الجيش السوداني يستهدف مواقع للدعم السريع في ولاية الجزيرة
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
نفذ الجيش السوداني غارات جوية مكثفة على أحياء في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة ومناطق شرق وجنوب الجزيرة، مستهدفا بقصفه مواقع للدعم السريع، في وقت أجرى فيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان اليوم الأحد مباحثات مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص للسودان رمطان لعمامرة.
وضمن تقدمه في عدة محاور في هذه الولاية، نصبت قوات من الجيش كمينا للدعم السريع في منطقة دار السلام التي تبعد نحو 30 كلم غرب ود مدني، في وقت ترتكز فيه قوات من الجيش السوداني في مدينة المناقل التي تبعد حوالي 60 كيلومترا غرب ود مدني.
وقال مصدر عسكري -للجزيرة نت- إن الجيش السوداني تمكّن من التقدم في مناطق شرق الجزيرة عقب الهجوم على قوة تتبع للدعم السريع تجمعت في "جبل البويضا" يوم الجمعة الماضي وكانت تخطط للهجوم على مدينة الفاو بولاية القضارف شرقي السودان.
من جهتها، قالت مصادر محلية -للجزيرة نت- إن مدينة ود مدني تشهد عودة تدريجية للمواطنين الذين تقطعت بهم سبل النجاة، رافعين شعار "بيوتنا قبورنا"، لافتين إلى وفاة عدد من المواطنين نتيجة القصف الجوي للجيش وتردي الأوضاع الصحية.
وقال شاهد عيان في أحد أحياء مدينة ود مدني إن قوات الدعم السريع قللت من وجودها وانتشارها الأمني في المدينة رغم سيطرتها التامة على المدينة، مشيرًا إلى استهداف قوات الدعم السريع للجان المقاومة.
في المقابل، قالت لجان مقاومة ود مدني إن قوات الدعم السريع ارتكبت أبشع الانتهاكات في ولاية الجزيرة منذ سيطرتها عليها.
وشهدت مدينة المعيلق محلية الكاملين انتهاكات واسعة، وقال أحد سكان المدينة للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع نهبت المنازل وممتلكات المواطنين تحت تهديد السلاح، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين، بجانب محاولات اغتصاب للفتيات.
الوضع الغذائي والصحيويواجه مواطنو مدينة ود مدني شحا في المواد الغذائية، في وقت ارتفعت فيه أسعار السلع الاستهلاكية في عدد من قرى ولاية الجزيرة عقب سيطرة الدعم السريع على الولاية واستمرار عمليات النهب للمخازن والأسواق.
وقالت مصادر محلية في ود مدني -للجزيرة نت- إن تمدد الحرب إلى ولاية الجزيرة وسيطرة الدعم السريع أفرزا واقعا مريرا انعكس على الأطفال والنساء واحتياجاتهم الصحية، في ظل انعدام الدواء ووسائل النقل، وتذبذب خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات.
من جانبه، قال وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم إن نقل الحرب من الخرطوم إلى الجزيرة قاصمة ظهر للنظام الصحي، مشيرا إلى أن القطاع الصحي بالسودان ومؤسساته ونظام الإمداد الدوائي تأثر كثيرا بسبب امتداد الحرب.
كما تهدد سيطرة الدعم السريع على مناطق واسعة في ولاية الجزيرة الموسم الزراعي.
وقال نائب رئيس تجمع مزارعي القطاع المطري غريق كمبال إن الموسم الزراعي خرج عن السيطرة مع نهب الدعم السريع السماد والآليات الزراعية، وصعوبة الحصاد.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال كمبال إن الجزيرة كانت تزرع قرابة مليون و300 ألف فدان، وسيؤدي فشل العروة الشتوية إلى أزمة في المحاصيل الغذائية، وحذر كمبال من حدوث مجاعة طاحنة حال استمرار الحرب وموجات النزوح.
بالمقابل، قال المهندس الزراعي بإدارة الأمن الغذائي عمار حسن بشير إنه لا يمكن الحكم بفشل العروة الشتوية، فهي أحد مكوني الموسم الزراعي في السودان، وفي حال التأثر ستسد ولايات سودانية أخرى الفجوة التي قد تحدث نتيجة الأحداث الجارية في الجزيرة.
وفي حديثه -للجزيرة نت- قلل بشير من مخاطر حدوث تأثير على وضع الأمن الغذائي العام في السودان من دخول قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة، فالتأثير الذي قد ينشأ يكون في تقليل الإسهام في توفير الغذاء.
مباحثاتفي غضون ذلك، أجرى رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان اليوم الأحد مباحثات مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص للسودان رمطان لعمامرة.
وقد تم اللقاء بمدينة بورتسودان (شرق)، المقر المؤقت للحكومة، وهو الأول بين البرهان ولعمامرة (جزائري) منذ تولي الأخير منصبه يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأطلع البرهان -وهو أيضا قائد الجيش السوداني- لعمامرة خلال اللقاء على ما قامت به قوات الدعم السريع من انتهاكات وفظائع ضد الدولة ومؤسساتها والبنى التحتية، وضد ممتلكات المواطنين وتهجيرهم، بحسب بيان لمجلس السيادة.
كما قدم البرهان شرحا للتطورات التي حدثت بالبلاد في مرحلة ما قبل الحرب وأثناءها وما بعدها، وأكد التزام الحكومة بالتحول الديمقراطي والفترة الانتقالية التي تنتهي بالانتخابات العامة.
في حين أعرب لعمامرة عن تفاؤله بإمكانية تحقيق السلام والاستقرار وإنهاء الحرب في السودان وعودة الحياة إلى طبيعتها بتضافر جهود السودانيين.
والسبت، أبلغت الخرطوم لعمامرة احتجاجها على تواصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عبر مكالمة هاتفية مؤخرا، مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مشددة على أنه "متمرد".
ورفضت الخرطوم دعوة وجهتها الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) إلى البرهان وحمديتي لحضور قمة تستضيفها أوغندا يوم 18 يناير/كانون الثاني الجاري لبحث النزاع السوداني، في المقابل أعلن حميدتي موافقته على الدعوة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلفت أكثر من 12 ألف قتيل وما يزيد عن 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی ولایة الجزیرة للأمم المتحدة مدینة ود مدنی للدعم السریع فی السودان للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
في حالة من التبسيط والتجهيل للعقل السوداني والوعي القومي يتحدث المستشار السابق لقائد مليشيا الدعم السريع يوسف عزت عن التحول الذي أحدثته الحركة الإسلامية بأن جعلت الحرب تستهدف المكونات القبلية في غرب السودان وذلك بإرسالها كوادرها التي تلبست الدعم السريع وجعلت الحرب تستهدف قبائل الرزيقات والمسيرية مما أدى لردة فعل من داخل الدعم السريع تجاه هذا الأمر.
٢- يوسف عزت وغيره يصورون الحركة الإسلامية بأنها قادرة على كل شئ وتستطيع أن تفعل ما تريد وتتصرف في السودان والسودانيين كما شاءت وشاء لها الهوى السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي.
ولكن من الأهمية بمكان أن ندرك أن أكثر مشروع أثر على الدعم السريع وأورده موارد التهلكة هو المشروع اليساري الذي كان يقوده يوسف عزت نيابة عن آخرين وبه أقنع قائد الدعم السريع مستخدما النفوذ الكبير لحميدتي كقائد للدعم السريع في تمرير المشروع اليساري العلماني بأذرع خارجية تتمثل في دولة الإمارات العربية المتحدة. دولة الإمارات حربها ومشروعها الأساسي هو القضاء على الإسلاميين في السودان باستغلال عوامل تاريخية وجيو سياسية من بينها الموقف الرسمي المصري من الإخوان المسلمين وموقف إسرائيل والولايات المتحدة من غير أن تنظر لكثير من التحولات السياسية والايكولوجية التي أحدثها الإسلاميون عبر تاريخهم الطويل في التعاطي مع أعدائهم وأصدقائهم في كوكب الأرض من شرقها إلى غربها وقريبها وبعيدها.
٣- المشروع الإماراتي الخاص بمحاربة الإسلاميين في السودان تصطف معه تحالفات دولية وأيدلوجية ومنظمات لكنها تنظر إلى الوضع في السودان بصورة أشمل من اختصار المشكلة في الإسلاميين الذين سقطت حكومتهم على أيدي هذه القوى ولا يزالون يمثلون التحدي الأكبر في نظر التيارات التي تعمل على السيطرة على السودان ولم تعد المشكلة هي الإسلاميين أو الكيزان ولكن المشكلة هي الشعب السوداني الذي كان يأخذ على الحركة الإسلامية تقصيرها في تطبيق صحيح الإسلام والشريعة وذلك من خلال تيارات سلفية وصوفية وأهلية وحديثة سودانية.
٤- جاء المشروع الذي كان يوسف عزت اللاعب الأساسي فيه والذي بدأ الآن في الانهيار خصما على مشروع يقوده جمعة دقلو بدعم من عبد الرحيم دقلو وهو مشروع سياسي يتوسل بالتنمية وحاجة الناس للخدمات والبعض من من يبحث عن دور ولكن سرعان ما قضت مجموعة يوسف عزت وحلفائها على هذا المشروع الذي كان يريد أن يرث الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ويضم حزب الأمة علما بأن جمعة دقلو هو من قيادات المؤتمر الوطني وعضو البرلمان (المجلس الوطني) وله علاقات اجتماعية وقبلية شرع في التواصل معها لإستمالتها من خلال لقاءات واجتماعات كان قائد ثاني الدعم السريع أكثر حضورا لها عندما كانت تعقد في مزارع ومنازل بالخرطوم خلال الأعوام التي سبقت الحرب.
٥- مجموعة يوسف عزت التي تضم شقيقته استخدمت بعضا من شباب الثورة وشاباتها وناشطين في قوى الحرية والتغيير وكانت دولة الإمارات وسفيرها حمد الجنيبي قائمين علي هذا الأمر وأستطاعت الإمارات إبعاد حميدتي والدعم السريع من خلال دق الإسفين بين حميدتي والإسلاميين والقوى الشعبية والوطنية، بل أعلن حميدتي الحرب على كل من الوطنيين والإسلاميين في تصريحات مشهودة ورفضه لمبادرة الشيخ الطيب الجد بعد اكتمالها وعمل على استمالة الحركات الدارفورية المسلحة عبر اتفاق سلام جوبا وهو التيار الذي تشكل علي مراحل وشهد انشقاق الحرية والتغيير ما بين القوى الديمقراطية والمجلس المركزي ومن ثم الإجراءات التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م .
ما ميز القوى العلمانية واليسارية وحلفائها في الخارج هو المثابرة على حالة التذبذب والتردد عند حميدتي إلى أن صار في صفهم في تحالف الدم والحرب والدوس والاستيلاء على السلطة عبر انقلاب ١٥ ابريل ٢٠٢٣م ثم الحرب.
٦-بالعودة للوراء يتضح للمهتمين والمتابعين لأمر الدعم السريع فإن الدعم السريع هو عبارة عن مشروع أمني عسكري لحكومة الإنقاذ ولكنه تحول إلى مشروع سياسي بعد ثورة ابريل ٢٠١٩م وأصبح أداة للتحكم والسيطرة على السودان ووقع إخراجه من جميع الأرحام التي تم خلقه فيها سواء كان رحم الأمن أو الجيش أو الحركة الإسلامية والدليل على ذلك حل هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات بقرار من رئيس المجلس السيادي وقائد الدعم السريع حميدتي. وقد أدت حالة الفلتان والخروج عن الإمرة العسكرية والولاء التنظيمي أن يصبح الدعم السريع في سوق المضاربات السياسية والدولية بدء من الاتحاد الأوربي ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى المخابرات العالمية ولعبة المصالح التي تتوهم لأن تضر به الآخرين ولو لم تنتفع أنت به.
د. حسن محمد صالح
إنضم لقناة النيلين على واتساب