"وصل العرب وشرعوا في قتل الناس".. بدأ تحقيق مشترك أجرته مجموعة من وسائل الإعلام الدولية، بهذه العبارة لرصد تفاصيل "مجزرة" الثالث من يونيو عام 2023، التي كانت إحدى حلقات الفظائع بدوافع عرقية في الحرب السودانية بين قوات الجيش والدعم السريع.

وأجرى التحقيق كل من شبكة "سكاي نيوز" البريطانية ومنظمة "لايتهاوس ريبورتس" وصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية و"لوموند" الفرنسية.



وأشار التحقيق إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استعراض "أدلة مرئية" تظهر أن مسلحين مرتبطين بقوات الدعم السريع "متورطون بشكل مباشر في عمليات القتل خارج نطاق القانون للمدنيين العزل".

بدأ الهجوم الذي راح ضحيته أكثر من 70 شخصًا بعد الفجر بقليل، وكان سكان مدينة كتم التي تبعد 120 كيلومتر غربي مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، إما نائمين أو انتهوا من صلاة الفجر، حينما سمعوا طلقات الرصاص بوضوح وسط هدوء الصباح الباكر.

ونقل التحقيق أن الهجوم استمر لمدة 9 ساعات تقريبا، وفيه "نزل رجال عرب مسلحون في المدينة، وقتلوا مدنيين عزّل واحتفلوا بوحشيتهم".

كما شمل شهادات لسكان قالوا إنهم "شاهدوا المسلحين يتحركون من باب إلى باب لمطاردة الرجال المدنيين في الأحياء غير العربية بالمدينة، فيما استولوا على ثكنات الجيش بالمدينة".

وأوضح التحقيق أن تلك المذبحة "قادها عناصر قوات الدعم السريع، الذين على مدار الـ16 شهرا الماضية، منذ بدء القتال مع الجيش، غالبا ما اتسم تقدمها العسكري في منطقة دارفور بالعنف العرقي الجماعي".

"قتل في الشوارع"
نشر التحقيق شهادات لسكان، لكنه استخدم أسماء مستعارة حماية لهم.

وتحدثت أمينة، وهي أم شابة، عن رعب ما رأته خلال الهجوم حينها، قائلة: "وصل العرب وبدأوا في قتل الناس بالشوارع، وحينما دخلوا المنازل أخذوا كل شيء وأحرقوا ما تبقى".

كما قال ناجون إن منفذي الهجوم "استخدموا عبارات عنصرية ضد السكان، خلال عمليات النهب والقتل".

وقال شاهد عيان آخر، يدعى أحمد: "لم يدخلوا أي بيوت للعرب في الحي. يذهبون فقط إلى منازل السود، ويقتحمونها ويستولون على كل شيء".

وواصلت أمينة حديثها: "ارتدوا ملابس مدنية، وليس الزي الرسمي ليتمكنوا من التخفي، لكنهم جميعا كانوا من قوات الدعم السريع".

وأضافت أنهم "استخدموا الدراجات النارية والجمال والسيارات لمهاجمة المدينة".

دعوات لتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجميع أنحاء السودان. أرشيفية
بعد عام ونصف على الحرب.. "حاجة طارئة لحماية المدنيين" في السودان
بعد نحو عام ونصف على الحرب في السودان، لا تزال المعارك تستعر في المدن بينما يعاني السكان من الجوع والأمراض، حيث يتنافس جنرالان على السلطة، ولا حل يلوح في الأفق.
وحصل معدو التحقيق على مقاطع فيديو مسربة لعمليات تحتفي بقتل المدنيين في مخيم كساب للنازحين، شمالي مدينة كتم مباشرة، وهو "مخيم يضم مجتمعات غير عربية تتعرض للاضطهاد على مدار عقدين من الصراع في دارفور".

"هجوم كساب"
ووفق تقرير سابق لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد قتل 54 شخصا في مخيم كساب فقط، في مطلع يونيو 2023.

وقال أحد المقيمين في المخيم منذ مدة طويلة، إن القيادي بالدعم السريع، علي رزق الله، "استعان بقافلة من 17 مركبة قتالية ونفذ هجوما على المخيم". وأوضح التحقيق نقلا عن شهادات، أنه وصف السكان "بالعبيد" الذين "دخلوا إلى جحورهم كالفئران" أثناء ركضهم للاحتماء من الهجوم.

من جانبها، أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، الجمعة، أن طرفي الصراع "ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب"، مشددة على ضرورة أن ترسل القوى العالمية قوات حفظ سلام، وتوسيع حظر الأسلحة لحماية المدنيين.

وذكر التقرير الصادر عن البعثة، مستندا إلى 182 مقابلة مع ناجين وأسرهم وشهود، أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية "مسؤولان عن هجمات على مدنيين، ونفذا عمليات اغتصاب وتعذيب واعتقال قسري"، وفق رويترز.

"اغتصاب وتعذيب واعتقالات قسرية".. اتهامات أممية لطرفي الصراع في السودان
أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، الجمعة، أن طرفي الصراع ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، مشددة على أن القوى العالمية إرسال قوات حفظ سلام وتوسيع حظر الأسلحة لحماية المدنيين.
وسبق أن نفى الجانبان اتهامات من الولايات المتحدة وجماعات حقوقية بارتكاب انتهاكات، ويتبادلان الاتهامات بالوقوف وراءها. ولم يرد أي من الجانبين بعد على طلب رويترز للتعليق، كما لم يصدرا بيانا للرد على التقرير.

ودعت البعثة إلى توسيع نطاق حظر قائم للأسلحة تفرضه الأمم المتحدة، يسري حاليا فقط على إقليم دارفور غربي البلاد. وقد وردت تقارير عن مقتل الآلاف في الإقليم لدوافع عرقية.

واندلعت الحرب في الخرطوم في أبريل العام الماضي، ثم امتدت إلى 14 ولاية من أصل 18.

واشتعل الصراع حينما تحولت المنافسة بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب مفتوحة. وكان الطرفان يتشاركان السلطة سابقا.

وتقول منظمات إغاثة، إن المدنيين في السودان يواجهون مجاعة متفاقمة والأمراض والنزوح الجماعي، بسبب الحرب المستمرة منذ 17 شهرا.

وقال وسطاء بقيادة الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إنهم حصلوا على ضمانات من كلا الطرفين في محادثات بسويسرا، لتحسين آليات توصيل المساعدات الإنسانية، لكن غياب الجيش السوداني عن المناقشات عرقل إحراز تقدم.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، للصحفيين، الجمعة: "سنواصل الضغط على جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية، من خلال التفاوض تسمح للشعب السوداني برسم مستقبله السياسي"، مؤكدة إدانة إدارة الرئيس جو بايدن للعنف.

وهذا هو أول تقرير تصدره البعثة المكونة من 3 أعضاء، منذ أن شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر 2023.

الحرة / ترجمات - دبي

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الأمم المتحدة فی السودان

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني: الخرطوم خالية بالكامل من الدعم السريع ونجدد العهد بمواصلة التحرير

أعلن الجيش السوداني، عبر تصريحات رسمية، عن "اكتمال السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم"، مؤكدًا أن العاصمة السودانية "أصبحت خالية تمامًا من ميليشيا الدعم السريع"، في تطور ميداني وصفه بأنه "محوري في مسار استعادة الاستقرار الوطني".

وفي أبرز تصريحاته، قال الجيش: "ولاية الخرطوم باتت خالية تمامًا من المتمردين"، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة قامت بعمليات تطهير دقيقة استهدفت بؤرًا للميليشيا في مناطق متفرقة، وأن جميع المواقع الاستراتيجية باتت تحت سيطرته الكاملة.

وأكد الجيش السوداني: "نجدد العهد لشعبنا بمواصلة تطهير كل شبر من تراب الوطن من فلول ميليشيا الدعم السريع"، مضيفًا: "سنعمل دون هوادة حتى يُرفع علم السودان فوق كل ربوعه دون تهديد أو تمرد".

الجيش السوداني يعلن السيطرة على ولاية الخرطوم بشكل كاملالجيش السوداني يعلن السيطرة على أجزاء واسعة من منطقة صالحة جنوب أم درمان

تأتي هذه التصريحات بعد أكثر من عامين من المواجهات الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي أدت إلى انهيار كبير في البنية التحتية، وأزمات إنسانية غير مسبوقة في الخرطوم وبقية ولايات السودان. وكانت الخرطوم من أبرز بؤر القتال، وشهدت أعنف المعارك بين الطرفين منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.

وفي الوقت الذي احتفل فيه الجيش بهذا "النصر العسكري"، حذرت منظمات دولية من أن الخرطوم لا تزال تواجه تهديدات أمنية، بسبب انتشار الألغام ومخلفات الذخيرة في عدد من الأحياء، ما يُعيق عودة المدنيين ويُهدد حياتهم.

ولم تصدر قوات الدعم السريع تعليقًا رسميًا على إعلان الجيش، في حين أشارت تقارير إلى انسحاب عناصرها من العاصمة باتجاه ولايات غرب السودان، مع تصاعد القتال في مناطق دارفور وكردفان.

محللون يرون أن استعادة الخرطوم يُعد نقطة تحول، لكنه لا يمثل نهاية الحرب، مشددين على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لضمان استقرار دائم وشامل، مع ضرورة إطلاق عملية مصالحة وطنية تضع حدًا لتشظي البلاد.

وتداولت وسائل الإعلام السودانية والعربية تصريحات الجيش على نطاق واسع، وسط ترقب شعبي لما ستؤول إليه المرحلة المقبلة، في ظل تحديات أمنية واقتصادية هائلة تواجه البلاد.

طباعة شارك الجيش السوداني ولاية الخرطوم قوات الدعم السريع الصراع المسلح الدعم السريع

مقالات مشابهة

  • بعد الخرطوم.. السودان يعلن خلو ولاية النيل الأبيض من (الدعم السريع)
  • خريطة سيطرة الجيش السوداني.. هذه المناطق متبقية مع الدعم السريع
  • الجيش السوداني يوجه ضربة قاصمة لظهر مليشيا الدعم السريع بدارفور
  • الجيش السوداني: الخرطوم خالية بالكامل من الدعم السريع ونجدد العهد بمواصلة التحرير
  • الجيش السوداني يتقدم في أم درمان.. ومعارك ضارية مع الدعم السريع (شاهد)
  • ما أهمية سيطرة الجيش السوداني على منطقة العطرون الإستراتيجية بدارفور؟
  • الجيش السوداني يوجه ضربة موجعة لقوات الدعم السريع ويستعيد السيطرة على أهم المناطق الإستراتيجية بدارفور
  • شبكة أطباء السودان : 19 قتيلاً بينهم أطفال في قصف للدعم السريع على الفاشر
  • مجزرة في السودان.. قصف قوات الدعم السريع يحصد عشرات القتلى في سوق شعبي
  • الجيش يتقدم في صحراء دارفور والمسيرات تهاجم معسكر درع السودان