شفق نيوز:
2025-05-11@08:08:48 GMT

الشعوب وصناعة الأصنام البشرية

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

الشعوب وصناعة الأصنام البشرية

  لقد ورثت النخب السياسية التي تولت الحكم في العراق بعد 2003 تراكماً سلوكياً وفكرياً وأنماطاً من الممارسات التي كان يمارسها الرئيس السابق صدام حسين ويستخدمها مع تمتعه بكاريزما عالية مدعمة بقوة وشدة في التعامل وإفراط في الإنفاق من المال العام، حتى أصبح بنظر العراقيين وغالبية الشعوب العربية إمبراطوراً يمتلك كل مقدرات العراق وله حق التصرف بها لوحده دون غيره.

 

   هذا الإرث وغيره من الموروثات التاريخية تحول بدراية أو بدونها الى سلوك لدى كثير من الزعامات السياسية التي تبلورت خلال العقدين الماضيين، وأصبح جزءاً من ممارساتها اليومية في تقليد شخصية صدام حسين أو غيره بوعي أو كشعور انعكاسي وتحصيل حاصل لتراكم تاريخي من الحكم الفردي والشمولي المتكلس في الذاكرة الفردية والاجتماعية، ورغم أن صدام حسين في تاريخنا المعاصر يكاد أن يكون الأكثر تميزاً في هذا السلوك الطاغي في الفردية المطلقة إلا أن جولة سريعة في دهاليز التاريخ القريب والبعيد سنجد فيها المئات من أمثاله في مجتمعات مثقلة بالتخلف وغياب الوعي إلى درجة أن كل ما حدث في العراق وفي العديد من البلدان المتشابهة معه من تغييرات ترقيعية في النظام السياسي لم تزل تلك المتكلسات المتوارثة في التفكير والسلوك، بل ربما زادت اكثر في توالدها منذ تحطيم الأصنام الحجرية التي صنعها الانسان قبل آلاف السنين بديلة لرب يعبده أو قوة يخشاها أو مرجع يعود إليه في انكساراته وهزائمه حتى يومنا هذا، حيث تم استبدال الحجارة بالإنسان في صناعة الأصنام! 

   هذه الصناعة بحد ذاتها هي عملية بحث عن ملاذ او ملجئ يهرب اليه الفرد والمجتمع من حالة الانكسار للخلاص من التردي المتراكم، ولعلنا نتذكر قصة الحذاء الذي قذفه أحد الصحفيين بوجه الرئيس الامريكي في بغداد وتهافت كل وسائل الاعلام العربية على ذلك الحذاء الحدث الذي حولته خلال ساعات إلى رمز من رموز المقاومة والوطنية، وحولت الصحفي إلى شخصية تكاد تنافس عنترة بن شداد في ذاكرة التراكم الانكساري! 

   وبجولة سريعة في تاريخ منطقتنا المعاصر نرى أن هزائم الحروب في أربعينات القرن الماضي أفرزت ثورة مصر وزعيمها الرئيس عبدالناصر، كما أنتجت هزائم حزيران عام 1967م صدام حسين وحافظ الأسد والقذافي، وأخيرا انتجت ماكنة الهزائم بعد اجتياح لبنان وسقوط بغداد العشرات من المنظمات المتطرفة والميليشيات وزعمائها التي تعمل ليل نهار في تخدير شعوب هذه المنطقة وسوقها الى أتون حروب مدمرة وانتكاسات جديدة كما حصل في هزيمة حزيران وحرب الخليج الثانية وسقوط بغداد وتدمير لبنان واخيراً ذبح غزة من الوريد الى الوريد تحت شعاراتهم وعنترياتهم الفارغة التي جاءت كالعادة صدى لتلك الماكنة الإعلامية العوراء التي تستهين بعقول الناس كي تحول تلك الهزائم المخزية الى انتصارات وهمية تشبه ذلك الانتصار البائس في حرب الخليج الثانية وجعله (ام المعارك) بعد تدمير العراق بالكامل، واعتبار تدمير غزة وقبلها لبنان انتصاراً لفرسان الأمة ومجاهديها؟ 

   إن إطلاق وتداول تسمية الرئيس أو القائد على رؤساء مجموعات مسلحة وميليشيات وأحزاب واختزال الشعب أو الأمة فيها، هو بحد ذاته انعكاس لشعور داخلي متأثر جداً بسلوك صدام حسين وأمثاله في التاريخ، وهي أيضاً بداية عملية تصنيع أصنام بشرية وإدامة ثقافتها في بيئة نفسية واجتماعية لم تتغير بإسقاط نظام صدام حسين، وما زالت تعاني من تراكمات نفسية واجتماعية أدت الى الفشل في تكوين دولة ونظام سياسي معاصر تسوده القوانين وأسس الدستور تحت مظلة المواطنة، حيث بدلاً من إحداث تغيير جذري في بنية المجتمع والدولة لجأت تلك الأحزاب والمجموعات والأفراد تحت مطرقة تلك الأنظمة الفاسدة وتراكماتها وبغياب الوعي وتسيّد النظام القبلي والمذهبي وانتشار الفساد المالي والإداري إلى تقزيم الدولة بمجموعات مسلحة وميليشيات تتزعمها شخصيات مافياوية تحولت الى حيتان للفساد الذي ينخر مفاصل الدولة والمجتمع. 

   لقد اثبتت تجارب الشعوب أن إقحام الدين ورجالاته والقبيلة ورموزها وأنظمتها في تكوين وإدارة الدولة سيربك عملها ويزيد الفجوة بينها وبين بقية مكونات وتوجهات الشعوب، خاصة وان القبيلة كنظام اجتماعي في مجتمعاتنا محل احترام وتقدير له ولرموزه حاله حال الدين وقدسيته، ولذا فالنأي بهما عن الدولة والسياسة سيحفظ لهما مكانتهما ويبعد الدولة من ارهاصات تشابك وتشتت مراكز القرار ومن ثم اضعاف سلطة القانون والدولة واقحام هذين المكونين في الاعيب السياسة واداء الدولة، ولعل في تجارب دول أوروبا وأمريكا واليابان وكوريا دروس تؤكد أن طريق الخلاص يبدأ بالعلم والمعرفة والتربية الحقة وبناء دولة السلام والعدالة والعلم بعيداً عن هذا الإرث المتكلس في ذاكرة وسيكولوجية هذه الشعوب.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي

إقرأ أيضاً:

سعره يصل 15 ألف دولار| نقيب الفلاحين لـ “صدى البلد”: لابد من حظر تصدير جلود الحمير

كان الحمار جزءاً لا يتجزأ من الحياة الريفية في مصر، شاهداً على تفاصيل العمل اليومي للفلاح، ومساعداً لا يُستغنى عنه في الحقول والطرق الوعرة، إلا أن هذا الحيوان، الذي لطالما ارتبط بالكفاح والبساطة، يواجه اليوم خطر الانقراض ليس فقط في مصر، بل في العديد من دول العالم.

وفي هذا السياق، تحدث حسين عبد الرحمن أبو صدام، في تصريحات خاصة لصدى البلد، نقيب عام الفلاحين، عن الأسباب الحقيقية وراء تراجع أعداد الحمير، والتحديات التي تهدد بقاءه، وطرق حماية هذا الكائن من الزوال.

انخفاض مستمر منذ التسعينات

وأكد أبو صدام أن انخفاض أعداد الحمير في مصر ليس وليد اللحظة، بل بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي. وأرجع السبب الرئيسي إلى تراجع الاعتماد على الحمار كوسيلة نقل في القرى والأرياف، خاصة بعد تطور البنية التحتية وتمهيد الطرق، ما جعل من الصعب على الحمار التأقلم مع الطرق الحديثة الممهدة.

وأضاف أن الفلاحين كانوا يعتمدون بشكل كبير على الحمير في التنقل ونقل المحاصيل بسبب وعورة الطرق القديمة، لكن مع توفر وسائل النقل الحديثة، بدأ دور الحمار يتراجع تدريجياً، وبدأ كثير من الفلاحين في التخلص منه بسبب ارتفاع تكاليف رعايته وتغذيته.

ذبح الحمير والتجارة بجلودها

من أبرز الأسباب التي أسهمت في انخفاض أعداد الحمير، وفق ما أوضحه أبو صدام، هو ذبح الحمير بغرض الاستفادة من جلودها التي تُصدَّر إلى بعض الدول، وعلى رأسها الصين، حيث تُستخدم في تصنيع أدوية باهظة الثمن. كما أن بعض الدول الإفريقية تستهلك لحوم الحمير بشكل طبيعي، على عكس الدول الإسلامية التي تحرِّم ذلك.

وأشار إلى أن هناك دولاً قامت بإنشاء مزارع خاصة بالحمير لاستخلاص حليبها، الذي يُستخدم في تصنيع أنواع نادرة وباهظة من الجبن. هذا الاستخدام التجاري للحمار أدى إلى تراجع أعداده عالمياً، مما ينذر بخطر بيئي حقيقي.

خسارة بيئية لا تُعوّض

ورغم أن انخفاض عدد الحمير لا يمثل هذا خسارة اقتصادية فحسب بل رأي أبو صدام أن الأثر البيئي لا يمكن تجاهله. فالحمار يلعب دوراً بيئياً هاماً، إذ يساعد في الحفاظ على التوازن البيئي، ويُعد روثه من أفضل أنواع السماد الطبيعي.

وأضاف: "عندما ينقرض أي حيوان، يشعر العالم بالحزن، ويجب أن نولي الحمار نفس القدر من الاهتمام"، مشيراً إلى أن الحمار ليس غبياً كما تصوره بعض الصور النمطية الخاطئة، بل حيوان ذكي ومفيد وله وظائف بيئية لا يمكن إنكارها.

خطوات مقترحة للحفاظ على الحمير

أبو صدام شدد على أهمية نشر الوعي حول دور الحمير وفوائدها، وضرورة تصحيح الصورة الذهنية السلبية التي تلاحق هذا الحيوان. ودعا إلى منع تصدير جلود الحمير للحد من ظاهرة ذبحها.

دعم المربين وتصدير الحمير الحية

في ختام حديثه، طالب نقيب الفلاحين بدعم مربي الحمير، مشيراً إلى أن أسعارها منخفضة في السوق المحلي، حيث يتراوح سعر الحمار بين 5,000 و15,000 جنيه مصري. بينما يمكن أن يُباع الحمار حياً بأسعار قد تصل إلى 15,000 دولار عند تصديره إلى الخارج، وهو ما يمثل فرصة اقتصادية كبيرة لمصر، إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح.

وأكد على أهمية تدخل جمعيات الرفق بالحيوان لدعم هذا التوجه، ومنع ذبح الحمير العشوائي، حفاظاً على هذا الكائن الذي لطالما كان شريكاً أساسياً في حياة الريف المصري.

كائن بسيط.. يحمل عبء التوازن البيئي

ورغم بساطة هذا الحيوان، إلا أن دوره في حياة الإنسان والطبيعة لا يُستهان به. وربما آن الأوان لأن ننظر إلى الحمار بعين التقدير، لا السخرية، وأن نعمل بجد لحمايته من خطر الانقراض الذي يهدده، حفاظاً على التنوع البيولوجي، واحتراماً لرفيق درب لطالما خدم الإنسان بصمت وتفانٍ.

طباعة شارك مصر فلاح الحمير أدوية الفلاحين الحيوان

مقالات مشابهة

  • أحزاب تونسية تطالب الرئيس (سعيد) بعدم الحضور لقمة بغداد مقابل رشوة السوداني
  • أمريكا عدوة البشرية
  • حسين الشيخ: أولوية الرئيس هي وقف الحرب الإجرامية على شعبنا
  • مكوّن من 6 حلقات| إنتاج مسلسل أمريكي عن استجواب صدام حسين.. تفاصيل
  • برلمانية: مشاركة الرئيس في عيد النصر بموسكو يعكس تقدير العالم لدور مصر
  • الرئيس السيسي يشارك في مأدبة الغداء التي أقامها «بوتين» على شرف المشاركة باحتفالات عيد النصر
  • إنطلاق أعمال مؤتمر المسؤولية الطبية وصناعة السياحة العلاجية
  • سعره يصل 15 ألف دولار| نقيب الفلاحين لـ “صدى البلد”: لابد من حظر تصدير جلود الحمير
  • زرعها الجيش بزمن صدام .. إزالة عشرات الألغام والقذائف في دهوك (صور)
  • “التحقيق مع الرئيس”.. مسلسل أمريكي جديد يحاول تقديم صورة واقعية عن صدام حسين