أميرة الفاضل: صنعنا “حميدتي” .. وتمدده مسؤولية حكومة الثورة
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
القيادية بـ”المؤتمر الوطني” ومفوضة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الإفريقي “سابقًا” أ. أميرة الفاضل لـ(الكرامة):
صنعنــــا “حميدتي” .. وتمــدده مســؤولية حكومة الثــورة
أنا من أنصــار الحــوار ووقف الحــرب
ماحدث فى سقوط الاتقاذ (خيانةً)
لا توجــد انقســامات بالوطنــي وهــذه نصيحتي لـ”تقـــــدم” ….
التفاوض يجب أن يكون مع هــــؤلاء (….
(….) هــذا شــرط الاتحــاد الإفــريقي لفك تجميد الســودان
الحـــرب الحالية هي الأفظــــع والأســوأ والأقبـــــح
كان قـــرار الحــزب بعد السقـــــوط (….)
الاتحاد الافريقي التقى الوطني
اكثر من مرة..
حوار_ محمد جمال قندول
قدمت د. أميرة الفاضل تجربةً ناجحةً عبر الاتحاد الإفريقي الذي عملت به كمفوضة للشؤون الاجتماعية، هذا إلى جانب تجربتها كوزيرة للرعاية في عهد النظام السابق.
وكل هذه الأشياء، خلقت منها تجربة استطاعت أن تشكل إضافةً حقيقيةً لمبادرة “إسناد السودانيين المتأثرين بالحرب”، التي تقدم المساعدات والإعانات لأكثر من 12 ألف أسرة.
د. أميرة جلست لـ(الكرامة) في حوار قلبنا فيه معها أوراقًا عديدة، فإلى مضابط إفاداتها:
كيف تقرأين التطورات بالبلاد وآخرها لجنة تقصي الحقائق، ووضع البلاد بعد عام وأربعة أشهر؟
في البداية، شكرًا جزيلًا على هذا اللقاء، وأتمنى لـ(الكرامة) كل النجاح. المجتمع الدولي لديه آلياته للتعامل مع أي بلد بالأخص تلك التي تعاني من نزاعاتٍ داخليةٍ، والسودان نفسه لديه تجارب عديدة في التعامل مع المجتمع الدولي سواءً كان مع مجلس الأمن أو مجلس حقوق الإنسان، ولديه خبرته في كيفية التعامل مع التقارير وتقصي الحقائق، وأنا اعتقد بأنّ “التقرير” لم يدن الانتهاكات الواسعة التي تمت من “الدعم السريع” ولم يرصدها كذلك بصورة عكست واقع الحال والانتهاكات التي تمت منذ بداية الحرب بولاية الخرطوم ولم تتوقف بل وامتدت لمناطق واسعة آخرها الجزيرة وقبلها ولايات دافور التي تعيش اوضاعا ماساوية وليس ببعيد الابادة العرقية التي تمت بمدينة الجنينة وكذلك ولايات كردفان ، وانتهاكات التمرد لم تتوقف وتمارس بصورة يومية في ولايتي الجزيرة وسنار ونتكلم عن قتلٍ وتشريدٍ وعن اغتصاب النساء وهو الأقبح والأفظع بتاريخ البلاد، ويستخدم الاغتصاب كواحدة من أسلحة الحرب نفسها، اعتقد بأنّ الجهد الذي يتركز مع إبراز الحقائق أقلّ من المطلوب، ومن المعروف أن تعطي دور لجهات مجتمع مدني ومنظمات لترصد الإحصائيات وتوثق الانتهاكات، والتواصل نفسه مع جهات مثل مجلس حقوق الإنسان في جنيف من المعروف أنّك تتواصل معه قبل فترة كافية وتفرض عليه “يجي يشوف الحقائق بنفسه قبل ما تُكتب التقارير ويكون عليها تأثيرٌ سياسي”.
أزمة السودان أبرزت بوضوح دورًا ضعيفًا للاتحاد الإفريقي الذي عملت داخل أروقته؟
الاتحاد الإفريقي عملت فيه 5 سنوات، وواحدة من آلياته المهمة (مجلس السلم والأمن)، وهو الجهة السياسية الأعلى داخله، وتحدد العلاقات مع الدول بناءً على شروطٍ معينة، ومن المعلوم أنّ عضوية السودان مُجمدة وكان هنالك فرصة كافية بأن يرفع السودان هذا التجميد باستيفاء الشروط المطلوبة، وأنا تحركت بحكم علاقتي السابقة بالاتحاد في إطار تقريب العلاقة بين السودان والاتحاد وزرتُ أديس ثلاث مرات،وقابلت رئيس المفوضية موسى فكي، وتحدثوا عن شروطٍ مطلوبة للعودة للاتحاد الإفريقي، وكان الشرط الأساسي: تشكيل حكومة وتعيين رئيس وزراء واعتقد ان الشرط ساهل، واعتقد بأنّ تفعيل دور الاتحاد الإفريقي مرتبط باستيفاء الشروط المطلوبة.
الجانب الثاني: أنّ الاتحاد عبر لجنته رفيعة المستوى برئاسة محمد بن شمباس تحرك تحركًا سياسيًا واسعا واستطاعت أن تعقد عددًا من الاجتماعات الناجحة بمقر الاتحاد بأديس أبابا، كما شاركت في مناطق أخرى كلجنة مفوضة من الرؤساء الأفارقة، واعتقد بأنّ الاتحاد لاعب دور لكن بالإمكان دورًا أفضل وأكبر إذا تم تواصل سياسي ودبلوماسي بصورة عميقة ومباشرة، وأنا مستبشرة جدًا بوجود السفير الزين إبراهيم بأديس أبابا وأتمنى جهودًا من الحكومة في السودان لعودة البلاد للاتحاد قبل نهاية الدورة الانتخابية للاتحاد الإفريقي الحالية والتي تنتهي في فبراير، حيث أنّ السودان قد يفقد فرصةً بانشغال الاتحاد بانتخاباته وشخصٌ جديدٌ قد يأتي للرئاسة ويأخذ زمنًا، ومن أهم الأشياء التي أكد عليها موسى فكي نفسه- وهذا ليس دفاعًا عنه – بأنّه دعا لحوار “سوداني – سوداني” شامل لا يستثني أحدًا، وهذا أكده في عددٍ من المناسبات وحتى حينما زارت اللجنة رفيعة المستوى القاهرة وأنا التقيتها مع الأخ أسامة فيصل، أكدوا نفس هذا المبدأ.
يعني الاتحاد الإفريقي لا يمانع في حوار شامل فيه أيضًا الوطني؟
لا مانع لديه والتقى الوطني أكثر من مرةٍ.
هذه الحرب ليست كسابقاتها؟
هي الأسوأ في تاريخ السودان والإقليم، لأنها حرب كانت مفاجئة وبدأت بعاصمة السودان، هي الحرب الأفظع والأقبح ولا اعتقد بأنّها ستمحى من ذاكرة الشعب السوداني بسهولة.
الفجوة لازالت شاسعةً في أي تقارب بين الوطنــي و”تقــدم”؟
حتى يستقر السودان لا بد لكل الأحزاب السياسية السودانية أن تتواضع فيما بينها على التواصل والحوار ويظل الخلاف في المحاور والبرامج، ولكن لا بد أن تكون مصلحة السودان هي المشتركة.
هم يقولون إنهم يريدون الحوار مع كل المكونات عدا الوطني؟
عبارة فيها تجني وسوء فهم كبير، المؤتمر الوطني فاعل أساسي ورئيسي في الحياة السياسية السودانية، ولا تستطيع “تقــدم” إلغاء هذا الدور، ولذلك أنا أنصح “تقــدم” على العلن بأن تسعى لأن تتفاوض مع كل الأحزاب السياسية والوطني إذا كانوا حريصين على مصلحة الوطن، والوطني لديه فرصًا كبيرة بالمستقبل، وتوقعاتي بأن يعود للساحة أفضل، وقوة وجود الوطني في الولايات، وهو فاعل والكادر الموجود نفسه ومنظمًا به مستواه التعليمي عالي ومؤهل، والتجربة علمته، وخلال الفترة من 2019 وحتى الآن مرّ الوطني بمراحل متعددة آثر وقدم مصلحة الوطن على الحزب، بحيث أن لا يدخلوا في صراعاتٍ وصداماتٍ بعد السقوط كان قرار الحزب.
السقوط؟
أنا كنت خارج البلاد في ذلك الوقت، ومعلوماتي سماعية، ولكن حسبما علمت وإن كانت سماعية، اعتقد بأنّ ما جرى كان خيانةً.
“تقــدم” وعلاقتها بالميليشيا؟
الاتفاق الذي وقعوه في أديس أبابا مع الدعم السريع اعتقد أنّه دق مسمارًا في نعش “تقــدم” وكان خطأً كبيرًا، وأخطأت لأنها ذكرت أنها في الحياد، بينما هي علنًا وقفت مع طرف أساسي في الحرب.
كل ما ذُكر التفاوض يقابل برفضٍ شعبي؟
الرأي العام معبأ تعبئةً كاملة ضد مسألة التفاوض، وأنا أتفهم هذا الأمر بسبب الانتهاكات، والآن الثارات ما بين المواطن والدعم السريع ثاراتٍ عامة وخاصة، عامةً: لما جرى للبلاد من تدمير البنيات التحتية، وتوقف خدمات التعليم والصحة.
وعلى المستوى الخاص: ليس هنالك أُسرةً إلّا ولديها ثأرٌ شخصي مع الميليشيا سواءً أُخرجوا من ديارهم قسرًا، أو نُهبت ممتلكاتهم، أو قُتل أعزاء لديهم وواجهوا وعانوا أشكالًا من التعذيب، لكنّ الجيش يقاتل ويفاوض.
بالنسبة لنا مسار نقاتل فقط ولا نفاوض لن ينهي هذه الحرب، ولدينا من الكفاءات السودانية في كل المجالات التي تعرف تفاوض مع حفظ الحقوق، يعني أنا لا أفهم أنّ كل من ينادي بوقف الحرب يُخون ويُجرم، بالنسبة لي الإعلام ينبغي أن يلعب دورًا في تصحيح هذه المسألة والحرب ستنتهي بالتفاوض، وأدعو الله ليل نهار بأن تتحقق انتصاراتٍ عسكريةٍ ساحقة.
التفاوض يكون مع من، مع الميليشيا أم الدول الداعمة مثل الإمارات؟
مع الميليشيا وكل الجهات التي ثبت دعمها للتمرد سواءً كانت دول جوار أو الإمارات أو الخليج، يعني أنا حينما أتفاوض وأتمنى أن تذكر هذه الجملة (عندما تتفاوض لا تتفاوض مع صديقك وإنما العدو)، بالنسبة لي إذا حددت العدو “الدعم السريع” لا بد أن أتفاوض معه، وإذا حددت الإمارات أو تشاد أو أي دولةٍ أخرى لا بد، واعتقد بأنّ كل التجربة تجربتنا داخل السودان “نيفاشا” كانت تفاوضًا، وأبوجا والدوحة، وتجربتي كذلك في الإقليم على مستوى إفريقيا والعالم، التفاوض والحوار عندما رفعت “تقــدم” شعار “لا للحرب” قد يكون لديها أجندة، لكن لا يمكن أن أُجرِم كل من يتحدث عن إنهاء هذه الحرب، لأنني حينما نتحدث عن إيقافها الآن السودان 16 شهرًا من الحرب يعني 16 شهرًا من الدمار، والتشريد، والتخريب، والقتل والنزوح، وعشان أوقف هذا الأمر لن أقول للجيش لا تقاتل والمستنفرين، وأُنادي بأن ينخرط المستنفرين بالدفاع عن وطنهم وأعراضهم وهذا لا يتناقض مع استمرار الدعوة للحوار الشامل والتفاوض، والتفاوض لا يعني التنازل عن حقوقك، أنت من خلال التفاوض بالإمكان أن تكسب حقوقك وتثبت للعالم وجهة نظرك الصحيحة، ولكن إذا أغلقت أبواب التفاوض والحوار، العالم والمجتمع الدولي سيتحرك من غيرك فأنا من أنصار الحوار.
مع اندلاع الحرب بسبب تعنت المكونات السياسية ألا توافقيني بأنّ السودانيين فقدوا الثقة في النخب والساسة؟
اعتقد من خلال متابعتي للشباب فقدوا الثقة بالأحزاب السياسة لحدٍ كبير، ونحن نعتقد بأننا يجب أن نعمل على استعادة الشباب لصفوف الحركة السياسية من خلال الأحزاب الموجودة، أو تشكيل أحزابٍ جديدة، وأنا دائمًا أقول لماذا لا يشكل الشباب قوىً سياسية جديدة مستقلة إذا كانوا غير راغبين في أن يكونوا أعضاءً بالمكونات الموجودة لأنهم هم المستقبل.
تجربتك في الاتحاد الإفريقي؟
هي ليست شهادتي وإنما شهادة من عملت معهم، كانت تجربةً ناجحةً جدا وفخورة بما قدمته، وأنا كُرمت من الاتحاد الإفريقي وتمت الإشادة بي في القمة التي كانت برئاسة جنوب إفريقيا للعمل الذي قمت به لمكافحة الـ(كورونا).
“قحت” أشعلت الحرب والوطني صنع “حميدتي”، اتهامات متبادلة في الرأي العام؟
نعم نحن صنعناه، وهنالك تجارب سابقة يجب الإشارة إليها للاستعانة بمثل هذه المكونات في مقاومة “التمرد”، وتجربة موجودة منذ عهد الصادق المهدي، صحيح الوطني مسؤول عن تكوين “الدعم السريع” كحكومة لكن تمدد أدوار “الدعم السريع” هي مسؤولية حكومة ما بعد السقوط، وحينما ذهبت الإنقاذ كان “حميدتي” في وضع محدد جدًا، لكنّ توسعه والعلاقات الإقليمية أمرٌ ليس مسؤولية الوطني.
كيف تقرأين تشكيل الأمانات الجديدة للوطني برئاسة إبراهيم محمود، هنالك من ذهب إلى أنها مؤشر للانقسامات ما مدى صحة ذلك؟
ليس هنالك أي انقسامات داخل الوطني، ما جرى كان الغرض منه ترتيب الصفوف، والوطني في أوج الانسجام والتوافق بين مكوناته وقطاعاته، الآن المرحلة والظرف حرج وبالتالي يركز الحزب على الخروج من هذه الأزمة.
ما بين الحين والآخر تتواتر الأنباء عن اختلاف التوجه السياسي بين الحزب والحركة؟
غير صحيح طبعًا، الخط والتنسيق قائم بين الحزب والحركة .
*حدثينا عن تجربة مبادرة إسناد السودانيين المتضررين من الحرب في مصر؟
_مبادرة اسناد السودانيين المتأثرين بالحرب قامت من اجل حفظ كرامة السودانيين
وحظيت بدعم الجهات المصرية المختلفه وبرئاسة الدكتور عصام شرف رئس وزراء مصر الاسبق.
عملت اسناد في محالات الصحه والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي وساهمت اسناد في توفير الغذاء والكساء والعلاج لكثير من الاسر المحتاجه
قامت بتدريب الشباب والمراة في مجالات متعدده.
اسست شراكات ناجحه جدا مع مؤسسات وجميعات واتحادات ومنظمات دوليه واقليميه.
كان للاخ الدكتور كمال حسن علي الدور الاكبر في انجاح مبادرة اسناد والذي تقدم خدمات لاكثر من 12الف اسرة سودانية .إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الاتحاد الإفریقی الدعم السریع اعتقد بأن
إقرأ أيضاً:
يا للهول.. السودان مركز جديد لمخدر “الكبتاجون”
متابعات- تاق برس- بروز السودان كمركز جديد لمخدر الكبتاجون
بقلم كارولين روز -رافاييلا ليبشيتز
١٢ أغسطس ٢٠٢٥
في حين ينصب الاهتمام بشكل كبير على موطئ قدم تجارة الكبتاجون في سوريا والشرق الأوسط، هناك تحول مثير للقلق يحدث خارج منطقة الخليج وبلاد الشام، في شمال شرق أفريقيا، وتحديدًا في السودان الذي مزقته الصراعات. مع تفكيك صناعة الكبتاغون التي ترعاها الدولة في سوريا وتدمير مراكز إنتاج رئيسية، تتجذر شبكات التهريب والإنتاج في مناطق جديدة – بعضها أسواق عبور ووجهة قائمة، وبعضها بيئات جديدة تمامًا – تتميز جميعها بنفس الظروف التي مكنت الكبتاجون من الازدهار في سوريا إبان الحرب الأهلية: الصراع، وضعف الحكم، والقرب الجغرافي من الأسواق
تشير بيانات قاعدة بيانات مصادرة الكبتاجون التابعة لمعهد نيولاينز إلى أن السودان يبرز بشكل متزايد كمركز لإنتاج الكبتاجون، حيث تم تسجيل 19 حادثة مصادرة وتصنيع في السنوات العشر الماضية. حدد المشروع زيادة كبيرة في الأنشطة المتعلقة بالكبتاجون، وخاصة نشاط الإنتاج، منذ بداية الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. ويمثل هذا تغييرًا في التوزيع الجغرافي لإنتاج الكبتاجون. فقد تمت مصادرة ثلاثة مختبرات خلال هذه الفترة – وهو رقم مماثل لمواقع الإنتاج الرئيسية الناشئة الأخرى للكبتاجون، مثل العراق والكويت وتركيا. تشير عمليات ضبط المختبرات واسعة النطاق في الخرطوم التي حدثت عندما سيطرت قوات الدعم السريع على المدينة، إلى جانب سجل المجموعة في الأنشطة غير المشروعة، إلى أن إنتاج الكبتاجون يمكن أن يندمج في اقتصاد الحرب في السودان ويعكس علاقة جديدة بين الكبتاجون والصراع
مع تراجع قوات الدعم السريع غربًا في مواجهة الخسائر الإقليمية التي مُنيت بها القوات المسلحة السودانية، من المرجح أن يتبع ذلك الإنتاج، مُنتقلًا إلى معاقله في دارفور وعلى طول طرق التهريب التي تربط السودان بالأسواق الإقليمية. تُهدد هذه التطورات بإطالة أمد الحرب الأهلية في السودان من خلال توفير مصدر دخل مُربح لقوات الدعم السريع.
مشهد الكبتاجون
شهد مشهد تجارة الكبتاجون تحولًا جذريًا منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر 2024، مما غيّر أنماط الإنتاج والاتجار العالمية. سعت الحكومة السورية المؤقتة الجديدة إلى تفكيك البنية التحتية للإنتاج الضخم واقتصاد الكبتاجون الواسع الانتشار الذي رعايته النظام السابق. دمرت السلطات الجديدة في دمشق العديد من المختبرات الصناعية وصادرت حوالي 100 مليون حبة، مع خطط لجعل مكافحة المخدرات ركيزة أساسية للتعاون مع الجيران الإقليميين. إن الاضطراب في الإنتاج على نطاق صناعي والاهتمام التدريجي من جانب الإدارة الجديدة باستراتيجية مكافحة المخدرات أجبر الشبكات الإجرامية على إنشاء مواقع تصنيع بديلة وطرق أقرب إلى أسواق الوجهة في الخليج، ومن الناحية المثالية في البلدان ذات ظروف الصراع المماثلة وسيطرة الدولة الضعيفة.
ينبع ارتفاع انتشار الكبتاجون في السودان من عملية تدريجية لتجريب العصابات الإجرامية للمنشطات الاصطناعية، حيث يوفر الصراع والفساد ظروفًا مواتية للنشاط غير المشروع. بالإضافة إلى ذلك، أثر انتشار الكبتاجون من مراكز الإنتاج الرئيسية مثل سوريا ولبنان بعد سقوط نظام الأسد، وانخفاض نفوذ الميليشيات المتحالفة مع إيران، وتحسين قدرة الدولة على المشهد السوداني
لقد كان السودان بمثابة موقع لتجارة الكبتاجون لمدة عقد على الأقل. أشارت النتائج إلى 19 حادثة ضبط كبتاجون في البلاد بين عامي 2015 و2025، أربعة منها كانت عمليات ضبط مختبرية، حيث يعتبر السودان الدولة الواقعة في أقصى جنوب إفريقيا بمعدلات منع تصنيع مماثلة لبعض أكبر دول عبور الكبتاجون مثل العراق وتركيا والكويت والأردن.
ارتفعت طاقة إنتاج الكبتاجون في السودان بشكل حاد منذ اندلاع الحرب الأهلية، حيث اكتشفت السلطات ثلاثة مواقع إنتاج مهمة. في يونيو 2023، صادرت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات موقع تصنيع في منطقة النيل الأزرق كانت لديه القدرة على إنتاج حوالي 7200 حبة في الساعة. في أغسطس 2024، اكتشفت شرطة الأمن الداخلي منشأة إنتاج في منطقة قاري شمال الخرطوم وصادرت ما يقرب من 10 ملايين حبة. ثم في فبراير 2025، قام جهاز المخابرات العامة السوداني بتفكيك منشأة إنتاج في إحدى ضواحي الخرطوم الشمالية بالقرب من مصفاة النفط في الجيلي والتي كانت تحتوي على كبتاجون بقيمة 3 ملايين دولار ومعدات قادرة على إنتاج 100 ألف حبة في الساعة، وهي أكبر عملية ضبط لمختبر حتى الآن. كانت المعدات التي تم اكتشافها في المختبر مماثلة لتلك التي تم العثور عليها في عمليات ضبط المختبرات في سوريا.
يشير تزايد الطاقة الإنتاجية إلى تحول السودان من ممر عبور إلى مركز تصنيع. ويشير التقدم من منشأة تنتج 7200 حبة في الساعة في عام 2023 إلى عملية إنتاج 100,000 حبة في الساعة في عام 2025 إلى زيادة في حجم ونطاق وتطور عمليات التصنيع
مزايا السودان لإنتاج الكبتاجون
لقد أدت الحرب الأهلية في السودان إلى تقسيم البلاد إلى مناطق متنازع عليها دون سلطة موحدة. وقد أدى هذا الانهيار في سيطرة الدولة إلى خلق بيئة متساهلة للأنشطة غير المشروعة وحاجة متجددة إلى مصادر دخل بديلة بين المقاتلين. يوفر إنتاج المخدرات الاصطناعية والاتجار بها فرصة جذابة لتلك الجماعات، نظرًا لعملية إنتاجها البسيطة نسبيًا والتي تتطلب خبرة علمية قليلة، ومدخلات كيميائية رخيصة وسهلة المنال، وعملية تصنيع منخفضة المستوى تساعد على تجنب الحظر، وعائد مرتفع من الحبوب. وقد أدت الحرب إلى استنزاف موارد الميليشيات غير الحكومية والجماعات شبه العسكرية التي ترعاها الدولة، مما دفعها إلى البحث عن طرق جديدة لتوليد الدخل. وقد فرض الصراع أيضًا انعدام الأمن الغذائي وانعدام الدخل على نطاق واسع بين المجتمعات السودانية، مما جعل المنشطات من نوع الأمفيتامين مثل الكبتاجون – وهو عقار يستخدم عادة لتهدئة الجوع، وتعزيز الإنتاجية، ومنع النوم، وقمع الصدمات – تخلق سوقًا استهلاكية جديدة.
كانت مناطق شاسعة، لا سيما في الخرطوم ودارفور والمناطق الحدودية، تعمل خارج نطاق السلطة الرسمية. وقد أضعف الصراع قدرات إنفاذ القانون والمنع المتوترة بالفعل في السودان، حيث تفتقر السلطات إلى الموارد اللازمة للكشف عن منشآت إنتاج المخدرات وتفكيكها بشكل فعال. إن مؤسسات الأمن والشرطة مجزأة، حيث أعيد نشر العديد من القوات على خطوط المواجهة أو استولت عليها الميليشيات المحلية. وبالمثل، فإن أمن الحدود غير كافٍ: يشترك السودان في حدود يسهل اختراقها مع جيرانه، وخاصة تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى، مما يجعل من الصعب مراقبة تدفقات المنتجات غير المشروعة عبر الحدود. علاوة على ذلك، مع سيطرة شبه عسكرية محتملة على طرق التهريب ونقاط التفتيش ومواقع الإنتاج، يمكن للجماعات المسلحة أن تعمل مع إفلات نسبي من العقاب. مع انخفاض القدرة على المنع، وضعف البنية التحتية للمراقبة، وعدم وجود سلطة مركزية، فإن السودان بمثابة بيئة مثالية لإنتاج الكبتاجون. كما ساهم الموقع الجغرافي للسودان في ظهوره كمركز لإنتاج الكبتاجون. يُسهم موقع السودان الاستراتيجي على طرق الشحن في البحر الأحمر وقربه من الدول التقليدية المُنتجة للكبتاجون في بلاد الشام في تفسير أهميته كدولة عبور في تجارة الكبتاغون. وقد أصبحت أسواق الوجهة في الخليج تتوقع وصول شحنات الكبتاجون العابرة أو القادمة من أماكن أخرى في الشرق الأوسط أو الموانئ الأوروبية، مما يجعل السودان منشأً أقل إثارة للشبهات لشحنات الكبتاجون، ويُقلل من مخاطر المنع
علاوة على ذلك، فإن وصول السودان إلى أسواق الاستهلاك المربحة في دول الخليج يجعل البلاد جذابة للإنتاج. ويتجلى ذلك في عمليات ضبط الكبتاجون الأربع الموثقة منذ أبريل 2024 والتي حدثت في ولاية البحر الأحمر، وخاصة في بورتسودان. غالبًا ما تمثل عمليات الضبط مجرد غيض من فيض، لا سيما بالنظر إلى ضعف قدرة إنفاذ القانون. تُظهر أربع حوادث في ما يزيد قليلاً عن عام، حتى في وقت تضعف فيه قدرة إنفاذ القانون والمراقبة، أهمية وصول السودان إلى أسواق الاستهلاك في دول الخليج
الدور المحتمل لقوات الدعم السري
تشير سيطرة قوات الدعم السريع على مواقع الإنتاج المعروفة، وسجلها في الاستفادة من العديد من الاقتصادات غير المشروعة وغير الرسمية، والحوافز المالية لتجارة المخدرات، إلى أن المجموعة إما متورطة بشكل مباشر في إنتاج الكبتاجون في السودان.
وقعت عمليتا ضبط معملَي الكبتاجون الرئيسيين في شمال الخرطوم أثناء خضوع هذه المناطق للسيطرة الفعلية لقوات الدعم السريع. حتى مارس/آذار، كانت قوات الدعم السريع قد أنشأت معاقل في جميع أنحاء شمال ووسط الخرطوم عقب مكاسبها المبكرة في الصراع، مستحوذةً على سلطة فعلية على البنية التحتية والحركة والأمن. يشير وجود منشآت إنتاج كبتاجون واسعة النطاق في هذه المناطق إلى تورط الجماعة أو تواطؤها المحتمل في تصنيع الكبتاجون. كان كلا المنشأتين يعملان في أحياء كانت وحدات قوات الدعم السريع محصنة بشدة، بما في ذلك نقاط التفتيش. من غير المرجح أن تتم عمليات بهذا الحجم دون موافقة ضمنية على الأقل من قوات الدعم السريع
لطالما اعتمدت قوات الدعم السريع على مصادر دخل غير مشروعة وشبه مشروعة لتمويل عملياتها وترسيخ سلطتها، مما يجعل مشاركتها المحتملة في إنتاج الكبتاجون امتدادًا منطقيًا لاستراتيجيتها الاقتصادية الحالية. على مدى العقد الماضي، بنت الجماعة محفظة مالية كبيرة متجذرة في تهريب الذهب، وتجارة الماشية عبر الحدود، والسيطرة على سلاسل التوريد التجارية في المناطق التي تشهد صراعات شديدة في البلاد. يُعدّ قطاع الذهب قطاعًا مربحًا للغاية، إذ أفادت التقارير أن المناجم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور أنتجت ذهبًا بقيمة تقارب 860 مليون دولار أمريكي في عام 2024 وحده. وقد مكّنت هذه الأنشطة قوات الدعم السريع من العمل باستقلالية مالية في ظلّ الانهيار الاقتصادي الوطني، مما ساهم بشكل أساسي في استدامة عملياتها العسكرية.
قد يُعطّل استعادة القوات المسلحة السودانية للخرطوم في مارس/آذار إنتاج الكبتاجون المرتبط بقوات الدعم السريع في العاصمة، وقد يؤدي إلى نقل معامل الإنتاج غرب الخرطوم. ومع تراجع مقاتلي قوات الدعم السريع غربًا إلى معاقلهم في دارفور، قد يزداد دعم منشآت إنتاج الكبتاغون في هذه المناطق. قد تُنشئ قوات الدعم السريع منشآت جديدة بالقرب من الحدود مع ليبيا أو تشاد، حيث يُمكنها الاستفادة من شبكات التهريب القائمة في جميع أنحاء المنطقة. قد يُتيح القرب من هذه الطرق العابرة للحدود الوطنية سهولة حركة شحنات الكبتاغون مع الحفاظ على العمليات في المناطق التي يُمكن لقوات الدعم السريع السيطرة عليها بشكل آمن
أفادت التقارير أن كلًا من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية انخرطت في ممارسات غير مشروعة، وفساد، وأنشطة نهب تتعلق بالغذاء والدواء والوقود، وحتى أطباق ستارلينك الفضائية. وقد تم الإبلاغ عن الفساد والرشوة في كلا القوتين، مما يُشير إلى اقتصاد ناشئ قائم على نقاط التفتيش. يتم توجيه العديد من شحنات الكبتاغون عبر ميناء السودان الذي تسيطر عليه القوات المسلحة السودانية على البحر الأحمر. ورغم أن قدرة القوات المسلحة السودانية على المنع ضعيفة، فإن شحنات الكبتاجون المتكررة التي تمر عبر ميناء السودان قد تشير إلى احتمال حدوث رشوة وفساد بين القوات المحلية وموظفي الجمارك.
توصيات
لزيادة إنتاج الكبتاجون في السودان تداعياتٌ كبيرة على الاستقرار الإقليمي والجهود الدولية لمكافحة المخدرات. ويُنذر تورط قوات الدعم السريع الواضح في إنتاج الكبتاغون بإطالة أمد الحرب الأهلية، إذ يوفر لها مصدر دخلٍ إضافيٍّ مربح.
يُظهر دور السودان في تصنيع الكبتاجون والاتجار به حاجةً مُلحةً لتوسيع نطاق استراتيجيات الولايات المتحدة وشركائها في مكافحة تجارة الكبتاغون، بما يتجاوز نطاقها الحالي والبالي، والمتمثل في الحد من سيطرة نظام الأسد السابق على هذه التجارة. كما يُبرز الحاجة إلى توسيع نطاق الاستراتيجية الأمريكية ليتجاوز بلاد الشام، ويمتد عبر البحر الأحمر إلى شمال ووسط أفريقيا.
ينبغي على الولايات المتحدة مراجعة استراتيجيتها الحالية بين الوكالات بشأن الكبتاجون، وتوسيع نطاقها إلى ما هو أبعد من تركيزها الحالي على سوريا ولبنان، لتشمل دولًا وشبكات جديدة ذات أهمية. وينبغي للولايات المتحدة وشركائها أن يتابعوا عن كثب ظهور السودان كمركز لإنتاج الكبتاجون في مرحلة ما بعد الأسد، وأن يدرجوا السودان كدولة ذات أهمية في استراتيجيتها الحالية بين الوكالات لمكافحة الكبتاجون. وسيكون من الضروري إجراء مراقبة مستمرة للأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وخاصة غرب الخرطوم في دارفور وجنوب كردفان، لفهم تطور اقتصاد المخدرات هذا. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي للولايات المتحدة وشركائها أن يسعوا إلى فهم ما إذا كان الفساد المحلي بين قوات القوات المسلحة السودانية ومسؤولي الجمارك في الموانئ يمكن أن يكون عاملاً في زيادة انتشار إنتاج الكبتاجون والاتجار به في السودان، وكيف يمكن أن يكون كذلك، وتحديد مجالات التعاون المحتملة. ويجب على صانعي السياسات الأمريكيين الاعتراف بالسودان كمركز ناشئ في شبكات إنتاج المخدرات الاصطناعية العالمية، ومراقبة كيف يمكن للكبتاجون أن يطيل أمد صراعه المستمر من خلال توفير مصدر تمويل لجماعة شبه عسكرية عنيفة.
الدعم السريعالسودانالكبتاجون