د. سالم عبدالله العامري
يُسطِّر الشعب العربي الفلسطيني ملحمةً نضاليةً بطوليةً ستُخلَّد في التاريخ، قدَّم فيها قوافل من الشهداء ولا يزال مستعدًا لتقديم المزيد من التضحيات من أجل تحرير الأقصى مسرى الرسول وأولى القبلتين وثالث الحرمين.
أمام مرأى الجميع شاهد العالم كيف يودع الفلسطينيون شهداءهم في ثبات ورباط وقوة إيمان لم يشهد له مثيل في أي وقت وزمان، في اليوم الذي تودع فيه قوافل الشهداء إلى الآفاق يولد النور من جديد في الميادين والأنفاق.
فلسطين أرض المُعجزات ومهبط الديانات وموطن الأنبياء، أخذت مكانتها العظيمة مما حوته من رموز ومقدسات، بلد التين والزيتون وأسطورة الحرية والأحرار هي الثورة والثوار هي المقاومة والكرامة، ستبقى للفلسطينيين كلها من النهر إلى البحر، هي دم يجري في عروق كل إنسان حر شريف ولسان حاله يقول " أنا دمي فلسطيني" قضية الأبطال والشرفاء لن ينال شرف تحريرها إلا الأحرار.
في قلب كل جنين مكتوبة فلسطين، محفورة في القلب والوجدان والتاريخ رغم أنف الحاقدين والمستعمرين، يردد الفلسطينيون "إنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون" و"أسياد نحن ولسنا عبيد" إنهم متجذرون في أرضهم متمسكون بوطنهم يضعون آمالهم وأحلامهم في ديارهم ولن يخرجوا من أرضهم ولن يهاجروا، يرون أن الطريق إلى فلسطين قد اقترب وستكون حرة وبين أيديهم ولسان حالهم يقول ما قاله رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي "الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة إنها فقط بمسافة الثورة".
فلسطين هي ملتقى القارات ونقطة التقاء الممرات، أصبحت محط أطماع الغزاة المستعمرين والمحتلين، وصارت رمزاً للصراع بين الحق والباطل بين الخير والشر، هذا الباطل الذي لا يأنف أن يستخدم أقذر الأسلحة التي لديه في كل زمان ومكان، لمواجهة الحق؛ فلا مبادئ ولا أخلاق للباطل في صراعه مع الحق، إلا أننا على يقين من أن النصر والغلبة في نهاية المطاف ستكون للحق على الباطل، مصداقاً لقوله تعالى: " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ، فدولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.
قوافل من الشهداء سالت دماؤهم الزكية ولا زالت تسيل لتسطر سجلاً حافلاً بالبطولات والتضحيات والمجد والفداء هي شرف وفخر واعتزاز لكل مسلم على ثرى تلك البسيطة، رجال صدقوا العهد والوعد فمنهم من مات على الصدق والوفاء ومنهم من ينتظر إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب: 23)، ما غيروا عهد الله ولا بدلوه، فربط الله على قلوبهم أن اصبروا وصابروا ورابطوا واستبشروا بنصر من الله وفتح قريب.
ختامًا.. نسأل الله الرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للمصابين والجرحى، والحرية والمجد لفلسطين الأبيّة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ثورة النساء في عدن: صوت الحق يعلو في وجه الإهمال
في مدينة عدن، حيث تتشابك الحرارة مع الأزمات اليومية، وحيث الشوارع تعج بالمارة وسط انقطاع دائم للكهرباء، لم تكن أصوات أبواق السيارات هذه المرة هي الأعلى، بل هتافات نساء قررن أن يكسرن حاجز الصمت. خرجت النساء من منازلهن، يحملن في قلوبهن سنوات من الضجر والمعاناة، وأيديهن ترفع لافتات تفيض بالمطالب: “نريد كهرباء لا تنطفئ”، “نريد حياة كريمة”، “نريد تعليمًا لأطفالنا”، و”نريد خدمات صحية تحترم إنسانيتنا”.
تعاني الأسر في عدن من انقطاع متواصل للكهرباء، وتدهور في النظام التعليمي، وضعف في الخدمات الصحية، ما دفع هؤلاء النساء إلى اتخاذ موقف موحّد، يطالبن فيه بحياة كريمة، مؤكدات أنهن لا يقللن عن نساء العالم في شيء، وأن لهن الحق في العيش بكرامة.
لطالما كان للنساء دور نضالي بارز في مواجهة الفساد، واليوم يتجلى ذلك الدور بأبهى صورة في عدن. قررت النساء ألا يخضعن للظروف أو الصمت، بل أن يقفن في موقف مشرف يطالبن فيه بحقوقهن الأساسية. شعارهن كان: “جئنا لأجل ما تبقى من عدن”. تركن أطفالهن في منازل بلا كهرباء ليحملن رسالة للعالم بأنهن محرومات من أبسط حقوقهن.
النساء المشاركات في التظاهرة تحدثن عن واقع مأساوي تعيشه المدينة، حيث يصل انقطاع الكهرباء إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا، ما يؤثر على الصحة النفسية والجسدية لأطفالهن وأسرهن. ومع ذلك، لم تقتصر مطالبهن على الكهرباء فقط؛ فقد أشرن أيضًا إلى أزمات أخرى كضعف وصول المياه، تأخير الرواتب، وغياب فرص العمل.
ما ميز هذه التظاهرة هو مشهد النساء من مختلف الأعمار، صغيرات وكبيرات، متحدات على قلب واحد. كان المشمعة والفانوس رمزًا لهذه المرحلة العصيبة، حيث رافقتا النساء في احتجاجهن، تمامًا كما رافقتاهن في ظلام لياليهن. ورغم القمع والاعتقالات التي تعرض لها الرجال في مظاهرات سابقة، جاءت النساء ليقلن كلمتهن، معلنات رفضهن لوضع بات لا يُحتمل.
في عدن، الثورات ليست دائمًا بالسلاح؛ بل بصوت النساء المطالبات بحياة كريمة. إن “ثورة النساء” تذكير بأن التغيير يبدأ من الأمهات، من ربات البيوت، من المعلمات، من القائدات، ومن كل امرأة تؤمن بأن لها صوتًا يجب أن يُسمع.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق عدن حقنا!!! 10 مايو، 2025 الأخبار الرئيسيةسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...
رسالة المعلم أهم شيئ بنسبة لهم ، أما الجانب المادي يزعمون بإ...
يلعن اب#وكم يا ولاد ال&كلب يا مناف&قين...
نقدرعملكم الاعلامي في توخي الصدق والامانه في نقل الكلمه الصا...
نشكركم على اخباركم الطيبه والصحيحه وارجو المصداقيه في مهنتكم...