قالت صحيفة لوتان السويسرية إن ميناء غزة العائم الجديد المكلف والمعقد، الذي يعمل مئات الجنود الأميركيين بجد لإكماله، والذي يفترض أنه سيسمح بإيصال المساعدات الطارئة إلى مليونين من السكان، يثير مخاوف من سيطرة إسرائيلية إضافية على القطاع المدمر.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم لوي ليما- أن مسؤولين عسكريين أميركيين قالوا إن الأمر لن يستغرق سوى بضعة أيام قبل أن يصبح الميناء الجديد الذي تم بناؤه من الصفر بطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن، "جاهزا للعمل".
وتساءل الكاتب "هل حان الوقت لإنجاز أعمال كبرى في غزة؟" مشيرا إلى أن التكلفة الأولية لمشروع الميناء الذي يفترض أن يكون مؤقتا، قد قدرتها الولايات المتحدة بمبلغ 320 مليون دولار.
وذكر الكاتب أن الجيش الإسرائيلي قام بتسوية حوالي 28 هكتارا بالأرض، وبتجريف المناطق السكنية المتضررة للسماح بالعمل وتوفير المواد اللازمة لبناء الميناء.
إلا أن فلسطينيين، كما يقول ليما، أشاروا إلى احتمال وجود بقايا بشرية ممزوجة بالجسر الذي ستمر عليه المساعدات الإنسانية، حيث تقدر وزارة الصحة الفلسطينية أن حوالي 10 آلاف جثة لا تزال مدفونة تحت أنقاض المنازل المدمرة في مختلف أنحاء قطاع غزة.
قوة احتلال
وأكد المسؤولون العسكريون الأميركيون أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات على الأرض أثناء العمل ولا بعده، ولذلك على الجيش الإسرائيلي ضمان أمن المنشآت، مع أن هناك "خلية متكاملة" بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي لتنسيق العمليات.
ومن جانبها رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، هذا التعاون -حسب الصحيفة- وأكد عضو بارز معارضتها لأي وجود غير فلسطيني في غزة "سواء كان في البحر أو البر"، معتبرة إياه "قوة احتلال".
ومع ذلك تستمر القوات الأميركية في تجميع منصة عائمة ضخمة على بعد حوالي 10 كيلومترات من الساحل، يفترض أن يقوم الإسرائيليون بفحص جميع البضائع الواصلة إليها قبل شحنها من قبرص، وبعد الوصول يتولى أسطول من السفن الصغيرة، نقل المساعدات إلى الميناء الجديد، ومنه تنقل على الشاحنات.
غير أن تنفيذ مثل هذا العمل -حسب الصحيفة- يثير شكوكا هائلة من جانب المنظمات الإنسانية، خاصة أن كمية المساعدات التي تتمكن من دخول غزة تتزايد منذ عدة أسابيع عبر معبري رفح وكرم أبو سالم في الجنوب، إضافة إلى معبر إيريز– بيت حانون الذي تستخدمه القوافل منذ يوم الأربعاء، مع أن العاملين في المجال الإنساني ينددون بالعدد الكبير من القوافل التي يرفض الإسرائيليون السماح بدخولها حاليا.
وعبر رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، عن احتمال وجود صلة بين فتح هذا الممر البحري والهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعلنته إسرائيل على رفح في جنوب قطاع غزة، حيث يقيم مليون ونصف مليون فلسطيني الآن.
ممر نتساريمويذهب البعض -حسب الصحيفة- إلى أبعد من ذلك، لأن الميناء الجديد قيد الإنشاء يقع في نهاية ما أطلق عليه الجيش الإسرائيلي "ممر نتساريم" الذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين، وقد تم "تطهير" المناطق المحيطة به من أجل ترك حرية المرور للمركبات المدرعة والسماح بالمناورات العسكرية.
وأشار ليكس تاكنبرغ، المسؤول السابق في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) إلى أنه "في ظل الظروف العادية، لو كان الغرض من هذا الميناء الجديد إنسانيا بحتا، لتركت للأمم المتحدة مسؤولية إدارته بما في ذلك أمنه"، ولكن بذريعة تأمين هذه المنشأة الأميركية، فسيكون لإسرائيل أن تبني قاعدة عسكرية من شأنها أن تكمل نظام ممر نتساريم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات المیناء الجدید
إقرأ أيضاً:
خطة تخالف المبادئ الإنسانية
فى إعلان صادم خرج مؤخرا وزير المالية الإسرائيلى "بتسلئيل سمو تريش" ليقول: "إن قطاع غزة سيدمر بالكامل بعد انتهاء الحرب الجارية بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من عام ونصف. وبعد الحرب سيبدأ سكان غزة في المغادرة بأعداد كبيرة نحو دولة ثالثة بعد نقلهم إلى جنوب القطاع". وكان المجلس الأمني المصغر فى إسرائيل قد وافق مؤخرا على خطة لتوسيع العمليات العسكرية تشمل احتلال القطاع. وقال الموقع الأمريكي الإخبارى"أكسيوس":"إن اسرائيل تخطط لاحتلال القطاع وتسويته بالكامل إذا لم تتوصل إلى اتفاق بحلول موعد زيارة " ترامب" إلى المنطقة".
الجدير بالذكر أن خطط العملية تدعو إلى هدم أى مبانٍ لا تزال قائمة، وتشريد جميع السكان المقيمين بها والبالغ عددهم مليون نسمة وترحيلهم إلى منطقة إنسانية واحدة. وفي معرض التعقيب على ذلك قالت حركة حماس: "إن الخطة تمثل قرارا صريحا بالتضحية بـ (الأسرى الإسرائيليين فى قطاع غزة ).وكان مسؤول عسكري إسرائيلي كبير قد قال:"إن هناك فرصة سانحة أمام التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن المحتجزين فى غزة خلال زيارة " ترامب" للمنطقة". وأوضح بأن إسرائيل ستبدأ عملية جديدة فى قطاع غزة إذا لم يحدث اتفاق.
أما عضو المكتب السياسى فى حماس "باسم نعيم"، فقد طالب المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف (جريمة التجويع). وقال:"لا معنى لأى مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال، ولا للتعامل مع أى مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار فى ظل حرب التجويع والإبادة التى تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى غزة". وأضاف: "إن المجتمع الدولى وفى مقدمته المؤسسات الأممية اعتبرت سياسة التجويع التى تنتهجها إسرائيل فى القطاع جريمة حرب".
لقد حثت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة إسرائيل مؤخرا على ضرورة إنهاء حظر المساعدات الإنسانية والذى يعرّض سكان قطاع غزة للمجاعة. وأدان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) منع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية منذ مارس الماضى قائلا: "إن ذلك يسبب مجاعة من صنع الإنسان ذات دوافع سياسية". وكانت إسرائيل قد أوقفت إدخال المساعدات الإنسانية متهمة حركة حماس استغلالها لصالحها، وهو ما تنفيه الحركة التى تتهم إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب. ورفضت "حماس" تصريحات الرئيس الأمريكى " ترامب" التى اتهمها فيها بالسيطرة على المساعدات الإنسانية في قطاع غزة. وقالت إنها تتناقض مع تقارير الأمم المتحدة، وشهادات المنظمات الإنسانية العاملة فى القطاع. وانبرت تطالب الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على إسرائيل لفتح المعابر المغلقة أمام دخول جميع المواد الأساسية المنقذة للحياة.
فى الوقت نفسه رفضت وكالة "الأونروا" ووكالات أخرى الخطة الإسرائيلية المتعلقة بتوزيع المساعدات الإنسانية. وقال مكتب الأمم المتحدة: إن الخطة تخالف المبادئ الإنسانية الأساسية، ويبدو أنها صُممت بهدف ترسيخ السيطرة على المواد التي تحافظ على الحياة كما لو كانت تكتيكا لممارسة الضغط، وباعتبارها جزءا من استراتيجية عسكرية ضد إسرائيل. لقد باتت الصورة واضحة اليوم، فإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تتحكمان فى توزيع الإمدادات. بيد أن ما وضح تحديدا هنا فى هذا الإطار هو أن الخطة تجسد التمويه الإسرائيلى الأمريكى حيث إنها تهدف إلى إطالة أمد الحصار المفروض على قطاع غزة، وهذا ما تأكد على أرض الواقع، ألا وهو أن إسرائيل لا تريد السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، وتعمل على إطالة أمد الحصار حتى تصل غزة إلى مرحلة متفاقمة من المجاعة.