سودانايل:
2025-08-17@05:29:34 GMT

البرهان: نازحات القرير وبسوس السواحل

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

عندما صرخت البسوس بنت منقذ مستنجدةً بابن اختها جساس بن مرة اشتعلت حرباً ضروساً استمرت أربعين عاماً بين قبيلتين من قبائل العرب في جزيرتهم، كانت حرب داحس الغبراء، أو حرب البسوس صاحبة الناقة التي قتلها كليب بن تغلب أحد قادة القبيلة.
صرخة امرأة شقَّ القلوب، وفجَّرت الحروب، حقباً طوال، مات من مات وقتها أو بعدها بسبب الحرب أو بغيرها، لكنها ظلت جرحاً غائراً ذاكرة التاريخ، وصارت عنواناً للجهل عند قومٍ، وعنواناً للفراسة لدى قومٍ آخرين، وما بين العنوانين سالت دماء، وأهدرت كرامة، وسبيت نساء!.


وللحرب عناوين كثيرة؛ بسمون بعضها كبرياء، وبعضها حماقات، و لكل حربٍ أكثر من بسوس، و في كل حربٍ أحمق من جساس، وأكثر من حكايات وزوايا للنظر والعبرة والاعتبار.
بالطبع ليس كل النساء بسوس، ومثلما للحرب أكثر من راويةـ فكذلك للسلم أكثر من حكاية، وللنساء مواقف باذخة، فهنَّ الخصوبة والعطاء، وبهنَّ تتجمل السيرة و تحلو المسيرة، لأنهن هن أكثر من يدفع ثمن الحروب، فإن وقفت الجليلة بنت مرة مترددة ما بين نصرة زوجها الحبيب، وشقيقها المعتد، فقدت بنتها وابنها وقومها وورثت الفجيعة والهزيمة؛ فثمة نساء يقفن إلى جانب السلم.
في عام ٢٠١٤ عندما كانت حرب الأشقاء في جنوب السودان مشتعلةً دعت مجموعة من النساء كن ينشطن من أجل السلام إلى تنفيذ إضراب عبر الامتناع عن ممارسة الجنس مع أزواجهن لإرغام المتحاربين على وقف المعارك، وبينهم معسكرا الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه رياك مشار، اللذان كانا يتقاتلان وقتها لمدة عشرة أشهر.
اجتمعت النساء في العاصمة جوبا. وبين المواضيع الرئيسية: "إقناع كل النساء في جنوب السودان بحجب الحقوق الزوجية عن أزواجهن إلى أن يعود السلام.
وفي السودان انتشر يوم أمس تسجيل فيديو يظهر فيه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وبعضٌ من قادة جيشه، خلال زيارة لقرية قوز ود هندي، بمنقطة القرير بالولاية الشمالية، كان البرهان يتفقد ضحايا كوارث السيول والأمطار، إلا أن مجموعةً من النساء أكدن أنهن ضمير الشعب المنكوي بالحرب العبثية، قطعن الطريق وذهبن نحو الجنرال وفي حلقوهن غصة، وفي أعينهن دموع، وفي ذاكرتهن دماء وفجائع، طالبن البرهان بوقف الحرب، أعلن لا للحرب، أكدنَّ أن دعوة السلام ليست دعوة حزبية، أو دعوةً تنطلق من أجل تحقيق أجندة سياسية على حساب الناس والوطن؟
لقد فقدن كل شيء، وصرن هائمات في العراء، ليس لديهن غير كرامتهن وعزهن وشموخهن، لذلك هتفن رغم كيد المتربصين، وغالبيتهم من عناصر الإسلاميين، الذين يريدون إراقة كل الدماء، إلا دماء أسرهم، حيث استبقوا الحرب بترتيب أوضاع الأسر، وابعادها إلى تركيا ومصر بعيداً عن حمى النيران ودوي المدافع، هاجرت نساؤهم وتركوا النساء الفقيرات اللائي لا حيلة لهن، لا يملكن غير الضمير!
ومع ذلك لن يكف دعاة الحرب عن عزف ألحانهم المشروخة، وعن الرقص النشاز على إيقاع مارشات العسكر، سوف يستمرون في تلويث الفضاء العام، توزيع الثلاث ورقات، تجريم الجميع؛ لن يستثنون حتى نساء حادثة قوز ود هندي، نعم سيفعلون ذلك، وأياديهم تكون ممدودة لاستلام أموال ذهبٍ ملوث بالدماء ، بل أتخيلهم كيف يجلسون خلف شاشات كمبيوراتهم، أو يمسكون هواتفهم الغالية الثمن، يريقون حبر الحياء، يوزعون بطاقات الخيانة والعمالة لمن يشاؤون من غير حساب ، ثم يتمدد الفرد منهم/ن فوق لحافه الوثير، ويجذب بطانيته الدافئة كي يغطي جسده المقرور ببرودة التكييف، ينوم ضميره قبل أن تغمض العيون!
هل سمع البرهان، صيحات النساء المكلومات التائهات المشردات؟ هل أبصرت عيناه الأحزان في عيون النسوة الصادقات؟ أم يزوغ بصره، في غفلةٍ حتى يكشف الله عنه غطاءه ويكون بصره ذاك اليوم حديد؟ هل يرق القلب لآهات مكلومات؟ أم يلهيه عن ذلك تكبير المنافقين من الإسلاميين، ويغريه هتاف نائحات مستأجرات؛ يأتين إلى السواحل نزهة يصرخن خلالها برهةً في أذن البرهان بصرخة البسوس، ثم يعدن من حيث أتين من مدنٍ بعيدة تنوم وتصحى على مخدات الطرب؟!

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

البرهان يتحدى الضغوط الدولية: لا مصالحة مع الدعم السريع مهما كانت الكلفة

أعلن قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، الخميس، رفضه القاطع لأي "مهادنة أو مصالحة" مع قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وجاءت تصريحات البرهان خلال احتفال في بورتسودان بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس القوات المسلحة السودانية، حيث أكد "المضي في معركة الكرامة ودحر التمرد"، مضيفًا أن الجيش "لن يقبل بأي تسوية تُبقي على وجود قوات الدعم السريع ككيان مسلح خارج المنظومة العسكرية النظامية".

التصريحات تأتي بعد أيام من لقاء جمع البرهان في سويسرا بمستشار الرئيس الأميركي لشؤون إفريقيا، مسعد بولس، حيث ناقش الجانبان مقترحًا أميركيًا لوقف شامل لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة. لكن رغم الضغوط الأميركية، لم تُسفر المفاوضات السابقة التي رعتها واشنطن والرياض عن أي اختراق نحو التهدئة.

وفي المقابل، تمضي قوات الدعم السريع في محاولات ترسيخ سيطرتها على مناطق واسعة في غرب السودان، معلنة نيتها إنشاء إدارة مدنية موازية، وهو ما أثار ردود فعل دولية غاضبة، إذ اعتبر مجلس الأمن هذه الخطوة "تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان وسلامة أراضيه".

منذ اندلاع القتال في أبريل/نيسان 2023، يعيش السودان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، مع مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، إضافة إلى تفشي وباء الكوليرا على نطاق غير مسبوق منذ سنوات.

ودعا الاتحاد الأوروبي، الخميس، الطرفين المتحاربين إلى السماح العاجل بدخول المساعدات الإنسانية الدولية، محذرًا من تفاقم الأزمة الإنسانية إذا استمر الحصار وانعدام الخدمات الأساسية.


مقالات مشابهة

  • الرجال تحت سن الخمسين أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام من النساء
  • عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية السودانية اليوم السبت
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: البرهان في النقعة
  • دراسة جديدة: العمل بعد التقاعد يُسعد الرجال أكثر من النساء
  • من المرج والهرج إلى الفرح السياسي
  • عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية السودانية.. اليوم
  • البرهان: لا مهادنة مع قوات الدعم السريع والقتال مستمر مهما كان الثمن
  • البرهان يتحدى الضغوط الدولية: لا مصالحة مع الدعم السريع مهما كانت الكلفة
  • الكَهَانَةُ والكَهَنُوت وتحركات [الكاهِن!!]
  • البرهان يحسم الجدل: لا مهادنة ولا مصالحة مع من خانوا دماء شعبنا