عناوين أربعة.. هل أعاد الأسد ملف التطبيع مع تركيا إلى نقطة البداية؟
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
لا يزال مسار التقارب بين تركيا والنظام السوري يراوح بين تصريحات المسؤولين من كلا الطرفين، والتي أصبحت مؤخرا تحمل تضاربا في ما بينا على وقع تأكيد أنقرة لوضع بشار الأسد شروطا مسبقة للتفاوض ونفي الأخير لصحة ذلك، مُعيدا الملف إلى "العناوين الرئيسية" التي يجب إجراء المحادثات حولها بناء على "مرجعية" تفضي إلى "ورقة مبادئ".
وكان ملف إعادة العلاقات بين تركيا ونظام الأسد شهدا تقدما ملحوظا خلال شهر تموز /يوليو الماضي مع تبادل دمشق وأنقرة رسائل وصف بـ"الإيجابية"، قبل أن يبدأ بالتراجع في ظل وضع الأسد شرط انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية على طاولة المفاوضات قبل الجلوس إليها، بحسب تصريحات أدلى بها وزير الدفاع التركي يشار غولر.
والأحد، قال الأسد خلال كلمة له في العاصمة السورية دمشق، إن "المرحلة التي تتحدث عنها سوريا الآن هي مرحلة الأسس والمبادئ لأن نجاحها هو ما يؤسس للنجاح لاحقا"، مشيرا إلى أن "تصريحات المسؤولين الأتراك حول قول سوريا إن لم يحصل الانسحاب فلن نلتقي، لا أساس لها من الصحة، فمعيارنا هو السيادة".
واعتبر في حديثه أمام "مجلس الشعب" أن فشل المحادثات السابقة بين نظامه والجانب التركي هو بسبب عدم "وجود مرجعية"، مشددا على أنه في إطار "المبادئ فأية عملية تفاوض بحاجة إلى مرجعية لكي تنجح".
وأضاف أن هذه المرجعية قد تستند إلى عدة أشياء، بما في ذلك المسائل العالقة بين الجانبين، والتي قسمها الأسد إلى "عناوين سورية وعناوين تركية".
وأشار إلى أن العناوين التركية تتمثل "بموضوع اللاجئين وموضوع الإرهاب"، بينما تتمثل العناوين السورية "بما تصرح به سوريا بشكل مستمر هو موضوع الانسحاب من الأراضي السورية وموضوع الإرهاب أيضا".
وعادة ما يشير الجانب التركي بحديثه عن "الإرهاب"، إلى حزب "العمال الكردستاني" (بي كي كي) الذي يتخذ من جبال قنديل في العراق مقرا له، إضافة إلى وحدات الحماية الكردية شمال شرق سوريا، التي تراها أنقرة امتدادا للعمال الكردستاني، فيما يشير نظام الأسد إلى فصائل المعارضة المسلحة التي تدعمها أنقرة في شمال غربي سوريا.
واعتبر الأسد على أنه "حين يتم الاتفاق على هذه العناوين يجب أن يصدر بيان مشترك من خلال لقاء بين المسؤولين في الطرفين بمستوى يحدد لاحقا"، موضحا أن "هذا البيان المشترك يتحول إلى ورقة تشكل ورقة مبادئ هي التي تشكل القاعدة للإجراءات التي يمكن أن تتم لاحقا بالنسبة لتطوير العلاقة أو الانسحاب أو مكافحة الإرهاب أو غيرها من العناوين التي تهم الطرفين".
الباحث في الشأن التركي محمود علوش، أوضح أن "التوافق على ورقة المبادئ لا يمكن أن يحصل سوى على طاولة المفاوضات"، موضحا أن الأسد "يريد أن يشمل التفاوض كل القضايا في هذه العملية دفعة واحدة".
وأضاف علوش في حديثه لـ"عربي21"، أن "الأسد سعى في خطابه إلى إظهار رغبته بالتطبيع بالقدر الذي سعى فيه إلى الحفاظ على سقف تفاوضي مرتفع".
هل عاد الملف إلى محطاته الأولى؟
تسارعت خطى أنقرة على مسار التقارب مع الأسد على وقع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداده للقاء مع رئيس النظام السوري، الشهر الماضي، في تركيا أو بلد ثالث.
وجاء إعلان أردوغان هذا، بعد أيام قليلة من حديثه عن إمكانية استئناف العلاقات مع نظام الأسد ورفعها إلى المستوى العائلي، كما كان الحال عليه قبل الثورة السورية.
في حين أعرب الأسد، الذي يمضي على هذا المسار بدفع من حليفه الرئيسي روسيا، التي تلعب دور الوساطة بين الجانبين، عن ترحيبه بأي "مبادرة إيجابية مبنية على مبدأ السيادة الوطنية".
ومع تبادل الرسائل "الإيجابية" بين الجانبين"، تحدثت العديد من الصحف التركية عن لقاء متوقع بين أردوغان والأسد خلال شهر آب /أغسطس الجاري، إلا أن الزخم الذي قوبل به ملف التطبيع خلال تموز تراجع بشدة خلال الأسابيع الأخيرة، كما غابت ملامح اقتراب أي لقاء بين الرئيسين.
وفي 15 آب /أغسطس الجاري، اتهم وزير الدفاع التركي، يشار غولر، النظام السوري برفض العودة إلى "الاستقرار والسلام"؛ عبر وضعه شروطا مسبقة للبدء في مفاوضات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وقال إن "وضع نظام الأسد شروطا مسبقة، كالمطالبة بانسحاب القوات التركية من سوريا، يعد بمثابة رفض لعودة الاستقرار والسلام"، لافتا إلى أن النظام السوري يطالب بتحديد تاريخ محدد لانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية قبل التفاوض، وهو الأمر الذي نفاه الأسد في حديثه الأخير.
وجدد الوزير التركي مطالبات أنقرة بوضع دستور جديد لسوريا، وإجراء انتخابات، وتأمين الحدود؛ للتقدم في محادثات تطبيع العلاقات، مشددا على أن بلاده "مستعدة للعمل مع من يصل إلى السلطة بعدها".
ومع عناوين الأسد الأخيرة ومطالبته بمرجعية للمباحثات بين الجانبين، أوضح سمير العبد الله، مدير قسم التحليل السياسي في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن رئيس النظام السوري "أعاد مسار التقارب مع تركيا إلى نقطة البداية".
وأشار في حديثه إلى "عربي21"، إلى أن الأسد تحدث عن "ضرورة المصارحة بين الطرفين كأساس لإعادة العلاقات، وبهذه الطريقة أعاد الحوار إلى الأسس والمبادئ، مشيرا إلى أن أي تقدم يجب أن يعتمد على توافق حول القضايا الجوهرية، وليس على تفاهمات شكلية".
و"نفي الأسد لصحة التصريحات التركية المتعلقة بمطالبة النظام بالانسحاب التركي من سوريا كشرط للمفاوضات يعكس رغبته في إظهار أن نظامه ليس عقبة في المفاوضات"، يقول العبد الله.
ولم تصدر تركيا أي بيان للتعليق حول نفي الأسد صحة تصريحات وزير الدفاع التركي إلى غاية نشر هذه المادة.
وقال الأسد إن سياسة نظامه تجاه "لم تتغير لا سابقا للحرب ولا لاحقا لها"، وأضاف "لم نرسل قوات لكي تحتل أراضي في بلد جار لكي ننسحب اليوم، ولم ندعم الإرهاب لكي يقوم بقتل شعب جار، وكنا نعتبره شقيقا".
واستدرك الأسد خلال حديثه عن انسحاب تركيا من الأراضي السورية، بالقول إن هناك حاجة "للتراجع عن السياسات التي أدت إلى الوضع الراهن (بين أنقرة ونظامه)، وهي ليست شروطا، وإنما هي متطلبات من أجل نجاح العملية".
وتعد مسألة انسحاب القوات التركية من شمال سوريا إحدى أبرز العقبات أمام مسار التقارب، حيث تشبث الأسد لفترة طويلة بضرورة سحب أنقرة لقواتها من الأراضي السورية للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
واعتبر الأسد أن فشل المحادثات التي بدأت بين نظامه والجانب التركي منذ نحو 5 سنوات، هو بسبب عدم "وجود مرجعية"، مشددا على أهمية المرجعية لدفع المباحثات نحو الأمام.
بحسب مدير قسم التحليل السياسي في مركز حرمون، فإن الأسد "يريد الإيحاء بأنه حريص على أن تكون المفاوضات مثمرة، وأن تكون هناك مرجعية واضحة لكل طرف في المفاوضات، فهو من جهة يخشى من انقلاب الموقف التركي عليه، لذلك لا يريد أن يقدم لهم شيء".
من جهته، يرى علوش أن "أهم ما قاله الأسد، هو إنه لا يزال مستعدا للشروع في عملية التطبيع إذا ارتكزت على مرجع واضح. وهذا ما تقوله تركيا أيضا".
"هناك صعوبة كبيرة في تدشين هذا المشروع لأن التوافق على مبادئ التطبيع هو المرحلة الأكثر حساسية. لا نستطيع أن نتحدث عن انتكاسة مشروع التطبيع لأنه لم يتجاوز بعد مرحلة استعراض النوايا والسقوف التفاوضية"، يقول علوش.
ويشدد الباحث، على أن "جانب رئيسي من الخطاب المتبادل مصمم لتعزيز الموقف التفاوضي قبل أي استئناف للحوار"، ويلفت إلى أنه "حين يصر الأسد على هذا الشرط ويتحدث في المقابل عن الانفتاح على الحوار، فإنه يرسل رسالة بأنه مستعد للتفاوض على هذا الشرط".
و"يدرك كل من أردوغان والأسد أن التطبيع يقابله أثمان سيتعين على الطرفين دفعها"، حسب تعبير علوش.
"تخبط" ما بين روسيا وإيران
تعتبر كل من روسيا وإيران حليفا رئيسيا لنظام بشار الأسد الذي واجه ثورة شعبية عارمة انطلقت شرارتها الأولى عام 2011 وما لبثت أن تحولت إلى انتفاضة مسلحة بسبب القمع الوحشي الذي قوبلت به من النظام السوري، الذي وثق تحالفاته مع موسكو وطهران في غضون ذلك.
وفي حين تدفع روسيا بشكل علني وقوي مسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري، فإن هناك تقارير تتحدث عن استياء إيراني من التقارب بين الأسد وأنقرة.
وكان السفير التركي لدى إيران، حجابي كرلانجيتش، تحدث عن الحاجة إلى تعاون بلاده مع طهران في ما يتعلق بتطبيع العلاقات بين أنقرة والنظام السوري.
وحول تباين الموقف التركي والإيراني من النظام السوري، قال كرلانجيتش في حديث مع وكالة "تسنيم" الإيرانية، إنه "ربما كانت لإيران وتركيا وجهات نظر مختلفة حول هذا الأمر، لكن على أية حال، هناك مشكلة حقوق إنسان في سوريا".
وكان أردوغان أشار إلى وجود لاعبين غير متسقين مع الموقف التركي على الصعيد الدولي والإقليمي، حيث طالب في تصريح سابق، كلا من الولايات المتحدة وإيران بأن "تكونا سعيدتين بهذه التطورات الإيجابية (مسار التطبيع) وتدعما العملية الرامية إلى إنهاء كل المعاناة (في سوريا)".
العبد الله، يرى في حديثه لـ"عربي21"، أنه "من الممكن ربط تخبط تصريحات النظام بالضغوط عليه من روسيا وإيران، فروسيا تلعب دور الوسيط الرئيسي في إعادة فتح قنوات الحوار له مع تركيا، بينما إيران غير متحمسة لهذا الأمر، وتريد الدفع بمسار الوساطة العراقية، فالتحديات التي يواجهها النظام في التنسيق بين حلفائه، تسهم في التخبط في التصريحات لديه".
ويضيف أن "الأسد يريد حالياً يريد أن يلتقي بأردوغان ليأخذ صورة ويقول لجمهوره إن ألد أعدائه عاد للقاء معه، وأنه انتصر في الحرب، بينما لا يريد أن يقدم له شيء بالمقابل، ويركز على التفاصيل والعودة لأساس اللقاءات والإضاعة بالتفاصيل".
أما علوش، فيؤكد أن "الأسد يصمم موقفه من التطبيع بالتنسيق مع الروس والإيرانيين"، مشيرا إلى أن "هناك انسجاما بين الأطراف الثلاثة في مقاربة مشروع التطبيع والأهداف المتصورة منه خصوصا فيما يتعلق بدور تركيا في الصراع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية تركيا بشار الأسد سوريا أردوغان روسيا سوريا تركيا أردوغان روسيا بشار الأسد المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الأراضی السوریة القوات الترکیة من النظام السوری بین الجانبین فی حدیثه یرید أن على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
آيا صوفيا في تركيا.. إليك أسرار التحفة المعمارية التي صمدت 1،600 عام وتجاوزت سقوط الإمبراطوريات
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعد زيارة آيا صوفيا تجربة روحية سواء كنت من المتدينين أم لا. والعبقرية المعمارية لهذا المكان المقدّس، الذي بُني ككنيسة في عام 537 ميلادي قبل أن يتحول إلى مسجد في عام 1453، تخلق وهمًا بالاتساع. إذ تشعر وكأن المكان يبدأ في التمدد بمجرد دخولك إليه.
الفن داخل المبنى يعد شهادة على التعايش، فلا يوجد مكان آخر على وجه الأرض تتجاور فيه الفسيفساء المسيحية للقديسين والحكام البيزنطيين مع الخط الإسلامي.
اليوم، تُعد آيا صوفيا واحدة من أروع المساجد في العالم، إلا أنها أكثر من ذلك، فهي رمز، وظاهرة ثقافية، ونُصب تذكاري أيضًا.
كما هو الحال مع معظم المعالم العظيمة، من الطبيعي أن يكون لهذا الهيكل أساطير خاصة بها.
ومن بين العديد من القصص التي تُروى عن هذا المبنى، بعضها صحيح، وبعضها مبالغ فيه، وبعضها خيالي تمامًا.
أكبر وأفضلبُني هيكل آيا صوفيا الحالي في القرن السادس الميلادي عندما كانت القسطنطينية، التي تعرف اليوم بإسطنبول، قلب الإمبراطورية البيزنطية المسيحية الأرثوذكسية التي نشأت مع تراجع هيمنة روما القديمة. وحكمت أجزاءً واسعة من أوروبا، وشمال إفريقيا، وصولاً إلى ما يُعرف اليوم بإسبانيا، وليبيا، ومصر، وتركيا، حتى سقطت المدينة في أيدي العثمانيين عام 1453.
والمبنى الذي نراه اليوم ليس هو الأصلي، فسبقه كنيستان بُنيتا في الموقع ذاته، وقد بُنيتا بدورهما فوق معبد وثني قديم.
ويُقال إنّه تم تكليف بناء أول كنيسة من قِبل الإمبراطور قسطنطين، الإمبراطور الروماني الذي اعتنق المسيحية ونقل مركز الإمبراطورية الرومانية إلى القسطنطينية، مُدشِّنًا بذلك العصر البيزنطي.
أما النسخة الثانية من الكنيسة، فقد افتتحها الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني عام 415 ميلادي، لكنها أُحرقت مرة أخرى في عام 532 ميلادي.
أما الكنيسة الثالثة، وهي آيا صوفيا الحالية، فقد بُنيت على يد الإمبراطور جستنيان الأول، الإمبراطور الطموح الذي أمر ببدء البناء عام 523 ميلادي.
وبحسب مصدر تاريخي مجهول نقله المؤرخ التركي من القرن العشرين، رشاد أكرم قوجو، في "Istanbul Encyclopedia"، أراد جستنيان الأول أن تكون كنيسته أكبر وأكثر فخامة من معبد سليمان في القدس، الذي قيل أنّه بُني في القرن العاشر قبل الميلاد.
وخلال فترة البناء التي استغرقت خمس سنوات، أمر جستنيان الأول حكّام الأقاليم بإرسال أروع التحف الأثرية من أطلال العصور القديمة في مناطقهم إلى القسطنطينية لاستخدامها في بناء آيا صوفيا.
ويبدو أن ذلك قد أثمر، فبحسب المصدر المجهول ذاته، عندما دخل جستنيان الأول الكنيسة لأول مرة شعر بالرهبة، وركض نحو المذبح، ورفع رأسه ليشكر الرب على منحه الفرصة لبناء مثل هذه الأعجوبة، ثم صرخ: "لقد تفوقت عليك يا سليمان!"
قد تبدو قصة شيقة لكنها، بحسب المؤرخ والخبير بشأن آيا صوفيا، سادات بورنوفالي، غير صحيحة.
وتلك المعلومات مجهولة المصدر كُتبت بعد حوالي 300 عام من بناء آيا صوفيا. ولا تظهر هذه القصة في أعمال بروكوبيوس، المؤرخ الرسمي للإمبراطور جستنيان الأول، الذي كتب أيضًا كتابًا نقديًا عن الإمبراطور بعنوان "التاريخ السري".
بناء باهظ التكلفة بشكل أسطوري
بصرف النظر عن الدوافع وراء ذلك، فإن تكلفة المشروع والعجلة في بدء بناء واحد من أعظم الهياكل الضخمة في عصره قد اكتسبتا مكانة شبه أسطورية.
قيل إنّ تكلفة المشروع كانت هائلة، وفي كتابه بعنوان "سقوط الإمبراطورية الرومانية: تاريخ جديد لروما والبرابرة"، أفاد المؤرخ بيتر هيذر أنّ الإمبراطور الروماني جستنيان الأول دفع "ما بين 15 إلى 20 ألف رطل من الذهب".
أما حسب "Istanbul Encyclopedia" الصادرة عام 1945، فقدّرت التكلفة بمبلغ أكثر تواضعًا، ولكنه لا يزال هائلاً، وهو 75 مليون دولار، أي ما يعادل 1.3 مليار دولار اليوم. وهذا أكثر من تكلفة إعادة بناء كاتدرائية نوتردام البالغة مليار دولار.
مسجد بصور مسيحية
في عهد البيزنطيين، أصبحت آيا صوفيا مركزًا للمسيحية الأرثوذكسية وآخر رمز قائم لإمبراطوريتهم. ولكن في عام 1453، عندما استولى السلطان العثماني محمد الثاني (المعروف أيضًا بمحمد الفاتح) على القسطنطينية، مهد انتصاره الطريق لقيام الدولة العثمانية، التي استمرت حتى عام 1922.
وللدلالة على تفوق الإسلام، وكذلك للإيحاء بأن العثمانيين هم الورثة الحقيقيون للرومان، حوّل محمد آيا صوفيا إلى مسجد، لكنه احتفظ باسمها الأصلي.
وبعد فتح القسطنطينية، أدى السلطان الشاب، أول صلاة جُمعة له هناك، ليبدأ تقليدًا اتبعه جميع السلاطين العثمانيين اللاحقين.
حماية التراث الثقافي الفريدصمد مبنى آيا صوفيا في وجه العديد من الثورات، والاحتلالات، والاضطرابات، والنهب، والكوارث الطبيعية (ويُقال إن بناؤها على قاعدة من الصخر الصلب ساعدها على النجاة من الزلازل). قلة من المباني التي تعود إلى تلك الحقبة تم الحفاظ عليها بهذه الدرجة من الكمال وبحالة شبه مكتملة.
ولعبت السلالة العثمانية، وخصوصًا محمد الفاتح، دورًا محوريًا في الحفاظ عليها.
ويقول المحرر والباحث الحضري حسن مرت كايا: "(محمد) قال لجيشه إنّه إذا فتحوا المدينة، فستكون لهم لثلاثة أيام، باستثناء آيا صوفيا".
كتب قوجو في "Istanbul Encyclopedia" أن محمد لم يأمر بتغطية الفسيفساء المسيحية، رغم من أن الإسلام يحرّم الفن التصويري في السياقات الدينية.
ومع ذلك، بعد قرن من الزمن، أمر السلطان سليمان الأول بتغطيتها بطبقة من الجص.
ومن خلال إنشاء الجمهورية التركية على يد العِلماني، مصطفى كمال أتاتورك، أصبح بإمكاننا رؤيتها اليوم.
أُغلق المبنى أمام العامة في أوائل الثلاثينيات لأعمال الترميم، ثم تم تحويله إلى متحف في عام 1935 بمرسوم من أتاتورك، الذي أمر أيضًا بكشف وترميم الفسيفساء البيزنطية.
من مسجد إلى متحف إلى مسجد مجددًا
يقع معلم آيا صوفيا اليوم في قلب صراع على السلطة، وهو صراع تعكسه قصص وأساطير ماضيه بقدر ما تعكسه إعادة تصنيفها الأخيرة كمسجد.
أصبح المبنى مفتوحًا للزوار مثل العديد من المساجد الأخرى في إسطنبول، مثل السليمانية، والمسجد الأزرق، وجامع الفاتح. ورغم أن تقديم تذكرة دخول بقيمة 25 يورو في عام 2024 قد أثار بعض الدهشة، إلا أن عام 2025 شهد بداية مشروع ترميم يستمر ثلاث سنوات، يهدف إلى تجديد القبة المركزية، ليشكل بذلك العمل الترميمي الأوسع نطاقًا في تاريخه الممتد لـ1،500 عام.
تركياتصاميمدياناتعمارةمساجدنشر الأحد، 04 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.