بعد عامين ونصف العام على تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة ومساعٍ دبلوماسية حثيثة مع القيادة في إيران، توصّلت إدارته لأول اتفاق معها هو الإفراج عن خمسة سجناء أميركيين. يؤذن الاتفاق الحساس بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، ويعتقد خبراء ودبلوماسيون أنه قد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للرد على مخاوف منها ما يتعلق بالنشاط النووي لإيران.

غير أن عددًا قليلًا من الأشخاص يتوقعون اتفاقات كبرى وشيكة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024. وقال علي فايز مدير «مشروع إيران» لدى «مجموعة الأزمات الدولية» التي تسعى لحلول للنزاعات «أعتقد أن كلا الجانبين لهما مصلحة في استخدام هذه الاتفاقية الأولية بوابة للعودة إلى الحوار ولكن ليس بالضرورة إلى اتفاق». وانهارت محادثات برعاية الاتحاد الأوروبي العام الماضي لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 والذي فرض قيودًا على برنامج إيران المثير للجدل مقابل وعود بتخفيف العقوبات، لكن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انسحب منه. وبايدن نفسه شوهد في تسجيلات مصورة خلال حملة انتخابية أواخر العام الماضي يقول إن الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني «في حكم الميت». من جهته، قال مصدر قريب من المفاوضات إن الاتفاق بشأن السجناء منفصل عن الملف النووي. لكنه قال أيضًا إن الدبلوماسية أظهرت فعالية في خفض التوتر مع إيران، مشيرًا إلى هدنة لا تزال صامدة منذ أكثر من عام في اليمن. ويبدو أيضًا أن هجمات الفصائل المرتبطة بإيران على القوات الأميركية تراجعت في العراق، كما يشير دبلوماسي من دولة حليفة للولايات المتحدة. وقال الدبلوماسي إن «التوتر لا يزال قائمًا لكن الحكومتين تتواصلان وهذا يحدث فارقًا». واستأنف مسؤولون أمريكيون وإيرانيون الجهود الدبلوماسية في مايو على شكل اجتماعات غير مباشرة قامت بالترتيب لها سلطنة عُمان، مع محادثات تستطلع إجراءات للحد من البرنامج النووي لإيران بدون العودة كليًا للاتفاق النووي، وفق دبلوماسيين. وقال فايز الذي ساهم في جهود من الخارج لتقريب وجهات النظر لإبرام اتفاق 2015: «أعتقد أن سياق خفض التصعيد موجود بالفعل». غير أنّه شكّك في أن يكون لدى إدارة بايدن الرغبة في التوصل لاتفاق نووي جديد مع اقتراب موعد الانتخابات. ورأى أن «أي اتفاق جوهري مع إيران يتطلب تخفيفًا كبيرًا للعقوبات، وهو ما سيكون مثيرًا للجدل السياسي بشكل كبير في الولايات المتحدة». وتابع: «في الجانب الإيراني، ومع قرب موعد الانتخابات الأمريكية ليس من المنطقي بالنسبة لهم استراتيجيًا التخلي عن معظم نقاط قوّتهم بدون معرفة من هو الرئيس الأميركي المقبل» إذ من المحتمل أن يقوم ترامب أو أي جمهوري آخر بإلغاء أي اتفاق جديد. وانتقد جمهوريون اتفاق تبادل السجناء، واتهموا بايدن بتقوية نظام معاد. وبموجب اتفاق يؤكد مسؤولو إدارة بايدن أنه ليس نهائيًا، ستقوم كوريا الجنوبية بتحويل ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة لتتمكن طهران من شراء سلع إنسانية مثل الغذاء والدواء. في غضون ذلك أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فرزين، أمس السبت، رفع الحظر عن جميع الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، مضيفًا أنها ستُستخدم في شراء «سلع غير خاضعة لعقوبات». ويبدو أن هذا التصريح الذي نشره فرزين على وسائل التواصل الاجتماعي يؤكد ما أعلنته واشنطن الجمعة عن أنه ستكون هناك قيود على ما يمكن لإيران أن تفعله بأي أموال يُفرج عنها بموجب اتفاق وشيك أدى لإطلاق سراح خمسة أميركيين من السجن ووضعهم قيد الإقامة الجبرية في طهران.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يواصل الحرب وترامب يبحث عن الاستثمار.. هل يتهاوى اتفاق غزة؟

لا تزال الولايات المتحدة تتعامل مع وقف إطلاق النار في غزة كوسيلة لتحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية، في الوقت الذي تواصل فيه حكومة بنيامين نتنياهو، العودة بالأمور للمربع الأول، كما يقول محللون.

ففي حين تمارس قوات الاحتلال عمليات القصف والتدمير المتواصلة في عدة مناطق بالقطاع بذريعة تدمير بنى تحتية عسكرية تابعة للمقاومة أو الرد على هجمات من جانبها، لا تبدي واشنطن أي موقف لإلزام تل أبيب باحترام الاتفاق.

وقد وصل الأمر إلى حديث نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- عن نفاد صبر إسرائيل إزاء خروقات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للاتفاق، قائلا إن تسليم بقية جثامين الأسرى ونزع السلاح "يجب أن يتما بيد من حديد".

كما قرر نتنياهو تشكيل مجلس أمني مصغر جديد للإشراف على المرحلة الثانية من الاتفاق، ضم في عضويته وزراء الأمن إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والخارجية جدعون ساعر، وهم من أشد مناهضي وقف الحرب.

وبعد هذا التشكيل، قال ساعر إن إسرائيل منحت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة فرصة حقيقية عبر الدبلوماسية، وإن فشل مواصلة تنفيذ الاتفاق "سيسمح لإسرائيل بالتحرك عسكريا مع شرعية دولية أوسع بكثير".

انحياز أميركي في وضع خطِر

في المقابل، دعت حركة حماس الوسطاء والضامنين وخصوصا الولايات المتحدة بإلزام إسرائيل بوقف خروقاتها، وذلك في الوقت الذي طلب فيه وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر من الولايات المتحدة "منح إسرائيل حرية أوسع للتحرك في القطاع حتى في حال تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق".

وتعكس هذه التحركات من جانب إسرائيل الواقع الخطِر في القطاع وهشاشة خطة السلام في الوقت الراهن، برأي المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مارك فايفل، الذي يحمل حماس مسؤولية التحركات الإسرائيلية بسبب ما قال إنها مناوشات عسكرية تقع بين الجانبين، وأيضا بسبب رفض الحركة تسليم السلاح وتأكيدها على ذلك علنا.

إعلان

ووفق ما قاله فايفل في برنامج "مسار الأحداث"، فإن الحل الوحيد للخروج من هذا الوضع هو التسريع بتشكيل قوة السلام الدولية والعمل على نزع سلاح حماس بشكل فوري، لأن توسيع إسرائيل لعملياتها يحمل خطرا كبيرا على الاتفاق.

ومع ذلك، يعتقد فايفل أن الإسرائيليين يعولون على قدرة ترامب وصهره جاريد كوشنر، على إقناع حكومة نتنياهو بالتوصل إلى قدر معين من السلام.

لكن المحلل السياسي الفلسطيني أحمد الطناني، يعتقد أن هذا الحديث لا يعدو الدلالة على مواصلة الولايات المتحدة رؤية الأمور بعين إسرائيلية، والسعي لتحقيق أهداف الحرب عبر اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يسعى الإسرائيليون لتطبيع الواقع الحالي وتحويل الخروقات إلى أمر اعتيادي.

فواشنطن -كما يقول الطناني- تتعامل مع الخروقات الإسرائيلية وكأنها أمر عادي، في حين تنظر لكل المزاعم التي تلقي بها تل أبيب على المقاومة كحقائق، فضلا عن حرصها الشديد على تفكيك سلاح المقاومة والمنظومة الوطنية الفلسطنية وفرض الوصاية على القطاع.

ومن المحتمل أن يؤدي هذا التعامل إلى عودة المواجهات بين الجانبين، لأن المقاومة تريد مواصلة الاتفاق كمصلحة فلسطينية، لكنها في الوقت نفسه لن تسمح لإسرائيل بمواصلة القتل وقضم الأرض دون ثمن سياسي أو ميداني، كما يقول الطناني.

ولم يختلف الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، عن الرأي السابق بقوله إن نتنياهو لا يريد فقط تطبيع الخروقات، وإنما يحاول أيضا العودة لسياسة التطرف سواء في غزة أو الضفة الغربية بعدما فشل في الحصول على ما كان يخطط له من هذا الاتفاق.

فقد كان نتنياهو -والحديث لمصطفى- يعتقد أن هذا الاتفاق سيوفر مزيدا من التطبيع مع دول المنطقة والحصول على عفو شامل داخل إسرائيل، وهو ما لم يتحقق، مما دفعه لتوسيع الاستيطان بالضفة وقضم الأرض في غزة لإثبات أنه يعمل بشكل مستقل على تحقيق أهداف الحرب.

إسرائيل تواصل قضم أراض بعد "الخط الأصفر" لتوسيع سيطرتها في غزة (الجزيرة)واشنطن تبحث عن الاستثمارات

أما أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع بالجامعة العربية الأميركية الدكتورة دلال عريقات، فترى أن إسرائيل تمارس سلوكها المعتاد في تشتيت الأنظار عن حقوق الفلسطينيين الأساسية عبر الخوض في التفاصيل وشراء الوقت بذرائع مختلقة، مؤكدة أن الحرب لم تتوقف في غزة كما لم يتوقف القتل والضم بالضفة.

فأعضاء المجلس الأمني المصغر الجديد يتحدثون صراحة عن الاستيطان وإسرائيل الكبرى ولا يعترفون بالضفة الغربية أصلا، كما تقول عريقات، مشيرة إلى أن التوسع الاستيطاني "قتل كل حلم لحل الدولتين".

في الوقت نفسه، لا تزال الولايات المتحدة مهتمة ببحث استثماراتها المستقبلية في غزة أكثر من اهتمامها بوقف القتل والتدمير، لدرجة أن القاعدة الجديدة التي أنشأتها لمراقبة الاتفاق أصبحت في خدمة العمليات الإسرائيلية، كما تقول عريقات.

وخلصت الأكاديمية الفلسطينية إلى أن كل ما يقال عن السلام "لن يكون مجديا ما لم يتم تحديد جداول زمنية وأطر لعمل قوة حفظ الاستقرار الدولية، وتقييم ما يحدث على الأرض بشكل عملي".

مقالات مشابهة

  • وفد من حماس يلتقي رئيس المخابرات المصرية لبحث اتفاق غزة
  • وفد من حماس يبحث بالقاهرة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار
  • «قمة المناخ» في البرازيل تنتهي بلا اتفاق!
  • مؤتمر المناخ العالمي يقر اتفاق تسوية يتجاهل الوقود الأحفوري
  • اتفاق يهدئ خلافات الأغنياء والفقراء بمؤتمر المناخ في البرازيل
  • كوب30 يعتمد اتفاقًا مناخيًا من دون تعهّد بالتخلّص من الوقود الأحفوري
  • نتنياهو يواصل الحرب وترامب يبحث عن الاستثمار.. هل يتهاوى اتفاق غزة؟
  • إيران تستغيث بمحمد بن سلمان لإحياء النووي.. طهران تراهن على ولي العهد السعودي
  • إيران تبلغ وكالة الطاقة الذرية بإلغاء اتفاق القاهرة
  • إيران تتهم واشنطن والدول الأوروبية بإنهاء اتفاق القاهرة النووي