عاد الطبيب الفرنسي باسكال أندريه، المختص في الأمراض المعدية، إلى وطنه مؤخرا بعد قضائه أقل من أسبوعين في المستشفى الأوروبي في خان يونس بقطاع غزة، ليروي الظروف المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون، في ظل انهيار منظومة الرعاية الصحية وانتشار الأوبئة.

وقال أندريه -في حوار مع صحيفة لاكروا الفرنسية- إن الأوضاع في المستشفى الأوروبي في خان يونس متدهورة للغاية، حيث إن قسم الجراحة المصمم لـ40 مريضا يضم 110 أشخاص، علما أن النازحين الموجودين هناك منذ أسابيع يرفضون الخروج إلى الخيام كونهم يشعرون بالرعب من القصف الإسرائيلي.

وبحسب أندريه يعيش نحو 25 ألف نازح في محيط المستشفى الأوروبي وداخل المباني التابعة له.

وقال الطبيب الفرنسي إن العائلات تعيش في ممرات المستشفى، وداخل القاعات وحتى داخل غرف العلاج، وتضطر لتعليق ستائر لضمان مساحة من الخصوصية لها. وأشار إلى أن عائلة إحدى الممرضات تنام داخل المرحاض.

ظروف قاسية

وتابع بأن الناس يعيشون ظروفا صحية صعبة، حيث يرتدي معظمهم نفس الملابس منذ شهور. وبسبب افتقارهم إلى المال لشراء الخشب، فإنهم يستخدمون صناديق التوصيل ويحرقونها لطهي الطعام.

وبخصوص وضع النظام الصحي في القطاع، قال أندريه إن الأطباء لا يستطيعون العمل في ظروف جيدة نظرا لغياب الأمن واستمرار الرعب بسبب تحليق الطائرات المسيّرة على ارتفاع 300 متر فوق رؤوسهم، وهم يعلمون أنهم سيستقبلون قتلى وجرحى جدد مع عائلاتهم المصدومة بعيد سماع صوت الانفجارات.

ونقلت لاكروا عن أندريه قوله إن الناس يفتقرون إلى كل متطلبات الحياة حيث إن المساعدات المحدودة التي يسمح لها بالدخول عبر معبر رفح لا تكفي لسد متطلبات السكان.

وتضطر الشاحنات القليلة التي تعبر الحدود في الوقت الراهن إلى قضاء الليل محاطة بحراس لأن الجوع يدفع الناس إلى إلقاء أنفسهم على الشاحنات.

مجاعة وأمراض

ويصف أندريه الوضع الجاري في جنوب القطاع بأنه أفضل حالا مقارنة بالشمال الذي تغيب فيه أدنى مقومات الحياة، وتضرب فيه المجاعة بشكل قاس.

ولفت أندريه الانتباه إلى غياب الحمامات وتدمير الصرف الصحي، مبينا غياب المياه الصالحة وانتشار الأمراض وأبرزها التهاب الكبد الوبائي، محذرا من أنه بمجرد ارتفاع درجة حرارة الطقس قد تنتشر الكوليرا.

وأكدت لاكروا أن إسرائيل تبذل قصارى جهدها للتسبب في وفيات غير مباشرة، إذ إن انهيار المنظومة الصحية يعني أن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة لا يستطيعون تلقي علاجهم على غرار مرضى غسيل الكلى ومرضى السكر والسرطان والقلب، وذلك يعني بكل وضوح وفاتهم.

ونقل أندريه عن طبيب تخدير في غرفة العمليات قوله: "هنا، أعالج هذا المريض ولكن في داخلي أتساءل أين سننام هذا المساء، أنا وبناتي الـ4. لقد فقدت زوجتي وابني. ولا أعرف أين سننام إذا تعرضت رفح للهجوم".

وفي المستشفى الأوروبي يقوم الأطباء بإجراء ما بين 40 و50 تدخلا طارئا يوميا دون تنظيف المرضى، مما يؤدي إلى ظهور مضاعفات ما بعد الجراحة مع التهابات.

إلى جانب ذلك، يتلقى الأطباء في المؤسسة الدعم من قبل المساعدين الذين تركوا مستشفيات أخرى في القطاع بعد أن تعرضت للقصف أو أُغلقت، بالإضافة إلى متطوعين لا ينتمون إلى القطاع الصحي ولكنهم تعلموا كل شيء في العمل في غضون بضعة أشهر منذ بداية الحرب.

وشدد أندريه على أنه طيلة فترة إقامته لم ير سلاحا واحدا، ولم يستقبلوا أي جريح من المسلحين، ومن ثم ينبغي التشكيك في السردية الإسرائيلية التي تدعي أن الأطباء يعالجون المقاتلين.

وأوضح الطبيب الفرنسي أن القناصة الإسرائيليين يطلقون النار على رؤوس البالغين ويستهدفون أرجل الأطفال حتى لا يتمكنوا من اللعب مرة أخرى.

ودعا لوقف المذابح في القطاع وإلى تثبيت وقف فوري لإطلاق النار، وعبر عن إعجابه بكلمة "الحمد لله"، التي تتفوه بها الشفاه المتألمة التي لا تزال على قيد الحياة رغم فظاعة الوضع والحداد المستمر على الضحايا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المستشفى الأوروبی

إقرأ أيضاً:

القنابل والأمراض تحاصر أطفال غزة.. مسؤول أممي يحذر من تفاقم الأوضاع في القطاع

قال الأممي للشؤون الإنسانية في فلسطين جيمي ماكغولدريك، إن الأطفال في قطاع غزة يتعرضون لمخاطر المرض والقنابل.

وأضاف ماكغولدريك، أن 625 ألف طفل محرومون من سنة دراسية كاملة، مبينة أن سكان غزة يواجهون تهديد الجوع والظروف غير الصحية ونقص الرعاية.

ودعا إلى ضمان استقبال وإرسال وتوزيع المساعدات بشكل آمن في غزة، مشيرا إلى أن الهجمات على الأونروا غير مقبولة وتعرض جهودنا للخطر.

ودعا ماكغولدريك، لتوفير الحماية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني، كما أكد أن من الضروري، فتح جميع المعابر من أجل إيصال المساعدات بما في ذلك معبر رفح.

وأردف، أن الإجراءات الحالية المعمول بها لنقل المساعدات مرهقة وخطيرة.



وسبق أن أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عن اضطراره إلى تقليص الحصص الغذائية للأسر في غزة لضمان تغطية أوسع للنازحين الجدد، في حين كشفت منظمة الصحة العالمية عن فيروس شلل الأطفال في القطاع المحاصر.

وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه " مضطر إلى تقليص الحصص الغذائية للأسر لضمان تغطية أوسع للنازحين الجدد".

وأضاف أن "مخزونات الغذاء والإمدادات الإنسانية في وسط وجنوب غزة محدودة للغاية، ولا يتم إدخال أي إمدادات تجارية تقريبا".

وجدد مطالبته بوقف الحرب المتواصلة، مشيرا إلى عدم وجود أي مكان آمن في قطاع غزة.

ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.8 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء، فضلا عن تجدد موجات النزوح بفعل القصف الإسرائيلي الذي يتعمد استهداف النازحين.

في سياق منفصل، أعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن اكتشاف شلل الأطفال في قطاع غزة.

وقال غيبريسوس في مقال نشره في صحيفة "الغارديان" البريطانية؛ إن "اكتشاف شلل الأطفال في غزة، تذكير آخر بالظروف المزرية التي يواجهها الناس"، مشيرا إلى أن "استمرار الصراع يعوق جهود تحديد التهديدات الصحية التي يمكن الوقاية منها".



وفي سياق ذي صلة، قالت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان إن “نتائج الفحوص التي أجريت على عيّنات من مياه الصرف الصحي بالتنسيق مع “اليونيسيف” بيّنت وجود الفيروس المُسبب لشلل الأطفال في هذه العيّنات”.

وأضافت أن هذا الاكتشاف في مياه الصرف الصحي التي تجري بين خيام النازحين ومراكز الإيواء والتجمعات السكانية في القطاع الفلسطيني يُنذر بكارثة صحية حقيقية ويُعرّض آلاف السكان لخطر الإصابة بهذا المرض الخطير.

مقالات مشابهة

  • القنابل والأمراض تحاصر أطفال غزة.. مسؤول أممي يحذر من تفاقم الأوضاع في القطاع
  • الأغذية العالمي يقلص حصص الأسر بغزة.. واكتشاف فيروس شلل الأطفال في القطاع
  • «القاهرة الإخبارية»: الأطباء يكشفون المستور عن الحالة الصحية لبايدن
  • طبيب: حملة التوثيق الإلكتروني لشهادات تطعيمات الأطفال الورقية تستهدف مواليد 2018 وما فوق
  • الكرملين يسجن أبو الإنترنت الروسي
  • رضيع فلسطيني يخرج حيا من رحم أمه بعد مقتلها في ضربة إسرائيلية
  • طبيب يهودي أمريكي: قناصة الاحتلال استهدفوا الأطفال في غزة
  • طعن طبيب بسلاح أبيض في سوهاج.. أول تحرك رسمي من الصحة
  • نقابة الأطباء تؤكد اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتهم بطعن طبيب سوهاج
  • شروع في قتل.. ماذا قالت نقابة الأطباء عن طعن طبيب بمستشفى سوهاج؟