الأندية الرياضية.. بين الاحتكار والتحديات الهيكلية
تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT
أحمد السلماني
شهدت الأندية والاتحادات الرياضة في سلطنة عُمان خلال السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في مستوى الأداء والإنجازات على الصعيدين المحلي والدولي، ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب هذا التراجع وسبل معالجته.
وبينما كان الشارع الرياضي يتطلع إلى تحقيق قفزات نوعية في مختلف الألعاب، يبدو أن هناك معوقات هيكلية وإدارية تعيق التقدم المنشود، مما يستدعي نقاشًا جادًا حول مستقبل الرياضة في السلطنة، ومنذ أن ولجنا عالم المؤتمرات واوراق العمل والتي في غالبيتها لم تتجاوز الحبر الذي طبعت به شهدنا هذا العراجع المريع وتكرار الفشل، قبل أسبوعين شاركنا في بطولة وخرجنا بصفر ميداليات والمسلسل مستمر.
تراجع عدد الأندية المشاركة في الجمعيات العمومية
أحد أبرز المؤشرات على هذا التراجع، وصول عدد الأندية المشاركة في الجمعيات العمومية لأحد الاتحادات الرياضية إلى 6 أندية فقط، وهو ما يعكس ضعفًا في التمثيل والمشاركة الفعالة في صنع القرارات الرياضية. وتقلص عدد الأندية في هذه الجمعيات يعني أن قلة فقط تتحكم في المسار الإداري والتنفيذي للاتحادات الرياضية، مما يضعف التنوع والشمولية التي تُعد أساسًا لتطوير الألعاب الرياضية، وأصل الحكاية تقلّص اللعبة وعدد الاندية المفعّلة لها، حتى كرة القدم 28 ناديًا فقط مشاركة في مسابقات الاتحاد العُماني لكرة القدم على مستوى الفريق الأول من أصل 45 ناديًا.
في هذا السياق، نجد أن قلة الموارد المالية للأندية قياسا بحجم الصرف وعدم جاذبية الاندية وبنيتها الأساسية المناسبة يُعد من الأسباب الرئيسية لعزوف العديد من الأندية عن المشاركة الفعالة في الرياضات والمشارحة في كل الألعاب. كما إن ضعف برامج التطوير للأندية وغياب الاستراتيجيات طويلة الأمد أدى إلى تقليص دائرة الأندية المشاركة، تاركة المجال للاتحادات الرياضية لتكون مهيمنة من قبل عدد محدود من الأفراد والغالب منهم لا يملك الفكر المتجدد ولا الإرادة للتوسع وخدمة أهداف الرياضة والوزارة المعنية.
احتكار الاتحادات الرياضية لفئات معينة
لا يمكن إنكار أن هناك احتكارًا واضحًا لبعض الألعاب والاتحادات الرياضية في السلطنة من قبل فئات أو أشخاص بعينهم. هذا الاحتكار، الذي يمتد لسنوات طويلة، ساهم ويساهم في ترسيخ ثقافة الإدارة المغلقة؛ حيث تتولى نفس الشخصيات المهام الإدارية والتنفيذية دون إفساح المجال للكفاءات الجديدة. ينتج عن هذا الاحتكار ركود في الأفكار، ما يؤدي إلى تعطيل الابتكار والتطوير، وبالتالي تراجع الأداء الرياضي العام.
في بعض الألعاب، مثل الجولف والتنس، نشهد تركيزًا وحضورًا لشخوص وفئات محددة دون غيرها، وهو ما ينعكس سلبًا على تنمية المواهب الجديدة التي تتطلب فرصًا متساوية للتألق. هذا الوضع يعيق نمو وتطوير الألعاب ويحد من قدرتها على المنافسة على المستوى المخلي من حيث الانتشار والإقليمي والدولي.
تحديات أخرى تواجه الرياضة العُمانية
إضافة إلى الاحتكار وضعف التمثيل، تفتقر الرياضة العُمانية إلى الدعم المالي المستدام؛ إذ تعاني العديد من الأندية من نقص الموارد، ما يجعلها غير قادرة على توفير الأدوات والتجهيزات اللازمة لتطوير لاعبيها. هذا الوضع يؤدي إلى ضعف النتائج في البطولات الإقليمية والدولية، ويعزز من شعور الشارع الرياضي بالإحباط، فإلى متى؟!
كما إن غياب التخطيط الاستراتيجي من قبل الجهات المختصة يشكل تحديًا رئيسيًا. فبدلًا من وضع خطط واضحة لتطوير الألعاب الرياضية، نجد أن هناك اعتمادًا على الحلول الآنية والقرارات الفردية وردات الفعل، ما يجعل الرياضة العُمانية عرضة للتراجع على المدى الطويل.
سُبل الحل
ولمواجهة هذه التحديات، يجب العمل على عدة مستويات؛ أولًا: من الضروري تعزيز دور الجمعيات العمومية من خلال توسيع قاعدة المشاركة وتشجيع الأندية على المساهمة في تشكيل مستقبل المنافسة الرياضية العُمانية. وثانيًا: يجب تطبيق آليات رقابية أكثر صرامة لمكافحة الاحتكار وضمان تداول المناصب الإدارية في الاتحادات الرياضية وفسح المجال لكفاءات بعضها رحل ووجد نفسه في دول أخرى، وذلك لفتح المجال أمام الكفاءات الجديدة والمبدعين في الإدارة الرياضية.
أعرفُ شخصًا يحمل الدكتوراة في الرياضة، هاجر إلىماليزيا وحقق مع ناديه 3 ألقاب دوري كرة قدم، وعرض نفسه هنا في عُمان، لكن لم تتح له الفرصة ومُنحت لخبير عربي تسبب في تدمير هائل ندفع ثمنه للآن! صاحبنا الدكتور هاجر ونجح!
أما على الصعيد المالي، فينبغي على الحكومة والقطاع الخاص التعاون لتوفير دعم مالي مستدام للأندية والاتحادات، إضافة إلى تحسين البنية التحتية الرياضية. كما يجب التركيز على تطوير الكفاءات الفنية والمواهب من خلال برامج تدريب متكاملة تستهدف الفئات الناشئة، مع ضمان توفير بيئة تنافسية عادلة تتيح للجميع فرص التطور.
تعيش الرياضة العُمانية اليوم مرحلة حرجة تتطلب إعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات المتبعة؛ فالتراجع الشديد الذي تشهده الألعاب الرياضية ليس مجرد مشكلة رياضية؛ بل هو انعكاس للتحديات الهيكلية التي تتطلب إصلاحات جذرية على مستوى الإدارة والدعم المالي وتطوير الكفاءات الإدارية والفنية والمواهب، والأهم الحصول على اجابة لأصعب سؤال: ما الذي نريده من الرياضة؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سفارتنا في كوريا تحتفي بـ"شجرة اللبان العُمانية"
سول- العُمانية
نظمت سفارة سلطنة عُمان في جمهورية كوريا، أمس فعالية مميزة لزراعة شجرة اللبان العُمانية، إضافة إلى زهرة السُّلطان قابوس بن سعيد- طيّبَ اللّٰهُ ثراه- وزهرة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه اللّٰهُ ورعاه- وزهرة السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاها- في حديقة سول للنباتات؛ وذلك في إطار جهود السفارة المستمرة لتعزيز التبادل الثقافي والبيئي بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا، وتسليط الضوء على الروابط التاريخية العميقة التي تجمع سلطنة عُمان وجمهورية كوريا.
وشهدت المناسبة حضور العديد من الشخصيات العامة والمسؤولين الذين شاركوا في زراعة الأشجار وفي مقدمتهم سعادة كيم هيونغ دونغ عضو الجمعية الوطنية ونائب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الكورية- العُمانية، وسعادة تشونغ كوانغ يونغ المدير العام لمكتب شؤون أفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الشؤون الخارجية الكورية، وسعادة كيم تشانغ مو رئيس الجمعية الكورية- العربية، ومديرة حديقة سيئول للنباتات، وعدد من السفراء المعتمدين في جمهورية كوريا. وأعرب سعادة الشيخ زكريا بن حمد هلال السعدي، سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية كوريا عن شكره للضيوف لحضورهم هذه المناسبة، وأشار إلى أن هذه الفعالية كانت مقررة العام الماضي احتفالاً بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا، ولكن إجراءات الحجر الصحي المتعلقة بالنباتات حالت دون تنفيذ الحدث في وقته.
وأعرب عن تقديره لوكالة الحجر الصحي والنباتي في جمهورية كوريا، وحديقة سيئول النباتية وشؤون البلاط السُّلطاني (الحدائق والمزارع السُّلطانية) في سلطنة عُمان على تعاونهم وتفانيهم في تحقيق هذا الحدث. وأكد سعادة السفير على أهمية هذه المناسبة، واصفاً إياها بأنها تجسد قيم التعاون والحوار الحضاري، وقال "إن زراعة هذه الأشجار والزهور ليس مجرد فعل رمزي، بل تعكس التزامنا بالحفاظ على التراث الطبيعي والتاريخي لسلطنة عُمان".
وأشاد سعادته بالروابط التاريخية بين البلدين، مؤكداً على امتدادها منذ عهد مملكة شيلا الكورية، مشيراً إلى وجود لبقايا من اللبان العُماني في معبد في مدينة كيونغجو في كوريا والتي تعود إلى أكثر من ألف عام وهذا خير دليل على عمق التبادل التاريخي والتجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا.
بدورها، أعربت مديرة حديقة سيئول النباتية، عن امتنانها لجهود سفارة سلطنة عُمان في سيئول، مشيدة بالمبادرة التي تقدم رموزاً متجذرة في التراث العُماني، مؤكدة على أهمية الاستمرار في العناية بهذه النباتات لضمان نموّها الصحي في الحدائق الكورية.
ويؤكد هذا الحدث التزام سلطنة عُمان بتعزيز الحوار الحضاري والتعاون البيئي من خلال مبادرات خلاقة تسلط الضوء على كنوزها الطبيعية القيّمة. وتشير إلى عمق التواصل الحضاري والتاريخي بين سلطنة عُمان وجمهورية كوريا منذ ألف عام.