قانون المسئولية الطبية يُحدث أزمة كبيرة قبل إقراره
تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT
حالة غضب واستياء سادت بين الأطباء، وذلك بسبب ما تم الإعلان عنه من بنود لمشروع قانون المسئولية الطبية المزمع إقراره.. لجنة الصحة بمجلس النواب أعلنت أن القانون سيتم إقراره خلال دورة الانعقاد الحالية، وذلك عقب مناقشة الملاحظات الواردة من وزارتى الصحة والعدل تمهيدًا لمناقشته فى الجلسات العامة للمجلس.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أعلن فيه الدكتور أسامة عبد الحى نقيب الأطباء أن مشروع قانون المسئولية الطبية بصيغته الحالية لا يحقق أبداً الغرض من القانون.
وأوضح نقيب الأطباء أن الهدف من قانون المسئولية الطبية هو تحديد مدى مسئولية الطبيب عن المضاعفات التي تحدث للمريض حال كون الطبيب متخصصًا، ويعمل في مكان مرخص وكونه اتبع القواعد العلمية، وبعد ذلك حدثت مضاعفات للمريض.. لافتاً أن قوانين الدول الغربية، وأيضًا الدول العربية تعتبر أنه حال حدوث خطأ فني من طبيب متخصص ومستوفٍ لكل الشروط فإنه تقع عليه المسئولية المدنية وتكون عقوباته جميعها مدنية عبارة عن تعويضات لجبر الضرر الواقع على المريض.
أما المسئولية الجنائية فتكون في حالة عمل الطبيب في منشأة بدون ترخيص أو في غير تخصصه أو قام بإجراء طبي غير مقنن "كختان الإناث أو الإجهاض" مثلاً، فذلك يخالف قانون الدولة، ويخضع الطبيب حينها للمسئولية الجنائية، وهنا تكون العقوبة جنائية أي تشمل الحبس.
وأشار عبد الحي إلى أنه ليس هناك طبيب يستطيع العمل بنسبة نجاح 100%.. فالطبيب مسئول عن بذل رعاية وليس الوصول إلى نتيجة وفق كل قوانين ممارسة مهنة الطب في العالم كله، لافتًا إلى أنه من الوارد حدوث مضاعفات للمريض بعد إجراء العملية وإذا عوقب الطبيب على هذه المضاعفات بالحبس، أو الغرامة أو كليهما، فجميع الأطباء سيكون مصيرهم الحبس.
وأوضح نقيب الأطباء أن أحد أسباب التحفظ على مشروع قانون المسئولية الطبية الحالي هو عدم نصه على وجود هيئة لتحديد المسئولية الطبية كما أن المشروع قنن الوضع الحالي بعيوبه ولم ينظم طريقة تقديم الشكوى للمريض الذي حدثت معه مضاعفات، ولم ينظم اللجنة الطبية التي تجري تحقيق مع الطبيب ولم ينظم العقوبات في حالة عدم تجاوز الطبيب لقوانين الدولة.
وتابع: مازلنا نحاسب بقانون العقوبات الصادر سنة 1954 الذى يحاسب الطبيب حال وفاة المريض نتيجة خطأ طبي على أنه قتل خطأ، ونحن أمام حالة من التخلف التشريعي في مصر في هذا المجال.. لذلك لا بد من أن تكون هناك هيئة لتحديد المسئولية الطبية تتلقى شكاوى المرضى، وتحال إليها أي شكاوى تخص المضاعفات الطبية من أي جهة في الدولة سواء النيابة، أو غيرها من الجهات وأن تقوم تلك الهيئة بتشكيل لجان فنية متخصصة للتحقيق مع الطبيب.
وشدد عبد الحي على ضرورة ألا يكون هناك أي عقوبات سالبة للحرية، أو حبس للأطباء في قانون المسئولية طالما أن الطبيب يعمل في تخصصه، وفي مكان مرخص واتبع الإجراءات العلمية الصحيحة على أن تكون العقوبة تعويضات فقط لجبر الضرر الذى وقع على المريض، مؤكدًا أن الحبس الاحتياطي مرعب للأطباء، ولا بد أن تكون هناك تعديلات للقانون تضمن حق المريض، وحماية الطبيب في آنٍ واحد.
وعن خطوات النقابة لرفض القانون قال: أرسلت النقابة العامة للأطباء خطابًا إلى مجلس الوزراء يتضمن ملاحظاتها، ومقترحاتها بشأن مشروع قانون المسئولية الطبية، وسلامة المريض، كما سيتم إرسالها إلى كافة الجهات التشريعية.
فيما أعلن نقيب الأطباء أنه تم عقد اجتماع موسع لمجلس النقابة مع ممثلي النقابات الفرعية بالمحافظات لمناقشة مسودة مشروع قانون المسئولية الطبية المرسل من مجلس الوزراء.
وأشار إلى أن المشاركين في الاجتماع أبدوا تحفظهم على معظم مواد مشروع القانون المرسل من مجلس الوزراء معتبرين أنه لم يضف جديدًا للواقع الحالي، وإنما قنن حبس الطبيب سواء احتياطيًا، أو الحبس كعقوبة حتى أنه نص على حبس الطبيب في المخالفات الإدارية.
وأكدوا أنه من غير المقبول أن يتضمن أي مشروع قانون للمسئولية الطبية ما ينص على حبس الأطباء احتياطيًا مشددين على ضرورة أن تكون العقوبات فيه مدنية (تعويضات لجبر الضرر الواقع على المريض)، وليست جنائية، لأن عقوبة الحبس سالبة للحرية ولن يستفيد منها المريض وستجعل الأطباء يعملون بأيادٍ مرتعشة، ويترددون كثيرًا عند مواجهة حالات على درجة عالية من الخطورة، وبها نسبة عالية لحدوث مضاعفات.
وأشار نقيب الأطباء إلى أن مشروع قانون المسئولية الطبية لا يحقق أي غرض من أغراض صدور قانون منضبط، وحديث للمسئولية الطبية بحيث يضمن حق المريض، ويحمي الطبيب، معتبرًا أن تقنين الحبس كعقوبة في الأخطاء الفنية يعد جريمة بحق الأطباء، وغير وارد في أي دولة في العالم بما فيها دول الخليج.
وشدد على أن الطبيب في الأساس هدفه إنقاذ حياة المريض، وبالتالي لا يتعمد أبدًا الإضرار به، وهو مطالب ببذل الرعاية، وليس الوصول لنتيجة، لكن الخلط بين المسئولية المدنية وتحويلها إلى مسئولية جنائية، والتهديد المستمر بالحبس أمر خطير جدًّا على ممارسة مهنة الطب في مصر والكارثة الأكبر هي تقنين الحبس الاحتياطي في قضايا المسئولية الطبية، وهذا ليس له وجود في أي دولة بالعالم.
وأكد أن ما يحدث سيدفع الأطباء بكل قوة إلى الهجرة خارج مصر بحثًا عن بيئة عمل آمنة إلى جانب المرتبات المجزية، أو لجوء ما تبقى منهم في مصر إلى الطب الدفاعي بمعنى تحفظهم عن التعامل مع الحالات الصعبة، والمعقدة خشية التعرض لحدوث مضاعفات والتهديد بالحبس، والمريض هو من سيدفع الثمن.
مؤكدًا على ضرورة أن يكون هناك تأمين إجباري ضد أخطاء المهنة عند التصريح بمزاولة المهنة حتى نضمن حق المريض.. مشددًا على ضرورة أن ينص القانون على إنشاء هيئة عليا لتلقي الشكاوى من الأفراد والجهات المختلفة، وتكون لهذه الهيئة لجان نوعية من أساتذة متخصصين يتولون التحقيق مع الطبيب، وكتابة تقريرها، وتقديمه للجهات القضائية المختلفة لتوقيع العقوبة المناسبة.
وطالب عبد الحي بالاستجابة لملاحظات، ومقترحات نقابة الأطباء، التي من شأنها الحفاظ على استقرار تقديم الخدمات الطبية للمرضى.
من جانبه قال الدكتور خالد أمين الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء أن تأخر صدور هذا القانون، وعدم تغليظ عقوبة الاعتداء على المستشفيات، وبعض التشريعات التي تضبط المنظومة الصحية سيؤدي إلى تدهور منظومة الصحة يومًا تلو الآخر، وزيادة العجز الموجود في أعداد الأطباء.
وطالب أمين بسرعة إقرار قانون عادل للمسئولية الطبية يضمن وجود هيئة مستقلة لتحديد المسئولية الطبية، وأن تقوم بالتحقيق مع الأطباء لجنة فنية متخصصة، وتكون العقوبات فيه مدنية (تعويضات) وليست جنائية.
وفى سياق متصل أكد الدكتور طارق عبد المنعم وكيل نقابة أطباء المنيا على ضرورة صدور قانون المسئولية الطبية، لينظم العلاقة بين متلقى الخدمة الطبية، والفريق الطبي مقدم الخدمة، وعلى رأسهم الطبيب.
لافتًا أن الطبيب يحاسب وفق القانون الجنائي حينما يعمل في غير تخصصه، أو يعمل في مكان غير مرخص، أو يقوم بإجراء جراحي مخالف لقوانين الدولة، لافتًا إلى ضرورة تشكيل مجلس علمي يفصل في الشكاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية ويحدد مسؤولية الطبيب عن الخطأ الطبي، وهل وارد الحدوث أم بسبب إهمال؟
وأشار إلى أن غياب قانون المسئولية الطبية سيدفع الأطباء إلى الهجرة إلى الخارج واللجوء إلى الطب الدفاعي بالامتناع عن التعامل مع الحالات المعقدة خوفًا من سيف الحبس المصلت على رقابهم طوال الوقت، مؤكدًا أن إقرار القانون يحمي المريض، وسيجعل الأطباء يعملون في أجواء آمنة وبيئة عمل مناسبة تمكنهم من تقديم أفضل ما لديهم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأطباء المسئولية الطبية قانون المسئولية الطبية نقابة الأطباء مشروع قانون المسئولیة الطبیة على ضرورة الطبیب فی أن تکون إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأردن: إقرار أولي لتعديل قانون يؤخر حبس المدين في قضايا النفقة .. ماذا يعني ذلك؟
عمّان، الأردن (CNN)-- أقرت اللجنة القانونية في البرلمان الأردني، الاثنين، تعديلا على قانون التنفيذ الشرعي المعمول به في البلاد، يقضي بمنح المحكوم عليهم بالنفقات الأسرية، مهلة محددة للسداد تحت الرقابة الالكترونية كبديل "مؤقت" عن الحبس، دون إلغاء قرار الحبس في حال استمرار التخلف عن سداد النفقات.
وطرحت الحكومة الأردنية مشروع قانون معدّل لقانون التنفيذ الشرعي مؤخرًا، احتوى تعديلا يضع إلى جانب حبس المدين في قضايا النفقة، خيارًا لرئيس التنفيذ الشرعي في المحاكم الشرعية، بحيث يتيح تطبيق الرقابة الالكترونية على المحكوم عليه المتخلف عن سداد النفقات الأسرية، وإتاحة الفرصة له للوفاء بالالتزامات المالية وذلك قبل اتخاذ قرار الحبس أو بعده على أن تحدد الشروط في نظام يقر لاحقًا.
لكن أعضاء اللجنة القانونية البرلمانية، بحسب ما علمت CNN بالعربية، تقدموا باقتراحات "مُقيدة" للنص الأصلي جرى التصويت عليها داخل اللجنة، تقضي بتحديد "مهلة" للمحكوم عليه قبل تنفيذ قرار الحبس، والاستفادة من تطبيق الرقابة الإلكترونية بناء على طلبه، على ألا تتجاوز هذه المهلة 60 يومًا.
وقالت النائب بيان فخري المحسيري عضو اللجنة القانونية للبرلمان الأردني، في تصريح لـ CNN بالعربية، إن ما تم التصويت عليه هو الإبقاء على "حكم حبس المدين في قضايا النفقة وعدم إلغائه كليًا أو استبداله بعقوبات بديلة كاملة."
وأضافت: "الفكرة التي كانت مُقترحة من الحكومة، هي أن يُعطى المحكوم عليه فرصة للرقابة الإلكترونية من خلال تركيب إسوارة إلكترونية، ودون إلغاء قرار الحبس بل تأجيله، ولكن اللجنة طلبت أيضًا وضع قيود على النص الأصلي، من أهمها تقييد القاضي بقرار اللجوء إلى تأجيل الحبس لمرتين فقط كحد أقصى، وأن يكون التأجيل مُسببًا بأسباب مُوجبة ولمدة لا تزيد عن 60 يومًا".
وأشارت النائب، إلى أن بعض الطروحات اعترضت على الإسوارة الالكترونية، لكن الأغلبية ذهبت إلى التصويت لصالح استخدامها، لضمان قيام أجهزة التنفيذ القضائي بتطبيق الحكم.
ويعد هذا الإقرار أوليًا، حيث يتوجب إحالة مشروع القانون المُعدّل كما خرج من اللجنة القانونية، وذلك للتصويت عليه في مجلس النواب لاحقا، ويُمنح النفاذ الدستوري بعد مروره بمجلس الأعيان والمصادقة الملكية عليه.
ونوهت فخري وهي النائب عن كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان، بأن أحكام قضايا النفقة الشرعية ليست مبالغ مقطوعة بل مبالغ متراكمة، ما يتيح للمحكوم له، طلب حبس المحكوم عليه بمجرد التخلف عن تسديد النفقة لمرة واحدة، حينها يمكن للمحكوم عليه طلب تأجيل "الحبس" من قاضي التنفيذ الشرعي، وفق الضوابط المقترحة كمهلة لسداد الديون المتراكمة، وتحت الرقابة الالكترونية.
ورأت النائب المحسيري، بأن الإبقاء على عقوبة الحبس فقط لم تكن لتحقق "روح القانون" و"وصول النفقات" إلى أصحابها.
إلى ذلك، قال وزير العدل الأردني بسام التلهوني في تصريحات صحفية خلال أولى جلسات اللجنة القانونية، إن تجربة الرقابة الإلكترونية قابلة للتنفيذ عمليًا، خاصة أنها طُبقت في القضايا الجزائية، لافتًا أن النص الجديد "مُنضبط ولا يمس حقوق الدائنين"، بل يهدف إلى التسهيل وإتاحة الفرصة للمحكوم عليه الوفاء بالتزاماته.
ودعا المحامي والمستشار القانوني ثروت الردايدة، بمنشور في صفحته عبر منصة فيسبوك، في حال إقرار الرقابة الإلكترونية كعقوبة بديلة عن الحبس، بأن يتم التصويت عليها في مجلس الأمة "في أضيق أبوابها" حتى لا يتم إساءة استخدامها، وألا تشمل "المقتدرين والذين هرّبوا أموالهم ليمتنعوا عن دفع نفقات أبنائهم وزوجاتهم"، بحسب تعبيره.
ونقلت وسائل إعلام محلية، قبل انعقاد جلسة اللجنة القانونية، تصريحات للنائب ونقيب المحامين السابق صالح العرموطي، رفضه إلغاء حبس المدين في قضايا النفقة الشرعية، قائلا: "اللي بطلق مرته لازم يتبهدل"، ما أثار بعض ردود الفعل الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، قال الناشط والباحث في دراسات الجندر فراس عوض، إن هذا "الخطاب معادٍ للرجل ولا يليق أن يصدر عن نائب". وأضاف: "هذا يؤجج صورة نمطية. والحقيقة أن الطلاق في واقع الناس ليس رفاهية كما يظن البعض".
وذكر أن "هذا الخطاب تبنته مؤسسات ومنظمات لسنوات رسخت صورة الرجل الجلاّد وخلقت صورة نمطية في الوعي العام".
الأردنزواج وطلاقنشر الاثنين، 01 ديسمبر / كانون الأول 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.