رأي اليوم:
2025-07-01@09:50:44 GMT

وسّع سجنك.. أم وسّع صدرك؟!

تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT

وسّع سجنك.. أم وسّع صدرك؟!

 

د. حفظي اشتية ذكر لي الصديق الدكتور عبدالرحيم بخيت الشهاب الحكاية الطريفة التالية، وكان رئيسا لنادي الغور الأوسط في ثمانينيات القرن الماضي، والغور حينها يشهد حركة ثقافية عمرانية اقتصادية سياسية هائلة، فمشاريع الريّ تمتد شرايانات تحمل نسغ الحياة في أرجاء الوادي، والشركات العمرانية الأجنبية العظمى تشيد آلاف الوحدات الإسكانية والمدارس، وشبكات الكهرباء والمياه تتسلل وتتغلغل في كل مكان، والزراعة الحديثة تتقدم وتتطور، والمنتوجات تنفتح أمامها بوابات دول الجوار والعالم، ورقعة الأرض الزراعية تمتد وتتسع، والبنية التحتية من شوارع وطرقات، ومرافق خدمات، ومستشفيات ومراكز صحية، ومديريات إرشاد زراعي وجمعيات زراعية، وتجمعات إدارية لسلطة وادي الأردن، ومجالس بلدية وقروية….

.إلخ كل ذلك يمضي قُدُما على قدم وساق بهمة عالية وإصرار عنيد. استضاف النادي وزيرين، وبعض الأمناء العامين، ونخبة من المتنورين في ندوة حوارية في مركز تسويق العارضة، للاطلاع على مشاكل المنطقة ومطالب الأهالي، ودار حديث واعٍ، وقُدّمت مطالب واقعية ضرورية تتعلق بالزراعة والتعليم والصحة والإسكان والتصدير….إلخ ثم وقف أحد الحضور صارخا بأعلى صوته، مخاطبا وزير الداخلية، مطالبا بإنشاء سجن لأبناء المنطقة. ضجّ الجميع بالضحك، وطال ذلك، وبعد أن هدأت القاعة، سُئل الرجل بعتاب واستهجان : الناس يطالبون بإنشاء مستشفيات ومصانع ومدارس، وأنت تطالب بسجن؟!!! فردّ قائلا : يا سيدي، عيالنا مساجين، والسجون بعيدة عنا، نقطع البلاد ونذوق المرار حتى نزورهم. نريد سجنا قريبا يوفر علينا الجهد والوقت والمال. وكأن ذلك الرجل جاء يسعى من ذاك المدى البعيد لينظر أحوالنا في هذا الزمان، ويرى كيف فاضت السجون وغُصّت بمن فيها، وبدلا من أن نعالج أسبابا قديمة تفتح أبواب السجون على مصاريعها، ها نحن نبتدع أسبابا جديدة، ونسنّ قوانين عتيدة لجرائم نضخمها، وننفخ فيها من روح الكِبْر والاستعلاء والعناد، في الوقت الذي كان يمكن ببساطة أن نتسامى ونتعالى، ونضرب عنها الذكر صفحا، فتموت إهمالا. إن بقي هناك من يقدّر رأيا، أو يسمع قولا، نقول : إلى كثير من فرسان التواصل الاجتماعي، الذين ذلّ لهم المهاد، وعلا بهم الجو، وخلا أمامهم الميدان فطلبوا النزال والطعان، وسمّموا أسماعنا وأبصارنا، ونحروا لغتنا العربية دون رحمة من الوريد إلى الوريد بتعليقاتهم، ومقولاتهم الهزيلة الشائهة، وانتقاداتهم الهائمة المتحللة من كل قيود، المتفلتة من أي حدود، المفتقرة إلى أدنى دليل أو برهان، الزاخرة بالصراخ والسباب وبذاءة اللسان، نقول لهم : ارحمونا، وارحموا وطنكم، فليس هذا هو الطريق السويّ للإصلاح الحقيقي الواعي المنشود الراشد الرشيد، بل هي فوضى وبلبلة، وخلط الحابل بالنابل، فتضيع الحقائق تحت هائل الركام، ونكون وإياكم كالمنْبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. وإلى كل مسؤول واعٍ، وحامل ثقل أمانة، وراعٍ تعلقت بعنقه رعيته، نقول : وسّع صدرك وصبرك، وكبّر عقلك، وتسامَ، وتجاهلْ، وتغافلْ، فذاك أليق بك، وأولى لك. وسّع صدرك وصبرك، لأنك قبلت أن تكون مسؤولا، بل لعلك سعيت إلى ذلك بكل وسيلة، لتتحقق لك الهيبة، أو المكاسب، أو السلطة والنفوذ والصولجان، أو لخدمة وطنك، وجعلت ذلك لك هدفا ساميا أمثل، فلمَ لا تقبل أن تُنتقد؟! ولمَ لا تتحمل؟! أنت مسؤول أمام الله أولا، وأمام الناس ثانيا، فهل تدّعي الكمال؟!(أيّ الرجال المهذب؟). إذا كنت تعمل (وهذا ما  نأمله ونتمناه) فحتما ستخطىء، وقد تتعرض إلى ضغوط (وتلك مصيبتنا)، فتنحرف غصبا عن القرار الصائب، وستظلِم، فلمَ لا تُفسح المجال للمظلوم أن يتألم عندما يخنقه القهر وتضيق به الحال؟! انظر إلى مَن كان قبلك منذ بدء الخلق، وابحث عن الحكمة، واجعلها ضالّتك : انتقد الناسُ الأنبياء والخلفاء والملوك وعِظام القادة الخالدين، فتحملوهم، وأخذوهم بالرفق واللين، وكانوا أحيانا يستفيدون من سهام النقد اللاذعة الموجعة الجريئة الصريحة، ويطلبون المشورة والرأي السديد والنصيحة، ويشكرون من يهدي إليهم العيوب، وما زالت صرخة امرأة في وجه عمر بن الخطاب، أو تهديد بتقويم معوجّه بالسيوف، ما زالت مثل هذه الأمثلة النابغة النابعة من العلاقة السوية النقية بين الراعي والرعية، تملأ علينا الجِناب، وتطل من وراء سُجف الغيوب، لعلنا نسمع ونعي ونتّعظ ونعتبر….. وسّع صدرك، فذاك أولى لك ألف مرة من أن توسع سجنك. ” وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ “ كاتب فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم فوائد البنوك

أكد الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن إيداع المال في البنوك في حساب يدر ربحا دوريا هو أمر جائز شرعا، ويجوز الانتفاع بهذه الأرباح، سواء كانت تُصرف بشكل يومي أو شهري أو سنوي أو في نهاية المدة

جاء ذلك إجابة على سؤال: ما هو حكم إيداع الأموال في البنوك وأخذ الفوائد عليها؟، في ظل الواقع الحالي الذي يصعب فيه على كثير من الناس استثمار أموالهم أو الاحتفاظ بها في المنازل؟، وخلال حلقة برنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة «الناس».

وقال الشيخ أحمد وسام إن كلام السائل فيه وعي واقعي، وهو يعكس بالفعل تساؤلات كثير من الناس في هذا العصر.، والجواب المختصر، أن هذه المعاملة ليست قرضًا ربويًا، بل هي من قبيل الاستثمار، لأن البنك لا يقرض المال ثم يعطي فائدة، بل يدخل في عقد استثماري حديث.

وأضاف أن تكييفه الفقهي يخرجه من دائرة الربا المحرم، ويضعه في دائرة المعاملات المالية المستحدثة المباحة، والتي تتفق مع مقاصد الشريعة.

وأضاف: «من القواعد الفقهية المقررة أن كل قرض جر نفعًا فهو ربا، لكن ما يحدث في البنوك لا يُعد قرضًا في حقيقته، بل هو شكل جديد من أشكال المعاملات الاستثمارية، ولذلك فإن الأرباح الناتجة عن هذه الودائع حلال، ويجوز للإنسان أن ينفق منها ويستفيد بها».

وأشار إلى أن «المعاملات البنكية المعاصرة لم تكن موجودة في زمن الفقهاء القدامى، ولذلك فهي ليست منصوصًا عليها في كتب الفقه أو في النصوص الصريحة من الكتاب والسنة، بل تخضع للقياس الفقهي والاجتهاد المعاصر»، مضيفًا: «وقد صدر عن دار الإفتاء المصرية وهيئات علمية معتبرة القول بجواز هذه المعاملات، إذا كانت تتم في إطار تعاقدي واضح لا يتعارض مع المقاصد العامة للشريعة الإسلامية».

وتابع: «هذه الفتوى جاءت رفعًا للحرج عن الناس، وتيسيرًا على المكلفين في ظل واقع اقتصادي واجتماعي معقد، ونحن نعيش في زمان يحتاج إلى فقه واقع وفقه موازنات، ومن رحمة الشريعة أنها تستوعب التطور ما دام في ضوء ضوابطها».

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: دار الإفتاء تسعى إلى بناء جسور التعاون مع المؤسسات الدينية حول العالم

بعد إعلان دار الإفتاء.. الموعد الرسمي لـ إجازة عيد الأضحى المبارك 2025

دار الإفتاء تعلن موعد أول أيام ذي الحجة 1446 وعيد الأضحى 2025

مقالات مشابهة

  • هل هناك أشخاص لا يصيبهم السحر؟.. علي جمعة: بـ6 أمور تكن واحدا منهم
  • حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم فوائد البنوك
  • حين تُصبح المجالس فخًا للغيبة
  • قيادات تتقاسم الموارد وشعب يتقاسم الجوع
  • متى تنتهي امتحانات الثانوية العامة 2025 في مصر؟.. اعرف موعد الإجازة الصيفية
  • إدوارد يدعم أحمد السقا: قلب مفيش زيه وكل الناس بتحبك
  • الحرائق تمتد شمالًا وتأجيل جديد لمحاكمة نتنياهو بسبب التطورات الإقليمية
  • «شنطة سفر».. ملك زاهر تعلن عن أول فيلم من تأليفها وإخراجها
  • شنطة سفر | ملك أحمد زاهر مخرجة لأول مرة
  • مغتربون في الوطن.. حين يغيب الإنسان بين أهله