النقابات العمالية في فترة الحكم الوطني الأول (2-5)
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
صديق الزيلعي
عرض الجزء الأول، من هذه الدراسة، العوامل الداخلية والخارجية التي ساعدت ومهدت لنشوء الحركة النقابية العمالية في السودان. وفصلت كيف أن جماهير العمال هي صاحبة الحق الأول في نشؤ نقابة تمثلهم. تم ذلك في رفض واضح وقوي مخططات الدولية الاستعمارية الرامية لإنشاء، ما أسمته، اللجان العمالية. هذه اللجان المقترحة كانت تتبع تماما لرئيس المصلحة البريطاني، ولا تملك الحق في تقديم مطالب نقابية.
هذا المقال مواصلة وهو يتركز على فترة الحكم الوطني الأول.
كان الموقف من اتفاقية الحكم الذاتي لحظة مفصلية في تاريخ الحركة النقابية السودانية ، كنتاج لقرار اتحاد العمال المعارض للاتفاقية ، تحت التأثير المباشر لرأى ، و لخط الحزب الشيوعي .
قرار رفض الاتفاقية، والذى تم بشكل فوقى ، بدون الرجوع لمجالس ادارات النقابات، لأخذ رايها حول تحديد موقف الاتحاد من الاتفاقية كان له ما بعده. تم ذلك القرار الفوقي في تنكر واضح للمبدأ الذي استنه الشيوعيون انفسهم والقائل " لكل حزبه والنقابة للجميع". في وقت كانت غالبية العمال ، بتأثير من التيار الاتحادي داخل الحركة الوطنية ، تؤيد الاتفاقية. وانفتح الباب للصراع بين القوى والتيارات النقابية التي عملت سويا خلال السنوات الاولى.
وتنبهت الاحزاب التقليدية التي اهملت الحركة العمالية لنفوذ الحزب الشيوعي داخلها وصارت تخطط لخلق نفوذ لها ، اعتمادا على الولاء الطائفي، خاصة وان اغلب العاملين بالسكة الحديد ينتمون للطائفة الختمية. اشتد الصراع للسيطرة على نقابة عمال السكة الحديد والتي فاز فيها، في الدورات التي أعقبت توقيع اتفاقية الحكم الذاتي ، التيار المناوئ للشيوعيين.
وتفجر العداء بين التيارين داخل النقابة ، ووصل قمته في المواجهة التي استمرت لسنوات لإعفاء قاسم امين من تفرغه النقابي، رغم انه من القيادات التاريخية المؤسسة للنقابة.
وامتد الصراع ليسمم العلاقة بين نقابة عمال السكة الحديد واتحاد العمال ، وازداد الصراع حدة بعد المذكرات التي رفعها الاتحاد للحكومة الوطنية حول مطالب العمال حول الاجور والتشريد وبعض القضايا العامة مثل قانون النشاط الهدام والسياسة الاقتصادية والموقف من الاحلاف العسكرية.
ونشط التيار الاتحادي، تحت الاشراف المباشر لوزير الشئون الاجتماعية يحي الفضلى، لتغيير قيادة اتحاد العمال.
بل وصلت به روح العداء لقيادة اتحاد العمال ، للدرجة التي دفعت بالوزير الوطني السوداني، للاتصال بالحكومة الانجليزية واتحاد العمال البريطاني للمساعدة في ازاحة الشيوعيين عن قيادة الاتحاد. ولم تنجح تلك الجهود في تغيير قيادة اتحاد العمال ، ولكنها تركت شروخا عميقة وسط الحركة النقابية العمالية.
وقد كتب محمد عمر بشير:" في السنتين التالتين للاستقلال كانت هنالك حملات مكثفة صعدت المواجهة بين الاتحاد العام لنقابات العمال والحكومة. ومهما يكن من امر فقد فشلت محاولة انشاء نقابات صفراء معادية للاتحاد العام. "
ساعد موقف قيادة اتحاد العمال ضد العدوان الثلاثي على مصر في 1956 وتطوع الشفيع للذهاب لقنال السويس ، ومخاطبته عمال السودان من مصر داعيا لهم للتطوع للدفاع عنها ودعوته الحكومة السودانية لاتخاذ مواقف ايجابية تجاه مصر ، ونجح دعم اتحاد العمال المعلن لنظام جمال عبد الناصر في تلطيف الأجواء، داخل نقابة عمال السكة الحديد خاصه مع التيار الختمى بسبب العلاقة القوية التي تربط الطائفة الختمية مع مصر والتي يشكل انصارها نسبة كبيرة من عمال السكة الحديد بعطبرة.
وبمرور الايام واشتداد المطالب النقابية، بدأت حدة الصراع تقل، ولكنها لم تنعدم تماما. وبدا الاتحاد يستعيد بعض اراضيه عندما تصدى بوضوح للمعونة الامريكية ، ومشروع ايزنهاور وزيارة نيكسون و الدعوة لإنشاء حلف بغداد وتسييره المظاهرات الحاشدة ضدها.
أصرت الحكومة على تحجيم اتحاد العمال واستخدمت نفس الحجج التي استخدمتها الادارة الاستعمارية . وحسب ما اورده على محمد بشير: "ففي اغسطس 1958، اقام مسجل النقابات قضية ضد اتحاد العمال لإنه لم يتقدم بطلب لتسجيله كمنظمة نقابية. الاتحاد رغم انه ابدى استعداده للتسجيل من قبل الا انه اعتبر القضية هجوما على الحريات النقابية ، وتضامنت معه احزاب المعارضة وخلقت من القضية معركة سيا سية ضد الحكومة. ولم تصدر المحكمة حكمها في القضية الا قبل ايام من الحكم العسكري ، وقضت بشطبها."
والغريب حقا انه اثناء نظر القضية اصدرت الحكومة بيانا تؤكد حرصها على حقوق النقابات المسجلة دون التعاون مع اتحاد العمال غير المسجل ساهم اتحاد العمال في الدعوة لتوحيد المعارضة ، داخل وخارج البرلمان ، للإتيان بحكومة جديدة ، عند انعقاد البرلمان يوم 17 نوفمبر 1958 . وقبل ان تنعقد الجلسة المنتظرة سلم حزب الامة السلطة للعساكر وهكذا انفتح باب الانقلابات العسكرية في السودان.
وملاحظتنا الاساسية ، حول تلك الفترة ، هي ازدياد الصراعات داخل الحركة العمالية بعد انتهاء الاجماع النقابي والوطني على محاربة الدولة الاستعمارية ، ومجيء ادارة وطنية لها العديد من الانصار وسط العمال . ورغم فشل محاولات خلق مراكز متعددة داخل الحركة العمالية ونجاحها في الحفاظ على ، وحدتها ومركزها الواحد الا انها واجهت الانقلاب العسكري وهى اضعف مما كانت عليه في اواخر ايام الدولة الاستعمارية.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة النقابیة
إقرأ أيضاً:
اتحاد دغمر يتوج بلقب دوري الهواة على حساب الملدة
كتب - عبدالله الوهيبي
"تصوير: عبدالواحد الحمداني"
توج فريق اتحاد دغمر لكرة القدم ممثل محافظة مسقط بطلًا لدوري الهواة عقب فوزه على فريق الملدة ممثل محافظة جنوب الباطنة بركلات الجزاء الترجيحية بنتيجة 1/3، وذلك بعد أن انتهى الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل الإيجابي 2/2، في ختام الدوري الذي أقيم على أرضية استاد السيب الرياضي وسط حضور رسمي وجماهيري كبير اكتظت به المدرجات، وجاء النهائي برعاية سعادة السيد سليمان بن حمود البوسعيدي رئيس مجلس إدارة الاتحاد العماني لكرة القدم.
نهائي مثير
المباراة الختامية للمسابقة أوفت بالوعود كاملة وشهدت في معطياتها ندية وحماسًا على مدار شوطي اللقاء، ويدين فريق اتحاد دغمر في تحقيق اللقب الأول له هذا العام لحارس مرماه المتألق عبدالله الغماري الذي نجح في التصدي لثلاث ركلات جزاء ترجيحية، بالإضافة لتألقه في الدقائق الأخيرة الحاسمة.
وانتهى شوط المواجهة الأول بتقدم اتحاد دغمر 1/صفر سجله اللاعب عبدالله الغماري بالدقيقة 44، وشهد الشوط أداء فنيًا قويًا جدًا من جانب الفريقين اللذين أهدرا فرصًا سهلة على مرمى الحارسين عبدالله الغماري (اتحاد دغمر) وبشار السعدي (الملدة)، لينتهي الشوط الأول بتقدم فريق اتحاد دغمر بهدف دون رد.
وفي الشوط الثاني نجح فريق الملدة في إدراك التعادل عند الدقيقة 67 عبر اللاعب أيوب البوسعيدي، معيدًا المباراة لنقطة الصفر مع ارتفاع معنويات لاعبي الملدة، ليعملوا على مواصلة الضغط والاندفاع للأمام مجددًا لمرمى الحارس عبدالله الغماري، الذي ولج مرماه هدف ثانٍ في الدقيقة 78 عبر رأسية اللاعب يوسف السعدي.
وحملت الدقيقة 83 الخبر السعيد لفريق اتحاد دغمر بعدما نجح في إدراك التعادل، وكاد لاعب فريق الملدة علي بن ضاحي أن يهدي فريقه لقب الدوري بتسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء، إلا أنها وجدت الحارس المتألق عبدالله الغماري ناجحًا في إبعادها إلى ضربة ركنية، ومرت الدقائق المتبقية للمباراة دون تغيير في النتيجة، ليطلق حكم اللقاء صافرته معلنًا عن انتهاء الوقت الأصلي للقاء بنتيجة 2/2، ليلجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح، ليبتسم الحظ لفريق اتحاد دغمر بعد أن نجح لاعبوه في تسجيل ثلاث ركلات، بينما نجح فريق الملدة في تسجيل ركلة واحدة فقط، ونجح حارس مرمى اتحاد دغمر في التصدي لثلاث ركلات جزاء ليقود فريقه للفوز باللقب لأول مرة.
فريق حدري بلاد ثالثًا
في مباراة تحديد الفريق الفائز بالمركز الثالث بدوري الهواة، نجح فريق حدري بلاد ممثل محافظة جنوب الشرقية من تحقيق الفوز على فريق الغشبة ممثل محافظة شمال الباطنة بنتيجة 1/2، في مباراة جاءت جيدة في المستوى الفني من جانب لاعبي الفريقين خلال شوطيها الأول والثاني.
وتقدم فريق حدري بلاد بهدفين، الأول عبر مهاجمه محمد الراسبي في الدقيقة 14 بالشوط الأول، وعزز اللاعب حمد العلوي من تقدم فريقه في الشوط الثاني، فيما قلص فريق الغشبة النتيجة بإحرازه الهدف الأول عبر لاعب حدري بلاد هدفًا عكسيًا في مرمى فريقه بأقدام حمد العلوي في الدقيقة 90، وفي الوقت بدل الضائع، تقدم لاعبو الغشبة للأمام لإدراك التعادل، لكن صافرة حكم المباراة كانت هي الأقرب، لتنتهي المواجهة بفوز فريق حدري بلاد بجائزة المركز الثالث بالدوري.
تتويج المراكز الأولى
وعقب نهاية أحداث المباراة الختامية للدوري، قام سعادة السيد رئيس مجلس إدارة الاتحاد العماني لكرة القدم راعي المناسبة بتكريم الطاقم التحكيمي والطاقم الإداري للمباراة، كما كرم اللاعبين المجيدين بدوري الهواة، حيث حصل اللاعب قيس بن عزان من فريق حدري بلاد ممثل محافظة جنوب الشرقية على جائزة هداف الدوري، فيما نال اللاعب أيمن بن درويش من فريق الملدة جائزة أفضل لاعب بالدوري، بينما فاز الحارس عبدالله الغماري من فريق اتحاد دغمر بجائزة أفضل حارس بالدوري بعد أن قاد فريقه لتحقيق اللقب للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته.
وبعدها جرى تقليد لاعبي فريق حدري بلاد الميداليات البرونزية بحصولهم على المركز الثالث، وبعدها تقلد لاعبو فريق الملدة الميداليات الفضية بحصولهم على جائزة المركز الثاني، ومن ثم تسلم لاعبو فريق اتحاد دغمر الميداليات الذهبية بحصولهم على المركز الأول.
فرحة لا توصف
أعرب طلال الغزالي مدرب فريق اتحاد دغمر لكرة القدم، عن سعادته الغامرة بفوز فريقه باللقب للمرة الأولى، مقدمًا شكره لكل من ساند وأسهم في دعم وتحفيز الفريق منذ اليوم الأول لمنافسات الدوري وحتى خوضه المباراة الختامية أمام فريق الملدة، كما تحدث عن المستوى الفني للمباراة، مشيرًا إلى أن اللقاء شهد أداء قويًا في الشوطين الأول والثاني، والدليل أن المباراة لم تُحسم إلا عبر ركلات الجزاء الترجيحية.
في السياق ذاته، أهدى نجم المباراة عبدالله الغماري حارس مرمى فريق اتحاد دغمر، التتويج بكأس الدوري لكافة جماهير محافظة مسقط ونادي قريات واتحاد دغمر، موضحًا أن الفرحة شعور لا يوصف، وهنأ اللاعبين والجهازين الفني والإداري للفريق على الفوز باللقب، وتمنى حظًا أوفر لفريق الملدة ولكافة الفرق المشاركة في دوري الهواة هذا الموسم.
وأضاف الغماري: توقعت التصدي لعدد من ركلات الجزاء وقيادة فريقي لإحراز اللقب، مشيرًا إلى أنه سبق له التدرب كثيرًا على كيفية التصدي لركلات الجزاء وتعود على فعل ذلك خلال الحصص التدريبية.
الخسارة الثانية للقب
من جانبه، ورغم وصول فريقه لنهائي دوري الهواة، إلا أن حسن السرحي مدرب فريق الملدة، قدم شكره الجزيل لكافة اللاعبين وللجهازين الفني والإداري والقائمين على الفريق على جهودهم المخلصة التي قاموا بها خلال فترة الإعداد وحتى المباراة الختامية، آملًا أن يحالف الفريق التوفيق في الاستحقاقات القادمة، وقدم تهنئته إلى فريق اتحاد دغمر والقائمين عليه وجماهيره على فوزهم بالدوري، مبينًا أنه لا توجد خسارة في النهائي بعد أن وصل الفريقان إلى ركلات الترجيح لحسم الفائز بينهما، حيث كان يمني النفس بالفوز بلقب الدوري هذا العام، إلا أن عامل التوفيق لم يكن معه ومع فريقه الذي خسر اللقب للمرة الثانية على التوالي بعد أن خسره في العام الماضي أيضًا أمام فريق الوحدة من محافظة شمال الباطنة، آملًا أن تكون الثالثة ثابتة معه في العام المقبل.
وقدم السرحي شكره لكل من سانده كمدرب وساند فريقه، وقدم في الوقت نفسه اعتذاره لجماهير محافظة جنوب الباطنة عامة وجماهير نادي المصنعة وفريق الملدة على وجه الخصوص على خسارة المباراة الختامية للدوري.