أكدت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في السودان، أنه اذا استمرت الحرب بين الجنرالين المتنازعين على السلطة فإن "كارثة جيلية" ستحدث في البلاد أولى ضحايا 24 مليون طفل سوداني.

وقالت مانديب أوبريان، إن "النزاع في السودان يعرض للخطر صحة 24 مليون طفل وبالتالي مستقبل البلاد، ما قد يترتب عليه عواقب وخيمة للمنطقة بأسرها".

وأضافت: "إن مستقبل البلاد في خطر فقرابة 20 مليون طفل لن يذهبوا الى المدرسة هذا العام إذا لم يكن هناك تحرك سريع".

وأوقعت الحرب الطاحنة بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) أكثر من 12 الف قتيل، وفق إحصاء يعتقد أنه متحفظ للغاية لمنظمة "أكلد" غير الحكومية المتخصصة في متابعة ضحايا النزاعات المسلحة.

كما أدت الحرب إلى نزوح ولجوء أكثر من 7 ملايين شخص، وهي "أكبر أزمة نازحين في العالم"، وفق الأمم المتحدة.

وتؤكد أوبريان، أن بين هؤلاء النازحين واللاجئين "3.5 ملايين طفل"، مشيرة إلى أن "14 مليون طفل بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة" في السودان، الذي يبلغ عدد سكانه 48 مليون نسمة، وطالت فيه الحرب معظم المناطق.

قبل الحرب، كان سوداني من كل 3 يعاني من الجوع، كما لم يكن 7 ملايين طفل يذهبون إلى المدرسة خصوصا في المناطق الريفية، حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان.

اقرأ أيضاً

بينهم نساء وأطفال.. دفن 87 سودانيا في مقبرة جماعية غرب دارفور

وجاءت الحرب لتضيف إلى المشكلات التي يعاني منها السودان، ثالث منتج للذهب في أفريقيا، بفعل سنوات من النزاعات المتكررة، وحيث أنهت ثورة شعبية في العام 2019 نحو 30 عاما من الحكم العسكري.

اليوم، تقول أوبريان إن "ملايين الأطفال معرضون للموت والاصابة والتجنيد (في العمل المسلح) والعنف والاغتصاب".

ولا تكف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية عن التحذير من استخدام الأطفال كجنود في السودان، حيث لجأت الميليشيات القبلية الى الأطفال للمشاركة في القتال منذ زمن طويل.

وتوضح أوبريان أنه مع التدمير شبه الكامل للبنية الأساسية في السودان والهجمات على المنظمات الانسانية ونهب مستودعاتها حُرم "7,4 ملايين طفل من الحصول على مياه الشرب النظيفة، كما أن أكثر من 3.5 ملايين طفل معرضون للاصابة بأمراض مرتبطة بظروف النظافة الصحية مثل الكوليرا" التي أدت بالفعل إلى وفاة العشرات في السودان خلال الشهور الأخيرة.

وتؤكد أوبريان، أن "التأثير على الأطفال لا يمكن تخيله"، فيما قالت "يونيسف" في أكتوبر/تشرين الأول، أن "700 الف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد و100 ألف طفل بحاجة إلى علاج من سوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية".

أما الأطفال الذين لم يولدوا بعد فهم أيضا في خطر.

وقالت المسؤولة الأممية "في 2024، سيولد 1.3 مليون طفل ولابد من توفير دعم مهني للأمهات"، في حين أن غالبية المستشفيات خارج الخدمة.

اقرأ أيضاً

الأوضاع تزداد تدهورا.. أزمة الغذاء تهدد حياة الأطفال في السودان

وفي تقريرها السنوي الذي نشرته الخميس، دانت "هيومن رايتس ووتش" الانتهاكات "الكثيفة" لحقوق المدنيين في السودان من قبل طرفي النزاع، مشيرة خصوصا إلى "الإفلات من العقاب" الذي أدى إلى "دوامات متكررة من العنف" منذ 20 عاما.

ودانت المنظمة الحقوقية سياسة الكيل بمكيالين، قائلة إن "الحكومات الغربية رفضت في البداية دعم آلية تتيح نظاما للمحاسبة في السودان، لأنها لم تكن تريد أن تمنح لا الجهد ولا الموارد نفسها التي خصصتها لآلية مماثلة في أوكرانيا".

وكل هذا في غياب أي أفق للسلام، وفي غياب مفاوضات بين الطرفين المتحاربين.

ومنذ مطلع العام الحالي، بدأ الفريق دقلو جولة دولية تستهدف جذب التعاطف.

بل إنه وقع إعلانا للسلام مع رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، الذي شارك مع البرهان في إزاحته عن السلطة عام 2021، لكي يجعل من نفسه محاورا لا غني عنه في أي مفاوضات حول مستقبل السودان، وفق الخبراء.

ومساء الخميس، أكد حميدتي أنه قدم "عبر الهاتف" إلى السكرتير العام للآمم المتحدة إنطونيو غوتيريش "رؤيته لوضع نهاية للحرب واعادة بناء الدولة السودانية على أسس منصفة".

في الوقت نفسه، قتل 30 مدنيا سودانيا في الخرطوم ومازال القصف مستمرا في دارفور، بحسب ناشطين سودانيين.

اقرأ أيضاً

يونيسيف تعلن أرقاما صادمة حول أطفال السودان

المصدر | فرانس برس

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب السودان السودان يونيسيف أطفال أطفال السودان نزوح فی السودان ملایین طفل ملیون طفل أکثر من

إقرأ أيضاً:

لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟

د. الشفيع خضر سعيد خلال الفترة من العام 2009 إلى 2014 إنتظم عمل «الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بتنفيذ متطلبات السلام في السودان» والتي كونها الاتحاد الأفريقي من ثلاثة رؤساء دول سابقين: ثابو مبيكي (جنوب أفريقيا) رئيسًا، وعضوية عبد السلام أبو بكر (نيجيريا) وبيير بويويا (بوروندي). وفي ملتقى الحوار الأفريقي السنوي للسلام والأمن الذي نظمته مؤسسة ثابو مبيكي في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، قدم الباحثان الدكتور أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس، والدكتور عبدول محمد، رئيس هيئة موظفي الآلية رفيعة المستوى لتنفيذ مقررات الاتحاد الأفريقي، ورقة بحثية عن نشاط الآلية بعنوان «آفاق السلام في السودان: دروس من اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي». وبتاريخ 14 مايو/أيار 2025، وبالتعاون مع مؤسسة ثابو مبيكي، أصدر مركز «فِكْرة للدراسات والتنمية» الورقة باللغتين العربية والإنكليزية. وفي مقال سابق لي بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024 قدمت بعض الإضاءات عن محتوى الورقة كما قدم في ملتقى الحوار المشار إليه، وفي مقال اليوم والمقالات التالية، سألخص بعض فقراتها الرئيسية، ويمكن الاطلاع عليها كاملة في الموقع الإسفيري لمركز «فكرة» (www.fikrasd.com). وجاء في تقديم «فكرة» للورقة، أنها بما حوته من دروس هامة، تكتسب أهمية بالغة في ظل الحرب الدائرة في السودان منذ العام 2023؛ وهي ليست فقط قراءة تحليلية لتجربة سابقة، بل خزانًا معرفيًا مليئًا بالعِبر لبناء سلام شامل، وإعادة تشكيل الدولة، وصياغة عمليات سياسية جامعة في السودان ومنطقة القرن الأفريقي. وأشار تقديم «فكرة» إلى أن كاتبي الورقة يوثقان بدقة كيف سعت «الآلية الأفريقية رفيعة المستوى» إلى إعادة تعريف أزمة السودان كأزمة سياسية وطنية ضاربة بجذورها في تاريخ طويل من عدم الاستقرار والعنف البنيوي، وليست مجرد سلسلة من النزاعات الإقليمية. وكان جوهر هذا التعريف هو القناعة بأن قضايا السودان ونزاعاته المتفاقمة، بما فيها النزاعات في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، لا يمكن حلها إلا من خلال عملية سياسية ديمقراطية شاملة وإعادة صياغة عادلة لعلاقة الدولة بالمجتمع، والمركز بالأطراف. واليوم، ومع تزايد التدخلات الخارجية التي تُفاقم من الانقسامات الداخلية، وتغوُّل العسكريين على تطلعات المدنيين، تبرز أهمية ما تؤكده الورقة حول الشمول، والملكية الوطنية، والشرعية متعددة الأطراف. وهي تُذكّر بأن السلام لا يُفرض بصفقات نُخبوية أو ضغوط أجنبية، بل يتطلب مشاركة شعبية واسعة وإطارًا سياسيًا قائمًا على مبادئ متوافق عليها. حددت الورقة المشكلة في السودان بأن النزاع المستمر في دارفور أدى إلى نقل الحل العسكري غير الملائم الذي تبنته الحكومات السودانية إلى الخرطوم وبقية أنحاء البلاد. كما أن المرارات الشديدة عند الكثيرين من أهالي دارفور تجاه المركز، يقابلها الآن عداء شديد تجاه مقاتلي قوات الدعم السريع، ومعظمهم من دارفور، والذين ارتكبوا فظائع في أجزاء واسعة من البلاد. ولقد فشل السودان في إدارة تنوعه، وانتشرت فيه أجندات الإقصاء، ويعاني الآن من مجاعة ولا يملك طريقاً واضحاً ليصبح دولة قابلة للاستمرار. كما أن تنافسات دول البحر الأحمر في السودان، بمشاركة مصر والسعودية والإمارات وغيرها، تعقّد آفاق أي حلول تفاوضية. الحرب أغرقت السودان في كارثة إنسانية غير مسبوقة، ودمرت العاصمة والبنية التحتية في العديد من مناطق البلاد، وأجبرت الملايين على النزوح، وتسببت في مجاعة جماعية. لكن نهج الوسطاء اقتصر على إلحاق القضايا الإنسانية بمفاوضات وقف إطلاق النار، وهو نهج لا يتناسب مع حجم الكارثة. والورقة تطرح سؤالا، أعتقد سيكون مؤلما للبعض من النخب السودانية، يقول: لماذا ينتج السودان باستمرار قادة يفتقرون إلى الشجاعة والكاريزما والرؤية والمبادئ؟ وتقترح الورقة إجابة تقول: إن استمرار الاضطرابات والعنف في السودان على مدى عقود عديدة، مقرونا مع تغلغل الفساد وفرص الثراء من خلال النهب والتهريب والابتزاز، خلق بيئة يزدهر فيها الأكثر قسوة، بينما يتراجع أصحاب النزاهة والتشاور والقيم المدنية. وهذا يخلق تسلسلاً هرمياً يصعد فيه الأقل كفاءةً للسلطة، بما في ذلك في غرف المفاوضات. علاوة على ذلك، ما يجمع كل طرف متحارب ليس التزاماً مشتركاً بأيديولوجية سياسية أو انضباط مؤسسي، بل المصالح المادية، بينما يعيدون باستمرار التفاوض على ولائهم لزعمائهم المزعومين. وهذه ليست وصفة للاستقرار والسلام. أما التردي الاقتصادي فهو سبب ونتيجة للأزمات في السودان. وأي اتفاق سلام قائم على تقاسم السلطة والثروة وترتيبات أمنية، يجب أولاً أن يضمن نموا اقتصاديا وميزانيات تنمية متوسعة. لكن الملفت للنظر في كل أجندة صنع السلام الحالية في السودان، غياب خطة شاملة لإعفاء الديون والتنمية الاقتصادية بشكل كافٍ ومستدام وموثوق لتحويل منطق «السوق الهابطة» إلى مستقبل يثق فيه المواطنون والقادة. أما المسار الحالي فينذر بالخطر، لأن السودان وقع في فك كماشة بين معاناة إنسانية مروعة ودعم خارجي للمتحاربين. والمجتمع الذي يعاني الكثير من أفراده من اليأس يصبح فيه ضبط الأفعال الوحشية أضعف. وفي الوقت نفسه، يمكن للجنرالات الذين يحصلون على أموال وأسلحة من الخارج أن يستمروا في الحرب بلا حدود، حتى في أرض مدمرة. وهؤلاء القادة، عندما يرون فرصة صفقة سياسية تمنحهم، وحدهم، حصة من السلطة والمال والسلاح، قد يكتفون بالتوقيع على ما يصفونه «باتفاق سلام» بغض النظر عن مصير الشعب. وتقول الورقة إن معظم قيادات الأحزاب والقوى المدنية السودانية بعد اندلاع الحرب في 2023، أصابتهم الحيرة والشعور بالإرهاق. صحيح انخرط الشباب في تنظيم الإغاثة بتفانٍ وإنسانية على المستوى المحلي، إلا أن هولاء القادة انخدعوا بفرحة ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 واعتقدوا حقاً أنهم قادرون على تحقيق تحول جذري. لكنهم تفتتوا بعد اندلاع الحرب، وأصبحوا عرضة للاستقطاب، خاصة مع افتقارهم للمعينات المادية، وسيطرة الأطراف المتحاربة على وسائل التواصل الاجتماعي. وسنواصل استعراض الورقة. الوسومد. الشفيع خضر سعيد

مقالات مشابهة

  • السيسي: من 5 سنين بطالب بمصنع لبن أطفال.. بنستورد 45 مليون علبة سنويًا
  • محافظ الوادي الجديد: تم زراعة 4 مليون نخلة ونسعى للوصول إلى 5 ملايين بحلول العام المقبل
  • لماذا قادة السودان باستمرار يفتقرون إلى الرؤية؟
  • السودان يعلن "تحرير الخرطوم" ويتهم الإمارات بالتدخل العسكري المباشر في الحرب
  • استنكار الجنرال غولان لقتل أطفال غزة يوحّد ساسة إسرائيل
  • غولان: إسرائيل دولة تقتل الأطفال كهواية وستصبح دولة منبوذة
  • السودان يحصل على 250 مليون دولار بدعم هذه الجهة
  • فصل الجيش عن الحزب والحركة
  • رئيس جامعة أكتوبر تتعرض لسرقة 50 مليون جنيه و3 ملايين دولار و15 كيلو ذهب من منزلها
  • عادل الباز يكتب: كيف نرد على عدوان الإمارات؟ (2)