فى ذكرى رحيله.. "شارل بيرو" مؤسس أدب الخرافات
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحل اليوم، ذكرى رحيل الشاعر والروائى الفرنسى شارل بيرو، والذى يُعد مؤسسا لأدب حكاية الخرافة، حيث رحل فى مثل هذا اليوم فى 16 من مايو 1703، واشتهر بمجموعاته القصصية للأطفال، التى من أبرزها وأشهرها حكايات الأوزة الأم، وحققت نجاحًا كبيرًا.
ولد الشاعر والروائى الفرنسى شارل بيرو، فى 12 يناير 1628، لعائلة برجوازية ثرية، كان هو الطفل السابع فى هذه الأسرة، فتلقى تعليما جيدا، ودرس القانون، والتحق بالمهن الحكومية على خطى والده وشقيقه، وشارك في إنشاء أكاديمية العلوم، واستعادة أكاديمية الرسم ، وخلال حياته كان عضوا بارزا في الأكاديمية الفرنسية،
استطاع "بيرو"، بحكاياته الوصول إلى قلوب عشرات الملايين من البشر منذ أن بدأ الكتابة وحتى يومنا هذا، وتحديدا منذ أن وضع أسسا حكائية كتبها من أجل المساعدة في تربية الأبناء، من خلال القصص التى تحكى لهم.
ونشر شارل بيرو فى عام 1697 مجموعته القصصية الموجهة للأطفال "حكايات الأوزة الأم" ولاقت هذه القصص نجاحاً عالمياً لم يكن يتوقعه بيرو، لكنه فى هذه المجموعة القصصية قدم قصصا وصفت بكونها هادفة ومسلية في الوقت ذاته للأطفال، وتمتاز بطابعها الشعبي الذي استقاه من التراث الروائي الشعبي، بعدما أعاد كتابتها بأسلوب عفوي جعلت منه أول من ابتدع هذا النوع من الكتابة.
وينضوي تحت لواء تلك الأساطير التي سطّرها قلمه، ذات القبعة الحمراء وهي نفسها قصة التي يدعوها العرب ليلى والذئب، ومن في أوروبا لا يعرف اللحية الزرقاء، وتطل علينا من نافذة خيال الكاتب أيضا قصة الجمال النائم، وعقلة الإصبع، وسندريلا أو حذاء سندريلا، والماس والضفادع، وبود المضحك، وجلد الحمار أو الأميرة الهارب، وريكي الخصلة وفي مخزون الكاتب العديد من القصص الخرافية التي أصبحت بالنسبة لكثيريين تراث شعبي.
خلق بيرو عالم اسطورى لشخصياته، حيث اعتمد على قصص الموروث الشعبي التي سادت أوروبا في ذلك الحين، فرسم لأبطالها شخصيات الأساطير الشعبية بأسلوب شيق هربا من رقابة الكنيسة، كما حبك الأزمة الخرافية على البطل الأسطوري اجتيازها مع التطور الدرامي وتدافع الأحداث لحل الأزمة.
ولم يكتفى الشاعر ووائى الفرنسى بكتابة القصص فقط، بل تطلع لافكار جديدة ومشروعات خصبة الى المستقبل متفائلًا بالجيل الجديد وبالحداثة.
انُتجت لقصص شارل بيرو، أعمال عالمية منها ما كان في الأوبرا والباليه ؛ وألّف على إثرها موسيقيون عالميون مثل تشايكوفسكي في مقطوعة الجمال النائم، وكذلك أنتج العالم على قصصه المسرحيات، والمسرحيات الموسيقية، والأفلام، التي تنوعت بين الأداء التمثيلي والرسوم المتحركة .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاكاديمية الفرنسية الموروث الشعبي
إقرأ أيضاً:
ما ينبغي أن يقال في ذكرى تحرير ليبيا
تاريخ 23 أكتوبر هو الذكرى السنوية لـ "التحرير"، والإشارة هنا إلى الإعلان عن تحرر البلاد من قبضة النظام السابق العام 2011م، حيث أصبح هذا اليوم عطلة رسمية كل عام من ذلك التاريخ، غير أن هناك ما ينبغي عن يقال عن هذا الحدث، ذلك أن التحرير اقتصر على التخلص من قبضة الاستبداد والدكتاتورية، ولم يتسع ليشمل التحرر من كل مظاهر الاستبداد وتوابعه التي ما تزال حاضرة إلى اليوم.
المسؤولون الليبيون الذين تعاقبوا على المناصب الحيوية في البلاد تلبسوا، بدرجات متفاوتة، بالسلوك الدكتاتوري: تفردوا بالقرار، وأقصوا الخصوم، ووقعوا في تجاوزات خطيرة، وإذا نظرت بشكل أعم، فإن في عقول جُل الليبيين دكتاتور صغير يحرك سلوكا يعرقل الانتقال وتخطي هذا الوضع البائس، ولهذا أسبابه ودوافعه.
ثقافة التسامح والحوار وقبول الرأي الآخر واحترام القوانين والعمل بشكل منظم ومنضبط ومؤسسي لا تزال مفقودة في الواقع الليبي، والاستثناء مساحته محدودة، واذا غابت هذه القيم والمبادئ، فإن البديل هو موروثات الدكتاتورية التي هي قرين التخلف.
لهذه الأسباب تعثر الانتقال بعد سقوط الدكتاورية في البلاد، ولهذه العلل يمكن أن تستمر حالة التخبط الراهنة، وأي جهود ومساعي لتجاوز الأزمة الخانقة سيكون نتيجها الإخفاق ما لم تراع الأسباب الحقيقة لاستمرار حالة التخلف والفشل في السير بثقة وثبات صوب الاستقرار والنهوض.
المنخنق السياسي والانفلات الأمني والتردي الاقتصادي والاجتماعي هي انعكاس لحالة التخلف التي هي إفراز المرحلة الدكتاتورية، ذلك أن جذور التأزيم في مختلف أبعاده ترجع إلى حقبة الاستبداد، والشواهد على ذلك عديدة، وليس هذا محل استعراضها، وبالتالي فإن تخطي الأزمة يكون من خلال التحلل من أفات التخلف والاستبداد.
سياسيا تقف ليبيا اليوم على مفترق طريق له ثلاث مخارج: إما السير الصحيح صوب الاستقرار والنهوض عبر الأخذ بمقومات الانتقال الصحيح، وإما المراوحة باستمرار حالة النزاع الراهنة، والمراوحة لا تعنمي الثبات على هذا الوضع، بل هي سير إلى المجهول وانزلاق إلى وضع أشدا تعقيدا وتأزيما، وثالث المخارج هو العودة إلى الاستبداد.
المسار الانتقالي الرشيد إلى فضاء الحريات والحقوق والمؤسسات وسيادة القانون له اشتراطاته ومقوماته، وهو مسار شاق وطويل، ولكن لا بديل عنه للولوج إلى التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والانحراف عنه يكون بسبب غياب الرؤية والمعرفة وخوار الهمة والهزيمة النفسية، وهذا فرق جوهري عند الحث عن مقومات الانتقال وعوامل نجاحه.حالة المراوحة تغذي شرايين الاستبداد وتمهد له الطريق، ذلك أن الغالبية العظمى من المواطنين يستجيبون إلى ما يعتقدونه الخلاص من الفوضى والاضطراب السياسي والأمني والتردي الاقتصادي والاجتماعي، ويكونون عرضة للتسليم بالحكم الدكتاتوري اعتقادا أنه وسيلة الوصول إلى بر الآمان، لذلك فإن استمرار الحالة الراهنة هي بمثابة الدفع باتجاه البديل الاستبدادي.
المسار الانتقالي الرشيد إلى فضاء الحريات والحقوق والمؤسسات وسيادة القانون له اشتراطاته ومقوماته، وهو مسار شاق وطويل، ولكن لا بديل عنه للولوج إلى التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والانحراف عنه يكون بسبب غياب الرؤية والمعرفة وخوار الهمة والهزيمة النفسية، وهذا فرق جوهري عند الحث عن مقومات الانتقال وعوامل نجاحه.
دراسة لمعهد "أيديا انترنشنوال" أكدت أن تحقيق الانتقال من حالة التخلف والاستبداد إلى الاستقرار والنهوض تعتمد بدرجة كبيرة على القيادة التي تشرف على مرحلة الانتقال، وأن هذه القيادة ينبغي أن تتحلى بسمات وخصائص من أهمها:
ـ الرؤية والتخطيط الاستراتيجي للانتقال.
ـ القدرة على التعبئة واحتواء كافة المكونات والقوى على الأرض.
ـ التحمل والاستعداد للتضحية في مواجهة التحديات.
ـ الاعتماد على كوادر مؤهلة للسير بقاطرة الانتقال صوب محطتها الاخيرة.
والحقيقة أن أبرز سبب من أسباب تعثر عملية الانتقال في ليبيا بعد العام 2011م هو الافتقار إلى القيادة وفق الخصائص المشار إليها، ذلك أن من أشرفوا على تسيير المرحلة الانتقالية وقعوا في شرك ردود الفعل، وانقادوا وفق رغبات ومصالح ومطالب مختلف الفواعل على الأرض، السياسية، الأمنية، الاجتماعية..الخ.
"جوهان غالتنغ"، المختص في قضايا النزاع والسلم، يرى أن حلقة النزاع في دول الأزمات يمكن أن يمتد عمرها بالمراوحة بين فترة قصيرة من السلم تعقبها مواجهات مسلحة، وأن هذا الوضع قابل للاستمرار ما لم يتم كسر حلقة النزاع بمقاربة تنهي النزاع كليا، تقوم هذه المقاربة على ركيزتين أساسيتين:
1 ـ الإجراءات التأسيسية وتشمل عدد من المقاربات الجزئية هي العدالة البناءة التي تعالج جذور الأزمة، والتحول الثقافي الذي يفرض قيم التسامح والحوار كبديل للتنازع، المؤسسات القوية، السياسية والاقتصادية والقضاءية، والمجتمعية، التي تملئ الفراغات وتعالج المشكلات.
2 ـ الإجراءات الوقائية، وتتضمن وضع دستور ينظم العلاقات ويحفظ الحقوق، والتنمية الاقتصادية التي تحقق مستوى مقبول من العيش الكريم، والتعليم الذي يلعب دورا في بناء الوعي.
إن الخلاصة النهائية لإجراءات كسر حلقة النزاع هي بناء مجتمع ناضج رافض للنزاع ومحرك رئيسي باتجاه الاستقرار والتقدم على مختلف المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.