جمال بخيت ناعيا بخيت بيومي: «لطالما ضحكنا معا بسبب تشابه الأسماء»
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
نعى الشاعر جمال بخيت، الشاعر الراحل بخيت بيومي الذي رحل صباح اليوم عن عمر ناهر 81 عامًا بعد أزمةٍ صحيةٍ، دخل إثرها المستشفى.
علاقة جمال بخيت وبخيت بيوميوأضاف جمال بخيت عبر «فيسبوك»: «شكرا لكل من اتصل بي من الاصدقاء للإطمئنان علي، فاجتمعنا على طلب الرحمة للصديق العزيز الشاعر الكبير بخيت بيومي، لطالما ضحكنا معا للخلط الذي يحدث بيننا في أذهان البعض بسبب تشابه الاسماء، وحتى في خبر وفاته يحدث نفس الشيء، رحم الله الشاعر الكبير بخيت بيومي، وإنا لله وإنا إليه راجعون».
- رحل الشاعر بخيت بيومي، صباح اليوم بعد صراع مع المرض، داخل المستشفى الدولي بالمنصورة.
- الشاعر الراحل مولود 18 يونيو 1942 في مركز شربين بمحافظة الدقهلية.
- حفظ القرآن الكريم منذ صغره.
- حصل على الثانوية اﻷزهرية، في عام 1960 من المنصورة.
- بدأ حياته بالعمل مدرسا، ثمّ خطاطًا واتجه لكتابة اﻷغنية,
- كتب بخيت بيومي الفوازير نحو 17 عامًا متواصلة، والتي كانت بطلتها وقتها الفنانة نيللي، كما كتب فوازير عن المشاهير والأنبياء والرسل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جمال بخيت بخيت بيومي الفوازير شعر العامية بخیت بیومی جمال بخیت
إقرأ أيضاً:
«العبدي» ورتق «الممزّق»
في مادة النحو أيام الدراسة الجامعية توقّف د. عبد الأمير الورد -رحمه الله- الذي درّسنا المادة أمام الشاهد النحوي فـي بيت الشاعر الجاهلي شأس بن نهار الملقّب بالممزّق العبدي:
فإن كنت مأكولًا فكنْ خيرَ آكلٍ
وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق
لكنني يومها سرحت بعيدا فـي معنى البيت المستلّ من قصيدة يخاطب فـيها الشاعر الممزّق العبدي، ملكا من ملوك العرب قبل الإسلام هو عمرو بن هند، وكان يهمّ بغزو عبد القيس، ولم يجد الممزّق، وكان شاعر قبيلته، والناطق بلسانها، كما يؤكّد ابن رشيق القيرواني فـي كتابه (العمدة)، أمامه سوى أن يقول قصيدة يستعطفه، بها، ومما جاء فـيها:
أَرِقْتُ فَلَمْ تَخْدَعْ بِعَيْنَيَّ وَسْنَةٌ
ومَنْ يَلْقَ ما لاقَيْتُ لا بُدَّ يَأْرَقِ
تَبِيتُ الهُمُومُ الطارِقَاتُ يَعُدْنَنِي
كمَا تَعْتَرِي الأهوالُ رَأسَ المُطَلَّقِ
فإن كنت مأكولا فكن خير آكل
وإلا فأدركني ولمّا أمزّق
والشاهد فـي البيت الذي اكتسب منه الشاعر لقبه (الممزّق)، أنّ منفـي (لمّا) يستمر نفـيه إلى حال التكلم، وتقول الأخبار: إن القصيدة بلغت المرام، وجلبت نتيجة إيجابية للشاعر، وقبيلته، فلما بلغت عمرو بن هند انصرف عن عزمه، وقال له: «لا آكُلُك ولا أُوكِلُك غيري» وانتشر البيت انتشار النار فـي الهشيم، وصار مثلا، وذكر الحافظ شمس الدين الذهبي فـي كتابه «سير أعلام النبلاء»، أن الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) استشهد بهذا البيت، فـي رسالة وجّهها للإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) مستنجدا به، عندما حوصر فـي بيته، مثلما استشهد به آخرون فـي مواقف مشابهة، والذي لفت نظري فـي البيت، معنى وليس مبنى، حالة الضعف التي كان يعيشها الشاعر، حينما وضعته الظروف فـي موقف صعب، وخيّرته بين أمرين أحلاهما مُرّ، فمن الطبيعي أن يختار الأقل مرارة، فلا خيار ثالثًا له، ولو كان موجودا، فـيقينا كان قد توجّه بخطابه إليه، والخيار الثالث الأمثل يتطلّب وجود طرف يسعى إلى إطفاء فتيل الحرب، ولكنّه لم يفعل ذلك لعدم وجود هذا الطرف المحايد، فلم يجد الشاعر حلًّا سوى فـي أن يستعطف عدوّه الذي كان قد بيّت النيّة لغزو قبيلته، فدبّج قصيدة فـي مدحه، فأيّ هوانٍ كان فـيه ذلك الشاعر!؟
وفـي هذا العالم المضطرب الذي لا يرحم، ولا يقيم وزنًا للحياة، صرنا ننام، ونصحو على أخبار القتل، والدمار، فاختفت لغة الحوار، والسلام، فما أن تنتهي حرب حتى تنشب أخرى أكثر شراسة، وأشدّ فتكا، ولو دقّقنا فـي تاريخ البشرية لوجدنا أن الحروب تسير عكس المنطق الحضاري، كون الحضارة عكست بناء سحب الإنسان من المرحلة البدائية وهذبته من التوحش، وحقنته بالوعي، وحب الحياة، فالتطور الحضاري يعني زيادة الوعي، لكن الغريب أن وحشية الإنسان تزداد يوما بعد آخر حتى إذا ما وصلنا إلى القرن العشرين وجدنا أن الحروب فـي ازدياد وصارت قاعدة، أما السلام فهو الاستثناء، وضجّ (الكوكب) بالصراعات التي يشعلها المغرمون بلغة القوّة، والصراعات، وأحلام التوسّع على حساب الغير، ناسين أن الحروب لم تحل فـي يوم من الأيام مشكلة، وأنها فـي كل الأحوال تستنزف اقتصاد البلدان المتحاربة، وتخلّف الأرامل، واليتامى، والثكالى، يقول الشاعر محمود درويش: «ستنتهي الحرب، ويتصافح القادة، وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد، وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم».
وحين تنقشع غيوم الحروب، تسفر الشمس عن آهات الجرحى والخراب والدمار، والعاهات الاجتماعية، وتراجع القيم، فقد وصفها زهير بن أبي سلمى بأبشع الأوصاف قبل أكثر من 1400 سنة، عندما قال فـي معلّقته:
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافًا ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فهي قبيحة، تخلّف الخراب وتسبّب الهلاك، وهي تطحن الناس وأحلامهم مثلما تطحن الرحى الحبوب، وتلد المآسي، والمصائب، ولكن تجّار الحروب وجنرالاتها من عشّاق النياشين والأوسمة ومصّاصي دماء الشعوب، و(مشعلِي الحرائق)، ومثيري الفتن، مستمرّون فـي غيّهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لذا سيظلّ الشاعر يستعطف الأقوى، ناشدا السلام، ساعيا لخياطة الرتق الممزّق.