اتفقت بريطانيا وفرنسا في 8 أبريل عام 1904 على تقاسم النفوذ بما في ذلك في مناطق عربية، وأنهيتا بهذه الخطوة نزاعات استعمارية طويلة ووضعتا أسس تفاهمات دبلوماسية تحسبا لنذر حرب مقبلة.

إقرأ المزيد "كسارة بندق" بريطانية و"معمل أظافر" لإخضاع اليمنيين!

إبرام ما يعرف بـ"الوفاق الودي" جاء بعد قرون من العداوة وانعدام الثقة بين القوتين الاستعماريتين، وقد تمت هذه الخطوة الهامة بفضل جهود وزير الخارجية البريطاني اللورد لانسداون والسفير الفرنسي لدى لندن بول كامبون.

كان الدافع الرئيس لـ"الوفاق الودي" بين بريطانيا وفرنسا، حل النزاعات الاستعمارية العالقة بين البلدين والتمهيد لتحالفهما في مواجهة الضغوط الألمانية في تلك الفترة قبل عقد من اندلاع الحرب العالمية الأولى "1914 – 1918".

تلك المفاوضات أفضت قبل 120 عاما، في 8 أبريل عام 1904 إلى اتفاق البلدين على ترسيم حدود مناطق النفوذ في شمال إفريقيا جنوب شرق آسيا.

الاتفاق أطلقت عليه الصحافة الفرنسية في ذلك الوقت اسم "الوفاق الودي"، فيا دخل التاريخ واصطلح على تسميته الوفاق البريطاني الفرنسي.

بموجب "الوفاق الودي"، اعترفت فرنسا بهيمنة المصالح البريطانية في السودان ومصر، وبالمقابل، أعطى البريطانيون لفرنسا الضوء الأخضر للعمل بحرية في معظم أرجاء المغرب.

علاوة على ذلك، نص الملحق السري لهذه الاتفاقية "الاستعمارية" صراحة على إمكانية تغيير"الوضع السياسي" للمغرب ومصر، أي فرض الحكم الاستعماري المباشر على هذين البلدين الواقعين في شمال إفريقيا من قبل باريس ولندن.

هاتان الدولتان اتفقتا في تلك المناسبة أيضا على تقاسم عدة مناطق. على سبيل المثال، تنازلت بريطانيا عن جزر لوس الواقعة قبال سواحل غينيا كوناكري التي كانت تحت السيطرة الفرنسية، ووافقت لندن على سيطرة فرنسا على القسم العلوي من وادي غامبيا، في حين تخلت فرنسا عن احتكارها لمصائد الأسماك قبالة نيوفاوندلاند، الواقعة بالقرب من الساحل الشرقي الكندي. يمكن القول أن بريطانيا العظمى وفرنسا تقاسمتا عمليا بموجب هذا الاتفاق أراضي وبحارا وبشرا وأسماك!

مصر في الوثائق البريطانية:

وزير الخارجية البريطانية مركيز لانسداون يقول عن المفاوضات مع فرنسا في مذكرة وجهها إلى السفير البريطانية في فرنسا السير إدموند جون مونسون في 8 أبريل 1904: "لقد أبقيت سعادتكم على علم تام من وقت لآخر بالتقدم المحرز في مفاوضاتي مع السفير الفرنسي (لدى بريطانيا بول كامبون) من أجل التوصل إلى تسوية كاملة لسلسلة من المسائل الهامة التي تتعلق بمصالح بريطانيا العظمى وفرنسا. وقد بدأت هذه المفاوضات في ربيع العام الماضي، واستمرت مع انقطاعات طفيفة حتى الوقت الحاضر.. من بين المسائل التي كان من واجبنا دراستها، موقف بريطانيا العظمى في مصر وفرنسا في المغرب، قد احتلا بالضرورة مكانة رئيسة".

وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت يقول في وصف مصر: "لا توجد حلقة أكثر روعة في التاريخ الحديث من تلك التي تتعلق بتأسيس النفوذ البريطاني في مصر وتطوره التدريجي. واحتلالنا لذلك البلد، الذي كان يعتبر مؤقتا في البداية، وأصبح راسخا بقوة الظروف. وبتوجيه من المسؤول العام البارز الذي مثل حكومة جلالة الملك على مدى السنوات العشرين الماضية في ذلك البلد، تقدمت مصر بخطوات سريعة على طريق الازدهار المالي والمادي. وقد أدى تدمير قوة المهدي (القضاء على الثورة المهدية في السودان عام 1899) وضم السودان إلى زيادة هذا التأثير وإضافة إلى استقرار احتلالنا".

المغرب على لسان لانسداون:

أما المغرب فيقول وزير الخارجية البريطاني في مذكرته إن وضعها له ميزات مختلفة، "إن حالة ذلك البلد كانت لفترة طويلة غير مرضية ومحفوفة بالمخاطر. سلطة السلطان على قسم كبير من مناطقه هي سلطة رئيس فخري وليس حاكم. الحياة والممتلكات غير آمنة، والموارد الطبيعية للبلاد غير متطورة، والتجارة، على الرغم من الزيادة، يعوقها الوضع السياسي".

لانسداون يواصل التقليل من أهمية المغرب بالنسبة لبلاده قائلا: "في هذه الجوانب، يظهر التناقض بين المغرب ومصر. على الرغم من الجهود الحسنة النية لمساعدة السلطان، إلا أنه لم يتم إحراز تقدم يذكر، وفي هذه اللحظة ربما يكون الاحتمال أقل تفاؤلا مما كان في أي وقت مضى. وبدون تدخل قوة قوية ومتحضرة، لا يبدو أن هناك أي احتمال لحدوث تحسن حقيقي في حالة البلد".

وزير الخارجية البريطاني يصل إلى استنتاج مفاده أن الحكومة البريطانية ليست مستعدة لتحمل أعباء الوضع القائم في ذلك الوقت بالمغرب، وبالتالي "اعترفت  حكومة جلالته بسهولة أنه إذا كان لأي قوة أوروبية أن يكون لها تأثير مهيمن في المغرب، فإن هذه القوة هي فرنسا".

يتوقف لانسداون هنا، ويلفت إلى أن الحكومة البريطانية من جهة أخرى، "لم تغفل أن لبريطانيا العظمى أيضا مصالح في المغرب يجب حمايتها في أي ترتيب يتم التوصل إليه بين فرنسا وبريطانيا العظمى. أولها يشير إلى التسهيلات التي يتعين توفيرها لتجارتنا، وكذلك لتجارة البلدان الأخرى في المغرب. وارداتنا إلى ذلك البلد تصل إلى نسبة كبيرة من الكل؛ ومن الواضح أنه بالنظر إلى أساليب الإدارة المحسنة، وإصلاح العملة، والنقل البري الأرخص، يجب زيادة التجارة الخارجية مع المغرب إلى حد كبير، وهي زيادة يتطلع التجار البريطانيون بالتأكيد إلى نيل حصتهم فيها".

بهذا المنطق، تقاسم هاذان البلدان "المتحضران" مصر والمغرب ضمن قائمة أخرى لأراض وشعوب أخرى بما في ذلك "أسماك" سابحة في البحار.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أرشيف وزیر الخارجیة البریطانی فی المغرب ذلک البلد فی ذلک

إقرأ أيضاً:

بحث تعزيز التعاون الرياضي بين سوريا والمغرب

دمشق-سانا

بحث وزير الرياضة والشباب السيد  محمد سامح حامض خلال لقائه القائم بأعمال سفارة المملكة المغربية في دمشق عبد الله باباه، سبل تعزيز التعاون الرياضي والشبابي بين البلدين.

وأكد الجانبان أهمية تنشيط التعاون المشترك في المجالين الرياضي والشبابي، وتبادل الخبرات لدعم وتطوير القطاع الرياضي السوري.

وبين وزير الرياضة والشباب أهمية تطوير العلاقات الرياضية بين البلدين، مشيراً إلى أن التعاون مع المغرب سيسهم في رفع مستوى الرياضة السورية، والاستفادة من التجربة المغربية المتقدمة، وخاصة في كرة القدم والبنية التحتية الرياضية.

من جهته، سلّم القائم بأعمال سفارة المغرب الوزير دعوة رسمية لحضور مهرجان مراكش الثقافي في الـ 30 من حزيران الجاري، بمشاركة وزراء من العالم الإسلامي، وأشار إلى أن وزارة الرياضة المغربية ستقوم بجميع الترتيبات اللازمة  للمشاركة في مهرجان مراكش، إلى جانب زيارات ميدانية للمنشآت الرياضية، ضمن استعدادات المملكة لاستضافة كأس العالم 2030.

تابعوا أخبار سانا على التلغرام والواتساب وزير الرياضة والشباب 2025-06-16Zeinaسابق رئيس عدلية دير الزور يطلع على آلية إنجاز معاملات المواطنين واحتياجات الغرف القضائية والدواوين انظر ايضاً وزارة الرياضة والشباب تعفي ذوي الإعاقة من كل الرسوم والاشتراكات المالية

دمشق-سانا أصدر وزير الرياضة والشباب السيد محمد سامح أحمد حامض

آخر الأخبار 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي 2025-06-16ذهبية لسوريا ببطولة آسيا لبناء الأجسام 2025-06-16التربية والخارجية تبحثان التعاون لدعم التعليم على المستوى الدولي 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعيين عبد الكريم حسين قلب اللوز رئيساً لجامعة حماة 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بالسماح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين بسبب الثورة بالتقدم بطلبات العودة 2025-06-16الرئيس الشرع يصدر مرسوماً بتعيين السيد زياد حسن عبود رئيساً لجامعة إدلب 2025-06-16بدء إصلاح الحفر على أوتوستراد حماة حمص لتعزيز السلامة المرورية 2025-06-16حصاد أكثر من 57 ألف هكتار من القمح المروي في حلب 2025-06-16الخطوط الجوية السورية تعدّل موعد رحلة دمشق – إسطنبول المقررة غداً 2025-06-16وزارة التربية تناقش تفعيل مكاتب التعليم الخاص على مستوى المحافظات

صور من سورية منوعات تقرير علمي: ذوبان الأنهار الجليدية يغير وجه العالم ويهدّد حياة الملايين 2025-06-08 حلويات العيد.. صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تدعو رعاياها في إسرائيل للتسجيل لدى الخارجية بسبب الحرب مع إيران
  • شركة بريطانية تتوقع مخزوناً وافراً من الغاز بالجهة الشرقية
  • بحث تعزيز التعاون الرياضي بين سوريا والمغرب
  • بريطانيا تطلب من العراق إبعاد الحشد الشعبي عن الحرب الإيرانية الإسرائيلية
  • بريطانيا تشهد تعيينًا تاريخيًا في MI6.. بليز مترويلي أول امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية
  • منح لقب “سير” للملياردير هانز راوزينغ رغم ماضيه القضائي يثير الجدل في بريطانيا
  • نائب وزير الخارجية يستعرض مع سفيري بريطانيا والصين المستجدات الدولية
  • رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية يتلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية البريطاني
  • وزير الخارجية الفرنسي: باريس لم تحشد بعد مواردها العسكرية للدفاع عن إسرائيل
  • العودة الفلسطيني: لندن مطالبة بتحقيق في دور بريطانيا بـإبادة غزة