لا يمكن اعتبار التعنت الإسرائيلي وزعمه إمهال حماس أسبوعا للقبول بمقترحات جولة التفاوض الجارية في القاهرة، إلا فعل كبرياء، القصد منه الحفاظ على ما بقي للكيان من سمعة وثقة لدى مستوطنيه، أما الخارج، فقد وقف على الحقيقة العسكرية الزائفة، وعلى الانحراف في السلوك، وعدم أهلية الكيان ليكون ندا لباقي دول العالم المحكومة بمنظومة من القيم الإنسانية والأخلاقية ومن الثوابت والتشريعات القانونية في السلم أو الحرب.
الأمور كما يبدو تسير في اتجاه إقرار الالتزامات التي سيكون على الكيان القيام بها، وكل المعطيات باتت تخنقه من كل اتجاه، وما عاد لديه حتى متسعا للتنفس، وقد صار كل العالم ضده، حيث الغليان يلهب شوارع العالم رفضا لمنهجه التدميري، وحيث المستوطنون يفقدون الثقة في كيان عجز عن تأمين حياتهم أو إعادة أسراهم، وحيث صوت محور المقاومة صار أعلى وأكثر وقعا وتأثيرا.
والأسبوع الماضي فقط، شهد العالم دخول طرف جديد في العمل المقاوم بضربات وجهتها المقاومة الإسلامية البحرينية على هدف في إيلات، أما أهم ما فاجأ العالم، فهو التوجه اليمني الذي ينذر بتحولات حاسمة تلوح في أفق الكيان.
فحتى وقت قريب جدا، ورعاة الكيان يحاولون امتصاص تأثير الضربات اليمنية الراسخة، كي لا يتراجعوا عن إبادة الفلسطينيين، وفي موازاة ذلك ساروا في اتجاه التصعيد والتهديد والوعيد بإيقاف الهجمات على البحر الأحمر بالقوة، إنما في ذروة ذلك، وما ظنوه كافيا لترهيب اليمنيين، جاء الإعلان بجولة التصعيد الرابعة التي كشف عنها السيد عبدالملك الحوثي الخميس، ودخلت فعلا حيز التنفيذ وفق إعلان القوات المسلحة، الجمعة، بتفاصيل محبطة للكيان الأمريكي وقد تزيد من جو الشقاق داخل إدارته.
والأسبوع الماضي شهد حراكا أمريكيا بالغ التشنج لوضع حد للصدمات التي يتعرض لها جيش واشنطن خلال مواجهته اليمن، وبلغ التشنج بوزير خارجيتها الصهيوني بلينكن إلى حد (الحُمّى)، ليهذي بالعودة إلى فرض الحصار على اليمن ومنع دخول المواد الغذائية إلى المناطق الشمالية، حسب تعبيره، إلى جانب ما يجري الترتيب له عسكريا.
وفضلا عن أن مثل هذا الفعل ليس بجديد، إذ عاش اليمن حالة حصار امتدت لسنوات بالتزامن مع عدوان مدمر أضاعت أمريكا بوصلته وما عادت تدري لماذا كان أصلا، فإن الحصار واستخدام ورقة التجويع بدرجة أساس – كما جاء في تصريح بلينكن – يكشف بوضوح مستوى الإفلاس الذي بلغته أمريكا حتى تعود إلى أسلوبها التقليدي في معاقبة الشعوب بالتجويع على رفضها الانصياع لإرادتها.
والإيقاع السريع للتحرك الأمريكي جاء – كما هو واضح – قبيل بدء الكيان الصهيوني هجومه على رفح، إذ أن صنعاء كانت حذرت من فداحة ما ستؤول اليه الأمور حال نفذ العدو تهديده، الأمر الذي دفع بأمريكا للتحرك سريعا لمعالجة هذا التدخل اليمني في المعركة، وبإعلان صنعاء صراحة عن توسيع نطاق الضربات ليشمل البحر المتوسط، بحيث تطبق الحصار على الكيان، أخذ نقاش القاهرة منحى المرونة، فما خسره الكيان ومعه أمريكا وبريطانيا كثير جدا، وهي خسائر استراتيجية أقلها فقدان ما تُعرف بالقوّة العظمى أمريكا، التأثير على مجريات الأحداث في المنطقة، والقدرة على ضبط إيقاع التفاعل المقاوم ضد البلطجة الصهيونية، سواء على مستوى المنطقة أو الداخل الأمريكي والعالم، كما ومما خسرته أيضا هيبة الردع التي تحطمت بصورة قطعية، فلا الاستعراض بالقطع البحرية كان له أثر ومنع عنها الضربات اليمنية، ولا السلاح أثبت فاعليته، والباتريوت الأمريكي – الذي أخرجه الكيان عن الخدمة لفشله الذريع في رد الهجمات الإيرانية عنه – خير شاهد.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لأول مرة منذ عقدين: جواز السفر الأمريكي يخرج من قائمة أقوى 10 جوازات في العالم
يُعزى التراجع السريع للجواز الأمريكي إلى عدة أسباب، يرتبط أغلبها بسياسات الهجرة الصارمة التي تبنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب. اعلان
للمرة الأولى منذ عقدين، خرج الجواز الأمريكي من قائمة جوازات السفر العشرة الأقوى في العالم، محتلًا المرتبة الثانية عشرة مع ماليزيا، حيث بات يخوّل دخول حامليه إلى 180 دولة فقط دون تأشيرة مسبقة.
وبحسب "مؤشر هينلي لجوازات السفر"، تتصدر ثلاث دول شرق آسيوية حاليا قائمة أقوى الجوازات عالميًا، إذ يتمتع مواطنو سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان بإمكانية الدخول إلى 193 و190 و189 دولة على التوالي دون تأشيرة، بينما حلّت ألمانيا ولوكسمبورغ وإيطاليا في المركز الرابع.
سياسات الهجرة الصارمة وراء التراجعيُعزى التراجع السريع للجواز الأمريكي إلى عدة أسباب، يرتبط أغلبها بسياسات الهجرة الصارمة التي تبنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
بدوره، علّق كريستيان كيلين، رئيس "هينلي آند بارتنرز" - الشركة المتخصصة في مساعدة العائلات على الحصول على الجنسية والإقامة - قائلاً: "انخفاض قوة جواز السفر الأمريكي خلال العقد الماضي ليس مجرد تغيير في الترتيب، بل يعكس تحولًا جوهريًا في حرية الحركة العالمية وديناميات القوة الناعمة. الدول التي تتبنى الانفتاح والتعاون تتقدم بسرعة، بينما تلك التي تعتمد على امتيازاتها السابقة تُترك خلفًا."
Related جواز سفر المواهب الفرنسي.. إليك الشروط المطلوبة للحصول عليه"القدس مكان الميلاد والبلدُ إسرائيل.." هكذا سيُكتب على جواز السفر الأمريكي لمواليد المدينة المقدسةطلبات تجديد جواز السفر الأمريكي تبلغ ذروتها وطوابير الانتظار تصبح كابوساً طويلاً ومُكلفاً الفكر الانعزالي وانعكاساتهمن جانبها، علقت آني فورزهايمر، كبيرة الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، على هذا التراجع بالقول: "حتى قبل احتمال فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية، كانت السياسات الأمريكية تصبّ تركيزها على الداخل. هذا الفكر الانعزالي ينعكس الآن في فقدان الولايات المتحدة لقوة جواز السفر."
وأضافت أن سلسلة من "الحواجز القانونية والمشكوك في قانونيتها على السفر والإقامة المؤقتة" أثارت "إنذارات حمراء" للمسافرين، إلى جانب عمليات الترحيل الجماعي التي نفذتها إدارة ترامب.
غياب المعاملة بالمثل وارتفاع التكاليفإلى جانب ذلك، اعتبرت شركة "هينلي آند بارتنرز" أن عدم اعتماد الولايات المتحدة لمبدأ المعاملة بالمثل في التأشيرات كان سببًا رئيسيًا لتراجع ترتيبها. فحاملو الجواز الأمريكي يمكنهم حاليًا دخول 180 وجهة دون تأشيرة، بينما تسمح الولايات المتحدة فقط لـ46 جنسية أخرى بالدخول دون تأشيرة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، أنهت البرازيل السفر دون تأشيرة لمواطني الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، مستندةً إلى نقص المعاملة بالمثل. كما ساهم استبعاد الولايات المتحدة من قائمة الدول المسموح دخولها دون تأشيرة في فيتنام في تفاقم المشكلة.
ولعبت زيادة تكاليف التأشيرات في الولايات المتحدة دورًا في هذا التراجع، حيث تضاعف سعر نظام السفر الإلكتروني (ESTA) تقريبًا في 30 سبتمبر 2025، من 21 دولارًا إلى 40 دولارًا.
عوامل إضافية وتعويضات محتملةوشملت العوامل الأخرى توسيع الإعفاءات من التأشيرات في الصين، والتي استفادت منها العديد من الدول الأوروبية في قائمة أفضل 10، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، لكنها استثنت الولايات المتحدة. كما أثرت التغييرات في بابوا غينيا وميانمار، وكذلك إدخال الصومال نظام eVisa جديد هذا العام، على الترتيب.
اتجاه متزايد للبحث عن بدائلوكشف تقرير المؤشر عن زيادة غير مسبوقة في أعداد الأمريكيين الباحثين عن إقامات وجنسيات بديلة، حيث شهدت الطلبات من المواطنين الأمريكيين - بحلول نهاية الربع الثالث من 2025 - ارتفاعًا بنسبة 67% مقارنة بإجمالي عام 2024، في مؤشر واضح على تآكل الثقة في قيمة الجواز الأمريكي.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة