إيران.. التنافس الانتخابي يسلط الضوء على الواقع الاقتصادي
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
طهران- عقب وفاة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الشهر الماضي، أفرطت وسائل الإعلام الإيرانية والأجنبية في التطرق إلى تداعيات الحادث على سياسة البلاد الخارجية، بيد أن التنافس الانتخابي الذي رافق فترة الترشح للانتخابات المقبلة سلّط الأضواء على السجل الاقتصادي للحكومة.
وطالما تمكن رؤساء إيران السابقون عبر إطلاق الوعود الاقتصادية من حصد أكبر نسبة من أصوات الناخبين خلال العقود الماضية، حيث استحوذ الجانب الاقتصادي خلال الأيام الأخيرة على حصة الأسد من المؤتمرات الصحفية التي عقدها المترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وعلى ضوء بازار الوعود الاقتصادية والانتقادات الموجهة للحكومة الـ13؛ انقسمت الأوساط السياسية في إيران حيال السجل الاقتصادي للحكومة الحالية؛ بين من يريد توظيفه دعاية للمرشحين المقربين من الرئيس الراحل وآخرين يرفعونه شماعة لإقناع الناخب بعدم التصويت مرة أخرى للتيار السياسي الذي جاء بها قبل 3 أعوام.
أرقام رسميةوفي السياق، يدافع رئيس تحرير الشؤون الاقتصادية في وكالة مهر الإيرانية، محمد حسين سيف اللهي، عن الأداء الاقتصادي لحكومة رئيسي، مؤكدا أن الإحصاءات الرسمية والمؤشرات الاقتصادية تظهر تراجع السيولة (تقليل المعروض المالي يكبح التضخم) يقل بنسبة 18% وتراجع البطالة إلى 8.1% خلال السنوات الثلاث الماضية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد سيف اللهي، أن الاقتصاد الوطني تحسّن خلال السنوات الأخيرة ذلك أن الحكومة الحالية تمكنت من إبطال مفعول العقوبات الأميركية وزيادة صادرات البلاد من النفط الخام والإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية التي كانت مجمدة في كوريا الجنوبية والعراق.
وتابع الباحث الإيراني، أن حكومة الراحل رئيسي نجحت بالفعل في استقطاب 5.5 مليارات دولار كاستثمارات أجنبية خلال العام الإيراني الماضي فقط (انتهى في 21 مارس/آذار 2024) إلى جانب تقليص وتيرة التضخم بنسبة أكثر من 24% ودعمها عجلة الصناعة.
ولدى إشارته إلى إلغاء الحكومة الحالية العملة المرجحة (42 ألف ريال إيراني تعادل دولارا واحدا) التي كانت مخصصة لاستيراد السلع الأساسية بمساعدة القطاع الخاص، أوضح سيف اللهي، أن الحكومة أقدمت على مثل هذا القرار -رغم خطورته- بسبب الفساد الاقتصادي النابع عنه، وأن الجهات التي تضررت جراء القرار عملت ما بوسعها لإفشاله، بيد أن الفريق الاقتصادي للحكومة احتوى تداعياته وقام بتأمين السلع الأساسية عبر قنواته.
ورأى أن حكومة الرئيس الراحل رئيسي قد نجحت كذلك في تحسين العملة الوطنية رغم العقوبات الأميركية والسيطرة على سعر العملة الصعبة، مضيفا أن تجارة البلاد الخارجية لاسيما مع دول الجوار تحسنت وبلغت 152 مليار دولار حتى الشهر الماضي.
وخلص سيف اللهي إلى أن الحكومة تواصل مساعيها الدؤوبة لبناء السكن وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين حتى اليوم الأخير من عمرها، مستدركا أن العديد من المشاريع الاقتصادية الكبيرة التي بدأت خلال السنوات القليلة الماضية لن تكتمل حتى تنصيب الرئيس المقبل بعد نحو شهر، وعبر عن أسفه لغض الأوساط السياسية بصرها عن إنجاز المشاريع غير المكتملة بعد.
وعود وإخفاقاتفي المقابل، يعتقد أستاذ الاقتصاد والرئيس السابق لغرفة إيران للتجارة والصناعة حسين سلاح ورزي، أن إخفاقات الحكومة السابقة تطغى على إنجازاتها الاقتصادية، مضيفا أن العديد من الوعود التي أطلقها الفريق الاقتصادي للحكومة لم تتحقق بل بعضها لم يبدأ بعد.
وفي حديثه للجزيرة نت، يذكّر سلاح ورزي بالعلاقة المباشرة بين المؤشرات الاقتصادية والوضع المعيشي، مؤكدا أن الحكومة الـ13 أخفقت بالفعل في تنفيذ أبرز وعودها المتمثلة في:
وضع حد لانهيار بورصة طهران. بناء مليون وحدة سكنية سنويا توفير مليون فرصة عمل في كل عام.وأضاف أنه خلافا للمؤشرات الاقتصادية التي تعلنها الأوساط الرسمية فإن العملة الإيرانية فقدت أكثر من ثلثي قيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن التضخم تضاعف عدة مرات خلال الفترة ذاتها، فضلا عن أن تفنن الحكومة بفرض الضرائب يتعارض والوعود التي أطلقتها لتحقيق العدالة.
ورأى سلاح ورزي، أن الحكومة لم تتمكن بعد من حلحلة أزمة نقص الطاقة في البلاد؛ ما أدى إلى قطع الغاز عن البلدات الصناعية في فصل الشتاء وقطع الكهرباء عنها في الصيف، حتى أضحت القطاعات الصناعية تشكو تراجع الإنتاج بسبب نقص الطاقة.
وأرجع الأكاديمي الإيراني تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية في بلاده ومنها زيادة صادرات النفط إلى:
تساهل الجانب الأميركي بسبب رغبة الإدارة الديمقراطية بإنقاذ الاتفاق النووي. انضمام إيران إلى بعض المنظمات الدولية مثل شنغهاي. تطبيع العلاقات مع بعض دول الجوار. تعافي بعض القطاعات الاقتصادية عقب انتهاء جائحة كورونا. غلبة السياسةوعلى وقع الوضع القائم بشأن الواقع الاقتصادي في إيران، يرى مراقبون تشابكا بين النظامين الاقتصادي والسياسي في البلاد وأنه لا يمكن النظر في ملف الحكومة الاقتصادي بعيدا عن التحديات الخارجية التي تعترض خططها على المستويين الداخلي والخارجي كما أنه لا يمكن غض النظر عن دور السياسة الخارجية وقدرتها علی معالجة تلك التحديات.
ومع اقتراب فترة الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية المبكرة، المقررة في 28 الشهر الجاري، لا تجد شريحة من الإيرانيين صعوبة في الترويج لمرشحها المفضل؛ فما عليها سوى انتقاد الوضع الاقتصادي الراهن، بينما يعتقد آخرون أن أيادي الحكومة تكاد تكون مقيدة في اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية بسبب ضرورة التزامها بالسياسات العليا التي سبق ورسمها رموز الثورة الإسلامية.
في غضون ذلك، نشرت صحيفة آرمان ملي، مقالا تحت عنوان "دور رئيس الجمهورية في الاقتصاد" كتبت فيه أنه في ظل تعقيد الإطار السياسي والدور الذي تلعبه جهات مختلفة في اتخاذ القرارات الاقتصادية في إيران، يتمتع الرئيس بأدوات وصلاحيات عدة لتوجيه الاقتصاد الوطني، مستدركة أنه رغم ذلك فإن الرئيس يواجه قيودا في تنفيذ سياساته الاقتصادية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاقتصادی للحکومة خلال السنوات أن الحکومة
إقرأ أيضاً:
احتدام التنافس السياسي في تمصلوحت: دواوير تتجه نحو استقطاب أمانة محلية لحزب الاستقلال :
تحرير :زكرياء عبد الله
تشهد جماعة تمصلوحت التابعة لإقليم الحوز دينامية سياسية لافتة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بعدما دخلت عدد من الجمعيات والفعاليات المدنية في دواوير الجماعة في تنسيق موسع لافتتاح أمانة محلية لحزب الاستقلال، في خطوة تعكس تحولا في الخريطة السياسية المحلية.
ويأتي هذا التحرك الجديد في أعقاب افتتاح حزب الأصالة والمعاصرة لأمانته المحلية في مركز تمصلوحت، مما شكل نقطة انطلاق لإعادة ترتيب موازين القوى السياسية داخل الجماعة. وبينما اختارت ساكنة المركز الانخراط بقوة في دعم “البام”، أظهرت دواوير متعددة ميولًا نحو مشروع حزب الاستقلال، مدفوعة بخطاب يرتكز على القرب الاجتماعي والدفاع عن المصالح التنموية للساكنة القروية.
هذا المستجد أعاد رسم مشهد التنافس السياسي على رئاسة جماعة تمصلوحت، إذ بات الصراع محصورا بشكل متزايد بين أحزاب التحالف للبام والاستقلال والأحرار ما ينبئ بحملة انتخابية ساخنة وتحالفات جديدة قد تعيد تشكيل مجلس الجماعة المقبل بدل الأغلبية المريحة التي ظفر بها الأحرار في هذ الدور .
الفاعلون المحليون يعتبرون أن هذا التنوع في التمثيلية الحزبية يعد مؤشرا صحيا على حيوية الديمقراطية التشاركية في الجماعة، لكنه في المقابل يفرض على الأحزاب تقديم برامج واقعية وملموسة تستجيب لتطلعات المواطنين، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية، التعليم، والصحة.
وفي ظل هذه التحركات، تبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، حيث من المرتقب أن تشهد الساحة السياسية المحلية لقاءات موسعة، وإعلان أسماء مرشحين جدد قد يقلبون موازين التوقعات.