منفوحة المصرية وفيصل السودانية
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
في إحدى المناطق القديمة بالعاصمة السعودية الرياض يقع حي “منفوحة”، وبالتحديد في جنوب الرياض، وكان يسكن بهذا الحي قديماً كبار العوائل السعودية.
عندما تدخل إلى منفوحة الآن تستقبلك رائحة القهوة المصرية وشباب يجلسون على المقاهي، ومجموعات سكانية يرتدون معظم ملابس وأزياء المحافظات المصرية وخاصة الصعيدية، بجانب الأزياء المدنية الحديثة، وتستمع وأنت في شوارعها للقفشات والأفيهات والنكات والضحكات والسلام بكل اللهجات المحليّة، لوهلة قد تتخيل نفسك بأحد أزقة وحواري القاهرة القديمة، ولكنك في منفوحة.
وفي محافظة الجيزة بجمهورية مصر، يقع شارع الملك فيصل، حيث سُمي بهذا الاسم نسبة لفيصل بن عبد العزيز ملك السعودية الأسبق، وبجانبي شارع فيصل تقع العديد من المحطات والتجمعات السكانية، حيث يقيم بها عدد كبير من السودانيين، حضروا في فترات زمنية متباعدة لما قبل وما بعد الحرب التي يخوضها الجيش السوداني لإنهاء تمرد الدعم السريع المستمر منذ 15 أبريل من العام 2023.
عندما تدخل على تجمعات السودانيين في فيصل تستقبلك الأزياء السودانية المحلية من ثياب النساء وجلابيب وعمم الرجال، والمقاهي التي تقدم القهوة والمشروبات السودانية المميزة، وتسمع وأنت تتجول في فيصل ” يا زول”، وهي تتردد بكثرة، حيث أصبح يستخدمها حتى المصريين لمناداة بعضهم، بجانب نداء السودانيين.
في منفوحة السعودية المصرية تجد معظم المنتجات التي تأتي من مصر بطلب خاص، وهي تباع جهراً وسرّاً، البقالات والمحلات التجارية والباعة المصريين يقابلونك من كل ناحية، فسكان منفوحة وهم يعملون ويسكنون في المملكة لكن لا يفارقون طعم الرغيف البلدي، ولا الكشري أو الفول والطعمية والحواوشي والكبدة الإسكندراني، وغيرها من المأكولات المحليّة.
وفي فيصل المصرية السودانية، يمكنك شراء “الويكة” والكركدي والدكوة والكسرة والعيش وتناول العصيدة والبوش والكوارع، فالمحلات التجارية والباعة السودانيين والمطاعم التي تقدم الوجبات المحلية منتشرة في معظم الأماكن.
عندما تكون هنالك مباراة في كرة القدم أحد طرفيها المنتخب المصري أو الأهلي والزمالك، أو حتى مشاركة اللاعبين المصريين المشهورين مع أنديتهم الأوربية مثل محمد صلاح وعمر مرموش، تمتلئ مقاهي منفوحة بالجمهور، يتابعون المباريات على شاشات كبيرة، وتسمع عبارات التشجيع المحلّي وكأنك في استاد القاهرة.
وعندما يسمع السودانيون في فيصل المصرية السودانية الأخبار المبشرة بانتصارات القوات المسلحة، فإنك تسمع الهتافات والتهاني المتبادلة بين السكان، وقد يخرجون إلى شوارع الأحياء محتفلين ويشاركهم إخوانهم المصريين كما أظهرت المشاهد، فحلم العودة للسودان مازال يراودهم، ويأملون بعودة الأمان لبلادهم في أقرب وقت حتى يودعون حياة الغربة ومشقة الترحال.
وبينما ارتحل سكان منفوحة من السعوديين إلى مناطق أخرى أكثر حضارة وتمدناً في الرياض بتعاقب زمني متسلسل، وبقيت منفوحة مصرية شبه خالصة، احتفظ المصريون في فيصل بمقاسمة السكن والتعايش مع السودانيين، ومن الشائع أن تجد البنايات نصف سكانها أو ملاكها من كلا البلدين، وكذلك العاملون في الأسواق والمحلات التجارية.
وما بين منفوحة السعودية المصرية وما بين فيصل المصرية السودانية، تمتد روابط التعايش بين الشعوب العربية، بعيداً عن مجالس الإعلام الموجّه، فحلم أبناء الوطن العربي بأن كل أرض على خريطته هي بيتهم ومأكلهم ومشربهم وتواصلهم، لا تفرّق بينهم الحدود المصطنعة.
عمرو كمال – النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی فیصل
إقرأ أيضاً:
يونيسف: قصف مدفعي يحرم ألف مريض المياه في مدينة الفاشر السودانية
قسمت الحرب البلاد إلى مناطق نفوذ حيث يسيطر الجيش على وسط السودان وشماله وشرقه بينما تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب. اعلان
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الأربعاء، أنّ حوالي ألف مريض في حالة حرجة في إقليم دارفور في غرب السودان يعانون من انعدام شبه كامل لمياه الشرب بعدما دمّر قصف مدفعي صهريجًا في أحد المستشفيات.
وكان الصهريج مركونا خارج المستشفى السعودي، وهو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في مدينة الفاشر التي يناهز عدد سكانها مليوني نسمة.
والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولايات دارفور الخمس، التي لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع. وتحاضر الأخيرة المدينة منذ أيار/مايو 2024، وتواصل قصفها وشنّ هجمات على أطرافها.
وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في بيان "أمس، تمّ تدمير صهريج مياه تدعمه يونيسف في مجمع المستشفى السعودي في الفاشر، بنيران المدفعية، ما أدى إلى تعطيل الوصول إلى المياه الآمنة لحوالي ألف مريض يعانون من أمراض خطيرة".
Relatedالسودان: قوات الدعم السريع تشن هجوماً بالمسيّرات على مطار بورتسودانتصعيد دامٍ في دارفور وكردفان: الجيش السوداني يكثّف غاراته الجوية والدعم السريع يردّ بمسيّراتوأضافت "تواصل يونيسف دعوة جميع الأطراف إلى الالتزام بواجباتهم بموجب القانون الدولي وإنهاء جميع الهجمات على البنية التحتية المدنية الحيوية أو بالقرب منها".
ويشهد السودان منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو تسبّبت في مقتل عشرات آلاف المدنيين ونزوح 13 مليونا، وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة من الأسوأ في التاريخ الحديث.
وقسمت الحرب البلاد إلى مناطق نفوذ حيث يسيطر الجيش على وسط السودان وشماله وشرقه بينما تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب.
وفي نيسان/أبريل الماضي، قدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّ ما بين 70 إلى 80 في المئة من المرافق الصحية في المناطق المتضرّرة جراء النزاع في السودان، أصبحت خارج الخدمة، مشيرة إلى الفاشر بشكل رئيسي.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة