بوابة الوفد:
2025-06-27@21:03:28 GMT

الدين والفطرة الإنسانية

تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT

الدين فطرة الله التى فطر الناس عليها حيث يقول الحق سبحانه: فِطْرَت الله الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ، ويقول سبحانه: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشّـِرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى الله الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَالله يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، ويقول سبحانه فى الحديث القدسى: «إنى خَلَقْتُ عِبَادِى حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِى مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا».

فالشرائع السماوية كلها إنما جاءت لسعادة البشرية ، تقوم على جلب المصلحة أو درء المفسدة أو على تحقيقهما معًا، و المصالح العليا للشـرائع قائمة على حفظ الدين والوطن والنفس والعقل والمال والعرض، فكل ما يؤدى إلى حفظ هذه الأمور فهو مصلحة وكل ما يضر بها فهو مفسدة، ودفعه مصلحة، يقول العز بن عبد السلام (رحمه الله):» لا يخفى على عاقل أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان وعن غيره محمودٌ حسنٌ، وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها محمودٌ حسنٌ، وأن درء أفسد المفاسد فأفسدها محمودٌ حسنٌ، وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمودٌ حسنٌ، وأن درء المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمودٌ حسنٌ»، وقد اتفقت الشـرائع على تحريم الدماء، والأعراض، والأموال، وعلى تحصيل الأفضل فالأفضل من الأقوال والأعمال.

وقد أجمعت الشرائع السماوية على جملة كبيرة من القيم والمبادئ الإنسانية، من أهمها: حفظ النفس البشرية وحرمة الاعتداء عليها، حيث يقول تعالى: أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا جميعا»، كما أجمعت على العدل، والتسامح، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، والصدق فى الأقوال والأفعال، وبر الوالدين، وحرمة مال اليتيم، ومراعاة حق الجوار، والكلمة الطيبة، وذلك لأن مصدر التشـريع السماوى واحد، حيث يقول  نبينا (صلى الله عليه وسلم):» الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ».

وأرونى أى شريعة من الشـرائع أباحت قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين، أو أكل السحت، أو أكل مال اليتيم، أو أكل حق العامل أو الأجير.

وأرونى أى شريعة أباحت الكذب، أو الغدر، أو الخيانة، أو خُلف العهد، أو مقابلة الحسنة بالسيئة ؛ فمن خرج على ذلك لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب، وإنما هو افتراء على الأديان وخروج على مقتضى الإنسانية ينسلخ فيه المجرمون وسفكة الدماء من آدميتهم ومن الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها، وقد قال ابن عباس (رضى الله عنهما) عن قوله تعالى: «قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْـرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ الله أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»،»هذه آيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب، وهى محرمات على بنى آدم جميعًا، وهن أم الكتاب، من عمل بهن دخل الجنة، ومن تركهن دخل النار».

 

الأستاذ بجامعة الأزهر 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر الله ال

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية والمغتربين، السيد أسعد الشيباني يبحث مع سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سوريا السيد يانغ شو، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين

2025-06-26mohamadسابق 69 شهيداً بغارات إسرائيلية على غزة وأونروا تحذر من العطش والموت انظر ايضاً 69 شهيداً بغارات إسرائيلية على غزة وأونروا تحذر من العطش والموت

القدس المحتلة-سانا استشهد 69 فلسطينياً وأُصيب العشرات اليوم، جراء غارات جوية نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي …

آخر الأخبار 2025-06-26وزير الخارجية والمغتربين، السيد أسعد الشيباني يبحث مع سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سوريا السيد يانغ شو، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين 2025-06-2669 شهيداً بغارات إسرائيلية على غزة وأونروا تحذر من العطش والموت 2025-06-26الشعر للناس… أمسية شعرية شبابية تُعيد نبض الكلمة إلى ساحات حلب 2025-06-26المجلس الأوروبي يؤكد التزامه باحترام سيادة سوريا واستقلالها 2025-06-26الأمم المتحدة تجدد التزامها بدعم ضحايا التعذيب بسوريا في ظل النظام البائد 2025-06-26سوريا ترحب بجهود هولندا وكندا لمحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب في عهد النظام البائد 2025-06-26دمشق تحتضن معرض أغريتكس 2025 وسط مشاركة عربية وعالمية 2025-06-26الداخلية السورية تخفض رسوم جوازات السفر 2025-06-26رقابة مشددة على أفران دير الزور لضبط جودة الخبز 2025-06-26لجنة الإصلاح الضريبي: تبسيط الإجراءات وتخفيض الضرائب

صور من سورية منوعات دراسة أمريكية حديثة: الحديد لتنقية المياه 2025-06-25 “آبل”: الذكاء الاصطناعي يفتقر للتفكير العميق 2025-06-22فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية ينعى ضحايا حادث الطريق الإقليمي ويؤكد قدسية النفس الإنسانية
  • وزير الأوقاف عن حادث الطريق الإقليمي: من يفرط في حفظ الأرواح يخالف تعاليم الدين
  • وزير الخارجية والمغتربين، السيد أسعد الشيباني يبحث مع سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سوريا السيد يانغ شو، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين
  • أنصار الأمس .. أنصار اليوم : قراءة في دروس الهجرة النبوية للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (تفاصيل)
  • أوقاف الفيوم: الهجرة النبوية شكلت تناغمًا بين الدين والوطن والإنسانية
  • موافقة على سداد قرض محطة الضبعة النووية في مصر بالروبل.. ماذا يقول الخبراء؟
  • المظلل بالغمام.. ممرغ أنوف الأتراك في وحل اليمن ورافع لواء الحرية والاستقلال
  • مصرع مدير المخلفات الصلبة بالمنيا إثر سقوطه من الطابق السادس بمجمع المصالح
  • هذا موقفي من دكتور كامل!
  • نائب رئيس أركان الجيش الأردني سابقا: مشروع إيران النووي ما زال قائما.. ونتنياهو فشل