بعد دعوته لإطلاق «صرخة سلام».. إبراهيم ناجي يكشف الحالة الصحية لبابا الفاتيكان
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
كشف إبراهيم ناجي، الباحث في الشأن الكاثوليكي، أن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، أنهى لقاءه الروحي ثم توجه إلي المستشفى لإجراء بعض الفحوصات الطبية، لأنه منذ أيام قليلة تعرض لوعكة صحية، موضحًا أنه الآن في مقر اقامته بالفاتيكان.
كان البابا فرنسيس، قد استقبل صباح اليوم الأربعاء، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء سينودس الكنيسة البطريركية الأرمنية الكاثوليكية وللمناسبة، ووجّه كلمة رحّب بها بضيوفه وقال كأساقفة، خلفاء الرسل، تقع على عاتقنا مسؤولية أن نرافق شعب الله المقدس نحو يسوع، الرب وصديق البشر، راعينا الصالح.
وأضاف البابا فرنسيس، حسب ما نشرته الصفحة الرسمية للفاتيكان، إن إحدى المسؤوليات الكبرى للسينودس هي تحديدًا أن تعطوا كنيستكم أساقفة المستقبل. أرجوكم أن تختاروهم بعناية، لكي يكونون متفانين مع القطيع، وأمناء للعناية الرعوية، لا وصوليين. ولا ينبغي اختيارهم على أساس استحسان أو أغراض، وعليكم أن تتنبّهوا جدًّا من الأشخاص الذين لديهم "ميول تجارية" أو الذين "يحملون حقيبتهم في أيديهم على الدوام"، ويتركون الشعب يتيمًا. إنَّ الأسقف الذي يرى في أبرشيته معبرًا نحو أبرشية أكثر "هيبة" ينسى أنه متزوج من الكنيسة ويخاطر - اسمحوا لي بهذا التعبير - بارتكاب "زنا رعوي". ويحدث الأمر نفسه عندما يضيع الوقت في التفاوض على وجهات أو ترقيات جديدة: لا يمكن شراء الأساقفة من السوق، بل المسيح هو الذي يختارهم خلفاء لرسله ورعاة لقطيعه.
وتابع “ البابا فرنسيس ” نحن في عالم مليء بالعزلة والمسافات، ينبغي على الذين أوكلوا إلينا أن يشعروا منا بدفء الراعي الصالح، واهتمامنا الأبوي، وجمال الأخوةَّ، ورحمة الله. إن أبناء شعبكم العزيز يحتاجون إلى قرب أساقفتهم. أعلم أنهم منتشرين في جميع أنحاء العالم بأعداد كبيرة جدًا، وأحيانًا في مناطق شاسعة جدًا، حيث يصعب عليكم زيارتهم. لكن الكنيسة هي أم محبة، ولا يمكنها إلا أن تبحث عن جميع الوسائل الممكنة للوصول إليهم، لكي ينالوا محبة الله في تقليدهم الكنسي. والأمر لا يتعلق بالهيكليات، التي هي مجرد وسائل تساعد على انتشار الإنجيل؛ وإنما هو أولاً مسألة محبة رعوية، والبحث عن الخير وتعزيزه بنظرة وانفتاح انجيليَّين: أفكر أيضًا في ضرورة التعاون الوثيق مع الكنيسة الرسولية الأرمنية.
واستطرد البابا ، نحن مدعوون لكي ننظر إلى الصليب ونبني على المسيح الذي يشفي الجراح بالمغفرة والمحبة. نحن مطالبون بالتشفع للجميع بعظمة نفس وروح. مثل القديس غريغوريوس ناريك الذي كان يصلّي قائلاً: يا رب، "أذكر الذين هم أعداءنا في الجنس البشري، ولكن لخيرهم: حقق فيهم المغفرة والرحمة". وكذلك كتب بآنيّة نبوية رائعة: "لا تبيد الذين يعضونني: حولهم! أقتلع السلوك الدنيوي الشرير وأصل السلوك الصالح فيّ وفيهم". وأنتم أيها الإخوة، مع الكهنة والشمامسة والمكرسين والمكرسات، وجميع المؤمنين في كنيستكم، تقع على عاتقكم مسؤولية كبيرة. لقد حمل القديس غريغوريوس المنور نور المسيح إلى الشعب الأرمني، فكان أول من قبله في التاريخ. أنتم إذًا شهود، إن جاز التعبير، "أبكار" لهذا النور، أنتم فجر مدعو لكي يشع النبوءة المسيحية في عالم غالبًا ما يفضل ظلمات الكراهية والانقسام والعنف والانتقام. بالطبع – قد تقولون لي – إن كنيستنا ليست كبيرة من حيث العدد. ولكن لنتذكر أن الله يحب أن يصنع العظائم مع الصغار. وبهذا المعنى، من فضلكم، لا تهملوا الاهتمام بالصغار والفقراء، وأظهروا لهم مثال حياة إنجيلية، بعيدة عن بهاء الغنى وغطرسة السلطة؛ استقبلوا اللاجئين واعضدوا الذين هم في الشتات كأخوة وأخوات وأبناء وبنات.
وأضاف بابا الفاتيكان، أن أشارككم جانبًا آخر أعتبره أولوية: صلوا كثيرًا، كذلك من أجل الحفاظ على النظام الداخلي الذي يسمح لكم بأن تعملوا بانسجام، وميّزوا أولويات الإنجيل، تلك العزيزة على الرب. وكما يذكرنا مثل لاتيني قديم: "حافظ على النظام، والنظام سيحفظك". لذلك، لتكن سينودساتكم مُعَدَّة بشكل جيّد، ولتُدرس فيها المشاكل بعناية ويتمَّ تقييمها بحكمة؛ وليتمَّ تطبيق الحلول، دائمًا وفقط من أجل خير النفوس، ويتم التحقق منها بحكمة وتماسك وكفاءة، فتضمنوا الشفافية الكاملة، حتى في المجال الاقتصادي. كذلك يجب أن تكون القوانين معروفة ومطبقة ليس من أجل الشكلية، وإنما لأنها أدوات كنسيّة تسمح حتى للذين لا يملكون السلطة بأن يلجؤوا إلى الكنيسة بحقوق قانونيّة كاملة، وأن يتجنّبوا تعسُّف الأقوى.
وتابع البابا فرنسيس: أوكلكم فكرة أخرى تتعلق براعوية الدعوات. في عالم علماني، يحتاج الإكليريكيون والذين يتنشّؤون على الحياة الرهبانية، اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى أن يكونوا متجذرين في حياة مسيحية أصيلة، بعيدًا عن أي "علم نفس أميري". وكذلك، يحتاج الكهنة، ولاسيما الشباب، إلى قرب الرعاة، الذين يعززون الشركة الأخوية بينهم، لكي لا ييأسوا إزاء الصعوبات، ويكونون، يومًا بعد يوم، أكثر طاعة لإبداع الروح القدس، لكي يخدموا شعب الله بفرح المحبة، وليس بقساوة وتكرار البيروقراطيين العقيم. تحلّوا بالرجاء في كلِّ شيء: حتى وإن كان الحصاد كثيرًا والفعلة قليلون، لنتّكل على الرب الذي يصنع العجائب في الذين يثقون به.
وأضاف البابا فرنسيس: كيف لا يمكننا أخيرًا أن نذكر بالكلمات، ولا سيما بالصلاة، أرمينيا، وبشكل خاص جميع الذين يهربون من ناغورنو كاراباخ، والعديد من العائلات النازحة التي تبحث عن ملجأ، حروب كثيرة وآلام كثيرة. كان يجب على الحرب العالمية الأولى أن تكون الأخيرة وتشكّلت الدول في عصبة الأمم، "باكورة" الأمم المتحدة، معتقدة أن هذا الأمر سيكون كافيًا للحفاظ على عطيّة السلام. ولكن منذ ذلك الحين، كم من الصراعات والمذابح، المأساوية وغير المجدية. لقد توسلت مرات عديدة: "كفى!". لنردد جميعًا صدى صرخة السلام، لكي تلمس القلوب، حتى تلك التي لا تشعر بألم الفقراء والمتواضعين. ولنصلِّ بشكل خاص، أنا سأصلي من أجلكم ومن أجل أرمينيا. وأنتم، من فضلكم، أذكروني في صلواتكم!
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أشكركم على حضوركم وعلى خدمتكم. وقبل أن أمنحكم البركة، أود أن أتلو صلاة، أدعوكم لكي تتحدوا بها معي، للقديس نرسيس الكبير، في انتظار أن نتمكن من أن نحتفل به، إن شاء الله، مع إخوة الكنيسة الأرمنية الرسولية: "أيها الرب الرحيم: ارحم جميع الذين يؤمنون بك، من الأقرباء والغرباء، من المعروفين والمجهولين، من الأحياء والأموات: امنح أيضًا أعدائي المغفرة على الشرور التي صنعوها لي، ردّهم من الظلم الذي يلحقونه بي، لكي يكونوا هم أيضًا مستحقين لرحمتك. وارحم خلائقك وارحمني أنا الخاطئ العظيم".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الارمن الأسقفية البابا فرنسيس البطريركية الأرمنية الكاثوليكية البابا فرنسیس من أجل جمیع ا
إقرأ أيضاً:
الغارديان: قادة الغرب الذين دعموا المذبحة لا يمكنهم صنع سلام لفلسطين
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا للصحفية نسرين مالك، رأت فيه أن قادة الغرب المشاركين في قمة شرم الشيخ هم أنفسهم من "مكّنوا ورعوا المذبحة في غزة"، ولهذا بحسب قولها لا يمكنهم بناء مستقبل فلسطيني حقيقي".
وقالت مالك في مقالها إن شرم الشيخ استضافت أبرز تجمع لقادة العالم في الشرق الأوسط منذ سنوات، حيث يشارك في القمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، وآخرون، تحت شعار "إنهاء الحرب في قطاع غزة وتعزيز جهود السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وبدء عهد جديد من الأمن الإقليمي".
ورأت الكاتبة أن "هذه اللغة تنذر بمستقبل خالٍ من المحاسبة أو معالجة الأسباب الجذرية للصراع"، معتبرة أن الهدنة، إن صمدت، ستؤدي إلى "تطبيع نتائج المذبحة"، بينما يستمر الاحتلال الإسرائيلي بلا مساءلة، ويُطوى فصل آخر من انتهاكات إسرائيل سرا، ليس فقط ضد الفلسطينيين بل ضد مَن دعموها أيضا.
وأضافت مالك أن تعبيرا عربيا يتبادر إلى الذهن في هذا السياق هو "حاميها حراميها"، في إشارة إلى أن الدول التي سلحت إسرائيل هي ذاتها التي تبحث الآن عن طريق لتحقيق السلام في غزة.
وتابعت أن الصور القادمة من القطاع تكشف دمارا غير مسبوق، حيث يعود السكان إلى منازلهم ليجدوا "أرضا قاحلة سوتها القنابل والجرافات بالأرض"، مؤكدة أن حتى ضوء الشمس في الصور يبدو "خارقا للطبيعة" لأن المباني التي كانت تخلق الظلال اختفت تماما. وأشارت إلى أن الناجين يعودون ليقيموا خياما جديدة بانتظار المساعدات، لكن هذه المرة "بخطر أقل للتعرض للقصف أثناء النوم".
وتساءلت الكاتبة عن مصير الحياة بعد الموت في غزة، وعن الأطفال الأيتام والمشوهين الذين فقدوا أسرهم، موضحة أن "الدمار لم يطل البنية التحتية فقط، بل محا أيضا النسيج الاجتماعي، إذ أُبيدت عائلات كاملة على مدى أجيال". ونقلت عن أحد سكان غزة قوله عن شقيقه الذي فقد عائلته في غارة واحدة: "يتجول باستمرار حول الأنقاض التي ماتوا فيها".
وقالت إن أعداد القتلى مرشحة للارتفاع مع استمرار انتشال الجثث من تحت الأنقاض، مشيرة إلى أن "ما لا يقل عن 10 بالمئة من سكان غزة قُتلوا أو جُرحوا، وهو تقدير متحفظ".
وأضافت أن تجاهل هذه الحقائق والتعامل معها كتكاليف للحرب "يشكل جريمة أخلاقية وسياسية"، مشددة على أن "الهجوم يجب أن يتوقف، لكن الأهم هو معالجة الظروف التي سمحت بوقوعه واستمراره".
وأكدت مالك أن حجم الدمار يجعل من الصعب التركيز على أي شيء سوى وقف القتل، "لكن هذا التركيز ذاته يحمل في طياته خطر التبرئة"، مشيرة إلى أن ترامب "يستعد للاحتفال بنصره في صنع السلام"، رغم أنه ساهم في تمكين ما حدث، فيما أشاد جاريد كوشنر بـ"سلوك إسرائيل"، قائلا: "بدلا من تكرار همجية العدو، اخترتم أن تكونوا استثنائيين".
وأضافت أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أثنى على ترامب لدوره في تأمين الصفقة، بينما ركز على السماح بإدخال المساعدات الإنسانية، وذكرت أن مكتب رئيس الوزراء أعلن أنه سيشيد "بشكل خاص" بالرئيس الأمريكي في قمة شرم الشيخ.
وعلقت قائلة: "هكذا أصبح لدينا جريمة بلا مجرمين، وإبادة جماعية بلا مرتكبي إبادة جماعية، وشعب بائس يُقال إن حماس هي من أذلته، ويُتعامل معه الآن كمن يحتاج إلى الإطعام والرعاية بينما يُمحى من جديد تاريخه وهويته".
وأوضحت مالك أن هذه التبرئة ستكون هذه المرة أكثر إلحاحا، لأن مسؤولية الدول التي سلحت إسرائيل وقمعت الاحتجاجات ضدها "باتت أوضح من أي وقت مضى"، مشيرة إلى أن تلك الدول "ستسارع إلى شرم الشيخ لتبرئة نفسها"، لأنها زودت إسرائيل بالسلاح، ورفضت الالتزام بأحكام المحكمة الجنائية الدولية حين أصدرت مذكرة توقيف بحق بنيامين نتنياهو.
وقالت الكاتبة إن "الحديث عن السلام في غزة" تحول إلى فرصة للنسيان، ومحاولة لمحو مرحلة من الوعي الجماعي التي كشفت تواطؤ بعض الحكومات الغربية في تدمير غزة، مضيفة أن ما حدث "لن يُنسى بسهولة"، وأن "المستقبل الآمن لسكان غزة لا يمكن أن يصنعه من تلطخت أيديهم بدمائهم".
واختتمت مقالها بالتأكيد على أن وقف القتل لا يعني نهاية المأساة، مشيرة إلى أن الفلسطينيين سيظلون يواجهون القتل ومصادرة الأراضي والاعتقال دون محاكمة عادلة، وأن "ما تعلمه العالم خلال العامين الماضيين لا يمكن تجاهله".
وقالت نسرين مالك في ختام مقالها في "الغارديان": "لقد تخلى مرتكبو هذا الدمار منذ زمن طويل عن أي ولاية على الشعب الذي ساعدوا في قتله وتحطيمه"، مضيفة أن ما يُكشف الآن من أعداد القتلى والدمار في غزة يجعل إنكار الحقيقة مستحيلا، وختمت بعبارة مستوحاة من قصيدة "جيرونشين" للشاعر تي. إس. إليوت: "بعد هذه المعرفة، أي غفران؟".