«الست ملهاش غير المطبخ».. من منا لم يسمع تلك المقولة؟
وبعيدًا عما تنطوى عليه المقولة من تهميش لحياة المرأة، وقتل متعمد لطموحها وفرصها فى التطور، فالمرأة الضعيفة الهشة لن تكون قادرة على بناء أسرة قوية وتربية أبناء صالحين، مؤثرين فى مجتمع سوى قائم على احترام الآخر، بعيداً عن ذلك فإن تلك الجملة ليست صحيحة، فأشهر الطهاة و«الشيفات» فى مصر والعالم رجال وليسوا نساء.
على سبيل المثال: لم يكن «أنتونى بوردان» مجرد طاهٍ أو شيف فقط، ولكنه رحالة وروائى مشهور عالميًّا، وقد قام بتغيير طريقة الأكل فى العالم عن طريق دروسه عن قيمة الطهى فى المنزل، واكتشاف المطاعم عن طريق السفر.
أيضا «ألتون براون»، مقدم البرنامج المميز «Good Eats»، وهو عبارة عن برنامج تعليمى يجمع بين أساليب التعليم، والرسومات البسيطة لشرح كيفية عمل الطبق المثالى، وتشجيع المشاهدين على التفكير فى الطرق الصحية فى الطهى بأبسط الإمكانات.
«ورقة وقلم واكتبى ورايا يا ست الكل» بمجرد سماعها نتذكر الطاهى المصرى الشيف الشربينى، الذى يعد واحدا من أشهر الشيفات فى مصر والعالم العربى، أحبه الجمهور لطريقة شرحه البسيطة للوصفات، وتقديم الطرق لإعداد الطعام والحلويات بأسهل الطرق وأقل المكونات، والشيف شربينى دائمًا يحرص على تطوير موهبته بالسفر للخارج ومعرفة أحدث التطورات فى عالم الطبخ.
«يا جمالو.. يا جمالو..» التى عرف بها الشيف حسن، مقدم برامج الطهى التلقائى الذى يتحدث من قلبه إلى فئات الجمهور المتنوعة، وهو أحد أشهر الطهاة فى مصر والعالم العربى، عرف أسلوبه بالبساطة والسلاسة وخفة الظل أثناء إعداد الأكلات المختلفة سواء شرقية أو غربية، وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة لدى أغلب ربات البيوت.
«ابن الوز عوام»، وهذا ما ينطبق على الشيف علاء الشربينى نجل الشيف الشربينى. «علاء» ورث حب المطبخ من والده واستطاع أن يضيف إلى ذلك حب الأطفال من خلال جزء من برنامجه موجه لاكتشاف مواهب الأطفال فى المطبخ، فحظى بحب الأسرة المصرية من صغيرها إلى كبيرها، وله لمساته الخاصة فى كل أكلة يقدمها وهو ما جعله سريعاً أحد نجوم الفضائيات فى عالم المطبخ.
وطبقًا لعلماء الوراثة وما قدموه من دراسات فإن فكرة الطبخ بدأت منذ نحو ٢.٥ مليون سنة، وارتبطت بظهور المطبخ الذى يقال عنه: إنه «مملكة المرأة»، لأن الأعراف الاجتماعية فى معظم المجتمعات أناطت مسئولية إعداد الطعام بربَّة المنزل. ولكن المطبخ يبقى الملكية المشتركة لكل أفراد الأسرة، والرابط الذى يعكس تقاربها واجتماع أفرادها ثلاث مرّات فى اليوم.
وفى النهاية الست «ملهاش غير عقلها وأخلاقها وصحتها» فمن خلال ذلك تكون قادرة على صنع نجاحها وضمان مستقبلها، وبناء أسرة تكون أحد أعمدتها؛ إلا أنه يظل من وجهة نظر بعضهن «ملهاش غير المطبخ وجوزها» أيام امتحانات الكلية!
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب
جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة المنصورة د أحمد عثمان المرأة الضعيفة
إقرأ أيضاً:
لولاكم ما وجدنا شيئا
عادت القاهرة من جديد إلى صدارة المشهد الدولى، ليس فقط كعاصمة عربية، بل كعاصمة القرار، وصاحبة الصوت الذى يسمع عندما تصمت البنادق وتعلو لغة السياسة.
فبعد أسابيع من المفاوضات الماراثونية التى أنهكت الجميع، نجحت الوساطة المصرية فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، بعد جولات متتالية من الحوار غير المعلن بين القاهرة وواشنطن وتل أبيب والدوحة وحماس.
لكن ما لم يعلن فى البيانات الرسمية، كشفه مبعوث الرئيس الأمريكى، ريتشارد ويتكوف، عندما قال أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى وفى وجود فريق العمل المصرى «لو لاكم، ما كنا وجدنا شيئاً».
عبارة قصيرة لكنها تختصر حقيقة الدور المصرى الذى تجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، ليصبح الدرع الذى يحمى بقايا الإنسانية فى غزة، والميزان الذى يعيد التوازن إلى المنطقة كلما مالت كفتها نحو الفوضى.
من المقرر أن يصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى القاهرة يوم الاثنين المقبل، فى زيارة وصفت فى الأوساط الدبلوماسية بأنها «زيارة تقدير وشكر».
فالإدارة الأمريكية الجديدة، رغم اختلاف توجهاتها، تدرك أن لا تسوية ممكنة فى الشرق الأوسط من دون مصر، ولا استقرار فى غزة دون علمها وموافقتها.
ويشهد ترامب خلال الزيارة التوقيع النهائى على اتفاقية وقف الحرب فى غزة ويجرى مباحثات مطولة مع الرئيس السيسى تتناول تثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة إعمار غزة، وخريطة الطريق للمرحلة المقبلة التى تشمل ترتيبات أمنية وإنسانية تضمن عدم تجدد القتال.
منذ اليوم الأول للتصعيد، كان موقف القاهرة واضحاً: لا حل عسكرياً فى غزة، ولا مستقبل لأمن إسرائيل أو الفلسطينيين إلا بالسلام العادل.
ورغم الضغوط والتعقيدات، حافظت مصر على خيط التواصل مع جميع الأطراف، فكانت تنصت إلى مخاوف إسرائيل، وتفهم حسابات حماس، وتدير بحكمة توازنات عربية وإقليمية معقدة، فى وقت كان الجميع يراهن على الانفجار لا التهدئة.
لقد أعاد الرئيس السيسى عبر هذا الملف ترميم صورة الدبلوماسية المصرية التى طالما لعبت دور الوسيط النزيه، وأكد أن مصر لا تتحدث كثيراً لكنها تفعل كثيراً.
فى اللحظة التى يستعد فيها ترامب للهبوط فى مطار القاهرة الدولى، يدرك العالم أن مفتاح الشرق الأوسط لا يزال فى يد مصر، وأن كل طريق نحو حل حقيقى فى غزة، أو تهدئة فى لبنان، أو أمن فى البحر الأحمر، يمر عبر العاصمة التى لا تنام عن قضايا أمتها.
ومهما تعددت الأصوات والوسطاء، يبقى الثابت أن مصر حين تتكلم، يتغير مسار الأحداث، وحين تتحرك، تتوقف الحروب.
أما عبارة ويتكوف فستظل تتردد فى أروقة السياسة الدولية طويلاً: «لو لاكم، ما كنا وجدنا شيئاً».
كلمة صدق تختصر قصة أمة تقف دوماً على الجانب الصحيح وتحتفظ بتاريخ عظيم فى نصرة القضية الفلسطينية وتنال دائما ثقة الجميع.
[email protected]