قمة المنامة.. أبو الغيط ينتقد بعض الدول الغربية التي قدمت غطاء سياسيا لجرائم إسرائيل في غزة
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن العمل الجماعي هو السبيل إلى تحقيق رخاء الجميع، فلن يخرج العرب من عثراتهم إلا بالتضامن مع بعضهم ولن ينهضوا إلا معا ، مشيرا إلى ان قمة البحرين تعقد في ظروف استثنائية.. فالعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة، بكل ما ينطوى عليه من وحشية وتجرد من الضمير يمُثل حدثا تاريخيا فارقا .
جاء ذلك في كلمته خلال أعمال القمة العربية المنعقدة بمملكة البحرين. بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف أبو الغيط: لن تنسى الشعوب العربية ذلك العنف الأعمى الذي أظهره الاحتلال الاسرائيلي، وهو يستهدف النساء والأطفال.. ويطُارد المهجرين والمشردين من ملاذ إلى آخر بالقنابل والرصاص.. وقد صار العالم كله مُدرك الحقيقة باتت ساطعة وهي أن الاحتلال والسلام لا يجتمعان، فالاحتلال لا يمُكنه الاستدامة سوى بممارسة التطهير العرقي وبالإمعان في فرض واقعه الغاشم بقوة السلاح.
وأضاف أن طريق السلام والاستقرار في هذا الاقليم فيقتضي منهج ا مختلفا .. يقتضي تخلي الاحتلال الاسرائيلي عن أوهام الاحتفاظ بالأرض والسيطرة على البشر.. ويقتضي الإنهاء الفوري للاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 67.. لكن ما رأيناه من الاحتلال عبر الشهور الماضية يشُير إلى أن الأوهام لا زالت تحكم التفكير، وأن تصورات القوة والهيمنة العرقية لا زالت تسُيطر على السياسات.
وانتقد ابو الغيط بعض الدول الغربية التي قدمت غطاء سياسيا ، بالذات مع بداية العدوان، لكي تمُارس إسرائيل هذا الإجرام في قطاع غزة... واليوم يقف حتى أقرب أصدقائها عاجزا عن لجمها.
وقال إن النكبة التاريخية لم تمحُو الفلسطينيين من الوجود.. لم تخُرجهم من الجغرافيا ولم تشطبهم من التاريخ.. فأبناء أبنائهم هم من يمُارسون هذا الصمود الأسطوري اليوم على الأرض في قطاع غزة وكافة ربوع فلسطين... إن التهجير القسري مرفوض عربيا ودوليا .. مرفوض أخلاقي ا وإنساني ا وقانونيا ... مرفوض ولن يمر.
وطالب المجتمع الدولي، بمن فيه أصدقاء إسرائيل...بل بالأخص أصدقاء إسرائيل.. بإقامة مؤتمر دولي للسلام يجُسد رؤية الدولتين التي تحظى بالإجماع العالمي.. وبالعمل على مساعدة الطرفين، ومرافقتهما لتحقيق هذه الرؤية في أجل زمني قريب.. إنقاذا لمستقبل الشعوب الذين يستحقون السلام والأمن.. في فلسطين والعالم العربي.. وفي إسرائيل أيضا .
واضاف إن أزمات منطقتنا لا زالت مفتوحة والكثير من الجراح لم يلتئم... الجرح في السودان غائر وخطير، لأنه يهُدد بقاء الدولة ووحدة مؤسساتها الوطنية... ويهُدد حياة الملايين من الناس.. وإننا ندعو الجميع الي إسكات البنادق فور ا صون ا لحرمة الدم السوداني الغالي ولوحدة الوطن المهدد بالانقسام.
واستطرد في اليمن وليبيا وسوريا أزمات أنهكت الدول والشعوب.. أزمات مجمدة تنتظر حلولا وتسويات تستعيد الأوضاع الطبيعية التي تتطلع إليها الشعوب في هذه الدول، وكذلك جيرانهم ممن طالهم أذى هذه الأزمات وتبعاتها الخطيرة.. إنني أدعو وأعمل بلا كلل للاستمرار ومواصلة الجهد من أجل إيجاد حلول عربية للأزمات العربية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أبو الغيط الفلسطيني
إقرأ أيضاً:
سياسة الأرض والحصار: كيف تُعيد إسرائيل هندسة الضفة الغربية؟
تشهد الضفة الغربية منذ أسابيع تصعيدا عسكريا غير مسبوق، بالتوازي مع اتساع هجمات المستوطنين ضد القرى الفلسطينية. هذا التزامن ليس عابرا، بل يعكس استراتيجية واضحة تتبناها حكومة نتنياهو- بن غفير- سموتريتش، تهدف إلى إعادة هندسة الضفة الغربية وفرض وقائع جديدة على الأرض.
تستغل إسرائيل انشغال المنطقة والعالم بتداعيات حرب غزة لتغيير قواعد اللعبة في الضفة عبر الاجتياحات المتكررة، والتدمير الواسع للبنى التحتية، وسياسات العقاب الجماعي، وتشديد القيود على الحركة، وكلها أدوات لإضعاف قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود، وتهيئة الأرض لتوسيع المستوطنات وفرض السيطرة الإسرائيلية. وبالموازاة، بات عنف المستوطنين جزءا من هذه السياسة، حيث تشن هجمات منظمة على القرى، وتُحرق الممتلكات، وتُهجر العائلات في مناطق "ج"، ما يسهل توسيع المستوطنات وربطها جغرافيا.
يحدث ذلك في الوقت الذي يعيش فيه الفلسطينيون اليوم حالة ضعف متعدّد الأبعاد، داخليا وخارجيا، اقتصاديا وسياسيا. فالسلطة الفلسطينية تواجه ضغوطا مستمرة لتطبيق ما يُسمّى بـ"الإصلاحات"، والتي من شأنها أن تزيد الهوة بينها وبين الحاضنة الشعبية، ويبعدها تدريجيا عن الفصائل الفلسطينية المختلفة التي تمثل مكونات النظام السياسي الفلسطيني. هذه السياسات لا تضعف فقط شرعية السلطة داخليا، بل تُقوّض أيضا قدرتها على مقاومة الضغوط الإسرائيلية، في ظل بيئة دولية تمنح إسرائيل هامش تحرك أوسع وتدعم ضمنيا استمرار الوضع القائم. بالتالي، يندمج الضعف الداخلي مع تأثير الضغوط الخارجية ليخلق حالة من العجز المتزايد أمام الاستراتيجيات الإسرائيلية في الضفة.
ويكتسب التصعيد بُعدا سياسيا إسرائيليا داخليا واضحا، فهو ثمن تقدمه الحكومة الإسرائيلية لليمين المتطرف لضمان بقاء الائتلاف. فالحرب على غزة أفرزت نافذة فرص استثنائية لهذا اليمين: انطلاقا من عودة ترامب إلى البيت الأبيض بما يوفره من دعم سياسي واسع لإسرائيل، مرورا بانشغال دولي يمنح إسرائيل هامش حركة كبيرا، وانتهاء بحالة الضعف الفلسطيني نتيجة الانقسام والعجز المؤسسي والضغط الاقتصادي. ففي نظر بن غفير وسموتريتش، هذه لحظة تاريخية ينبغي استثمارها لفرض وقائع تمهّد لضم فعلي غير معلن للضفة.
هذا بالإضافة لما يتيحه هذا المسار للحكومة الإسرائيلية من فرصة لعرض "إنجازات" على جمهورها اليميني، بدءا من تقويض ما تبقى من سلطة فلسطينية وتحويلها إلى هيئة إدارية بلا صلاحيات، وصولا إلى توسيع المستوطنات وفرض السيادة الإسرائيلية على مساحات أوسع. أما من الناحية الأمنية، فتسوّق إسرائيل خطاب "منع تمدّد نموذج غزة إلى الضفة"، فيما تُظهر الإجراءات أن الهدف الحقيقي ليس الاحتواء الأمني، بل إخضاع الضفة وإعادة هندسة المشهد الفلسطيني بما يخدم مشروع اليمين الاستيطاني.
إن هذا الواقع المرير يعيد تشكيل البعد الدولي للصراع، حيث تُقوض السياسة الإسرائيلية حل الدولتين الذي لطالما شكّل الإطار المقبول دوليا، خاصة في ظل الانسجام الجزئي بين الحكومة الإسرائيلية الحالية ورؤية إدارة ترامب، التي عبّرت في مناسبات عدة عن تفضيل بدائل عن حل الدولتين ورفضته صراحة، وهو ما يسهّل على إسرائيل فرض واقع جديد على الأرض، بعيدا عن إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ويُعمّق السيطرة الإسرائيلية على الضفة.
في النهاية، ما يجري في الضفة الغربية اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري ظرفي، بل هو تنفيذ متدرّج لمشروع ضمّ زاحف تستخدمه دولة الاحتلال والمستوطنين معا لإعادة صياغة الواقع، بما يجعل أي حل سياسي مستقبلي أكثر صعوبة ويهدد فرص التمكين السياسي للفلسطينيين. على الفلسطينيين أن يدركوا أن الفرصة لإنقاذ مستقبلهم الوطني والسياسي تتقلص بسرعة، وأن أي تقاعس قد يجعل من قدرتهم على حماية الأرض والحقوق الوطنية مجرد ذكرى، فيما تُستكمل محاولات فرض وقائع نهائية على الأرض.