الرباط- قررت المغربية ربيعة الموساوي إرسال ابنها (11 عاما) هذا الصيف لقضاء النصف الأول من أغسطس/آب في مخيم للأطفال في مدينة طنجة، وهذه أول تجربة للطفل أيمن، سيقضي خلالها 12 يوما بعيدا عن أسرته ومحيطه ومدينته.

تقول ربيعة للجزيرة نت إن ابنها كان متحمسا للتسجيل في المخيم الصيفي، لكنه قبل يومين من الموعد انتابته حالة من القلق، ومردها يعود إلى انفصاله لأول مرة عن والديه وإخوته.

حاولت الأسرة تبديد قلق الطفل بالإجابة عن كل أسئلته ومخاوفه ونقل تجارب المحيطين به من أفراد العائلة في التخييم، ويبدو أن ذلك كان له تأثير إيجابي.

بعد يومين من سفره، تقول ربيعة إنها اتصلت بالمدرب المشرف على ابنها وأخبرها أنه كان أقل توترا من باقي أقرانه ممن يشاطرونه التجربة الأولى وقضوا الليلة الأولى يبكون لابتعادهم عن والديهم.

أطفال يشاركون في إحدى الفعاليات الفنية في مخيم صيفي شمال المغرب (الجزيرة) صعوبات الأيام الأولى

تعد التجربة الأولى للطفل في المخيم الصيفي صعبة؛ إذ ينفصل لأول مرة عن الأبوين، وينتقل من حضن أسرته ورعاية الأم والأب إلى أجواء مختلفة، يشرف خلالها مدرب تربوي على عدة أطفال من العمر نفسه، ومن مناطق مختلفة، يبيتون في الغرفة نفسها أو الخيمة، يأكلون الطعام نفسه، ويعتمدون على أنفسهم في اللباس وتنظيم أَسِرتهم وملابسهم والعناية الشخصية بأنفسهم.

ويقول خليل سعدي (مدير مخيمات وناشط في مجال الطفولة) إن التجربة الأولى للطفل في المخيمات الصيفية مفيدة ومثيرة في الوقت نفسه؛ إذ تسهم بقدر كبير في تربيته على قيم ومبادئ إيجابية، وعلى ممارسات وسلوكيات يومية تختلف عما يتعلمه في حضن الأسرة.

ومن خلال تجربته الميدانية -التي استمرت عقودا في هذا المجال- يوضح سعدي للجزيرة نت أن المخيم الصيفي كحاضنة للأنشطة التربوية وفضاء للتربية والترفيه له انعكاس إيجابي جدا على نفسية الطفل وسلوكه؛ فهذه التجربة تتيح له تنمية المهارات وتقويتها التي تكتسب جراء الاحتكاك المباشر مع كبار السن من مشرفين وإداريين.

كما أن المخيم -وفق سعدي- يشكل فترة زمنية لتعزيز قيمة المسؤولية لدى الأطفال عبر المسؤوليات المتنوعة التي توكل إليهم، وتساعد على تطوير مهاراتهم التواصلية والتعامل مع الآخرين، إلى جانب تعزيز الاعتماد على النفس والاستقلالية وتعزيز الثقة، وإثبات الذات والاندماج والعمل الجماعي، إضافة إلى تعزيز الاستكشاف والابتكار والمساهمة في الحياة العامة.

سعدي: المخيم الصيفي فضاء للتربية والترفيه وله انعكاس إيجابي جدا على نفسية الطفل وسلوكه (الجزيرة) قلق الانفصال

مع الأيام الأولى للمخيم، يستعصي على بعض الأطفال الانخراط في "حياة التخييم" بسهولة، حسب ما أكده للجزيرة نت خبير قضايا الطفولة وأستاذ علم النفس عبد الله العلوي أبو إياد، وبرر ذلك بعدة عوامل: إما لكونهم أرغموا على المشاركة إرضاء للأبوين أو أحدهما، أو بسبب الخوف من الحياة الجماعية ومتطلبات الاستقلال والاعتماد على النفس، أو بسبب صعوبات صحية كالتبول اللاإرادي أو خشية التنمر، أو حتى بطريقة الاستقبال والتعامل جراء التأطير غير مؤهل.

وتعزو الاختصاصية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي بشرى المرابطي الصعوبات التي يواجهها الطفل في تجربته الأولى بالمخيم إلى قلق الانفصال عن الوالدين الذي يصيب نحو 4% من الأطفال في العالم لأسباب وراثية أو بيئية أو نتيجة لخبرة سلبية سابقة.

ويكشف قلق الانفصال عن خوف كبير وتوتر حاد لدى الطفل من الانفصال عن والديه أو عن أحدهما، خاصة الأم، ويؤدي إلى تعلق شديد بوالديه.

وهذا التعلق -حسب الاختصاصية- ارتباط انفعالي قوي يؤدي إلى شعور الطفل بالفرح والسعادة عندما يكون بقرب والديه، وينتابه الخوف الشديد عند الابتعاد عنهما والتواجد مع آخرين، كما في المخيم؛ مما يفسر البكاء الشديد والمستمر لبعضهم وعدم الرغبة في الانخراط في الأنشطة، ويصاحب ذلك اضطراب النوم والأكل وأحيانا بعض الاضطرابات النفسية الجسدية مثل آلام البطن أو الرأس أو صعوبة التنفس أو الإنهاك أو بعض الأمراض الجلدية.

فعالية رياضية في مخيم صيفي للأطفال شمال المغرب (الجزيرة)

ويرى العلوي أن هذه الأعراض يتم تجاوزها بالتركيز على تنظيم الاستقبال القائم على العناية الفردية والجماعية؛ وتوفير سبل الراحة والأمان والاطمئنان ونظافة المكان واستثمار الزمان في الأنشطة المحفزة على اكتشاف الذات وتقوية الثقة فيها والانخراط في الحياة الجماعية وتوظيف الرقمنة في التواصل خلال الأنشطة الاستكشافية والفنية والثقافية والرياضية والألعاب والاتصال بالأبوين وإشراكهما في الأنشطة عن بعد.

ويضيف العلوي للجزيرة نت أن من الضروري التركيز على مبادئ التقبل والفردية وخصوصية علاقة المشرف التربوي أو المدرب مع المستفيد.

العلوي: من الضروري التركيز على مبادئ التقبل والفردية وخصوصية العلاقة المشرف (الجزيرة) مهارات المدربين

وتؤكد بشرى المرابطي للجزيرة نت أن المدربين في المخيمات الصيفية واعون لهذه الحالات من خلال التدريبات التي يخضعون لها لتزودهم بمهارات مساعدة الطفل على الاندماج، لكنها تشدد على أن الخبرة الذاتية والسمات الشخصية تحدث فروقا بين المدربين لإحداث نجاح أكبر في إدماج الطفل الذي يعاني من صعوبات.

وتقدم الاختصاصية النفسية عددا من الاقتراحات لتعزيز مهارات المدربين في التعامل مع هذه الحالات:

التواصل الفعال ومدّ الطفل بشحنة انفعالية من الحب والرعاية. تعريف الطفل بأطفال قدامى وجدوا صعوبات الاندماج في أول تجربة لهم، والأفضل أن يتم ذلك في جلسات التعارف في أول يوم. منح الطفل نوعا من الاهتمام الخاص في أول يومين كمرحلة انتقالية بين الأسرة والانخراط في أنشطة المخيم لتعويض الرعاية الأبوية. تكليف الطفل ببعض المهام ومساعدة المسؤول عن المجموعة في المسؤوليات لينشغل عن التفكير في والديه وعدم الشعور بالوحدة والغربة. توطيد العلاقة بين المجموعة التي ينتمي إليها الطفل الذي يجد صعوبة في الاندماج لتشكل وحدة متماسكة أقرب إلى الأسرة.
المرابطي: عند عودة الطفل من المخيم من المهم أن تستقبله الأسرة بالثناء عليه لتعزيز الارتباط الإيجابي في ذهنه (الجزيرة) وعي الأسرة

ولا تخفي الاختصاصية النفسية المرابطي أهمية وعي الأسرة لإعداد الطفل لتجربة المخيم من دون صعوبات، ووعيها بدور المخيم في علاج الطفل من قلق الانفصال وتكوين شخصيته، وتقترح التدابير التالية:

انخراط الطفل في أنشطة متنوعة طيلة السنة ليتعود على أنها جزء من حياته والاستعداد الجزئي للانفصال عن الأسرة. اعتماد مخيمات نهارية في أول سنوات الطفل لأن الليل هو أكثر الأوقات التي يحس فيها الطفل بالاشتياق لوالديه. التدرج في المدة الزمنية المخصصة للمخيم. التدرج في المسافة بين البيت ومكان المخيم، وفي التجارب الأولى يستحسن أن تكون المسافة قصيرة؛ مما يمنحه الإحساس بالأمان. زيارة الوالدين مكان المخيم صحبة ابنهما قبل انعقاده والتعرف على المدربين والتواصل معهم. عدم زيارة الوالدين للطفل في المخيم إلا بعد التأكد من اندماجه الكلي عبر التواصل مع المدربين. الاتصال بالطفل خلال النهار وليس الليل والتدرج في تقليل الاتصال لمساعدة الطفل على حسن الاندماج. عند عودة الطفل من المخيم من المهم أن تستقبله الأسرة بجائزة وإعداد الطعام الذي يحبه والثناء عليه لتعزيز الارتباط الإيجابي في ذهنه. الكشف عن تجربة الوالدين في المخيم إن وجدت وأثرها في التطوير الإيجابي لشخصيتهما في إطار التعلم بالنموذج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المخیم الصیفی للجزیرة نت فی المخیم الطفل من فی أول

إقرأ أيضاً:

طاهر محمد: لقب السوبر خطوة مهمة.. وتغيير المدربين أربك الفريق بعد المونديال

أكد طاهر محمد طاهر، لاعب الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، أن تتويج الأهلي بلقب السوبر المصري على حساب الزمالك كان بمثابة انطلاقة جديدة للفريق بعد فترة من تذبذب الأداء عقب كأس العالم للأندية.

طاهر محمد طاهر: التتويج بالسوبر يأتي بعد جهد كبير.. وهدفنا إسعاد جماهير النادي الأهلي عمرو سماكة يوجه رسالة لطاهر محمد طاهر ويُشيد بحامد حمدان

وقال طاهر، في مقابلة عبر قناة MBC مصر 2، إن الفريق واجه صعوبات واضحة بعد المونديال بسبب تغيّر الأجهزة الفنية، موضحًا: "البطولة دي كانت مهمة جدًا للمجموعة. تراجع الأداء بعد كأس العالم للأندية ملوش تفسير واضح، لكن طبيعي يحصل ارتباك لما المدربين يتغيّروا وطريقة اللعب تختلف".

أمنية باستمرار عماد النحاس قبل السوبر

وأضاف اللاعب أنه كان يتمنى استمرار المدرب عماد النحاس لقيادة الفريق في السوبر: "عماد النحاس مدرب محترم ومميز، وبيعمل شغل كبير مع الزوراء العراقي. اللي حصل من تغييرات قبل السوبر خلق لخبطة أثّرت علينا".

توروب والبحث عن بداية قوية

وتابع طاهر أن بطولة السوبر كانت أول اختبار رسمي للمدرب الجديد ييس توروب بعد المونديال، وأن اللاعبين كانوا حريصين على مساعدته:

"كنا عايزين نسانده ونساعده. الفوز بالبطولة كان هيعمله رصيد عند الجمهور ويديله دعم كبير. وكنت حابب أكون جزء من إننا نساعده في بدايته".

الزمالك؟ حسابات مختلفة

وتحدث طاهر عن مواجهة الزمالك، مشيرًا إلى أنها دائمًا مختلفة:"كان في قلق طبيعي قبل المباراة، كل السيناريوهات واردة. بس مع بداية الشوط الأول كانت عندنا ثقة إننا هنكسب".

وأشاد بتريزيجيه ودوره في الفوز:"تريزيجيه لاعب كبير ومؤثر مع منتخب مصر. مكانش عندي أي قلق من ركلة الجزاء. واللاعبين اللي زيه غالبًا ما بيقعدوش في فريق أكتر من موسمين أو تلاتة بسبب قيمتهم العالية".

 

ورد طاهر على الشائعات المتداولة عن وجود مشاكل داخل غرفة ملابس الأهلي:"كلها محاولات لضرب استقرار الفريق. كلام بيتقال عشان يفكّوا المجموعة. لكن علاقتنا ببعض ممتازة 100%، والكل محترم وبيدعم زميله".

وأوضح أن وليد صلاح الدين يلعب دورًا مهمًا في ضبط الأجواء ومواجهة الشائعات: "هو بيهيّئنا لكل الظروف، وبيفهمنا اتجاهات السوشيال ميديا وإزاي نتعامل معاها".

 

وأكد طاهر أن محمد الشناوي يواصل دوره القيادي رغم سوء التوفيق الذي يلاحقه: "الشناوي دايمًا في ضهر الفريق. مهما كان تعبان أو متحامل على نفسه، بيسند زميله ويلم الفريق في المباريات الكبيرة".

ريبيرو؟ مدرب كبير لكن الحظ عاندنا

وتحدث لاعب الأهلي عن فترة المدرب ريبيرو: "مدرب كبير وحقق بطولات مع أورلاندو بايرتس، ووصل نهائيات دوري الأبطال. لكن معانا التوفيق ماكانش موجود".

مقالات مشابهة

  • استشاري صحة نفسية: الإنترنت يصنع جيلا متوحش السلوك ويعيد إنتاج الجريمة
  • هيثم شعبان: تقييم المدربين فكرة غائبة عن الإدارة المصرية
  • الناتو يبدي تفاؤلاً بنجاح المبادرة الأميركية للسلام في أوكرانيا
  • لأول مرة… أحمد فهمي يتحدث عن حياته الشخصية وعلاقته بزيجاته السابقة
  • الاتحاد الدولي يشيد بنجاح بطولة «أبوظبي الدولية للشوزن» في العين
  • خبير نفسي يوضح أساسيات بناء علاقة صحية بين الوالدين وأطفالهم منذ اللحظة الأولى
  • تركيا تحذر من استخدام «لغة الانفصال السياسي» في المرحلة الحالية
  • وكيلا ريمة يتفقدان المخيم الطبي للسمعيات والبصريات بمستشفى الثلايا
  • طاهر محمد: لقب السوبر خطوة مهمة.. وتغيير المدربين أربك الفريق بعد المونديال
  • اختتام وتكريم الفريق الطبي العامل في المخيم الثاني لجراحة القلب بهيئة مستشفى الثورة بالحديدة