عقوبات غربية تستهدف المسيّرات الإيرانية.. هل تغير المعادلات في المنطقة؟
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
طهران- أعلنت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، الخميس الماضي، فرض عقوبات جديدة على إيران، تستهدف صناعتها للطائرات المسيرة وبعض الشركات والأفراد، ردا على عملية "الوعد الصادق" التي شنتها طهران مؤخرا على إسرائيل.
وجاءت هذه العقوبات بعد إعلان رئيس السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، الأسبوع الماضي، عن قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "توسيع العقوبات الدفاعية ضد إيران".
وأضاف بوريل بعد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد في لوكسمبورغ "توصلنا إلى اتفاق سياسي يهدف لزيادة وتوسيع نظام العقوبات الحالي للطائرات المسيرة حتى يشمل الصواريخ ونقلها المحتمل إلى روسيا" مشيرا إلى أنه سيتم توسيع العقوبات أيضا إلى ما هو أبعد من روسيا لتشمل كذلك تسليم طائرات مسيرة وصواريخ إلى وكلاء إيران في المنطقة.
في المقابل، عبر وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" عن أسفه. وقال "إنه من المؤسف أن يتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا سريعا بفرض المزيد من القيود غير القانونية على إيران، فقط لأن لإيران الحق بالدفاع عن نفسها ضد الاعتداءات الوقحة للنظام الإسرائيلي".
وعن أسباب استهداف المسيرات بالعقوبات الجديدة، رأى الباحث في الأمن الدولي عارف دهقاندار أن أحد أهداف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي -من فرض عقوبات على المسيّرات والصواريخ الإيرانية- هو التأثير على المعادلات الإقليمية لصالح إسرائيل.
وأوضح أنه في 13 أبريل/نيسان الحالي، وعندما ردت إيران على هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق، تمكنت الصواريخ الإيرانية من المرور عبر أنظمة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات بإطلاق ما يقرب من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار من أراضيها على إسرائيل، وأسقطت عددا من صواريخها الباليستية في القواعد العسكرية والأمنية الإسرائيلية.
وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أنه خلال ما يقرب من 7 أشهر، استهدف حلفاء إيران الإقليميون مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، بشكل متكرر مواقع إسرائيل، من خلال الصواريخ والطائرات بدون طيار، وهو ما شكل ضغطا على إسرائيل، فقامت حكومتا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بفرض "حظر ذكي" على صناعات الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية، لتخفيف الضغط الإيراني ومحاولة التأثير على المعادلات الإقليمية، وهو ما استبعده الباحث.
وتابع الباحث أنه بموجب الاتفاق السياسي الذي توصل إليه زعماء الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم الأخير، فإنهم يريدون الحد من تصدير الأجزاء المصنوعة في أوروبا إلى إيران، والتي تستخدم في إنتاج الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، وحظر السفر لأفراد الكيانات المرتبطة ببرنامج التصنيع، ومصادرة أصولهم ووضعها على القائمة السوداء، من أجل عرقلة إنتاج الطائرات بدون طيار في إيران.
وأوضح أن الولايات المتحدة وإنجلترا وكندا فرضوا أيضا عقوبات على عدد من الأفراد والمؤسسات المرتبطة ببرنامج الطائرات بدون طيار الإيرانية. وكما يظهر في بيان الخارجية الأميركية، فقد فُرضت عقوبات على إحدى الشركات التابعة لوزارة الدفاع والقوات المسلحة التي تلعب دورا رئيسيا في الدعم والتصميم والإنتاج والتطوير في إيران.
لكن بالنظر إلى العلم والتقنية المحلية لتصنيع الطائرات بدون طيار في إيران، وفضلاً عن القدرة التي اكتسبتها طهران السنوات الأخيرة بالتحايل على العقوبات وتحييدها، فقد تكون فاعلية هذه العقوبات محدودة للغاية على المدى المتوسط والطويل. لكن على المدى القصير، يمكن أن تسبب مشاكل في إنتاج الطائرات بدون طيار في إيران، بحسب رأي الباحث.
تأثر حلفاء إيرانوأشار الباحث بالأمن الدولي إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتقد أن إيران هي التي توفر الأسلحة لجماعات مثل حزب الله والحوثيين وحماس، بعد أن تكرر استهداف تلك الجماعات للمواقع الإسرائيلية باستخدام هذه الأسلحة. ولذلك، فإن الاتحاد الأوروبي ينوي من خلال فرض هذه العقوبات منع تسليم إيران هذه الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط بأكملها والبحر الأحمر.
وأردف أنه خلال السنوات الأخيرة، وبالإضافة لتوفير الأسلحة، قامت إيران أيضا بنقل العلم والتقنية الخاصة بإنتاج هذه الأسلحة إلى حلفائها، والآن يقوم حزب الله والحوثيون بتطوير صناعات الصواريخ والطائرات بدون طيار الخاصة بهم، ويعملون على تطوير بياناتها ودقتها ومداها وفقا لأهدافهم المقصودة، وقد أثبتت فعاليتها في الهجمات السابقة.
لذلك، يرى الباحث أنه وبالنظر إلى هذا العلم والتقنية المحلية، وكذلك الشبكة المالية المعقدة بين إيران وشركائها الإقليميين، فإن هذه العقوبات لن تكون قادرة على منع تصرفات هذه الجماعات ضد المواقف الإسرائيلية، وفق رأيه.
كما اعتبر أن هذه العقوبات -في الغالب- رمزية، ولعل الاتحاد الأوروبي يسعى من خلال فرضها إلى إيصال رسالة للإسرائيليين أن دعمهم سيكون دبلوماسيا.
ومن ناحية أخرى، برأيه، تسعى إلى إيصال رسالة لإيران بأنها إذا كررت أفعالها ووسعت أيضا برنامجها النووي بشكل أكبر، فعليها انتظار الإجماع المتجدد بين الولايات المتحدة وأوروبا، فضلا عن "تفعيل آلية الزناد". وقال "علينا أن ننتظر الإجراءات التالية للاتحاد الأوروبي، للحصول على تحليل أكثر تفصيلا".
المسيّرات الإيرانيةومن جانبه، أشار خبير الشؤون العسكرية مهدي بختيارين إلى أن الغرب ركز السنوات الأخيرة على المسيرات الإيرانية، وهذا يظهر أنهم أصبحوا يعون أهمية وقدرة المسيرات الإيرانية، حيث أنها -إلى جانب الصواريخ- تشكل جزءا مهما في سياسة الردع الإيرانية.
ورأى في حديثه للجزيرة نت، أن الغرب يسعى أن يُظهر المسيّرات الإيرانية أنها تستهدف الاستقرار في المنطقة، وبهذا يشكل خوفا لدى الدول الإقليمية تجاه إيران. وأضاف أنه منذ 45 سنة وإيران تخضع للعقوبات "ورغم كل هذا إيران لها تأثير ونفوذ قوي في المنطقة، وحلفاء إيران أقوياء، والحرب على غزة أثبتت ذلك".
وقال الخبير العسكري إن هذه العقوبات قد تتسبب ببعض التحديات لإيران وحلفائها في صناعة المسيّرات، لكنه اعتبر أنها "لن تنجح كثيرا" لأن إيران خلال هذه السنوات وصلت إلى نسبة كبيرة من الاكتفاء الذاتي في تصنيع المسيرات، كما أنها تعمل بذكاء في الالتفاف على العقوبات، وهذا يقلل من أثرها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الطائرات بدون طیار الاتحاد الأوروبی رات الإیرانیة هذه العقوبات فی المنطقة المسی رات فی إیران
إقرأ أيضاً:
واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الخميس، فرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، بدعوى انتهاك التزامات السلام من خلال السعي لتدويل الصراع مع إسرائيل.
وقالت الوزارة، في بيان، إن "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير انتهكتا التزاماتهما من خلال دعم إجراءات في المنظمات الدولية التي تتعارض مع قراري مجلس الأمن 242 و338، وعدم امتثالهما لالتزاماتهما بموجب قانون الامتثال لتعهدات منظمة التحرير لعام 1989، وقانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002″.
وتابعت الخارجية الأميركية أن الجهات التي فرضت عقوبات عليها "تسعى لتدويل الصراع مع إسرائيل عبر محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية"، واتهمتها بالاستمرار بدعم ما وصفته بالإرهاب، بما في ذلك التحريض على العنف وتمجيده في المناهج الدراسية، وتقديم مدفوعات ومزايا لمن وصفتهم بالإرهابيين الفلسطينيين وأُسَرهم، وفق تعبيراتها.
وأضاف البيان أن هذه الخطوة تمنع المستهدفين بالعقوبات من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة، وفقاً للمادة 604 (أ-1) من قانون التزامات السلام في الشرق الأوسط، دون تحديد هوية الأفراد.
واعتبرت أن "هذه الإجراءات تأتي في إطار المصالح الأمنية القومية الأميركية لمحاسبة السلطة ومنظمة التحرير على تقويض فرص السلام".
وتعليقا على البيان الأميركي، اعتبر مسؤول رفيع في منظمة التحرير الفلسطينية، الخميس، أن القرار الأميركي يمثل "دعما وانحيازا فاضحا للاحتلال الإسرائيلي" ولحرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة واصل أبو يوسف، إن "قرار الخارجية الأميركية يأتي في ظل شراكتها في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة والمتواصلة منذ أكثر من 660 يوما"، واتهم الولايات المتحدة "بدعم جرائم إسرائيل ومستوطنيها".
إعلانوأضاف أن تلك العقوبات "تأتي لدعم الاحتلال وحرب الإبادة، ومحاولة لطمس القضية الفلسطينية بعد مؤتمر نيويورك، واعتزام مجموعة من الدول الاعتراف بفلسطين والتي باتت على سلم الأولويات الدولية".
وأشار إلى أن العقوبات تستهدف أيضا "محاولة ضرب التمثيل الفلسطيني"، مضيفا أن "القرار مجرد دعم للاحتلال ليس أكثر".
وفي المقابل، رحب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الخميس، بفرض واشنطن عقوبات على مسؤولين بالسلطة الفلسطينية وأعضاء في منظمة التحرير.
وشكر ساعر، في منشور عبر حسابه على منصة إكس، وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ووزارته على ما وصفه بوضوحهم الأخلاقي في فرض العقوبات.
وشدد ساعر على أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدفع ثمنا لسياستها المستمرة، مشيرا إلى أن "هذه الخطوة من إدارة الرئيس دونالد ترامب تكشف الانحراف الأخلاقي لبعض الدول التي سارعت إلى الاعتراف بدولة فلسطينية افتراضية، بينما تغض الطرف عن دعم السلطة الفلسطينية للتحريض".
تأتي هذه العقوبات في وقت تعهدت فيه كندا وعدد متزايد من الدول الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر/أيلول المقبل، وسط تحذيرات من قادة عالميين من أن الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر يواجهون خطر المجاعة الجماعية نتيجة الحصار الإسرائيلي.
ورغم أن العديد من حلفاء واشنطن يتخذون خطوات لرفع مكانة المسؤولين الفلسطينيين في المجتمع الدولي، فإن الخطوة الأميركية تهدف إلى عزلهم.
ولم يتضح ما إذا كانت العقوبات ستمنع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو مسؤولين كبارا آخرين من السفر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أعلنت فرنسا أنها ستعترف خلالها بدولة فلسطينية. وقد سُمح في السابق لبعض القادة المعاقَبين بالسفر إلى الولايات المتحدة للمشاركة في الاجتماع الدولي.
وقال آرون ديفيد ميلر، الباحث البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والمستشار السابق لعدد من وزراء الخارجية الأميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري: "إنها خطوة استعراضية، لكن توقيتها ليس مصادفة".
من جهته، قال جوناثان بانيكوف، المسؤول السابق في أجهزة الاستخبارات الأميركية، ويعمل حاليا في "المجلس الأطلسي"، إن إجراءات وزارة الخارجية كانت بالتأكيد قيد الدراسة والتجهيز منذ فترة، لكن توقيت الإعلان عنها قد يكون مواتيا لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف "قرار الإعلان عنها اليوم سيكون خبرا سارا لأكثر أعضاء حكومة نتنياهو تطرفا، لكنه يهدد بجعل التوصل إلى توافق بشأن إدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة أكثر صعوبة".