منذ أن حمل عالم الأحياء الأميركي أنسيل كيز، وزوجته الكيميائية مارغريت كيز على عاتقهما نشره لأول مرة في عام 1975، "باعتباره أسلوب حياة فريدا من نوعه"، لم يُذكر النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط إلا مرتبطا ببلدان ومدن المناطق الزرقاء، حيث يعيش الناس عمرا أطول ويستمتعون بحياة اجتماعية نشطة وروابط عائلية وثيقة، ويأكلون البقول –وخاصة الفاصوليا- كجزء من نظام يجعلهم أكثر صحة.

لذا كان من المثير أن يُنسب النظام الغذائي المتوسطي -لأول مرة- لمدينة ساحلية عربية خارج نطاق المناطق الزرقاء المعتاد، هي بورسعيد الواقعة في شمال شرق مصر، على رأس المدخل الشمالي لقناة السويس. حيث ذكرت مدونة الطعام الأميركية سوزي كرادشة، مؤلفة أحدث كتاب للطبخ حسب النظام المتوسطي، صدر مؤخرا تحت عنوان "الطبق المتوسطي: عشاء بسيط"، وقدمت فيه 125 وصفة غذائية صحية مستوحاة من تراثها ورحلاتها، لشبكة "سي إن إن"، حيث استلهمت ثقافة التغذية المتوسطية "الغارقة في الفرح"، من نشأتها في تلك المدينة المصرية المفعمة بالدفء، كما تقول.

من المثير أن يُنسب النظام الغذائي المتوسطي -لأول مرة- لمدينة بورسعيد المصرية خارج نطاق المناطق الزرقاء المعتاد (غيتي) لإعادة الفرح إلى المائدة

لم تكن ثقافة الحمية معروفة عندما كانت سوزي كرادشة تقضي طفولتها في بورسعيد، لكن مداركها تفتحت على "مبادئ نمط الحياة المتوسطية التي تركز على تناول الأطعمة الكاملة في الغالب، وتحتفل بالأكل في المواسم، وتهتم بالمشاركة، وتتأكد من الفرح على المائدة قبل أي شيء آخر".

وذلك قبل أن يأتي انتقال كرادشة إلى الولايات المتحدة في سن الـ16، ويضيف نمط الأكل الأميركي المختلف إلى وزنها حوالي 14 كيلوغراما.

وهي الزيادة التي نجحت في التخلص منها "خلال فترة شهرين من عودتها إلى منزلها في مصر وتناول الطعام المتوسطي الذي نشأت عليه".

وللمساعدة في "إعادة الفرح إلى المائدة" للآخرين، وإبقاء تراث عائلتها في الطهي حيا لدى ابنتيها اللتين تبلغان من العمر 14 و 22 عاما الآن؛ أطلقت كرادشة- المقيمة بأتلانتا – مدونة "ذا ميديترينيان دش" منذ 10 سنوات، وبدأت في تلقي رسائل بالبريد الإلكتروني من أشخاص وصف لهم أطباؤهم النظام الغذائي المتوسطي، وكانوا يبحثون عن وصفات سهلة للاستفادة منه.

للسنة السابعة على التوالي يحصل النظام الغذائي المتوسطي على المرتبة الأولى كأسهل نظام غذائي يمكن اتباعه (غيتي إيميجز) الوصايا الست لأسلوب الحياة المتوسطي

وفقا لكرادشة، فإن تحضير الوجبات على الطريقة المتوسطية "يمكن أن يساعد في تناول الطعام بشكل جيد والعيش بسعادة".

فللسنة السابعة على التوالي، يحصل النظام الغذائي المتوسطي القائم على البقول والنباتات، على المرتبة الأولى "كأسهل نظام غذائي يمكن اتباعه، وأفضل نظام مناسب للعائلة، وأفضل نظام للأكل الصحي".

كما جاء الأول كأفضل نظام "للتقليل من خطر الإصابة بمرض السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول والخرف والاكتئاب، والحفاظ على عظام أقوى وقلب أكثر صحة وعمر أطول"، وفقا لما نشرته صحيفة "يو إس نيوز" مطلع هذا العام.

لذا، بدلا من المنع والتقييد والقوائم التي تتضمن تعليمات من قبيل "تناول هذا" و"لا تأكل ذاك"، تركز كرادشة على المزيد من الأطعمة الكاملة والخضراوات والحبوب والبقوليات وباقي المكونات المفيدة، من خلال التركيز على هذه الوصايا الست لأسلوب الحياة المتوسطي:

استخدم زيت الزيتون البكر الممتاز قدر الإمكان

وفقا لكرادشة، فإن استخدام زيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون هو أهم ما يميز النظام الغذائي المتوسطي عن أنماط الأكل الأخرى.

فبالمقارنة مع الدهون المعتادة "يرتبط تحضير الوجبات بزيت الزيتون البكر الممتاز بانخفاض ضغط الدم، وتحسين نسبة السكر في الدم، والحفاظ على الوزن".

وهو ما أرجعه موقع "هيلث لاين" لنكهته الغنية وتنوعه وفوائده كمكون مليء بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة ومضادات الأكسدة والدهون الصحية للقلب، وتعزيز وظائف المخ، والحماية من أنواع معينة من السرطان. "يسهل استخدامه للشواء أو القلي أو الخبز".

استخدام زيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون هو أهم ما يميز النظام الغذائي المتوسطي (بيكسلز)

ففي دراسة أجريت عام 2007، قام الباحثون بتسخين زيت الزيتون البكر الممتاز إلى 180 درجة مئوية لمدة 36 ساعة، ووجدوا أنه "مقاوم للتلف بدرجة كبيرة".

كما لاحظت مراجعة أجريت عام 2017، أن "زيت الزيتون يضاهي أو أفضل من الزيوت النباتية الأخرى لقلي الأطعمة في درجات حرارة تتراوح بين 180 و190 مئوية". لهذا توصي كرادشة باستخدامه في كل شيء، حتى في الخبز، "فهو يجعل المخبوزات طرية للغاية".

تناول المزيد من الأطعمة النباتية كل يوم

توضح كرادشة أن كلمة "أطعمة نباتية" في النظام الغذائي المتوسطي، تشمل "الحبوب الكاملة والمكسرات والبذور والأعشاب والتوابل والفاصوليا التي تضفي على وجباتنا النكهة والإثارة". فقد وجد بحث أجري عام 2018، أن "الأفراد الذين يتناولون 30 نباتا مختلفا أو أكثر أسبوعيا، لديهم ميكروبيوم معوي أكثر صحة بشكل ملحوظ من أقرانهم الذين يستهلكون 10 نباتات أو أقل".

تناول المأكولات البحرية مرتين إلى 3 مرات في الأسبوع

تُبدي كرادشة دهشتها من أن معظم الناس يعرفون أن "الدهون الصحية للقلب والبروتينات الموجودة في الأسماك تشكل إضافات مثالية لطعامهم"، لكنهم في الوقت نفسه "يخشون من طهي السمك في المنزل ويهربون منه". وتدعو للاستعاضة عن ذلك بتخزين التونة أو السلمون أو أي نوع من الأسماك المعلبة، باعتبارها لا تقل أهمية، ويسهل تجربتها في خيارات الطهي السريع مع الثوم والزعتر والبطاطس والخس والحبوب الكاملة.

الدهون الصحية للقلب والبروتينات الموجودة في الأسماك تشكل إضافات مثالية للطعام (غيتي إيميجز) تناول الدجاج مرة أو مرتين في الأسبوع

تقول كرادشة "في الولايات المتحدة، نبحث عن البروتين قبل أي شيء في طبقنا، لنتأكد أن لدينا الكثير منه"، بينما في الطريقة المتوسطية التي نشأت عليها، لا نقول "لا" للدجاج أو الديك الرومي أو اللحوم الأخرى، لكننا فقط نستمتع بأجزاء أصغر وأقل تكرارا، وهو ما يجعل من يتبعون النظام المتوسطي، "أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان".

تناول اللحوم الحمراء والحلويات من حين لآخر

ففي النظام المتوسطي يُعد تناول البرغر، وسلطة شامية كلاسيكية تحتوي على صلصة دبس الرمان الحلوة ورقائق الخبز المقرمشة وتلك التوابل اللاذعة المسماة بالسماق، وشريحة من الكعكة، "جزءا من نمط حياة مبهج، لا يُمنع تناوله، بشرط وضع الكمية والتكرار في الاعتبار"، بحسب كرادشة.

تناول اللحوم في النظام المتوسطي يعد جزءا من نمط حياة مبهج، لا يُمنع تناوله (غيتي إيميجز) تناول البيض ومنتجات الألبان باعتدال

فتناول بيضة واحدة يوميا، لن يزيد من خطر إصابتك بأمراض القلب أو الوفاة المبكرة -وفقا لدراسة أجريت عام 2020- وخصوصا إذا كانت مع قدر من الزبادي اليوناني والثوم والأعشاب الطازجة. وهو أفضل بكثير من تناول عجة من 5 بيضات مليئة بالجبن كوجبة عادية، ولو في عطلة نهاية الأسبوع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظام الغذائی المتوسطی النظام المتوسطی زیت الزیتون

إقرأ أيضاً:

غوغل: نظام التحذير من الزلازل أخفق في إنقاذ الملايين خلال كارثة تركيا

وكالات

أقرت شركة “غوغل” بفشل نظامها للإنذار المبكر من الزلازل في تحذير ملايين الأشخاص خلال الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرق تركيا فجر يوم 6 فبراير 2023، والذي أودى بحياة أكثر من 55 ألف شخص وتسبب في إصابة أكثر من 100 ألف آخرين.

وبحسب تقرير بثته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، فقد كان من الممكن أن يتلقى قرابة 10 ملايين شخص ممن تواجدوا ضمن نطاق 98 ميلًا من مركز الزلزال تحذيرًا عالي المستوى من النظام، يمنحهم نحو 35 ثانية ثمينة للبحث عن مأوى آمن.

إلا أن الواقع كان مختلفًا تمامًا، إذ لم يُرسل سوى 469 تحذيرًا من النوع الأعلى “اتخذ إجراءً” (Take Action)، في حين تلقى نصف مليون مستخدم فقط تنبيهًا من المستوى الأدنى، المصمم للهزات الخفيفة والذي لا يُظهر تنبيهًا صاخبًا أو واضحًا على الهاتف.

هذا الخلل، الذي وصفه تقرير “غوغل” لاحقًا بأنه “ناتج عن قيود في خوارزميات الاكتشاف”، أدى إلى تقدير خاطئ لشدة الزلزال الأول، حيث قدره النظام بين 4.5 و4.9 درجة، رغم أن قوته الحقيقية بلغت 7.8 درجة على مقياس ريختر، ما جعله من أقوى الزلازل التي شهدتها المنطقة في العصر الحديث، ولم يكن ذلك الخطأ الوحيد، إذ فشل النظام أيضًا في تقييم الزلزال الثاني الذي ضرب لاحقًا في نفس اليوم، ما أدى إلى تقليل التحذيرات مرة أخرى.

الغريب أن النظام كان يعمل بالفعل وقت وقوع الكارثة، إلا أن التحذيرات لم تصل إلى العدد المتوقع من المستخدمين، خاصة أن الزلزال الأول وقع في ساعة مبكرة من الفجر (04:17 صباحًا) حين كان معظم السكان نائمين.

وكان من الممكن أن يوقظهم تحذير “اتخذ إجراءً” بصوته العالي وشاشته التي تتجاوز وضع “عدم الإزعاج”، وربما ينقذ أرواحًا كثيرة.

وأشارت “بي بي سي” إلى أنها حاولت، على مدار أشهر، التواصل مع سكان المناطق المتضررة الذين تلقوا ذلك التحذير الأعلى، لكنها لم تتمكن من العثور على أي منهم.

وفي أعقاب الكارثة، قامت “غوغل” بإعادة محاكاة الزلزال نفسه بعد تحسين خوارزمياتها، وأظهرت النتائج الجديدة أن النظام كان بإمكانه إرسال 10 ملايين تحذير من المستوى الأعلى، و67 مليونًا من تنبيهات الهزات الخفيفة لمن هم على أطراف المنطقة المتأثرة.

وقالت الشركة في بيانها: “نواصل تحسين نظام التحذير استنادًا إلى ما نتعلمه من كل زلزال”، مؤكدة أن النظام يُعد مكملًا للأنظمة الوطنية وليس بديلًا عنها، ومع ذلك، أعرب عدد من العلماء عن قلقهم من اعتماد بعض الدول على تقنيات لم تُختبر بالكامل بعد.

يُذكر أن نظام “تنبيهات الزلازل لأندرويد” الذي تطوره “غوغل” يعتمد على استشعار الاهتزازات من خلال ملايين الهواتف العاملة بنظام أندرويد، ويُفترض أن يُشكّل “شبكة أمان عالمية”، خاصة في الدول التي لا تمتلك أنظمة إنذار متقدمة.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يطلق نظامًا آليًّا لمراقبة الحدود بعد شهرين
  • 3 فرق مصرية تشارك في دوري أبطال أفريقيا.. ما القصة؟
  • قاعدة 30 السحرية.. هل وجدنا طريقة سهلة لحرق الدهون؟
  • سر الخصوبة.. دراسات تكشف تأثير النظام الغذائي على الصحة الإنجابية للمرأة
  • نظام موحد لدعم الأسر في غزة من وزارة التنمية الاجتماعية
  • 8 شهداء في قصف منزل في حي الزيتون جنوب مدينة غزة
  • نظام جديد لصرف المرتبات في ليبيا
  • كاتبة أميركية: عم نتحدث عندما نستذكر حق العودة؟
  • «جوجل» تقر بفشل نظام التنبيه الزلزالي الخاص بها خلال زلزال تركيا 2023
  • غوغل: نظام التحذير من الزلازل أخفق في إنقاذ الملايين خلال كارثة تركيا