أقباط عطبرة وذكريات لا تموت
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
* أنا أرملة الراحل دانيال امين الذي فارق الحياة يوم 2018/6/8 ، وكان يعمل في شركة سنجر المتخصصة في ماكينات الخياطة قرب باتا للأحذية مقابل دكان فايز فهمي في السوق القديم . تدرج زوجي حتى أصبح مديراً لشركة سنجر الشمالية ، كان يسافر كثيرا الي كرمه النزل وشندي ومعه محمود الزين المتخصص في تصليح ماكينات الخياطه في سنجر ، وعلي ما اتذكر كان إسم السائق الذي يرافقهم عبد الله ، كنت أخاف عليه لكثرة أسفاره وكنت أوصي السائق عبد الله بضرورة التأني في القيادة ، أصدقاء زوجي لا عدد لهم ولا حصر اغلبهم من المسلمين فهو طيب القلب وسوداني اصيل وعطبراوي حتى الثمالة ، اغلب أصدقاؤه في مستشفي السلاح الطبي بعطبرة حيث كان يعطيهم الماكينات والثلاجات بالأقساط المريحة وبكل ثقه ، وكنّا نذهب الي منازلهم في أعيادهم حاملين في طياتنا الحب والوفاء .
* أتابع عبر الأسافير بلهفة بالغة كل ما يكتب عن مدينتي الجميلة مدينة عطبرة وأجد في ذلك سلوى كبيرة وعزاء لنفسي التي تتوق وتحن لمسقط رأسي التي أصبحت بعيدة عني ، فهي أشبه بالثريا في كبد السماء صعبة المنال حيث فصلت المسافات .
* قضيت طفولتي كغيري مثل أطفال عطبرة في حي الفكي مدني ونشأت وترعرعت فيه وسط نخبة مميزة من جيران أفاضل كرماء جمع بينهم الود والحب ، درست بمدرسة الأمريكان في حي القيقر بالقرب من نادي الضباط وتحولت بعدها لمدرسة الأقباط المصرية بحي السكة حديد بعد وفاة شقيقي غرقا في النيل وإصرار الوالدة على ترك مدرسة الأمريكان التي تحاذي النيل خوفاً علي من ألقى نفس مصير شقيقي ، تدرجت في الفصول الدراسية في مدرسة الأقباط والتحقت بالقسم الأدبي تخصص إنجليزي ، ونجحت في الثانوية ألعامه ورفض اهلي ان أكمل الجامعة بالخرطوم لعدم وجود أقرباء لنا في الخرطوم .
* التحقت للعمل بقطاع السكه الحديد بمصلحة المخازن – قسم المشتريات – وكنت منسقة مكتب المشتريات آنذاك مع مكتب المشتريات بلندن فيما يختص بالعطاءات وغير ذلك ، ثم انتدبت للعمل مع خبراء البنك الدولي مع أربعة موظفات منهم بثينه الابس زوجة محمد حنتبلي صاحب المكتبة الشهيرة .
* لن أنس زملائي وزميلاتي في العمل في ادارة المخازن وأذكر على سبيل المثال مدير المخازن آنذاك الأستاذ محمد صديق، الأستاذ فايز فوزي مدير الحسابات ، تاج السر الطيب مدير شئون العاملين ، وكان يترأس هرم وذروة سنام السكة حديد المدير العام السيد / محمد عبد الرحمن وصفي ، كنا نعيش كأسرة واحدة ، لم أشعر بأي مضايقات وأنا فتاة في عز الشباب وسطهم كانوا يعاملونني كأخت يخافون علي ويحمونني ، كنا نتشارك وجبة الفطور سوياً كالأسرة الواحدة في المكتب بمشاركة زملائي عوض عمر ، عبد اللطيف ، ميرغني محمد الحسين وغيرهم ممن لم تسعفني الذاكرة على تذكرهم ، كنت في وسطهم كأخت وزميلة ولم اشعر بأنني قبطية في وسطهم حيث كانوا يعاملونني أنا وزميلاتي القبطيات بكل احترام ومحبة .
* كان الناس يرونني بصفة يومية وأنا أقود دراجتي الساعة السادسة صباحاً متوجهة للعمل وعند الثانية ظهراً عند انطلاق صفارة السكة حديد وقت الخروج من العمل وسط حشود العمال والموج الهادر ولم أكن أحس أبداً بأنني غريبة وسطهم بل كنت أشعر باطمئنان وراحة وسط هؤلاء العمال والموظفين الذين أعتبرهم أخوة لي ، كذلك كنت أتردد باستمرار على متن دراجتي على محلات الطير الأبيض الذي يملكه صمويل جرجيوس وعمارة عباس محمود لشراء المواد الغذائية والأجبان والدجاج مع المرور على دكان الصاوي وحبيب بسطا ومكتبة حنتبلي لشراء ما يلزمني .
* هيئة السكه الحديد كانت في ذاك الوقت قمة الرقي ومنتهى الانضباط ليس هناك فرصة فيها للمتسيبين حيث دفاتر التوقيع في المواعيد الأمر الذي جعلها أنموذجا يحتذى فورائها رجال أكفاء خدموا بكل تجرد وإنسانية وجعلوا من السكة حديد منارة ومعقلاً للوطنية وقلباً نابضاً لكل السودان ، اما عن الأطباء لا أنسي أن أذكر على سبيل المثال لا الحصر دكتور فلبس مرقس محروس ومصطفي كرفت وأخصائي النساء دكتور الفاضل سعيد ودكتور فؤاد جندي ،
* أكثر ما علق بذاكرتي ولن أنساه ما حييت هو الأعياد في عطبرة فالحديث عنها ذو شجون ولن ينقطع أو يمل ، حيث نفرح نحن الأقباط بأعياد المسلمين ونشاركهم تلك الأفراح ، أذكر في رمضان انتظارنا بفارغ الصبر للمدفع وكأننا نحن الصائمون ، كنا نقوم برش الماء لتبريد المكان في الشارع الذي يجلس فيه الرجال لإفطار رمضان ثم نقوم بفرش البروش لتناول طعام الإفطار للرجال ، إنه تعايش سلمي قل نظيره وانقطع مثيله الكل يعيش في سلام ووئام ليس هناك ما يعكر صفو الوداد في ذلك الزمن الجميل ، مهما تحدثت عن ذكرياتي الجميلة فلن تكفيني آلاف الصفحات ، ولكن يكفيني انني لا زلت علي اتصال دائم مع زملائي وزميلاتي وجيراني الطيبين أمثال عبد الغفور المحامي واولاده وآل عمران وآل حنتبلي ، ولا يفوتني أن أذكر الكم الكبير ممن هاجر معي إلي استراليا من أبناء المرحوم فايز فهمي وال حبيب بسطا وفايز فوزي وعدد لا حصر له من العطبراوية المخلصين المحبين لعطبرة التي يجري حبها في دمائهم ، أتمنى من صميم قلبي وسويداء فؤادي أن أراها ثانية وتكتحل عيناي برؤية الوجوه العطبراوية النقية .
* ما أن يهل عيد الفطر إلا وتنهال علينا من جيراننا أطباق الكعك والبتيفور والغريبة والبسكويت ونذهب ونحن أطفال إلى فسحة المولد للاحتفال ونزور جيراننا لتهنئتهم ، أما عن عيد الأضحى المبارك فحدث ولا حرج حيث يردنا ما تنوء به ثلاجتنا عن حمله من أكتاف وفخوذ الضان من خرفان العيد التي تم ذبحها ولا أنسى ( أم فتفت) وملاح اللقمة والعصيدة بالويكة الحمراء ، وهم كذلك يتشاركون معنا في أعيادنا شم النسيم والميلاد فنخرج كلنا مسلمين وأقباط في رحلات على شواطئ النيل والأتبراوي للاستمتاع والشواء .
* الله يسامحك يا أخي الهادي الشغيل فقد بدأت الدموع تنهمر وتتهاطل من عيني فقد هيجت في دواخلي ذكري ذلك الزمن الجميل !!!!
هكذا كان السودان الجميل ربنا يعيد علينا تلك الايام
*بقلم / سهير فؤاد فانوس،
ولدت ونشأت في مدينة عطبرة
في حي الفكي مدني ،
* محل الإقامة الحالية : مدينة سيدني – أستراليا – New South Wales Sydney
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: السکة حدید
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية يشدد الضرب بيد من حديد على البناء المخالف
قام اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، بجولة ميدانية استمرت نحو 6 ساعات بمدينة المحلة الكبرى، لتفقد مشروعات الرصف والتطوير المختلفة ومتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات، والتأكيد على استكمال المشاريع وفق أعلى معايير الجودة والتجميل، مع الالتزام الكامل بضرب أي بناء مخالف بيد من حديد.
وشملت الجولة متابعة شاملة لشوارع حي أول وثان، مرورًا بقرية عزبة حمد، حيث حرص المحافظ على التواصل المباشر مع المواطنين والاستماع إلى ملاحظاتهم بشأن الخدمات المختلفة، مؤكداً أن المواطن هو محور كل عمل تنفيذي بالمحافظة، جاء ذلك بحضور المهندس علي عبد الستار السكرتير العام المساعد .
بدأت الجولة بتفقد أعمال إنشاء كورنيش المحلة الجديد بطول 6 كيلومترات بمحاذاة ترعة بحر شبين، المشروع الذي يمثل نقلة حضارية ومرورية هامة للمدينة، ويهدف إلى توفير متنفس آمن للمواطنين وربط المنطقة الصناعية بطريق المحلة – المنصورة دون المرور بالشوارع الداخلية، بما يقلل الضغط على المحاور الحالية ويحد من دخول سيارات النقل الثقيل إلى قلب المدينة.
وشدد المحافظ على ضرورة سرعة إنجاز الأعمال واستكمال التشطيبات النهائية والمكونات الجمالية للمشروع لتقديم شكل حضاري يليق بمدينة المحلة الكبرى.
كما تابع المحافظ أعمال تطوير كورنيش مدخل محلة أبو علي، والتي تتضمن تغطية مصرف نمرة 5، وتدبيش جسر بحر الملاح، وإنشاء ممشى آمن للمواطنين، وطريق رئيسي مزدوج مع طريق خدمة لتحسين السيولة المرورية، موجّهًا بسرعة الانتهاء من الأعمال والتشجير والتجميل بما يضفي قيمة حضارية على المنطقة.
وفي إطار اهتمام المحافظة بتطوير بيئة العمل الإداري والخدمات المقدمة للمواطنين، تفقد محافظ الغربية مشروع إنشاء مبنى مجلس مدينة المحلة الكبرى الجديد بحي أول، المقام على مساحة 2842 مترًا، ويضم مركز خدمة متكامل ومكاتب مؤتمتة وإدارات خدمية مطورة، بما يعكس خطة الدولة للتحول الرقمي وتسهيل حصول المواطنين على الخدمات المختلفة، مؤكدًا أن المبنى الجديد يمثل طفرة نوعية في تطوير العمل الإداري وتحسين مستوى الخدمات للمواطنين.
كما شملت الجولة شارع الجلاء بحي أول المحلة، حيث تم وضع الطبقة الأولى من الأسفلت بعد انتهاء شركة مياه الشرب من أعمال الإحلال والتجديد لخطوط المياه، في إطار تنسيق كامل بين الجهات المعنية لضمان تنفيذ أعمال متكاملة ومستدامة.
وأوضح المحافظ أن شارع الجلاء يعتبر أحد الشرايين الرئيسية للمدينة بطول 1700 متر، ويربط عددًا من المحاور المهمة، بما يسهم في تحسين السيولة المرورية لخدمة آلاف المواطنين والعاملين بالمناطق الصناعية والتجارية.
وخلال الجولة، تابع المحافظ أعمال النظافة ورفع الإشغالات بعدد من الشوارع الحيوية، مؤكدًا على تكثيف الحملات اليومية ومحاسبة أي تقصير، حفاظًا على حقوق المواطنين وحقهم في بيئة نظيفة وآمنة. وشدد اللواء أشرف الجندي على استمرار الحملات المكثفة لإزالة كافة مخالفات البناء داخل نطاق حي أول وثان، مؤكدًا أن المحافظة ستتعامل بحزم مع أي محاولة للبناء العشوائي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بالحفاظ على هيبة الدولة وتطبيق القانون بكل صرامة وعدالة.
وخلال جولته حرص المحافظ على التواصل المباشر مع المواطنين والاستماع إلى ملاحظاتهم، مؤكدًا أن توجيهاته لجميع القيادات التنفيذية تركز على المواطن أولاً، وتحسين نوعية الحياة اليومية بشكل ملموس. وقال المحافظ: “خدمات الناس هي أولويتنا الأولى، والناس تستحق شوارع نظيفة وخدمة تليق بيهم، وإحنا بننزل الشارع علشان نسمع ونشوف ونحل”، مؤكدًا استمرار المحافظة في العمل بكل طاقتها لاستعادة المحلة الكبرى لمكانتها كقلعة الصناعة ومدينة نظيفة ومرتبة تليق بأهلها.
وعقب انتهاء الجولة، عقد اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية اجتماعًا عاجلًا بمقر مجلس مدينة المحلة الكبرى، بحضور المهندس علي عبد الستار السكرتير العام المساعد، ورؤساء حي أول وثان ومركز ومدينة المحلة، حيث وجه المحافظ بضرورة العمل الميداني المستمر والتواجد اليومي في الشارع لمتابعة مستوى النظافة والإشغالات أولًا بأول، والتعامل الفوري مع أي بناء مخالف وشكاوى أو ملاحظات من المواطنين، والتنسيق الكامل لتحقيق سرعة الاستجابة ورفع كفاءة الخدمات. كما شدد المحافظ على المتابعة الدقيقة لمعدلات تنفيذ مشروعات الرصف والتطوير، وضمان جودة الأعمال والالتزام بالجداول الزمنية المحددة، مؤكدًا أن الفترة المقبلة ستشهد تقييمًا شاملًا لأداء جميع رؤساء الأحياء والمراكز طبقًا لمستوى النظافة والانضباط والرضا الجماهيري.