يمانيون:
2025-12-01@21:59:07 GMT

اليمن.. 58 عامًا على الاستقلال: ذاكرة نضال تتجدّد

تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT

اليمن.. 58 عامًا على الاستقلال: ذاكرة نضال تتجدّد

مبارك حزام العسالي

في مثل هذا اليوم من العام 1967م، وقف اليمنيون على عتبة التاريخ رافعين راية النصر، معلنين نهاية 129 عامًا من الاحتلال البريطاني.. لم يكن 30 نوفمبر مُجَـرّد انسحاب جندي أجنبي من اليمن، بل كان لحظة ميلادٍ جديدة لكرامة شعب، وانبثاق وعيٍ كفاحيٍّ عابر للحسابات الصغيرة، لحظة صاغتها دماء الأحرار وصيحات الجماهير وإرادَة شعبٍ أبى أن يُقاد إلا إلى الحرية.

اليوم، وبعد مرور 58 عامًا على ذلك المجد المتجدد، تبدو ذكرى الاستقلال أكثر راهنيةً من أي وقت مضى.

فالتاريخ لا يحتفلُ فقط بما مضى، بل يحاكم الحاضر، ويختبر ما إذَا كانت الأُمَّــةُ ما تزال أمينةً على وصايا شهدائها.

أولًا: الاستقلال.. لحظة وعي لا تكتمل إلا بالفعل

كان الاستقلال ثمرة نضالٍ طويل قادته حركات المقاومة الوطنية، من ردفان إلى عدن، ومن الجبال إلى الأزقة والبحار.

ولئن رحل المستعمر في 30 نوفمبر، فإن روح المقاومة لم ترحل، بل وجدت طريقَها إلى الذاكرة الجمعية لليمنيين.

فأمةٌ تُولد من رحم النار لا يمكن أن تقبَلَ القيد مهما بدا ذهبيًّا، ولا الخضوع مهما تلونت شعاراته.

واليوم، تُستعاد تلك الروح في سياق مختلف، مع وجود احتلال مقنّع أَو نفوذٍ أجنبيٍّ مباشر أَو غير مباشر، يسعى للسيطرة على الموانئ والثروات والجغرافيا والسيادة.

إن ذكرى الاستقلال ليست مناسبة بروتوكولية، بل مِنصة صُلبة للتذكير بأن الحرية ليست منحة، بل فعل إرادَة مُستمرّ.

ثانيًا: عدن.. المدينة التي تُعلّم العالم معنى النضال

عدن ليست مُجَـرّد مدينة، إنها مدرسة نضالية.. كانت مسرحًا للمواجهات، ومختبرًا لولادة الوعي الوطني في جنوب الوطن واليمن عُمُـومًا.

اليوم، تعيش عدن – كما يعيشُ الوطن – جُرحًا مفتوحًا اسمُه الاحتلال الخارجية يعاونه خونة عملاء.

وفي المقابل، تبقى المدينة رمزًا للمقاومة الأولى، ودليلًا على أن الشعوب لا تموتُ ولو انطفأت شوارعُها مؤقتًا.

في العيد الـ58، يرفع اليمنيون سؤالَ عدن من جديد: هل تُدار المدن بالحماية الخارجية أم بتكامل الإرادَة الوطنية؟

والجواب الذي قدّمه التاريخ قبل 58 عامًا ما يزال صالحًا: لا استقلال بلا قرار سيادي، ولا سيادة بلا وَحدة الوعي اليمني.

ثالثًا: اليمن اليوم.. معركة جديدة؛ مِن أجلِ الاستقلال الثاني

الاستقلال الحقيقي، اليوم، ليس فقط استعادة أرض، بل استعادة قرار، وإحياء دولة، وتحرير اقتصاد، وصناعة مستقبل.

تواجه اليمن اليوم مشاريعَ تفكيك، وصراع نفوذ، وحربًا مفتوحة من المحتلين الجُدُد على الثروة والممرات البحرية.

لكن اليمنيين أثبتوا – في أكثر من محطة – أن هذه البلاد تمتلك قدرةً نادرةً على النهوض كلما سقطت، وعلى إعادة رسم المسار كلما انحرفت البُوصلة.

إن ما يجري اليوم في البحر الأحمر، وفي السواحل، وفي الممرات الحيوية، هو جزءٌ من معركة السيادة.

وهي معركة تُذكّر بأن الجغرافيا اليمنية ليست حائطًا خلفيًّا لأحد، بل مركَز توازن لا يمكن تجاوُزُه دون أن يدفعَ العالَمُ ثمنَ اختلاله.

رابعًا: روح نوفمبر.. قوة معنوية في زمن التحوُّلات الكبرى

ليس الاحتفالُ مُجَـرّد استعادة مشاهدَ قديمة، بل هو إعادة شحن للروح.

إن الأُمَّــة التي تحتفلُ بماضيها الصُّلب تصبحُ أكثر استعدادًا لمواجهة حاضرها الصعب.

وذكرى 30 نوفمبر تعيد التأكيد على ثلاث قيم كبرى:

1. التحرّر من التبعية

اليمن لا يمكن أن يكون تابعًا لأي محور خارجي؛ فشعبٌ صنع استقلاله الأول قادر على صناعة استقلاله الثاني مهما تعقدت الظروف.

2. حماية الثروة والممرات

من يتحكم بباب المندب يتحكّم بحركة التجارة العالمية.. ومن يظن أن اليمن سيترك هذا الموقع بلا سيادة فهو يقرأ التاريخَ بالمقلوب.

3. وحدة المصير

لم ينتصر اليمنيون في 30 نوفمبر إلا حين اتحدت بنادقُهم وإرادتُهم.. واليوم، لن ينهض اليمن إلا بوحدة المسار الوطني، بعيدًا عن مشاريع الكانتونات والصراعات المفتعلة لخدمة الاحتلال.

خامسًا: المستقبل.. حين يتكلَّم التاريخ وتستجيبُ الإرادَة

الاستقلال ليس ذكرى من الماضي، بل مشروعٌ مُستمرّ.

وإذا كان اليمن قد انتزع حريتَه الأولى من قوة عالمية كبرى؛ فإنَّه قادر اليوم على انتزاع استقلاله الثاني، مهما تشابكت الأجندات.

اليمن اليوم في قلب معركة كبرى: معركة الوعي، والسيادة، والقرار، والكرامة.

ومهما حاول الخارج الطامع تطويع الداخل، يظل اليمن – بتاريخ 30 نوفمبر – نموذجًا لشعبٍ يدرك أن الكرامة أغلى من الخبز، وأن الحرية لا تُقاس بعدد السنين، بل بعمق الإصرار.

ختامًا.. في العيد الـ58 للاستقلال، نقف أمام ذكرى تصرخ بأن اليمن أكبر من أزماته، وأعلى من جراحه، وأصلب من كُـلّ محاولات كسره.

هذه البلاد التي وُلِدَت من نار النضال، لا يمكن أن تموت في رماد الصراع.

وستظل نوفمبر – كُـلّ عام – تعلن أن اليمنيَّ لا يُهزم، وأن الاستقلال ليس حدثًا عابرًا، بل مسارًا طويلًا يكتب فصولَه أبناءُ هذا الشعب في كُـلّ مرحلة.

وستبقى صيحةُ الحرية، منذ 30 نوفمبر وحتى اليوم، تقول للعالم:

هنا اليمن.. هنا شعبٌ لا ينكسر.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

ذكرى ٣٠ نوفمبر.. شُعلة تحرّر تتجدّد ودروس عزة تتواصل

 

تمر علينا هذه الأيّامَ الذكرى المجيدةُ لثورة ٣٠ نوفمبر، وهي ليست مُجَـرّد تاريخ عابر في ذاكرة الوطن، بل هي شُعلةٌ متجددة توقظ فينا معانيَ العزة، وتستحضر دروسَ النضال الذي خاضه أجدادُنا الأحرارُ ضد إحدى أعتى الإمبراطوريات في عصرهم.. إنها ذكرى جلاء آخر جندي بريطاني بعد ١٢٩ عامًا من الاحتلال، والتي كانت حصيلة كفاح مرير وتضحيات جسيمة قدَّمها أبناء اليمن؛ مِن أجلِ الحرية والكرامة.

في خطابات متعددة بهذه المناسبة، يؤكّـدُ سيدُ الجهاد والمقاومة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، أن ذكرى الاستقلال ودحر المحتلّ البريطاني تُمثِّلُ محطةً من محطات التاريخ المشرّف للشعب اليمني في وقوفه بشجاعة واستبسال ضد الاستعمار، مقدمًا في سبيل ذلك تضحياتٍ كبيرةً وعظيمة لينال حريته وكرامته وعزته.

ويشدّد السيد القائد على أن الثلاثين من نوفمبر هي أَيْـضًا محطة تذكير للشعب اليمني “بأهميّة التحَرّك وحتمية الموقف وحتمية الانتصار”، وفيها الكثير من الدروس المهمة، وفرصة لغرس الوعي لدى الأجيال عن جرائم المحتلّ البريطاني وأساليبه في الخداع والاستقطاب والتجنيد.

كما أنها دليل على أن “المحتلّ مهما كان قويًّا فَــإنَّه يُهزَم”، ومناسبة “تُثبِتُ أن الشعب اليمني قادر اليوم على صناعة انتصارات أكبر، وأن هذا الشعب العزيز، فيما هو عليه الآن من مسار تحرّري جهادي، يسلك المسلك الصحيح إلى العزة والتمكين والقوة والمنعة والنصر والوعي والبصيرة”.

إن هذه الذكرى لم تعد مناسبةً سنوية عابرة في ظل توغُّلُ الاحتلال الأعرابي الصهيوأمريكي الجديد في المحافظات الجنوبية، بل هي مناسبة تحملُ الكثير من الدلالات والعبر على وهن أي محتلّ أمام إرادَة الشعوب الحرة.

لقد كانت ثورة ١٤ أُكتوبر وعيد الجلاء نتيجةَ نضالات وتضحيات شجاعة من أبناء شعبنا اليمني كافة؛ حَيثُ كانت الشرارة الأولى التي انطلقت من جبال ردفان مرعبة للمحتلّ، ولم تستطع سياسةُ “الأرض المحروقة” التي انتهجها البريطانيون إخمادَها، حتى أجبروا المحتلَّ على الرحيل مذلولًا مدحورًا، وواجهوا أكبرَ قوة في العالم بالإرادَة وقوة الحق.

إن المحافظات الجنوبية اليوم على موعد جديد مع الاستقلال، والجلاء سيتجدد على أيدي أحرار اليمن شمالًا وجنوبًا، أحفاد راجح بن غالب لبوزة ورفاقه من أبطال ثورة ١٤ أُكتوبر ١٩٦٣م.

تزدادُ هذه المناسبةُ الوطنية أهميّةً في ظل تكالب قوى الهيمنة والاستعمار الإقليمية والدولية على شعبنا، وقد أصبحت مناسبة سنوية يستلهم منها الأحرار والثوار العظات والعبر.

إننا في لحج -ونحن نحتفي بهذه الذكرى الخالدة- نوجه رسالة إلى أبناء المحافظات الجنوبية المتواجدين في صفوف الاحتلال، بأن يقرأوا التاريخ السياسي الحديث لأحرار وثوار المحافظات الجنوبية، الذين بإرادتهم وعزيمتهم الوطنية الصُّلبة طردوا الإمبراطوريةَ التي لم تكن تغيب عنها الشمس.

وبنفس العزيمة والإرادَة والإباء، سنطهّر محافظاتنا اليوم من هيمنة المستعمر الجديد وأدواته.

لقد أثبتت السنواتُ الماضية أن اليمنَ اليوم أقوى من الماضي، وأن قدراتِه العسكريةَ التي صمدت وقاومت وأفشلت كافةَ المخطّطات الاستعمارية، قادرةٌ على إفشال كُـلّ المؤامرات التي تُحاك في المحافظات الجنوبية.

ومهما حاول المحتلُّ البريطاني القديم أَو غيره العودةَ تحت ذرائعَ جديدة؛ فَــإنَّ هزيمتَه اليوم ستكون أقسى، فاليمن كانت وستظل مقبرة للغزاة.

إن ذكرى ٣٠ نوفمبر تبقى نبراسًا يضيءُ دربَ الأحرار، وترسِّخُ في نفوس الأجيال أن طريق التحرّر لا يتوقّف عند لحظة تاريخية، بل هو مسارٌ متواصلٌ حتى تتحقّقَ السيادة الكاملة، وتغادر آخر قوات محتلّة أرض الوطن.

* محافظ محافظة لحج

 

 

 

مقالات مشابهة

  • المحضار في ذكرى الاستقلال: اليمن أقوى اليوم ويمتلك قرار التحرر الكامل من الاحتلال
  • محافظ أبين: معركة الاستقلال قادمة ولا بقاء لأدوات الاحتلال في أرض اليمن
  • اليمن في يوم الثلاثون من نوفمبر المجيد يرفع راية الاستقلال في وجه الاحتلال الجديد
  • ٣٠ نوفمبر.. ذاكرة وطن لا تنطفئ
  • الشغدري: عيد الاستقلال خالد في ذاكرة شعب لا يعرف الخضوع والاستسلام
  • ذكرى ٣٠ نوفمبر.. شُعلة تحرّر تتجدّد ودروس عزة تتواصل
  • العليمي في ذكر 30 نوفمبر: اليمن الآمن والمستقر بات أقرب من أي وقت
  • في خطاب عيد الاستقلال .. الرئيس المشاط : اليمن الذي طرد الاحتلال البريطاني بالأمس قادرٌ بأن يحميَ سيادته ويصونَ كرامته وأن يصمدَ في وجه كل غازٍ
  • الرئيس المشاط يجدد العهد بتحرير كل شبر من أرض اليمن