قضايا الاحتيال المالي وفخ الثقة
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
أصبح اسم بيرني مادوف مرادفًا للخيانة المالية؛ فقد كان شخصية مرموقة وموثوقة في وول ستريت، وبنى سمعته كمستشار استثماري يعتمد عليه، حتى شغل منصب رئيس بورصة ناسداك. لقد جعلت جاذبيته ومصداقيته وتاريخه في تحقيق عوائد ثابتة منه هدفًا للكثير من المستثمرين الباحثين عن الاستقرار في سوق متقلب. وكانت هذه الثقة التي صنعها بعناية هي ما مكّنه من تنفيذ أكبر عملية احتيال مالية في التاريخ تاركًا وراءه دمارًا هائلًا.
في صميم عملية مادوف كان هناك استغلال للثقة؛ فقد أقنع آلاف الأفراد والجمعيات الخيرية وصناديق التحوط والمؤسسات الاستثمارية بأن أموالهم تُستثمر بشكل مسؤول. على مدى عقود أصبحت سمعته كمستثمر حكيم وناجح دائرة مغلقة من الثقة المتبادلة: كلما ازداد الاعتماد عليه زاد حجم الأموال التي تلقاها، والتي استخدمها للدفع للمستثمرين السابقين، والحفاظ على وهم العوائد المستمرة. نادرًا ما تساءل المستثمرون عن طرقه أو شفافيتها، ويرجع ذلك إلى هيبته ومكانته الرفيعة في الأوساط المالية. ولكن عندما انهار هذا الوهم كانت تداعيات مخططه كارثية.
فكانت الخسائر المالية ضخمة؛ حيث قُدرت القيمة الاسمية للخسائر بنحو 65 مليار دولار بينما تجاوزت خسائر رأس المال الفعلي الذي ضخه المستثمرون 20 مليار دولار. بالنسبة لكثير من المستثمرين كانت هذه الأموال تمثل مدخرات العمر وخطط التقاعد؛ لذا تسبب انهيار شركة مادوف في 2008 في أزمة مالية وعاطفية عميقة؛ إذ شعر الأفراد الذين وثقوا به لعقود بالخيانة والحرج وانعدام اليقين بشأن المستقبل. أما الجمعيات الخيرية التي اعتمدت على توجيهاته فقد اضطرت إلى إغلاق برامجها تاركة المجتمعات دون دعم أساسي.
كما كشف الاحتيال عن إخفاقات مؤسسية؛ حيث كان لدى الجهات التنظيمية -لا سيما هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC)- عدة فرص لاكتشاف الاحتيال لكنها تجاهلت التحذيرات. وقد فاقم هذا الإخفاق من حجم الكارثة؛ إذ أظهر أن حتى الضوابط المهنية الصارمة غير كافية لحماية الثقة من الاستغلال.
في النهاية تُعد قضية مادوف درسًا تحذيريًا حول قوة الثقة وخطرها في العلاقات المالية؛ فهي تظهر كيف يمكن استغلال المصداقية الشخصية، والمكانة الاجتماعية والهيبة لارتكاب احتيال غير مسبوق. ولم تقتصر الأضرار على الأموال المفقودة فحسب، بل هزت أيضًا إيمان المستثمرين بالنظام المالي، وتضررت المؤسسات الخيرية، وترك أثرًا دائمًا على الثقافة التي تقوم عليها الثقة في الأسواق العالمية.
إرث مادوف ليس مجرد جشع، بل خيانة عميقة للثقة التي تُبنى عليها الروابط الإنسانية والمالية على حد سواء، وهي دليل على أننا جميعًا عرضة للاحتيال أفرادًا ومؤسسات مهما بلغت خبرتنا ومهنيتنا.
حمدة الشامسية كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
رغم سوء النتائج.. الفتح يجدد الثقة في جوزيه جوميز
كشف الناقد الرياضي خالد طلعت مفاجأة بشأن المدرب البرتغالي جوزيه جوميز مدرب فريق الفتح.
وكتب خالد طلعت عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:"المدرب البرتغالي جوزيه جوميز يقود فريق الفتح لتحقيق أول فوز له في الدوري السعودي هذا الموسم على فريق الاتفاق القوي بنتيجة 2-1".
تجديد الثقة:وأكمل:"الفوز رفع رصيد الفتح الى 4 نقاط من 6 مباريات ليتقدم إلى المركز 15.
جوميز كان مهددا بالاقالة من تدريب الفتح لسوء النتائج ولكن فوز الفريق جعل ادارة النادي تجدد الثقة في المدرب البرتغالي".
وكان قد أكد الإعلامي كريم رمزي ان جوزيه جوميز المدير الفني لفريق الفتح السعودي، يقترب بقوة من الرحيل عن تدريب الفريق السعودي في الفترة الحالية.
وقال كريم رمزي في تصريحات لبرنامج لعبة والتانية على راديو ميجا إف إم: الفتح بالأمس خسر بنتيجة ثقيلة من النصر، وهو ما جعل إدارة الفتح تفكر في الإطاحة بجوزيه جوميز.
وأضاف: إدارة نادي الزمالك تترقب موقف جوزيه جوميز مع نادي الفتح السعودي، وحال رحيله عن تدريب الفريق السعودي، نادي الزمالك سيفاوض المدرب للعودة إليه مجددا.
وتابع: جوزيه جوميز حال رحيله عن الفتح سيكون هدف قوي لنادي الزمالك، وإدارة النادي ترغب بقوة في تواجد جوزيه جوميز مرة أخرى على رأس القيادة الفنية للأبيض.