الصراخ الذي لم ينقطع في السودان
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
أصبحت كوارث العالم العربي ومآسيه ترقق بعضها بعضا، فقد أزاح طوفان الأقصى ما دونه من أخبار ومشاكل في العالم العربي خاصة المصيرية منها، وعلى رأسها الحرب الدائرة في السودان التي جعلت ما يزيد عن 25 مليون شخص، هم نصف عدد السكان، يحتاجون إلى كافة أنواع المساعدات والحماية، في وقت لم ينقطع فيه صراخ الشعب السوداني من الحرب الدائرة هناك، ولا أفق لحلها حتى الآن.
لجأ الشعب السوادني إلى كل أنواع الحلول في السنوات القليلة الماضية السياسية منها والثورية، وتدخلت في شئونه كل الدول الإقليمية والقوى الدولية تقريبا، ولم يزد الوضع في السودان إلا سوءا.
لقد كشفت هذه الحرب عن عوار كبير في العمل الدبلوماسي أولا والإعلامي ثانيا، وهو أن ما هو بعيد عن بؤرة النظر الدولي بعيد عن بؤرة الاهتمام. فبوصلة الاهتمام ليست متعلقة بتفاقم الوضع الإنساني والميداني؛ بقدر ما هي متعلقة بتوازنات القوى وتسجيل النقاط السياسية والعسكرية والاستراتيجية في مرمى الخصوم. والأمر ذاته ينطبق على التغطية الإعلامية التي تجاهلت السودان تماما خلال الفترة الماضية.
ولا تتعلق المسألة بمصالح الدول الكبرى وتقديراتها للأمور وحسب، بل بطبيعة تقدير العقل العربي لنوعية الأزمات التي تمر بها البلدان المختلفة والنظرة قصيرة المدى للمصالح والمنافع، ناهيك عما تستوجبه أخلاق المروءة والشهامة
ولا تتعلق المسألة بمصالح الدول الكبرى وتقديراتها للأمور وحسب، بل بطبيعة تقدير العقل العربي لنوعية الأزمات التي تمر بها البلدان المختلفة والنظرة قصيرة المدى للمصالح والمنافع، ناهيك عما تستوجبه أخلاق المروءة والشهامة.
الوضع المتفاقم في السودان يسترعي بعض الاهتمام الدبلوماسي والإعلامي؛ من زاوية المآسي الإنسانية ومن زاوية تأثيراتها على الوضع الإقليمي ودور الجوار. وإذا كانت الجامعة العربية تتذرع أحيانا بالوضع الدولي وتوازنات القوى فيما يتعلق بفلسطين، فليس لها من عذر في التراخي في التعامل مع هذا الحرب وعدم تقديم أية مبادرات أو تحركات دبلوماسية خاصة في الإطار الأفريقي، بعيدا عن المناشدات والمطالبات الإعلامية العامة.
أثبتت الحرب الدائرة في السودان كارثة تنازع الشرعية بين قوتيين يمتلك كل منهما السلاح العسكري الثقيل والأمني الخفيف داخل دولة واحدة، كما أثبتت ضعف آلية حل النزعات العربية-العربية، والأهم من ذلك أثبتت أنه مهما كانت الكلفة البشرية والإنسانية للمآسي العربية، فإن استحداث مأساة جديدة أفدح منها ثمنا كفيل بأن يحيل المأساة الأخرى إلى مجاهل النسيان. فلا أحد يتذكر مآسي اليمن أو سوريا الآن للأسف؛ الفارق الوحيد ربما هو أن النفوذ الإقليمي والدولي ظاهر وواضح عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا وطائفيا في هذين البلدين، والأمر مختلف عن ذلك في السودان.
لم تدق الحرب في الجنوب سابقا أو الحرب في دارفور ما يكفي من أجراس الإنذار لإيقاظ الاهتمام العربي بالسودان؛ حتى انفصل الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وأتمنى أن تُسمع أجراس الحرب الحالية العالم العربي فيولي السودان ما يستحقه من اهتمام ودعم
إن الحرب في السودان هي جزء أيضا من العلاقات العربية الإسرائيلية الملتهبة، فقد كشفت الحرب في السودان أن الرهان على إسرائيل لنيل الدعم المحلي رهان خاسر، فهرولة كل من البرهان وحميدتي إلى أحضان الاتصالات وإقامة العلاقات مع تل أبيب لم تثمر سوى مزيد من الخراب للبلاد والعباد في السودان.
وملف السودان ليس ملفا عربيا وأفريقيا فقط، بل هو ملف على طاولة إسرائيل ينبغي أن تحاسَب سياسيا عليه باعتبار أنها تملك علاقات متميزة مع كلا الفريقين، بل وقدمت مقترحات مصالحة للطرفين وصلت إلى حد دعوتها لتوقيع اتفاق سلام في تل أبيب.
هناك ما يبرر الآن أن تنشغل إسرائيل عما يجري في السودان، وتنشغل الدول الكبرى أيضا عما يجري فيه، لكن ليس هناك ما يبرر انطفاء وهج الاهتمام العربي بالسودان الذي ما فتئ يصرخ من شدة ما ألمّ به من أزمة سياسية وعسكرية وإنسانية.
لم تدق الحرب في الجنوب سابقا أو الحرب في دارفور ما يكفي من أجراس الإنذار لإيقاظ الاهتمام العربي بالسودان؛ حتى انفصل الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وأتمنى أن تُسمع أجراس الحرب الحالية العالم العربي فيولي السودان ما يستحقه من اهتمام ودعم.
twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السودان البرهان السودان صراع حميدتي البرهان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم العربی فی السودان الحرب فی
إقرأ أيضاً:
هشام العيسوي يحصل علي جائزة التميز العربي 2025 في المعرض العربي الأول للاستدامة
شارك المهندس هشام العيسوي، رئيس المجلس التصديري للحرف اليدوية ورئيس لجنة التصميم والإبداع بتحالف شركاء جامعة الدول العربية، في فعاليات "المعرض العربي الأول للاستدامة"، وذلك في إطار تعزيز التعاون العربي المشترك في مجالات الاستدامة والصناعات الإبداعية.
يعد المعرض الذي نظمته جامعة الدول العربية بمشاركة واسعة من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، من الفعاليات الهامة التي تسلط الضوء على دور الاستدامة في تطوير الصناعات والاقتصادات العربية.
تكريم إيهاب فهمي عن دور "عبد العاطي" في مسلسل "إش إش" خالد الجندي: الحجاب تكريم للمرأة وفلسفة الإحرام منهج حياة (فيديو) تكريم العيسوي بجائزة التميز العربي للاستدامة 2025تم تكريم المهندس هشام العيسوي خلال المعرض، ومنحه "جائزة التميز العربي للاستدامة 2025"، تقديرًا لدوره البارز في دعم الاستدامة بقطاع الحرف اليدوية.
وقد تسلّم العيسوي درع التميز العربي من معالي الوزيرة المفوضة ندى العجيزي، مدير إدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي بجامعة الدول العربية.
هشام العيسوي يحصل علي جائزة التميز العربي 2025 في المعرض العربي الأول للاستدامةتكريم الأردن للعيسويكما كرّمته دولة الأردن الشقيقة بدرع خاص، تعبيرًا عن تقديرها لجهوده في تعزيز التعاون العربي في مجال الحرف اليدوية المستدامة.
تمثل هذه الشراكات بين الدول العربية خطوة هامة نحو تطوير الصناعات الإبداعية المستدامة على مستوى العالم العربي.
العيسوي: الاستدامة أساس لبناء اقتصادات حديثةوفي تصريحاته على هامش الحدث، أكد المهندس هشام العيسوي أن الاستدامة أصبحت عنصرًا أساسيًا في بناء اقتصادات حديثة ومستدامة.
وشدد على أهمية اتفاقية "صفر جمارك" التي أقرتها جامعة الدول العربية، مؤكدًا أن هذه الاتفاقية تمثل فرصة استراتيجية لتعزيز التجارة البينية بين الدول العربية، وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي.
أهمية الأسواق العربية في صادرات الحرف اليدوية المصريةوأشار العيسوي إلى أن نحو 70% من صادرات الحرف اليدوية المصرية تتجه إلى الأسواق العربية، مما يعكس الأهمية الكبرى لهذه الأسواق كمحرك رئيسي للنمو في القطاع.
ولفت إلى أن المشاركة في المعرض تأتي ضمن خطة المجلس التصديري لتوسيع نطاق الصناعات الإبداعية المستدامة على المستوى العربي.
شراكات جديدة مع الأردن في الصناعات الإبداعية المستدامةكما عقد العيسوي سلسلة من اللقاءات الرسمية مع وفود عربية، ناقش خلالها فرص التعاون في مجالات التصدير والتدريب وتبادل الخبرات.
وقد تم الإعلان عن شراكات جديدة مع الجانب الأردني تشمل زيارات متبادلة ومشروعات مشتركة في مجال الحرف اليدوية المستدامة، والتي ستعزز التعاون العربي في هذا المجال المهم.
ختام فعاليات المعرضاختتمت فعاليات المعرض العربي الأول للاستدامة وسط حضور كثيف من الشباب العربي والمؤسسات التنموية. وقد حظي المعرض برعاية وزارتي الشباب والبيئة، وشكل منصة فعالة لعرض المبادرات وتبادل الرؤى حول مستقبل الاستدامة في العالم العربي.