لجريدة عمان:
2024-06-16@08:58:21 GMT

لا يمكن استبعاد حركة حماس

تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT

هل يمكن إلغاء حركة حماس وإبعادها من أيّ تسوية قادمة، بعد الحرب الإسرائيلية على غزة؟ التوجه الإسرائيلي والأمريكي وبعض الدول العربية ينحو إلى هذا الاتجاه، مع كثرة الحديث عن مستقبل غزة بعد الحرب مباشرة، حيث انتشر في وسائل الإعلام خاصةً الغربية مصطلح «اليوم الأول بعد الحرب». لا يمكن إلغاء حماس وتجاهلها؛ لأنها مكوِّن أساسيّ من مكوّنات الشعب الفلسطيني، وكم كان معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية مُحقًا عندما قال في حواره مع شبكة «سي إن إن»: «إنّ حركة حماس يجب أن تكون جزءًا من أيِّ حلّ للقضية الفلسطينية، وأنه من الخطأ استبعادها»؛ وما قاله معاليه هو الذي يجب أن يكون موقف الدول العربية كلها، بما في ذلك موقف السلطة الفلسطينية.

لا غرابة أن يكون الموقف الأمريكي متسقًا مع الموقف الإسرائيلي بإبعاد الحركة من النظام السياسي القادم بعد «اليوم الأول من الحرب»، فماثيو ميلر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أعلن في تصريحات جديدة يوم الثلاثاء 26 من مارس 2024، بأنّ «حركة حماس ليس لها مكان في النظام السياسي المستقبلي في فلسطين»، ووصفها بأنها «منظمة وحشية ارتكبت هجمات إرهابية قبل وقت طويل من 7 أكتوبر، ثم نفّذت بالطبع الهجمات الشنيعة في 7 أكتوبر، لذلك ليس لديهم الحق في المشاركة السياسية». وفي اليوم نفسه ومن واشنطن صرح يوآف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلي «أنه يجب إيجاد بديل محلي ليحكم غزة بعد هزيمة حماس»، ما يعني أنّ الكيان الإسرائيلي يريد أن يفرض من يحكم غزة.

إذا كان الموقف الأمريكي معروفًا والذي عبّر عنه ماثيو ميلر، وما عبّر عنه أيضًا وزير الدفاع الإسرائيلي، إلا أنه من عجائب الأمور أن نقرأ تصريحات من مسؤولين عرب تصف حماس بأنها إرهابية، والأعجب أن تخرج تصريحات كهذه من بعض القيادات الفلسطينية، تتمتع بعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مثل تصريحات أحمد مجدلاني، وزير الشؤون الاجتماعية في السلطة الفلسطينية، لقناة «الحدث» السعودية قبل فترة، التي قال فيها: «حماس منظمة إرهابية بشكلها الحالي وبرنامجها الحالي وخطابها السياسي الحالي»، وأشار إلى أنها قد تكون جزءًا من الحل في حال تخلت عن المقاومة المسلحة.

أشعلت هذه التصريحات -حينها- موجة غضب عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي فور صدورها، وقد سبقت التراشق الأخير بين فتح وحماس، لكنها لم تكن الأولى؛ ففي تصريحات سابقة نقلت مجلة «نيوزويك» الأمريكية عن مجدلاني، قوله: «إنّ السلطة الفلسطينية مستعدة لاستعادة السيطرة الكاملة على قطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، كما أنها مستعدة لإجراء أول انتخابات وطنية لها منذ عام 2006 كجزء من اتفاق سلام طويل الأمد أوسع نطاقًا»، ما يعني أنّ الكيان الصهيوني يشن الحرب ضد غزة لصالح السلطة، وهذا ما يمكن أن أفهمه أنا (بفهمي البسيط)، بعيدًا عن أيّ تنظير لكلامه، فهو القائل أيضًا: «إنّ السلطة الفلسطينية يمكن أن تبدأ حكم غزة بمجرد انتهاء الصراع الحالي، ويمكن أن تجري انتخابات بعد «فترة انتقالية» من عام إلى عامين».

وأمام وصف الحركة بأنها إرهابية ما كان من حماس إلا أن تصف هذه التصريحات بأنّها «غير وطنية، وتمثل خروجًا عن الإجماع الوطني، وهي صك مجاني لخدمة الاحتلال وأجندته الهادفة لضرب الوحدة الوطنية وصمود الشعب الفلسطيني؛ الذي يواجه حرب الإبادة والتنكيل في غزة والضفة». ونحن إزاء هذا التراشق نتساءل هل تمثّل تلك التصريحات الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية؟ وهل هذا هو الوقت المناسب لإطلاق تصريحات كهذه، وغزةُ تواجه حرب إبادة؟ ثم السؤال الأهم، لماذا الآن؟ والواضحُ أنّ هذه التصريحات هي نسخة طبق الأصل لتوجهات نتنياهو وبن غفير وغيرهما، فلا فرق بتاتًا.

من يقرأ التعليقات على تصريحات مجدلاني في مواقع التواصل والمواقع الإخبارية، لا يخرج إلا بانطباع واحد هو أنّ هناك أزمة شرعية الآن، وأنّ الجيل الفلسطيني الجديد يبحث عمن يمثله، وأنّ شيطنة حماس لا تنطلي عليهم.

إنّ ما يجري في غزة، وما تتعرض له حركة حماس من حرب شرسة من القريب قبل البعيد، جعلت الكاتب والباحث محمود عبد الهادي يبكي دما، في مقال كتبه تحت عنوان «لك الله يا حماس» في موقع «الجزيرة - نت» إذ يقول متحسرًا: «لك الله يا حماس؛ فقد انقطعت بك السبل، وتكالبت عليك الضباع من كلّ حدب وصوب، وقد وضع المتخاذلون أيديهم في أفواههم، لا يجرؤون أن يمدّوها إليك، ولا أن يقفوا إلى صفك، بل لا يجرؤون على التفوّه باسمك إلا مقرونًا بالإرهاب والتطرف والظلامية واللاشرعية والخروج على الإجماع العربي والتوجه الدولي. كيف لا وأنتِ مدرجةٌ في شريعتهم وقوانينهم على قوائم الإرهاب، ولطالما التف واحتال وتآمر قاتلوك للقضاء عليك والتخلّص منك». وتساءل: «أليسوا قومك؟ بلى، أليسوا بني جلدتك؟ بلى، أليسوا بني قبلتك؟ بلى، ولكنهم تفرقوا، واختلفوا، وتحالفوا مع شياطين الأرض حفاظًا على مقاعدهم وتيجانهم».

ستبقى حركة حماس مكونًا رئيسيًّا من مكوّنات الحركة الوطنية الفلسطينية، وهي حركة تحرر وطني تقوم بواجباتها ومسؤولياتها الوطنية في مواجهة الاحتلال، وتتصدى لإرهابه وإجرامه وحربه العدوانية، وتمارس الحقّ المشروع في الدفاع عن النفس، رغم الخسائر في الأرواح، لكن لن يكون هناك أيُّ نصر دون تضحيات، وفي اعتقادي أنها برجالها، أشعلت شعلة الكفاح والنضال والمقاومة والحرية من جديد، وغيّرت الواقع بأن فتحت أبواب المستقبل بتعريتها مواقف بعض الدول العربية والمتخاذلين من الفلسطينيين والعرب، وكما قال صديقي علي بن مسعود المعشني في إحدى لقاءاته: «خذوا قاعدة.. من يخذل المقاومة اليوم سيخذل وطنه غدًا»، والله إنها لحكمة، فمن يقدمون أوراق اعتمادهم لقيادة المرحلة الفلسطينية المقبلة على حساب غزة وأهلها ولا أقول على حساب حماس، سيخذلون فلسطين كلها. ولولا المقاومة لنسي العالم اسم فلسطين، وهل يستوي الذين يقاومون والذين لا يقاومون؟! ولو فرضنا أنّ حركة حماس هُزمت، فهل يعني هذا نهاية المقاومة؟ لا. فالمقاومةُ الفلسطينية ستستمر، وهي ظاهرة تعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وبناء دولته الوطنية.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلّف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة حرکة حماس

إقرأ أيضاً:

بعد ردها على مقترح الهدنة.. انتقاد نادر لحماس من داخل غزة

ينتقد بعض سكان قطاع غزة رد حركة حماس على مقترح اتفاق هدنة لوقف الحرب المستمرة مع إسرائيل منذ أكثر من ثمانية أشهر، وما تضمنه من تعديلات، ويدعونها إلى إنهاء الحرب ووقف معاناتهم.

ويقول أحد السكان أبو إياد "هذا استهزاء بنا وبوجعنا وبالدمار الذي تعرضت له حياتنا".

ويرى أبو إياد أن قادة حماس يتمسكون بالسلطة إذ يقول "يعز عليهم ترك الكرسي ... أنتم كقادة في الخارج نائمون براحة، تأكلون وتشربون كيفما تريدون ... لا يهمكم شيء هنا".

ويسأل الرجل الخمسيني قادة حماس "هل جربتم أن تعيشوا يوما حياتنا الحالية؟".

أما أم علاء (67 عاما) فترى أن قيادة حماس غير معنية بإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإلا لكانت "وافقت وقبلت بالورقة بدون تردد".

وتقول "حماس ساقت الشعب إلى حرب إبادة لم نكن نتخيل أن نعيش فصولها أبدا".

الغضب يتصاعد.. أصوات في غزة تهاجم حماس والسنوار مع اقتراب الحرب المدمرة في غزة من بلوغ شهرها السابع، لا تزال مسألة شعبية حركة حماس التي تسيطر على القطاع الفلسطيني منذ عام 2007 موضع شك.

وبحسب أم علاء فإن هذه المماطلة من قبل الحركة الإسلامية تعني في النهاية "التنازل أكثر".

اندلعت الحرب في 7 أكتوبر بعد شن حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية خلف 1194 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى معطيات إسرائيلية رسمية.

خلال هذا الهجوم احتُجز 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37232 شخصا في غزة معظمهم مدنيون وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

وتخوض كل من قطر ومصر والولايات المتحدة منذ أشهر وساطة في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس حول تفاصيل اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن.

وفي نوفمبر، توصل الطرفان لاتفاق تهدئة استمر لأسبوع تم خلاله إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة.

ويتبادل الطرفان اللوم في أعقاب الرد الذي قدمته حماس، الأربعاء، فيما تعهد الوسطاء بسد الفجوات بين الجانبين.

وشددت حماس في ردها على شرط الإنهاء الكامل للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وعودة النازحين بدون شروط.

كيف علقت واشنطن على رد حماس بخصوص مقترح وقف إطلاق النار؟ قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، إن حركة حماس اقترحت "عدة تغييرات" في ردها على مقترح وقف إطلاق النار وإن بعضها غير قابل للتنفيذ، لكنه أصر على أن واشنطن والوسطاء سيمضون قدما في سد الفجوات بين حماس وإسرائيل.


ويتساءل أبو شاكر (35 عاما) "هي (حماس) لا ترى أننا تعبنا ومتنا ودمرنا ومآسينا لا تعد ولا تحصى. ماذا تنتظر؟ ما الذي تراهن عليه؟".

ويضيف "يجب أن تنتهي الحرب بأي ثمن، لا نستطيع التحمل أكثر".

أجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية استطلاعا للرأي شمل 1570 شخصا منهم 760 شخصا من الضفة الغربية المحتلة مقابل 750 شخصا في قطاع غزة.

وأظهر الاستطلاع أن حماس هي القوة السياسية الأكثر شعبية إذ اختارها 40 في المئة من المستطلعة آراؤهم، تليها حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بنسبة 20 في المئة فقط.

وبحسب الاستطلاع، فإن 57 في المئة من المستطلعة آراؤهم يؤيدون قرار حماس شن الهجوم وهذه النسبة تمثل تراجعا مقارنة بالاستطلاع الذي أجري قبل ثلاثة أشهر وبلغت فيه نسبة المؤيدين لشن الهجوم 71 في المئة.

وكانت حركة حماس أعلنت، مطلع مايو، قبولها باتفاق لوقف إطلاق النار وهو قرار أدخل السرور إلى قلوب سكان قطاع غزة الذين خرجوا للاحتفال.

وبحسب الاستطلاع، فإن ثلثي المستطلعين أيدوا قرار حماس حينها وتوقعوا وقفا لإطلاق النار في غضون أيام.

ويبدو هذا ما تطمح إليه أم شادي أيضا التي تدعو حركة حماس إلى إنهاء الحرب وتقول "يجب أن تنهي (حماس) الحرب فورا من دون سعيها الى السيطرة وحكم غزة بعد الحرب".

وتتساءل بدورها "ماذا استفدنا من هذه الحرب سوى القتل والدمار والإبادة والتجويع؟ كلما ازداد عمر الحرب ازدادت أوجاعنا وأوجاع الناس".

مقالات مشابهة

  • غارات صهيونية على قطاع غزة مع استمرار فشل محادثات الهدنة.. بايدن يتهم حماس بأنها العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.. والاحتلال يستولى على أموال السلطة الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال قتل أسيرين إسرائيليين في قصف جوي على رفح
  • حركة فتح: الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يخضع أمام الاحتلال ولا أمام السياسات العدوانية
  • الإفراج عن عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية.. ضغط أميركي وتجاهل إسرائيلي
  • الخارجية الأمريكية: لم نر حتى الآن عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في مدينة رفح الفلسطينية
  • بعد ردها على مقترح الهدنة.. انتقاد نادر لحماس من داخل غزة
  • كيف رأى سكان في غزة رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار؟
  • معهد إسرائيلي: لا يمكن استبعاد سيناريو جر تل أبيب وحزب الله إلى حرب واسعة
  • وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي يخصم 35 مليون دولار من أموال ضرائب السلطة الفلسطينية
  • حصار مالي وإطلاق يد المستوطنين.. إسرائيل تضيق الخناق على السلطة الفلسطينية