د. عدنان بن زايد الفهمي
كانَ الشيخُ عبد الوهَّاب محمد صالح شيخ -رحمه الله- نموذجًا وطرازًا فريدًا من رجَال العَمَل الخيري بهذا البلد المعطَاء، وقد عرفتُه -رحمه الله- لأكثر من عشرين عامًا؛ سخيًّا جوادًا كريم اليدِ نديَّ الروحِ، قريبا من أهل الحَاجة والعَوزِ، سباقًا لمشاريع النَّفع العَام الخَيري.
وأكثر ما لَفَت نظري في هذه السِّيرة العَطرة المعطَاءة، ذلك الفِقه الحاضر والبصيرة الرَّصينة في التَّعاطي مع قَضَايا العَمَل الخيري والتَّطوعي؛ فقد كان حريصًا على التنوُّع والشُّمول في البذل في وجو البر والإحسان، ولا أُبالغ عندما أقول: إني لا أعرفُ عملَ خير ومصرف إحسان إلا وللشيخ عبد الوهاب -رحمه الله- يدٌ ضاربةٌ بأوفر سهمٍ ونصيب، فلم يثنهِ الاهتمامُ بالأوقَاف الدَّائمة وجمعيات البر العامَّة عن أن يَفتح بابه ويُرخي يدَه للحاجات الخاصَّة من أهل العَوَز أو المرَض أو المَدينين.
وكان من حُسن فقهه -رحمه الله- في عَمَل الخير، ترتيبُ الأولويات وتقديمُ مصارف البر المتعدِّية، والتي يعمَّ نفعُها ويعظم وقعُها ويطيب أثرُها؛ مِن الإسهام في بناء المسَاجد وعمارتها، والصَّرف على مَغَاسل الموتى الخيريَّة وإكرام مَن أفضَوا إلى رحمة الله، ووضع السِّقايات ودعم جمعيات البِّر المنتشرة في هذه البلاد المباركة.
وقد ألفيتُه -رحمه الله- على مُستوى العَلاقة الخاصَّة؛ رجلًا عظيمَ التعلُّق بربِّه، قويَّ الإيمانِ بعطائِه، لا ينقطعُ عن الصُّفوف الأُولى في المساجد، ولا يفترُ لسانُه من التَّذكير بالله والتَّبشير بفضله، متردِّدا ما بين حرم مكَّة والمدينة، ومواظبًا على المجاورةِ فيهما.
وقد كانت بيني وبينه زياراتٌ في العشر الأَواخر من رمضان والعشر الأُولى من ذي الحجة؛ كم انتفعتُ بحديثه ووصايَاه، وحسن تدبُّره لعظاتِ القرآن وبشائره؛ لقد كان -رحمه الله- مثالًا بليغا على الشخصيَّة المؤمنة الصَّادقة، التي جَمَعَ الله لها بين طهارة النَّفس وسخَاء اليد وطيب المعشَر وكريم الأثَر.
واليومَ أرثيه رحمه الله، وقد أفضى إلى رحمة ربِّه في يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان لعام 1445هـ، ودُفن ليلة السابع والعشرين في مقبرة بقيع الغرقد بالمدينة المنوَّرة؛ فخالص التَّعازي لأسرته الكريمة ولمحبيه، وصادق الدُّعاء له بالرَّحمة الواسعة وجنةٍ عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين؛ وهذه مرثيةٌ نظمتُها في هذا الحَدَث:
نبأٌ تحدَّر من سحابٍ مُرعد
سَالت لأبرقه عيونُ الأدمعِ
صدَّقتُ قولَ محدِّثي لما حَكَى
وددتُّ أني حينها لم أسمعِ
نجمٌ هوى حتى استقرَّ بقبره
وغشا السماءَ سوادُ ليل مُفزعِ
عطرٌ ذَوَى حتى تلاشى عَرْفُه
بأريجه طابت سُفُوح المهْيَعِ
عبدٌ لربٍّ واهبٍ متفضلٍ
شيخٌ يحوز قِلَاد مجد أروعِ
ترك الحياةَ فأشهبتْ أغصانُها
وَفَنَى النَّدا في طِوال الأفرعِ
يمناهُ قد جَادت بكل كَريمة
وبها تطيب جروحُ مرءٍ مُضْجَعِ
يُعطي ويَسبق بالعطاء تودُّدًا
تغشاهُ ريحٌ في دويٍّ مُجْمِعِ
في كلِّ وادٍ قد أناخَ رحالَه
برٌّ وإحسانٌ وتفريجُ أوجعِ
وبنيانُ صرحٍ للصَّلاة وللهُدى
ذكرٌ وقرآنٌ بجوفِ الأضلُعِ
هذا وسقياهُ لماءٍ سَاكبٍ
بلَّ نداهُ ثغرَ ذاك الأجوعِ
هذا ولا أُحصي محاسنَ بذلِهِ
كالشَّمس قد حلَّت بوقت المطلعِ
عشرون عامًا قد شرفتُ بقربهِ
واليوم تخلو منه خُضْرُ المربعِ
عهدٌ مَضَى في صدق حُبٍّ عامرٍ
يا طِيب ذاك العَهْد صفوَ المشرعِ
أرثي عيونًا قد حُرمن لقاءَكم
أرثي فؤادًا من حرِّ بينٍ مُجْزِعِ
لكنَّ ظنِّي في إله الكون أنْ
يغشاك سعدٌ في ظِلالٍ أَفيعِ.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: رحمه الله
إقرأ أيضاً:
سر سورة يس.. لها 10 عجائب في قضاء الحاجة وفك أشد الكرب
لاشك أن سر سورة يس يعد أحد تلك الكنوز التي يبحث عنها كثيرون، ولا يفوتها لبيب، وحيث إن فضل سورة يس عظيم ، خاصة في قضاء الحوائج، ومن منا ليس له حاجة يتمنى أن يقضيها الله سبحانه وتعالى له وكذلك مغفرة الذنوب ، من هنا تنبع أهمية معرفة المزيد عن سر سورة يس ، بل إنه يمكن القول إن من لا يغتنم سر سورة يس فإنه خسران خسارة لا تعوض.
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، إن سورة يس تكون سببا في قضاء الحوائج هو موضوع مجرب لكن أن تقرأها بنية قضاء حاجة معينة وتتوسل بالقرآن الكريم إلى الله عز وجل.
واستشهد "جمعة" عن سر سورة يس ، بما ورد عن أبي قلابة، قال: "من قرأ يس غفر له، ومن قرأها وهو جائع شبع، ومن قرأها وهو ضال هدي، ومن قرأها وله ضالة وجدها، ومن قرأها عند طعام خاف قلته كفاه، ومن قرأها عند ميت هون عليه، ومن قرأها عند امرأة عسر عليها ولدها يسر عليها، ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة، ولكل شيء قلب، وقلب القرآن يس".
وتعدّ سورة ياسين من سور القرآن الكريم المكية، وعدد آياتها 83 آية، وهي سورة عظيمة تركز على قضية البعث والنشور، وروى في فضل سورة ياسين العديد من الأحاديث المختلف في مدى صحتها، إلا أن جميعها يؤكد على فضل سورة ياسين في مغفرة الذنوب وتكفير السيئات وغير ذلك من الفضائل العظيمة.
ورد أنمن أراد أن يقضي الله حاجته فعليه ان يتوضأ ويحسن الوضوء ويصلى ركعتين صلاة الحاجة، إلا أن هناك أمر آخر وهو سورة يس، حيث علمنا أهل الله أن سورة يس فيها سر لما قرئت له، هكذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكننا لا نجرب مع الله، فنقرأ القرآن كله تقربًا للمولى عز وجل.
وورد فيها أن سورة يس فيها تفريجًا للهموم وقضاءً للحوائج وشفاءً للأمراض ورحمة للأموات وأسرار عظيمة، ولكن لها خصوصية عن باقي سور القرآن الكريم، فالزام يس بيقينك بالإخلاص يعطيك المولى عز وجل ما تحتاجه.
فضل سورة يسورد في الشرع عن فضل قراءة سورة يس وعِظَمِ ثواب قراءتها؛ في نحو ما أخرجه الدارمي والترمذي -واللفظ له- والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ القُرْآنِ يس، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ»، وإنّ أقوى ما جاء في فضل سورة يس ما رواه ابن كثير في تفسيره، قال –صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورًا له»، كما وأخرج الطبراني وابن مردويه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ دَاوَمَ عَلَى قِرَاءَةِ يس كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ شَهِيدًا».
ويتّفق أهل العلم على أنّ القرآن الكريم بكلّ سوره وآياته محضُ خير وبركة، وسورة يس من السور التي رُوي بشأنها روايات كثيرة، وجاء في بعض الروايات أنّ قراءة سورة يس سبب في مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، وما ذلك على الله بعزيز، فعن جندب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «مَن قرَأ يس في ليلةٍ ابتغاءَ وجهِ اللهِ غُفِر له»، وجاء في رواية أخرى الوصية بقراءتها على من حان أجله من المسلمين؛ فعن معقل بن يسار -رضي قراءة سورة يس على المحتضر لله عنه- عن رسول الله -عليه السلام- أنّه قال: «اقرَؤوا على موتاكم يس».
كما رأى جمهور علماء الأمة ومنهم الشافعية والحنفية والحنابلة أنّ قراءة سورة يس على المحتضر سُنّة، واستدلوا على ذلك بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اقرءوا يس على موتاكُم»، والسبب في استحباب العلماء لقراءة هذه السورة عند المحتضر أنّها تشتمل على التوحيد والمعاد، كما أنّ فيها بشارة للمؤمن الذي يموت على التوحيد بالجنة والعاقبة الحسنة في الآخرة، ومن ذلك قوله- تعالى-: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ»، فسماع هذه الآية فيه بشارة للمؤمن في حال احتضاره، والاستبشار فيه تسهيل لخروج الروح من الجسد.
وجاء في رواية أخرى الوصية بقراءتها على من حان أجله من المسلمين؛ فعن معقل بن يسار -رضي قراءة سورة يس على المحتضر لله عنه- عن رسول الله -عليه السلام- أنّه قال: «اقرَؤوا على موتاكم يس»، كما رأى جمهور علماء الأمة ومنهم الشافعية والحنفية والحنابلة أنّ قراءة سورة يس على المحتضر سُنّة، واستدلوا على ذلك بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اقرءوا يس على موتاكُم»، والسبب في استحباب العلماء لقراءة هذه السورة عند المحتضر أنّها تشتمل على التوحيد والمعاد، كما أنّ فيها بشارة للمؤمن الذي يموت على التوحيد بالجنة والعاقبة الحسنة في الآخرة، ومن ذلك قوله- تعالى-: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ»، فسماع هذه الآية فيه بشارة للمؤمن في حال احتضاره، والاستبشار فيه تسهيل لخروج الروح من الجسد.
ورد فيه أن قراءة القرآن من أفضل العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه فقراءة القرآن على الإنسان بعد وفاته سواء كان ذلك في منزله أو في المسجد أو بعد صلاة الجنازة وقبلها أو عند القبر كل ذلك جائز شرعًا، وهي تهون على الميت في قبره كما أخبرنا بذلك رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، كما أن قراءة سورة يس للميت خاصة تهون عليه في قبره وتنيره، كما تتنزل بها الرحمات والتجليات الإلهية بالمغفرة والرضا من الله عز وجل عليه.
عجائب سورة يسلعل من عجائب سورة يس تأتي أسمائها التي تدل على فضلها ، فقد ذكِر في تفسير الطنطاويّ -رحمه الله- أنّ سورة يس سُميّت بالمعمّة، أو المدافعة، أو القاضية، ووجه المعنى في ذلك أنّها تعمّ صاحبها بخيريّْ الدنيا والآخرة، كما أنها تُدافع عنه وتدفع عنه السوء، وتقضي له حوائجه بأمر الله وفضله، وقد سُمّيت كذلك بحبيب النجّار؛ وذلك لِما جاء في السورة من ذِكر قصة الرجل الذي جاء يسعى من أقصى القرية، وهو حبيب النجّار، وقد ورد ذلك عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-.
ورد في الأثر أن "سورة يس لما قرأت له"، أي أن الشخص الذي يتمنى أو يريد تحقيق شيء معين فليقرأ سورة يس بنية قضاء هذه الحاجة"، كما أن "جميع سور القرآن الكريم فيها بركة وهدى فإذا ما قرأنا أي سورة أو آية بنية تفريج الهم والكرب أو قضاء الحاجة فسوف يستجيب الله"، وقد قال أهل الله تعالى عن سورة يس إنها تقضي الحاجة، فعليكِ بها ولا مانع أن تقرأها في أي وقت ولا يشترط أن تكون ليلة الجمعة".
قد روى الناس حديثًا في فضل سورة يس أنّها لما قرئت له، وقصدوا في ذلك أنّ قراءة سورة يسفيها قضاء للحوائج وتسهيل لها، والحقيقة أنّه لا يجوز نسبة ذلك إلى السنة النبوية، وأقوال العلماء والتابعين لإنكارهم هذا الحديث، ومثال عليهم العلامة السخاوي الذي قال إنّه لا أصل للحديث بهذا اللفظ، وقال ابن كثير في تفسيره أنّ من خصائص فضل سورة يس أنها ما قرأت لشيء أو أمر عسير إلا يسره الله، وهذا القول لا يمكن نسبته إلى الله تعالى أو رسوله –صلى الله عليه وسلم- إنّما ينسب إلى قائله فيقع الصواب والخطأ عليه.