اليوم التالي لقمة الويب بقطر.. كيف خانني الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
انتهت قمة الويب التي انعقدت في العاصمة القطرية الدوحة، مخلفة وراءها العديد من النجاحات سواء للشركات أو الجهات الحكومية أو حتى القطاع الخاص والأفراد. فالجميع كان رابحا في هذه القمة إلا الذكاء الاصطناعي.
كنت قبل القمة متفائلا كثيرا بأن التكنولوجيا الخاصة بالذكاء الاصطناعي قادرة في الوقت الحالي على مساعدتي كمحرر شؤون تقنية في موقع مثل الجزيرة في تغطية القمة بشكل جيد، وأنه يمكنني اختصار الوقت والجهد وحتى الموارد باستخدام هذه التكنولوجيا في إعداد وتنظيم وحتى المساعدة في إنتاج المحتوى.
وقد تجهزت بشكل كامل قبل القمة، ولا أعني بالتجهيز أنني قمت بالاشتراك في شات جي بي تي المدفوع، بل أعني أنني وضعت خطة كاملة للاعتماد بشكل كبير على مساعدة الذكاء الاصطناعي في العديد من المهام التي تتطلب جهدا ووقتا للقيام بها؛ خطة شملت أدوات ذكاء اصطناعي وربطٍ بين أدوات مختلفة ومنهجية خاصة في التحرير والبحث.
ومن تفاؤلي بدأت بوضع حتى اسم تقريري لليوم التالي بعد قمة الويب، والذي كان مختلفا تماما عن عنوان هذا التقرير. ولكن للأسف عند الامتحان الحقيقي سقطت كل الأوهام، وظهرت الحقيقة المرة التي رأيت أنه يجب توثيقها في تقرير حتى لا يقع أحد في وهم أن هذه الأدوات يمكنها أن تساعد المحرر في العمل في بيئة ضغط كالمؤتمرات والتغطية الميدانية.
التحضير لخطة التغطيةلم يكن التخطيط لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تغطية مؤتمر الويب عشوائيا، فقد كنت حريصا على التخطيط بشكل مفصل لهذه التجربة التي كنت أعلم أنها مجرد تجربة قد تنجح أو تفشل، ولكن النتائج كانت سيئة بدرجة كبيرة.
فقد وضعت ثلاثة أهداف رئيسية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مساعدتي لتغطية هذه القمة وهي:
تغطية أكبر عدد من الجلسات في القمة. المساعدة في التحضير للمقابلات المجدولة مع الضيوف في القمة. المساعدة في فلترة المواد وتصنيفها بحسب المنصات التي سوف تنشر عليها (الموقع ومنصات التواصل).لم يكن أبدا من ضمن الأهداف الطلب من الذكاء الاصطناعي عمل مواد كاملة عن الجلسات، وأنصح الجميع بعدم إنتاج محتوى كامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ومع أنه مهم جدا فإن الرادع لعدم القيام بذلك ليس الجانب الأخلاقي فحسب، بل الجانب التقني والنتائج المترتبة عليه. فبحسب الإحصاءات وُجد أن أفضل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية لا تستطيع كتابة مقال جيد يشجع الجمهور على التفاعل.
يقول خبير التسويق الرقمي نيل باتيل إن أكثر من 70% من المقالات التي تُنتجها هذه الأنظمة حصلت على أقل نسبة تفاعل مقابل أكبر عدد من المشاهدات.
لذلك لم أضيع الوقت بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى كامل.
في الخطة التي وضعتها كان عدد الجلسات التي قررت تغطيتها بمساعدة الذكاء الاصطناعي في اليوم هو خمس جلسات، ليكون مجموعها 15 جلسة في الأيام الثلاثة التي للمؤتمر.
ومع أن المعدل الطبيعي للمراسل هو من جلستين إلى ثلاث، فقد كان الرقم الذي وضعته تحديا كبيرا، فلا يمكن للمراسل العادي أن يدخل هذه الجلسات ويخرج ليكتب عن خمس مواضيع مختلفة وينشرها في اليوم نفسه.
وللقيام بذلك اعتمدت على منهجية معينة وأدوات سبق أن استخدمتها في عمليات مشابهة، وتمثلت المنهجية بالخطوات التالية:
قمت بداية بربط برنامج شات جي بي تي بملف إكسل مقسم إلى ثلاث بوابات هي: المادة الكاملة، جدول تصنيف داخل المادة، مواد لمنصات التواصل الاجتماعي. "المادة الكاملة" كانت مادة الجلسة المسموعة محولة لنص عن طريق تطبيق تسجيل الصوت على الهاتف الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحويل المادة المسموعة لنص مكتوب. وضعت أمرا في شات جي بي تي أن المواد التي تفرغ كنصوص تُترجم بشكل فوري للعربية إذا كان النص باللغة الإنجليزية، وبهذه الطريقة أضمن أن كل نصوص المواد باللغة العربية. بعد ذلك يقوم أمر آخر بتمرير هذه المواد للمرحلة الثانية من العمل وهو تصنيف محتوى المادة، فقد وضعت أمرا في شات جي بي تي لينشئ جدولا يعمل على قراءة المادة المفرغة وفلترتها لعدة أقسام هي:الحقائق: حيث يضع الجمل التي تعتبر حقائق في المادة أو أرقاما في عمود خاص.
المعلومات: ويضع الجمل التي تحتوى على معلومات في عامود آخر في الجدول.
الأسلوب: ويضع الجمل التي فيها أسلوب للمتحدث أو تشبيه أو تعليم في عامود ثالث في الجدول.
متفرقات: بقية الجمل التي ليس لها علاقة بالموضوع كأن يكون كلاما غير مفهوم أو تعليقا أو أسئلة لمتحدثين.
أما المرحلة الثالثة فقد كتبت أمرا يقوم بأخذ عمودَي المعلومات والحقائق في المرحلة الثانية ويحولهما إلى مواد تصلح للنشر على منصات التواصل.
كان الهدف من هذه المنهجية أن تساعدني في تسجيل الجلسة وتفريغ محتواها لعدة أقسام وبعد ذلك إنشاء قوالب معينة يمكن تصنيف المحتوى على أساسها.
وكانت آلية العمل على النحو التالي:
تسجل الجلسة الأولى من تطبيق التسجيل الصوتي وتحويله إلى نص، وتفريغ النص في الجدول بواسطة أوامر شات جي بي تي، وبعد ذلك ملء الأعمدة بالمحتوى الملائم بحسب التصنيف بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومن ثم أخد ما يصلح من عامودي الحقائق والمعلومات وإنتاج منشورات متناسبة مع منصات التواصل لإرسالها لفريق منصات التواصل. في الجلسة الثانية وبينما يقوم تطبيق التسجيل الصوتي بتسجيل الجلسة الثانية، أعمل على كتابة تقرير بمادة الجلسة الأولى ورفعه على النظام، وذلك بعد قراءة المحتوى المفرغ والمصنف، وهكذا في كل جلسة.طبعا كنت أعرف أن هناك مشاكل في تقدير الوقت المناسب والقدرة على العمل في وقت الجلسة، أو حتى القدرة على الدخول للجلسة المقررة في الوقت المناسب. كل هذه الأمور اللوجستية وضعتها بعين الاعتبار ولم أكن أحاول تحطيم رقم قياسي بقدر ما كنت أريد إثبات أن النظام يعمل بشكل جيد حتى ولو كانت النتيجة هي عمل ثلاث مواد فقط أو أقل.
يوم المؤتمر تُكرم التكنولوجيا أو تهاننعم وضعت كل شيء في الاعتبار، وجربت النظام قبل المؤتمر في مادة قصيرة، وقد نجح لحد كبير في عمل 80% من المطلوب. قمت بتعديلات على المادة ولكن المفاجأة كانت عند بداية المؤتمر.
في البداية قام التطبيق الذي استخدمته مرات عدة لتحويل الصوت إلى نص؛ بتسجيل الجلسة كاملة وكانت أقل من 45 دقيقة، ولكن عند محاولة تحويل الجلسة إلى نص لم يحول التطبيق سوى أول 20 دقيقة، مع أن التسجيل الصوتي كان كاملا.
هذا أدى إلى أن اقوم بتجربة عدة تطبيقات تقوم بتحويل الصوت إلى نص (سأذكرها لاحقا)، وفي النهاية استطاع موقع ككاتو تفريغ المحتوى الصوتي وتحويله إلى نص.
والآن جاءت الخطوة الثانية وهي تفريغ المحتوى النصي في الجدول، وهنا ظهرت بعض المشاكل الخاصة بالتصنيف، فالمادة طويلة، وكان التصنيف دقيقا، لهذا كان هناك عدد من المعلومات لم تصنف من المادة الأصلية واضطررتُ لقراءة المادة الأصلية لمعرفة ما هي، وفي بعض الأحيان كان هناك معلومة ناقصة لم تُرحّل لعامود المعلومات.
الخطوة التي تمكن الذكاء الاصطناعي من تنفيذها بشكل جيد هو تحويل المعلومات والحقائق التي استطاع ترحيلها من النص الأصلي إلى مواد يمكن نشرها على منصات التواصل.
كما استطاع الذكاء الاصطناعي مساعدتي في الإعداد للقاءات بشكل جيد جدا، فقد كنت أطلب ملخصا عن الشخص وخبراته، وأطلب تحضير أسئلة من عدة محاور. وتمكن شات جي بي تي من إنجاز هذه المهمة بشكل جيد جدا وبسهولة، ولا أعتقد أن المعدين للقاءات يحتاجون لأكثر من هذا التطبيق.
الأدوات والتطبيقات التي استخدمتها تسجيل الصوت وتحويله لنص (قمت بتجربة عدة تطبيقات ومواقع منها)تطبيق ريكوردر برو
تطبيق فييد. آي أو
موقع ككاتو شات جي بي تي ربط ملفات إكسل بتطبيق شات جي بي تي
تجربة ممتعة رغم النتائج
بعد انتهاء المؤتمر ومعرفتي بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لحد الآن قاصرة عن التعامل مع الضغط والمساعدة عندما يكون لديك مواد طويلة، وأن تحليلها وتصنيفها بشكل دقيق ليس أمرا سهلا، إلا أن التجربة كانت مفيدة في معرفة حدود الذكاء الاصطناعي.
ربما في هذه النسخة من قمة الويب 2024 لم يحالف الحظ الذكاء الاصطناعي كي يهزم الإنسان في تغطية فعاليات القمة بشكل جيد، ولكن المأمول أن نسخة 2028 التي ستكون في الدوحة أيضا؛ سيساهم الذكاء الاصطناعي بدور كبير ومهم في تغطية الفعاليات بشكل متميز.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی التسجیل الصوتی منصات التواصل شات جی بی تی المساعدة فی الجمل التی فی الجدول بشکل جید فی تغطیة إلى نص التی ت
إقرأ أيضاً:
OpenAI تستعد لإطلاق منافس TikTok يعتمد كليًا على الذكاء الاصطناعي
تستعد شركة OpenAI لدخول عالم التواصل الاجتماعي من أوسع أبوابه، بخطوة طموحة قد تُحدث تحولًا في مفهوم صناعة المحتوى المرئي، إذ تعمل الشركة على تطوير تطبيق جديد يشبه إلى حد كبير منصة TikTok، لكنه يعتمد بشكل كامل على الذكاء الاصطناعي في إنشاء الفيديوهات، دون أي محتوى بشري تقليدي.
وبحسب تقرير نشرته مجلة Wired، فإن التطبيق الجديد، الذي سيعمل بنظام الفيديو المرتقب Sora 2، يُقدّم تجربة مشابهة لتطبيق TikTok من حيث تصميم الواجهة وطريقة العرض العمودية وآلية التصفح بالتمرير السريع. لكن المفاجأة الكبرى هي أن جميع المقاطع داخل التطبيق ستكون مُنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي، دون السماح للمستخدمين برفع صور أو فيديوهات من ألبوم الكاميرا الخاص بهم.
ويهدف تطبيق Sora 2 إلى منح المستخدمين القدرة على توليد مقاطع فيديو قصيرة لا تتجاوز 10 ثوانٍ، باستخدام أوامر نصية أو عناصر بصرية بسيطة. وحتى الآن، لم يتضح بعد ما إذا كان هناك إصدار آخر من النظام يتيح إنشاء مقاطع أطول خارج التطبيق. للمقارنة، يسمح TikTok اليوم بتحميل فيديوهات تصل مدتها إلى 10 دقائق، بعد أن بدأ بحد زمني لا يتجاوز 15 ثانية فقط.
ووفقًا للمعلومات التي كشفتها Wired، سيحتوي التطبيق الجديد أيضًا على ميزة التحقق من الهوية، وهي خاصية تتيح للمستخدم، في حال تفعيلها، استخدام صورته الشخصية لإنشاء مقاطع فيديو واقعية بوجهه داخل التطبيق. وفي المقابل، سيتمكن المستخدمون الآخرون من وسم هذه الحسابات أو إعادة استخدام صورهم عند إعادة مزج مقاطع الفيديو المنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ولتفادي إساءة الاستخدام، وضعت OpenAI نظام إشعارات ذكي يُبلغ المستخدم كلما استُخدمت صورته في مقطع آخر، حتى لو لم يُنشر الفيديو في الخلاصة العامة. هذا الإجراء يعكس محاولة الشركة وضع ضوابط أخلاقية وتقنية تحمي المستخدمين من الانتحال أو الاستخدام غير المصرّح به للصور، وهي خطوة ضرورية وسط الجدل المتنامي حول حقوق الصورة في عصر الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن التطبيق سيستند إلى نظام توليد المحتوى الخاص بـ Sora 2، إلا أن Wired أشارت إلى أن OpenAI ستفرض قيودًا صارمة على نوعية المقاطع المسموح بإنشائها، خصوصًا تلك التي قد تنتهك حقوق النشر. ومع ذلك، لا يزال الغموض يحيط بمدى فعالية هذه القيود، خاصة مع ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال بأن OpenAI تعتزم مطالبة أصحاب الحقوق بإرسال طلبات مباشرة لحذف أو منع ظهور محتواهم ضمن المقاطع المولدة عبر التطبيق.
أما عن الدافع وراء دخول OpenAI إلى مجال التواصل الاجتماعي، فتُرجّح Wired أن الشركة وجدت فرصة استراتيجية في ظل حالة عدم الاستقرار التي يعيشها TikTok في الولايات المتحدة، بعد سلسلة من القرارات التي أصدرها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لفرض سيطرة أمريكية على عمليات شركة ByteDance المالكة للتطبيق. وترى OpenAI أن هذا الوقت مثالي لتقديم بديل جديد يستفيد من فراغ السوق المحتمل.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن OpenAI تسعى إلى توسيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وجعلها أكثر اندماجًا في الحياة اليومية للمستخدمين. فمن خلال إضافة مكون اجتماعي إلى Sora، قد تنجح الشركة في بناء مجتمع رقمي جديد حول الذكاء الاصطناعي، يُشجع المستخدمين على البقاء داخل النظام البيئي الخاص بها بدلًا من تجربة نماذج منافسة مثل Runway أو Pika Labs.
ويرى مراقبون أن خطوة OpenAI تمثل بداية موجة جديدة من التطبيقات التي تمزج بين الذكاء الاصطناعي ومفاهيم الترفيه التفاعلي، لتخلق عالمًا جديدًا من المحتوى لا يُصنع بأيدٍ بشرية بل بخوارزميات توليدية قادرة على إنتاج صور ومشاهد وأصوات واقعية بدقة مذهلة.
ورغم الحماس المحيط بالمشروع، فإن التطبيق يثير أيضًا أسئلة مهمة حول مستقبل الإبداع البشري، وحدود استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى المرئي، ومدى قدرة الشركات على ضبط حقوق الملكية الفكرية في فضاء تزداد فيه سرعة توليد المحتوى يوماً بعد يوم.
بهذه الخطوة، يبدو أن OpenAI لا تكتفي بتغيير طريقة إنتاج الفيديوهات، بل تسعى لإعادة تعريف معنى التواصل الاجتماعي نفسه، في عالم تتحول فيه الخوارزميات إلى صُنّاع المحتوى الجدد.