لا مقاطعة شيعية لبكركي.. أيّ تبعات للموقف الاحتجاجي؟!
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
على الرغم من أنّ غياب رئيسي حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وحزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميل، شكّل في مكانٍ ما، "نقطة ضعف" اللقاء الذي عقد في بكركي لمناسبة حضور أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، الأمر الذي منع أيّ "ترجمة سياسية" له، وأفشله في مكانٍ ما، إلا أنّ غياب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، استقطب الاهتمام الأوسع، لأكثر من سبب واعتبار.
فبعدما أظهر غياب الخطيب وجود "مقاطعة شيعية"، إن جاز التعبير، للقاء العائلي في بكركي، أثيرت "بلبلة" في الأوساط السياسية حول الموضوع، غذّتها مواقف بعض القوى السياسية، بما فيها تلك التي غاب رؤساؤها عن اللقاء، وصلت لحدّ وضع الأمر في خانة "إهانة" مرجعية بكركي، أو حتى التقليل من احترام ممثّل الفاتيكان، وهو ما دفع المعنيّين إلى المسارعة للتوضيح بأنّ الموقف ليس موجّهًا ضدّ الفاتيكان، الذي يحظى بكامل الاحترام.
لكنّ توضيح المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لم ينفِ وجود "إطار احتجاجي" خلف الأمر، وذلك بسبب المواقف الأخيرة للبطريرك الماروني بشارة الراعي من الأحداث الجارية في الجنوب، ولو أنّه أكّد أنّ ذلك لا يعني وجود "مقاطعة شيعية لبكركي"، فكيف يمكن أن يُفهَم الموقف "الاحتجاجي" إذاً وفي أيّ خانة يمكن وضعه؟ وأيّ تبعات له على العلاقة بين المكوّنين الشيعي والمسيحي، سياسيًا ودينيًا، وقبل ذلك وطنيًا؟
خلفيّات الموقف
يقول المعنيّون إنّ الهدف من مقاطعة لقاء بكركي، لم يكن إثارة أيّ لغط أو جدل، وإنما توجيه رسالة إلى "صاحب الدعوة"، أي البطريرك الماروني بشارة الراعي، وبالتالي تسجيل "موقف احتجاجي" ضدّ المواقف التي يطلقها في الآونة الأخيرة، والتي يبدو أنّها "أزعجت" في مكانٍ ما ممثّلي المكوّن الشيعي، خصوصًا على مستوى التعاطي مع الحرب الدائرة في الجنوب، والإيحاء في أكثر من مناسبة بتحميل "حزب الله" مسؤولية تفاقم الأوضاع.
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ مواقف الراعي لم تكن "مريحة" للثنائي الشيعي منذ اليوم الأول من فتح الجبهة اللبنانية إسنادًا للشعب الفلسطيني في غزة، لكنّ أيّ موقف اعتراضي أو احتجاجي عليها لم يصدر عن ممثّلي "الثنائي" طيلة الأشهر السابقة، إلا أنّ ما أدلى به البطريرك الراعي الأسبوع الماضي نقل الأمور إلى مكان آخر، وتحديدًا قوله إنّ "رئيس الجمهورية المنشود هو الذي يُعنى بألّا يعود لبنان منطلقًا لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها".
وقد فُهِم من هذا الكلام أنّ البطريرك الراعي يصنّف العمليات التي تقوم بها المقاومة بما في ذلك "حزب الله" ضدّ إسرائيل على أنّها "إرهابية" بشكل أو بآخر، ولو أنّ مصادر محسوبة على بكركي نفت الأمر، وأكّدت أنّ البطريرك الراعي لم يصف يومًا "حزب الله" بـ"الإرهابي"، وبالتالي فهو لم يقصد وصف عملياته بـ"الإرهابية"، وهو ما أدّى إلى "التحفّظ" على ما أدلى به، خصوصًا أنّ أيّ توضيح رسميّ لم يصدر عن البطريركية المارونية.
"لا مقاطعة"
انطلاقًا من ذلك، يقول المحسوبون على "الثنائي" إنّ مقاطعة اللقاء الأخير في بكركي جاءت لتعبّر عن الاحتجاج على هذا الموقف بالتحديد، ولتوجّه رسالة بوجود مكوّن لبناني يرفض مثل هذه المقاربات، وهو الذي يعتبر عمليات المقاومة ضدّ إسرائيل واجبًا للدفاع عن الحرية والسيادة ومواجهة الظلم، خصوصًا في مرحلة يفترض أن يتمّ فيها رصّ الصفوف بين مختلف المكوّنات، لمواجهة أسوأ السيناريوهات، بما في ذلك الحرب الشاملة.
يرفض هؤلاء وضع هذا الموقف الاحتجاجيّ "المحدود والمضبوط" في خانة إهانة مرجعية بكركي التاريخية، أو حتى في خانة التقليل من شأن البطريرك الماروني، الذي يحظى بكامل الأطراف لدى المكوّن الشيعي، حيث يقولون إنّه يصبّ في خانة "انتقاد رأي سياسي" أدلى به الأخير، لا أكثر ولا أقلّ، وهو حقّ مشروع، علمًا أنّ الأوْلى بالسؤال عن المقاطعة هم أولئك الذين غابوا، وهم يعرفون أنّ غيابهم من شأنه أن يفرغ اللقاء من مضمونه.
الأكيد وفق ما يقول المحسوبون على "الثنائي" أنّ الموقف الاحتجاجي "محصور في الزمان والمكان"، وهو لا يعدو كونه تسجيل موقف، لن يصل لحدّ "القطيعة" مع الكنيسة المارونية، وهو ما أكده المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في موقفه التوضيحي أساسًا، علمًا أنّ العلاقات غير مقطوعة بين "حزب الله" نفسه وبكركي، وإن كانت "مجمّدة" بفعل الأحداث الضاغطة، وآخرها الحرب الإسرائيلية وما تفرّع عنها.
بمعزل عن "تقييم" غياب المكوّن الشيعي عن لقاء بكركي، بين من يعتبر "خطأ" ما كان يجب أن يحصل، مهما وصلت الاختلافات في الرؤى ووجهات النظر بين الطرفين، ومن يضعه في خانة "الرسالة" التي كان يجب أن تصل، فإنّ الأكيد أن الوضع العام لا يتيح التلهّي بخلافات طائفية مذهبية لا أساس لها، في مرحلة يفترض أن يتمّ فيها "تحصين" الوحدة الوطنية، لمواجهة "الجنون" الإسرائيلي الذي يبدو بلا أفق!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تساؤلات مشروعة.. العقيد وضاح الدبيش يوضح لـ "الفجر"..هل كان الحوثي يجهل تبعات استهداف السفن الأمريكية؟
في تصريحات جريئة ومباشرة، فتح العقيد وضاح الدبيش، الناطق الرسمي باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن، النار على جماعة الحوثي متهمًا إياها بخوض "حرب فنكوشية" بلا أهداف حقيقية سوى تنفيذ أجندات خارجية وإرضاء نزعات داخلية مشوهة.
ويبدأ العقيد الدبيش تساؤلاته بكشف واضح: هل كان الحوثي يجهل الرد الأمريكي على تهديد الملاحة واستهداف السفن الأمريكية؟ ويجيب بثقة: "قطعًا لا". فالحوثي، كما يرى، يعلم جيدًا تبعات هذه الأفعال، وأن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تهديد مصالحها البحرية.
وينتقل العقيد الدبيش في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، تحليله إلى ملف إطلاق الصواريخ الحوثية تجاه إسرائيل، معتبرًا أنها لا تمثل تهديدًا حقيقيًا للكيان المحتل، بل هي مجرد محاولة دعائية لا تؤتي ثمارها. ويؤكد قائلًا: "هل كان الحوثي يعتقد أن صواريخه ستضر إسرائيل؟ قطعًا لا"، مضيفًا أن الجماعة لم تحقق أي نتائج تذكر لصالح القضية الفلسطينية أو دعمًا حقيقيًا لأهل غزة.
الأمم المتحدة تحذر من التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل وتدعو لضبط النفس صنعاء تحت القصف.. 286 غارة أمريكية تستهدف معسكرات الحوثي خلال 50 يومًا اللعب في الوقت الضائع: عندما تتحول اليمن إلى رقعة شطرنج
يتهم العقيد الدبيش الحوثي بالتحرك ضمن أجندة إيرانية بحتة، واصفًا ما يحدث بأنه جزء من لعبة الشطرنج الفارسية، حيث تستخدم طهران الجماعة كأداة للابتزاز والتفاوض، دون اعتبار لمصالح الشعب اليمني.
ويضيف: "هل يدرك الحوثي أن هذه المغامرات لا تجلب إلا الضرر لليمن؟ قطعًا نعم"، في إشارة إلى أن القيادة الحوثية تدرك العواقب الكارثية لتحركاتها، لكنها تمضي بها عمدًا، بحثًا عن مكاسب سياسية أو شعبية مؤقتة.
نهاية الحرب ليست بالمشنقة... بل بالمفاوضات
وفي تفسيره لدوافع الجماعة، يصرح الدبيش بأن الحوثي يخوض هذه الحرب العبثية بدافع الحاجة إلى "تنظيف سمعته أمام غوغاء الداخل والتاريخ"، على حد وصفه، مشيرًا إلى أن القيادة الحوثية لا تخشى الإبادة أو الاجتثاث الكامل، بل تراهن على أن نهاية هذا التصعيد ستكون على طاولة المفاوضات لا في ساحات الإعدام.
من خلال هذا الحديث، يضع العقيد وضاح الدبيش النقاط على الحروف، كاشفًا خلفيات التصعيد الحوثي في البحر الأحمر، والرسائل الصاروخية نحو إسرائيل، ومبينًا أنها ليست إلا حروب استعراضية يدفع ثمنها الشعب اليمني وحده، بينما يستمر قادة الجماعة في لعب أدوارهم ضمن مخططات إقليمية محسوبة.
قراءة في التوقيت والدلالات حول استقالة رئيس الحكومة اليمنية "أحمد بن مبارك" الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على سفن شحن ومالكيها بسبب دعم الحوثيين