخطاب الرسمي الحماسي للرئيس سعيّد موجهًا أكثر "للاستهلاك المحليّ" على حد تعبير وزير خارجية سابق طلب عدم الكشف عن هويته في ظل حملة اعتقال منتقدي الحكومة التي بدأت السنة الماضية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجنائیة الدولیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

خسائر الاحتلال بغزة تزيد الضغوط على نتنياهو لوقف الحرب

رجحت تقارير اليوم الأربعاء، أن يؤدي مقتل 7 من جنود الجيش الإسرائيلي في غزة إلى زيادة الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع وإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين.

وقد تعرض نتنياهو مرارا للضغوط الإسرائيلية، لا سيما من عائلات الأسرى وزعماء المعارضة، إذ تراجعت شعبيته منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، على خلفية "أكبر إخفاق أمني في تاريخ إسرائيل".
لكن تقارير صحفية تقول، إن شعبية نتنياهو زادت أخيرا بعد قراره المفاجئ قصف إيران، وقد اعتبره كثيرون "ضربة قوية لعدو لدود وقديم لإسرائيل"، وفق رويترز.

مظاهرة سابقة لعائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بإعادة المحتجزين من غزة (الأناضول)

وقد استمرت حرب إسرائيل المدمرة على غزة رغم تزايد الدعوات المحلية والدولية لوقف إطلاق نار دائم وضمان إطلاق سراح من تبقى من الأسرى، بينما يدعو وزيران في الحكومة الإسرائيلية، هما وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، إلى مواصلة القتال.
ولدى ائتلاف نتنياهو اليميني، المكون من أحزاب علمانية ودينية، أغلبية برلمانية ضئيلة مما يعني أن رئيس الوزراء لا يستطيع معارضة الأعضاء المتشددين في ائتلافه الحاكم، ويواصل الحرب "لأغراض تتعلق بمصالحه ومستقبله السياسي".

لماذا نقاتل؟

من جهته، قال موشيه غافني رئيس لجنة المالية بالكنيست وعضو حزب "يهودات هتوراه" في حكومة نتنياهو الائتلافية، إنه لا يفهم لماذا تقاتل إسرائيل في قطاع غزة، بينما الجنود يقتلون طوال الوقت.

وتساءل غافني، اليوم الأربعاء، أمام لجنة برلمانية عن سبب استمرار إسرائيل في حرب، "هذا يوم حزين جدا بمقتل 7 جنود في غزة.. لا أزال لا أفهم لماذا نقاتل هناك، ما السبب؟".

في الأثناء، قال زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان إن "الوقت قد حان لحسم حرب غزة باتفاق، مشيرا إلى أن "مَن لا يسعى لاتفاق ينطلق من اعتبارات سياسية ويتخلى عن الجنود والمختطفين إنه يضر بالأمن".

إعلان

كما دعا منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الولايات المتحدة هذا الأسبوع إلى الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق شامل، يضمن إطلاق سراح المحتجزين في غزة، إذ لا يزال 20 أسيرا وجثث 30 آخرين في القطاع عند جانب حماس.
وفي حين أبدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مرارا استعدادها لصفقة، تطلق فيها الأسرى مع وقف إطلاق نار دائم وانسحاب الاحتلال من غزة، فإن نتنياهو يضع عراقيل عدة، منها مطالبته بنزع سلاح الحركة، وألّا يكون لها أي دور في القطاع مستقبلا.

وعاد الاهتمام إلى غزة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران والذي دخل حيز التنفيذ أمس الثلاثاء.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 7 من أفراده في هجوم بجنوب غزة اليوم الأربعاء، في حين أكدت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس، تنفيذ كمين مركب استهدف قوة إسرائيلية في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل حرب إبادة في غزة، خلفت نحو 188 ألف فلسطيني شهداء وجرحى، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة متفاقمة.

مقالات مشابهة

  • لماذا الحكومة هي المشرّع الأول في أغلب دول العالم؟.. أبو شقة يوضح
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: لماذا توقفت الحرب مع إيران واستمرت على غزة؟
  • لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
  • رويترز: البيت الأبيض يريد خفضا كبيرا لتمويل برامج التحقيق بجرائم الحرب
  • لماذا شددت إسرائيل حصار غزة بعد الحرب مع إيران؟ مغردون يتفاعلون
  • لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
  •  لماذا حظرت أمريكا واتساب وما البدائل التي قدمتها؟ (ترجمة خاصة)
  • خسائر الاحتلال بغزة تزيد الضغوط على نتنياهو لوقف الحرب
  • لماذا تخلت روسيا عن إيران في حربها مع إسرائيل؟
  • المحكمة الجنائية تحقق في انتهاكات فاغنر بمنطقة الساحل