كيف تمر تجربة الطفل الأولى في المخيم الصيفي بنجاح؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
الرباط- قررت المغربية ربيعة الموساوي إرسال ابنها (11 عاما) هذا الصيف لقضاء النصف الأول من أغسطس/آب في مخيم للأطفال في مدينة طنجة، وهذه أول تجربة للطفل أيمن، سيقضي خلالها 12 يوما بعيدا عن أسرته ومحيطه ومدينته.
تقول ربيعة للجزيرة نت إن ابنها كان متحمسا للتسجيل في المخيم الصيفي، لكنه قبل يومين من الموعد انتابته حالة من القلق، ومردها يعود إلى انفصاله لأول مرة عن والديه وإخوته.
حاولت الأسرة تبديد قلق الطفل بالإجابة عن كل أسئلته ومخاوفه ونقل تجارب المحيطين به من أفراد العائلة في التخييم، ويبدو أن ذلك كان له تأثير إيجابي.
بعد يومين من سفره، تقول ربيعة إنها اتصلت بالمدرب المشرف على ابنها وأخبرها أنه كان أقل توترا من باقي أقرانه ممن يشاطرونه التجربة الأولى وقضوا الليلة الأولى يبكون لابتعادهم عن والديهم.
تعد التجربة الأولى للطفل في المخيم الصيفي صعبة؛ إذ ينفصل لأول مرة عن الأبوين، وينتقل من حضن أسرته ورعاية الأم والأب إلى أجواء مختلفة، يشرف خلالها مدرب تربوي على عدة أطفال من العمر نفسه، ومن مناطق مختلفة، يبيتون في الغرفة نفسها أو الخيمة، يأكلون الطعام نفسه، ويعتمدون على أنفسهم في اللباس وتنظيم أَسِرتهم وملابسهم والعناية الشخصية بأنفسهم.
ويقول خليل سعدي (مدير مخيمات وناشط في مجال الطفولة) إن التجربة الأولى للطفل في المخيمات الصيفية مفيدة ومثيرة في الوقت نفسه؛ إذ تسهم بقدر كبير في تربيته على قيم ومبادئ إيجابية، وعلى ممارسات وسلوكيات يومية تختلف عما يتعلمه في حضن الأسرة.
ومن خلال تجربته الميدانية -التي استمرت عقودا في هذا المجال- يوضح سعدي للجزيرة نت أن المخيم الصيفي كحاضنة للأنشطة التربوية وفضاء للتربية والترفيه له انعكاس إيجابي جدا على نفسية الطفل وسلوكه؛ فهذه التجربة تتيح له تنمية المهارات وتقويتها التي تكتسب جراء الاحتكاك المباشر مع كبار السن من مشرفين وإداريين.
كما أن المخيم -وفق سعدي- يشكل فترة زمنية لتعزيز قيمة المسؤولية لدى الأطفال عبر المسؤوليات المتنوعة التي توكل إليهم، وتساعد على تطوير مهاراتهم التواصلية والتعامل مع الآخرين، إلى جانب تعزيز الاعتماد على النفس والاستقلالية وتعزيز الثقة، وإثبات الذات والاندماج والعمل الجماعي، إضافة إلى تعزيز الاستكشاف والابتكار والمساهمة في الحياة العامة.
مع الأيام الأولى للمخيم، يستعصي على بعض الأطفال الانخراط في "حياة التخييم" بسهولة، حسب ما أكده للجزيرة نت خبير قضايا الطفولة وأستاذ علم النفس عبد الله العلوي أبو إياد، وبرر ذلك بعدة عوامل: إما لكونهم أرغموا على المشاركة إرضاء للأبوين أو أحدهما، أو بسبب الخوف من الحياة الجماعية ومتطلبات الاستقلال والاعتماد على النفس، أو بسبب صعوبات صحية كالتبول اللاإرادي أو خشية التنمر، أو حتى بطريقة الاستقبال والتعامل جراء التأطير غير مؤهل.
وتعزو الاختصاصية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي بشرى المرابطي الصعوبات التي يواجهها الطفل في تجربته الأولى بالمخيم إلى قلق الانفصال عن الوالدين الذي يصيب نحو 4% من الأطفال في العالم لأسباب وراثية أو بيئية أو نتيجة لخبرة سلبية سابقة.
ويكشف قلق الانفصال عن خوف كبير وتوتر حاد لدى الطفل من الانفصال عن والديه أو عن أحدهما، خاصة الأم، ويؤدي إلى تعلق شديد بوالديه.
وهذا التعلق -حسب الاختصاصية- ارتباط انفعالي قوي يؤدي إلى شعور الطفل بالفرح والسعادة عندما يكون بقرب والديه، وينتابه الخوف الشديد عند الابتعاد عنهما والتواجد مع آخرين، كما في المخيم؛ مما يفسر البكاء الشديد والمستمر لبعضهم وعدم الرغبة في الانخراط في الأنشطة، ويصاحب ذلك اضطراب النوم والأكل وأحيانا بعض الاضطرابات النفسية الجسدية مثل آلام البطن أو الرأس أو صعوبة التنفس أو الإنهاك أو بعض الأمراض الجلدية.
ويرى العلوي أن هذه الأعراض يتم تجاوزها بالتركيز على تنظيم الاستقبال القائم على العناية الفردية والجماعية؛ وتوفير سبل الراحة والأمان والاطمئنان ونظافة المكان واستثمار الزمان في الأنشطة المحفزة على اكتشاف الذات وتقوية الثقة فيها والانخراط في الحياة الجماعية وتوظيف الرقمنة في التواصل خلال الأنشطة الاستكشافية والفنية والثقافية والرياضية والألعاب والاتصال بالأبوين وإشراكهما في الأنشطة عن بعد.
ويضيف العلوي للجزيرة نت أن من الضروري التركيز على مبادئ التقبل والفردية وخصوصية علاقة المشرف التربوي أو المدرب مع المستفيد.
وتؤكد بشرى المرابطي للجزيرة نت أن المدربين في المخيمات الصيفية واعون لهذه الحالات من خلال التدريبات التي يخضعون لها لتزودهم بمهارات مساعدة الطفل على الاندماج، لكنها تشدد على أن الخبرة الذاتية والسمات الشخصية تحدث فروقا بين المدربين لإحداث نجاح أكبر في إدماج الطفل الذي يعاني من صعوبات.
وتقدم الاختصاصية النفسية عددا من الاقتراحات لتعزيز مهارات المدربين في التعامل مع هذه الحالات:
التواصل الفعال ومدّ الطفل بشحنة انفعالية من الحب والرعاية. تعريف الطفل بأطفال قدامى وجدوا صعوبات الاندماج في أول تجربة لهم، والأفضل أن يتم ذلك في جلسات التعارف في أول يوم. منح الطفل نوعا من الاهتمام الخاص في أول يومين كمرحلة انتقالية بين الأسرة والانخراط في أنشطة المخيم لتعويض الرعاية الأبوية. تكليف الطفل ببعض المهام ومساعدة المسؤول عن المجموعة في المسؤوليات لينشغل عن التفكير في والديه وعدم الشعور بالوحدة والغربة. توطيد العلاقة بين المجموعة التي ينتمي إليها الطفل الذي يجد صعوبة في الاندماج لتشكل وحدة متماسكة أقرب إلى الأسرة.ولا تخفي الاختصاصية النفسية المرابطي أهمية وعي الأسرة لإعداد الطفل لتجربة المخيم من دون صعوبات، ووعيها بدور المخيم في علاج الطفل من قلق الانفصال وتكوين شخصيته، وتقترح التدابير التالية:
انخراط الطفل في أنشطة متنوعة طيلة السنة ليتعود على أنها جزء من حياته والاستعداد الجزئي للانفصال عن الأسرة. اعتماد مخيمات نهارية في أول سنوات الطفل لأن الليل هو أكثر الأوقات التي يحس فيها الطفل بالاشتياق لوالديه. التدرج في المدة الزمنية المخصصة للمخيم. التدرج في المسافة بين البيت ومكان المخيم، وفي التجارب الأولى يستحسن أن تكون المسافة قصيرة؛ مما يمنحه الإحساس بالأمان. زيارة الوالدين مكان المخيم صحبة ابنهما قبل انعقاده والتعرف على المدربين والتواصل معهم. عدم زيارة الوالدين للطفل في المخيم إلا بعد التأكد من اندماجه الكلي عبر التواصل مع المدربين. الاتصال بالطفل خلال النهار وليس الليل والتدرج في تقليل الاتصال لمساعدة الطفل على حسن الاندماج. عند عودة الطفل من المخيم من المهم أن تستقبله الأسرة بجائزة وإعداد الطعام الذي يحبه والثناء عليه لتعزيز الارتباط الإيجابي في ذهنه. الكشف عن تجربة الوالدين في المخيم إن وجدت وأثرها في التطوير الإيجابي لشخصيتهما في إطار التعلم بالنموذج.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المخیم الصیفی للجزیرة نت فی المخیم الطفل من فی أول
إقرأ أيضاً:
تعزيز قدرات المشاركين في دورة "تدريب المدربين" بمجالي القضاء والقانون
مسقط- الرؤية
يُختتم، اليوم الخميس، في المعهد العالي للقضاء بنزوى دورة "تدريب المدربين(TOT)" والتي استمرت على مدى خمسة أيام، وذلك تنفيذًا للخطة الاستراتيجية للمعهد وبرنامج التدريب السنوي المعتمد، الهادف إلى تعزيز الكفاءة المهنية وتطوير المهارات التدريبية لمنسوبي السلك القضائي والقانوني.
وشارك في الدورة عددٌ من أصحاب الفضيلة القضاة، وأعضاء الادعاء العام، وأعضاء القضاء العسكري، بالإضافة إلى عدد من الأعضاء الفنيين بوزارة العدل والشؤون القانونية.
وفي هذا السياق قال الدكتور وائل بن سيف الهنائي مدير دائرة التدريس والتدريب بالمعهد: "تهدف الدورة إلى تطوير مهارات المشاركين في تنفيذ وتصميم برامج تدريبية احترافية، مع التركيز على التدريب القضائي والقانوني، وشملت الدورة تحديد الاحتياجات التدريبية، إعداد الحقائب التدريبية، التعامل مع المتدربين، وتطوير مهارات العرض والتقديم. كما تهدف إلى تقييم جودة التدريب وقياس أثره لرفع الأداء المهني وبناء مدربين مؤهلين لنقل المعرفة القانونية بكفاءة، ولقد نظم المعهد عدداً من الدورات التدريبية في هذا المجال سوءًا على مستوى السلطنة أو على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي".
وأوضح فضيلة القاضي الدكتور يوسف بن سعيد الراشدي قاضي محكمة استئناف، أن دورة إعداد المدربين كانت تجربة مميزة ومحورية في مسيرته المهنية كعامل في المجال القضائي، مضيفا: "اكتسبت العديد من المهارات التي تعزز من قدراتي وهو ما سينعكس إيجابيًا على جودة ما أقدمه مستقبلًا".
وفي السياق، أكدت وكيل ادعاء عام أول سالمة بنت خليفة العبرية، أن مشاركة أعضاء الادعاء العام في دورة تدريب المدربين بالمعهد العالي للقضاء تساهم في تمكينهم من التدريب ونقل المعرفة بكفاءة، من خلال محاور نظرية وعملية لتطوير مهاراتهم، لافتة إلى أن الدورة تأتي ضمن جهود الادعاء العام لتأهيل منتسبيه وفق المستجدات العلمية والعملية، لرفع الأداء المؤسسي وتحسين الجودة في بيئة العمل القانونية.
بدورها ذكرت المستشار المساعد جواهر الريامية من وزارة العدل والشؤون القانونية: "أسهمت المشاركة في دورة تدريب المدربين في تعزيز كفاءتي المهنية في التدريب القانوني، من خلال تعلم أساليب تدريب حديثة، تصميم برامج مبتكرة، واستخدام أدوات تدريبية متنوعة، كما أنها مكّنتني من تحويل خبرتي القانونية إلى تطبيق عملي فعال، لتحقيق أفضل استفادة من البرامج المستقبلية، مع تقديرنا لجهود المعهد في تعزيز العمل القضائي".