روبوت صيني بسعر هاتف ذكي يقرب الذكاء الاصطناعي من الجميع
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
أعلنت شركة نوتيكس روبوتيكس الصينية الناشئة، ومقرها بكين، عن إطلاق روبوتها الجديد بومي (Bomi) الذي يأتي بسعر مذهل يبلغ نحو 10 آلاف يوان صيني، أي ما يعادل 1400 دولار أمريكي فقط، وهو مبلغ يقترب من سعر الهواتف الذكية الرائدة، ما يجعله أحد أرخص الروبوتات البشرية القابلة للاستخدام اليومي في السوق العالمية.
يأتي الإعلان في وقت تتسابق فيه الشركات العالمية نحو تطوير جيل جديد من الروبوتات القادرة على التفاعل مع الإنسان وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، سواء في المنازل أو المدارس أو البيئات التعليمية.
لكن ما يميز بومي عن منافسيه هو السعر المنخفض الذي يفتح الباب أمام جمهور أوسع من المستخدمين لتجربة الروبوتات الذكية دون الحاجة إلى ميزانيات ضخمة.
وبحسب التفاصيل التي كشفت عنها الشركة خلال العرض الأولي، يبلغ ارتفاع بومي نحو متر واحد فقط، ويزن حوالي 12 كيلوجرامًا (أي 26 رطلاً)، وعلى الرغم من حجمه الصغير وتصميمه البسيط، يتمتع الروبوت بقدرات حركية مذهلة، حيث أظهرت المقاطع التجريبية قدرته على المشي بسلاسة وأداء حركات راقصة بشكل متناسق، في مشهد يعكس التطور الكبير في تقنيات المحركات الدقيقة والذكاء الاصطناعي المدمج في تصميمه.
ووفقًا لتقرير صادر عن موقع TechNode المتخصص في التكنولوجيا، يهدف الروبوت إلى الاستخدامات الاستهلاكية والتعليمية بالدرجة الأولى، حيث سيُتاح للمستخدمين واجهة برمجة مفتوحة تمكّنهم من تعليمه مهام جديدة أو تطوير تطبيقات تعليمية تفاعلية.
وتخطط نوتيكس روبوتيكس لإتاحة بومي للطلب المسبق في وقت لاحق من العام الجاري، على أن يبدأ تسليمه خلال 2026.
ويأتي هذا الإعلان بعد سلسلة من النجاحات التي حققتها الشركة الناشئة في مجال تطوير الروبوتات البشرية، فقبل إطلاق بومي، كانت نوتيكس روبوتيكس قد شاركت بنموذجها N2 في أول نصف ماراثون عالمي للروبوتات، وهو حدث لافت أثبتت خلاله الشركة قدرتها على بناء روبوتات قادرة على الحركة لمسافات طويلة بثبات ودقة، وكان N2 واحدًا من أربعة روبوتات فقط تمكنت من إكمال السباق بنجاح، مما منح الشركة سمعة قوية في سوق الروبوتات المتطورة.
ومقارنةً بالمنافسين، يبدو أن بومي يقدم معادلة جديدة في عالم الروبوتات الشخصية، حيث يوازن بين السعر المنخفض والقدرات الذكية، فعلى سبيل المثال، كانت شركة يونيتري (Unitree) قد كشفت في وقت سابق من هذا العام عن روبوتها R1، الذي يبدأ سعره من 5900 دولار أمريكي، وهو قادر على أداء مهام أكثر تعقيدًا، لكنه يبقى بعيد المنال للمستهلك العادي من حيث الكلفة.
أما على الطرف الآخر من السوق، فيبرز روبوت أوبتيموس من شركة تسلا، والذي يُتوقع أن يبلغ سعره نحو 20 ألف دولار أمريكي عند طرحه التجاري، ما يجعله أقرب إلى فئة الروبوتات الصناعية المتقدمة وليس الأجهزة المنزلية، وهنا يأتي بومي كخيار وسطي مثالي، يقدم تجربة تفاعلية تعليمية حقيقية بسعر منخفض، وبتصميم موجه للاستخدام الآمن في البيئات التعليمية والمنازل.
ويرى محللون أن إطلاق بومي بهذا السعر يمثل نقطة تحول في سوق الروبوتات الاستهلاكية، فبينما ركزت الشركات الكبرى على الأداء والقوة، تراهن نوتيكس روبوتيكس على الوصول إلى فئة جديدة من المستخدمين الراغبين في استكشاف عالم الذكاء الاصطناعي بشكل عملي.
كما يتوقع خبراء أن يسهم هذا النوع من الابتكارات في دمقرطة التكنولوجيا، أي جعلها متاحة ومتوفرة بسعر معقول، خصوصًا في المدارس ومراكز التدريب التي تسعى لإدخال الروبوتات ضمن مناهج التعليم التفاعلي.
بهذا السعر والتوجه، يبدو أن بومي لا ينافس فقط في التكنولوجيا، بل أيضًا في إعادة تعريف مفهوم الروبوت المنزلي، إذ لم يعد مجرد أداة خيالية أو آلة مخصصة للمختبرات، بل أصبح منتجًا يمكن أن يقتنيه المستخدم العادي ويستفيد منه في التعلم والتجارب اليومية.
مع اقتراب موعد طرحه التجاري، يترقب العالم أداء بومي الفعلي ومدى استجابته للتفاعل مع البشر، خصوصًا بعد النجاح السابق في مجال الروبوتات المتحركة. وإذا حافظت الشركة على وعدها بتوفير واجهة برمجة سهلة وسعر منخفض، فقد يشهد العالم عصرًا جديدًا من الروبوتات الذكية في المنازل والفصول الدراسية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
استكشاف استفادة الذكاء الاصطناعي من عمل الدماغ البشري
تستكشف الباحثة ميراندا شواكي كيف يمكن للحوسبة المستوحاة من الدماغ البشري أن تغذي الذكاء الاصطناعي الموفر للطاقة.
تقوم شواكي بتطوير مواد وأجهزة للحوسبة العصبية، التي تعالج وتخزن المعلومات في وقت واحد، تمامًا كما تفعل الخلايا العصبية والمشابك العصبية في الدماغ.
تسعى الطالبة الجامعية في قسم علوم وهندسة المواد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، مدفوعة بفضولها، إلى البحث في التكلفة العالية للطاقة في الحوسبة، وخاصة للذكاء الاصطناعي. تسعى شواكي لتطوير مواد وأجهزة جديدة للحوسبة العصبية، التي تحاكي الدماغ عن طريق معالجة وتخزين المعلومات في نفس المكان. تدرس الباحثة المشابك الأيونية الكهروكيميائية، وهي أجهزة صغيرة يمكن "ضبطها" لتعديل الموصلية، تمامًا مثل الخلايا العصبية التي تقوي أو تضعف الروابط في الدماغ.
تقول شواكي "إذا نظرت إلى الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص، لتدريب هذه نماذج اللغات الكبيرة جدًا، فإن ذلك يستهلك الكثير من الطاقة. وإذا قارنت ذلك بكمية الطاقة التي نستهلكها كبشر عندما نتعلم الأشياء، فإن الدماغ يستهلك طاقة أقل بكثير"، مضيفة "هذا ما أدى إلى هذه الفكرة لإيجاد طرق أكثر كفاءة في استخدام الطاقة ومستوحاة من الدماغ لتطوير الذكاء الاصطناعي".
ويؤكد مستشارها، بيلج يلدز، أن أحد أسباب كفاءة الدماغ العالية هو أن البيانات لا تحتاج إلى نقلها ذهابًا وإيابًا.
يقول يلدز، الأستاذ في قسم العلوم والهندسة النووية وقسم علوم وهندسة المواد "في الدماغ، تُعالج المعلومات في الوصلات بين الخلايا العصبية، والتي تسمى المشابك العصبية. تُنقل الإشارات هناك. تتم معالجتها وبرمجتها وتخزينها في نفس المكان". تهدف أجهزة شواكي إلى محاكاة هذه الكفاءة.
ركزت مشاريعها المبكرة على الخصائص التي تحتاجها هذه الأجهزة لتعمل بشكل جيد، التشغيل السريع، وانخفاض استهلاك الطاقة، والتوافق مع تكنولوجيا أشباه الموصلات، واستخدام أيونات المغنيسيوم بدلاً من الهيدروجين، الذي يمكن أن يتسرب إلى البيئة ويجعل الأجهزة غير مستقرة.
يصف يلدز بحث شواكي بأنه خطوة رائدة نحو حل أحد أكبر تحديات الذكاء الاصطناعي، استهلاك الكثير من الطاقة.
يقول يلدز "هذا هو علم الكيمياء الكهربائية للحوسبة المستوحاة من الدماغ. إنه سياق جديد للكيمياء الكهربائية، ولكنه يحمل أيضًا بُعدًا يتعلق بالطاقة، لأن استهلاك الطاقة في الحوسبة يتزايد. علينا إيجاد طرق جديدة للحوسبة باستهلاك طاقة أقل بكثير، وهذه إحدى الطرق التي يمكن أن تساعدنا في التحرك في هذا الاتجاه".
وكأي عمل رائد، فإنه يأتي مصحوبًا بتحديات، خاصةً في الربط بين مفاهيم الكيمياء الكهربائية وفيزياء أشباه الموصلات.
تقول شواكي "لدى فريقنا خلفية في الكيمياء. وعندما بدأنا هذا العمل بالبحث في المغنيسيوم، لم يستخدم أحد المغنيسيوم في هذا النوع من الأجهزة من قبل. لذلك، كنا نطّلع على أدبيات بطاريات المغنيسيوم للاستلهام والبحث عن مواد واستراتيجيات مختلفة يمكننا استخدامها. عندما بدأتُ هذا العمل، لم أكن أتعلم لغة ومعايير مجال واحد فقط، بل كنت أحاول تعلمها لمجالين، والترجمة بينهما أيضًا".
كما أنها تواجه تحديًا مألوفًا لجميع العلماء: كيفية فهم البيانات غير المنتظمة.
تؤكد أن "التحدي الرئيسي هو القدرة على تحليل بياناتي والتأكد من أنني أفسرها بطريقة صحيحة، وأنني أفهم معناها الحقيقي".
تتغلب شواكي على هذه العقبات من خلال التعاون الوثيق مع الزملاء في مختلف المجالات، بما في ذلك علم الأعصاب والهندسة الكهربائية، وأحيانًا من خلال إجراء تغييرات طفيفة على تجاربها ومراقبة النتائج.
مصطفى أوفى (أبوظبي)