لجريدة عمان:
2025-06-20@00:57:22 GMT

المأزق الأمريكي البريطاني في اليمن

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

هل كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد أن تدخُّلها العسكري في اليمن يمكن أن ينهي الاضطرابات في البحر الأحمر؟ إن كانت تحليلاتها للمشهد سياسيا وعسكريا أوصلتها إلى هذه القناعة فهذا يعني أنها لا تفهم التشابكات الثقافية في منطقة الشرق الأوسط رغم السنوات الطولية التي قضتها في المنطقة. فاليمن التي خاضت صراعا داميا خلال السنوات الماضية وقتل من أبنائها عشرات الآلاف وشهدت أحد أكبر المجاعات في تاريخ جزيرة العرب لم تتعرض لخطوط التجارة في البحر الأحمر، رغم أنها كانت تستطيع ولو عند الحد الأدنى الذي كان يمكن أن يلفت نظر العالم إلى القضية اليمنية ويسهم في الدفع بالحرب نحو هدنة طويلة كما هي عليه اليوم.

لكن الجرائم والمجازر التاريخية التي ما زال جيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني حرّكت العالم أجمع بما في ذلك الشعب اليمني الذي وجد نفسه ممسكًا بورقة يمكن أن تشكّل ضغطًا عالميًا للتحرك نحو وقف الحرب ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، ولم يتأخّر اليمن بعد أن فشلت كل المساعي لوقف المجاز، وجرّب أن يستخدم الورقة التي يملكها علّ العالم يستشعر أن ثمة نتائج كارثة وأثمانًا باهظة على الجميع أن يتشارك فيها فيما لو استمرت هذه الحرب الإجرامية على غزة، وعندها يمكن للداعمين الكبار للكيان الصهيوني أن يوقفوا إسرائيل عند حدها.

وقالت حركة أنصار الله «الحوثيين» التي تسيطر على صنعاء والكثير من المدن اليمنية: إنها ستمنع أي سفينة متجهة إلى إسرائيل أو على علاقة بإسرائيل ما لم تتوقف حرب الإبادة. ورغم صعوبة هذا الموقف على العالم أجمع إلا أنه ليس موقفًا عبثيًا يهدف إلى خلط الأوراق، ولكنه موقف ينطلق من مبررات سياسية وثقافية ودينية، وأيضا لمن أراد التوسع من قيم عربية تاريخية وحديثة تتمثل في إغاثة الملهوف وفي التضامن العربي، وموقف عالمي في العمل على وقف الإبادة الجماعية إن كان ثمة وسيلة لوقفها.

وهذه المبادئ من شأنها أن تجلب لليمن ولليمنيين الكثير من المتاعب والكوارث.. ولكن أهل اليمن يعتقدون، أيضا، أن ثقافتهم ودينهم ومكانتهم التاريخية تحتم عليهم ما داموا يملكون وسيلة لدعم حق الفلسطينيين في الحياة ألا يدخروا جهدا في المساعدة حتى لو نالهم بعض مما ينال أهل غزة.

لذلك كان على الولايات المتحدة وبريطانيا أن تفهما كل هذه الخلفيات المهمة قبل أن تتورط في اليمن وتمهد الطريق لتوسيع الحرب إلى خارج نطاق غزة الجغرافي وتدفع بسياسة «توحيد ساحات» المقاومة في العراق وفي سوريا وفي لبنان إضافة إلى اليمن الذي بات الآن في قلب مشهد المقاومة.

شنت أمريكا وبريطانيا فجر الجمعة الماضي ضربات قوية على أهداف يمنية وكانت النتيجة أن اعتبر اليمن متمثلا في حركة أنصار الله أن كل المصالح الأمريكية والبريطانية ومصالح دول أخرى بينها دول عربية أهداف قابلة للاستهداف المباشر.. وهذا ما حدث أمس عندما تم استهداف سفينة شحن أمريكية بصاروخ باليستي.

لكن أثر التدخل الأمريكي والبريطاني في اليمن لن يتوقف عند استمرار استهداف السفن التي تبحر في البحر الأحمر، إنه أعمق من ذلك بكثير حيث يمكن أن تبرز متغيرات جيوسياسية في المنطقة تقود إلى تحولات كبرى تسهم في تعميق الصراعات في المنطقة.

ويؤكد منتقدو التدخل الأمريكي والبريطاني في اليمن بأن الرد العسكري قد يؤدي إلى تفاقم الوضع بدلًا من تخفيفه؛ فالاعتماد على القوة العسكرية، بدلا من الحلول الدبلوماسية، أو معالجة أصل القضية وهو وقف إطلاق النار في غزة، يُنظر إليه باعتباره حافزًا محتملًا لحرب إقليمية أوسع نطاقا.. ويستشهد هؤلاء بالنفس الطويل الذي ظهرت به جماعة أنصار الله في مواجهة الحرب الماضية ما يشير إلى أن المزيد من العمل العسكري قد لا يكون حلا حقيقيا وجذريا للقضية.

ولو استمعت الولايات المتحدة للنصيحة العمانية في التعامل مع أزمة البحر الأحمر وقررت الدفع نحو وقف الحرب في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية لجنبت نفسها غرقا جديدا في اليمن خاصة أنها في سنة الانتخابات التي تتجنب فيها خوض صراعات عسكرية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البحر الأحمر فی الیمن یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ما موقف الرأي العام الأمريكي من انضمام واشنطن لإسرائيل في الحرب ضد إيران

على الرغم من تلويح الرئيس دونالد ترامب بإمكانية انخراط الولايات المتحدة في المواجهة مع إيران، سواء عبر توجيه إنذار مباشر لسكانها أو التلميح بإمكانية اغتيال المرشد علي خامنئي، يبدو أن المزاج العام الأمريكي يعارض ذلك، خاصة في ظل رئاسة، جعلت من "أمريكا أولًا" شعارًا محوريًا لها في الخطاب العام. اعلان

وأظهرت استطلاعات الرأي الحديثة التي أجرتها شركة "يو غوف" أن 16% فقط من الأمريكيين يؤيدون تدخل الولايات المتحدة في الحرب، بينما يعارض 60% ذلك.

وعلى صعيد الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه ترامب، تبين أن 23% فقط من الجمهوريين يؤيدون التدخل العسكري بينما عبر 51% عن معارضتهم للخطوة.

من جانب آخر، يدعم 61% من الجمهوريين التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، بينما يعارض 18% فقط هذا الخيار. وبالنسبة لمواقف الأمريكيين عمومًا، فقد أيد 56% منهم التفاوض مع إيران، مقابل 18% يعارضونه.

استطلاعات رأي حسب "يوغوف"

ووفقًا لدراسات سابقة، يظهر أن الرأي العام الأمريكي يتسم بالانفتاح على الخيارات العسكرية إذا كان هناك إحساس بوجود تهديد فعلي.

غير أن هذا الإحساس ضعيف عندما يتعلق الأمر بإيران. خاصة وأن مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد، كانت قد صرحت في آذار الماضي بأن "تقييمات الاستخبارات تفيد بأن طهران لا تعمل على تطوير سلاح نووي، وأن المرشد الأعلى خامنئي لم يوافق على استئناف برنامج الأسلحة النووية الذي تم تعليقه منذ عام 2003".

Relatedهل تتدخل روسيا إلى جانب إيران في المواجهة مع إسرائيل أم أن للسياسة حسابات أخرى؟إيران تعلن أنها تسيطر على سماء تل أبيب بفضل صاروخ فتّاح الفرط صوتي.. ماذا نعرف عنه؟لماذا فشلت القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ الإيرانية؟

مع ذلك، رفض الزعيم الجمهوري تصريحات غابارد يوم الثلاثاء، مشيرًا إلى أنه "لا يهتم بما قالته"، ومؤكدًا أن الجمهورية الإسلامية تمثل خطرًا حقيقيًا، في خطاب يلمّح إلى احتمال التدخل الذي بات أقرب من أي وقت مضى.

ترامب يطالب إيران بالاستسلام غير المشروط

إلا أن كلمات الزعيم الجمهوري، لم تؤثر على الرأي العام في بلاده، خاصة أن الأمريكيين لا يزالون يذكرون التجربة المؤلمة والسلبية لآخر تدخل عسكري كبير في العراق عام 2003 وبعد ما ثبت كذب الادعاءات القائلة إن نظام صدام حسين كان لديه أسلحة دمار شامل والمبالغة في التهديد الذي زعمت إدارة بوش أنه يشكله.

إلى أي مدى يعتبر الأمريكيون أن إيران تشكل تهديدًا؟

الجدير بالذكر أن الإجابات على هذا السؤال تتأثر بالعوامل الحزبية. فقد أظهر استطلاع غالوب العام الماضي أن 93% من الجمهوريين و70% من الديمقراطيين يعتقدون أن تطوير إيران أسلحة نووية يشكل "تهديدًا حرجًا" للمصالح الحيوية للولايات المتحدة.

التنين الأصفر هو الخطر الأكبر

ومع ذلك، لا يعتبر التدخل العسكري أولوية في الوقت الحالي، حيث يرى 64% من الأمريكيين أن الصين تمثل القوة الأخطر عالميًا، تليها روسيا بنسبة 59%، ثم إيران بنسبة 42%، وفقًا لاستطلاع أجراه مركز بيو العام الماضي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: هذا الشيء الوحيد الذي يُؤخّر انتهاء الحرب في غزة
  • التوترات ترفع أسعار الوقود في اليمن
  • رتيبة النتشة: إسرائيل لا تعلن حقيقة الأهداف التي يتم إصابتها
  • أبرز المنشآت التي ضربها أعنف هجوم إيراني منذ بدء الحرب
  • ما مدى تأثير الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية على اليمن؟
  • هل يمكن لسياسة الخليج تجاه إيران أن تصمد في وجه الحرب؟
  • من نشوة القصف إلى فخ الاستنزاف.. كيف وقعت “إسرائيل” في فخ الحرب التي أرادتها؟
  • ما موقف الرأي العام الأمريكي من انضمام واشنطن لإسرائيل في الحرب ضد إيران
  • العدوان الصهيوني على إيران والخداع الاستراتيجي الأمريكي
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم