الحياة تحت غيوم الكبريت: عراقيون يعانون من آثار التلوث المميت
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
30 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة:
تعيش بغداد منذ شهر تحت سماء “دخانية” تتسلل من خلالها الأدخنة الضارة، مما رفعها إلى مراتب متقدمة في مؤشر التلوث عالميًا.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى انخفاض نسبة التلوث في الأيام الأخيرة بفضل تدوير الغازات في الغلاف الجوي بفعل الرياح، لكن سرعان ما عاودت الأرقام الارتفاع مجددًا مع سكون الرياح.
الأزمة تتفاقم في العاصمة، والمؤسسات الحكومية المعنية تعمل على معالجة الأزمة البيئية، لكنها تحتاج الى معالجات سريعة جدا، بعد أن سُجلت مستويات مقلقة من تلوث الهواء نتيجة انبعاث الغازات السامة الناتجة عن حرق النفط الأسود والمشتقات النفطية ذات الكثافة الكبريتية العالية.
يتحدث المواطن علي، الذي يعاني من التلوث، عن حالته قائلاً: “لم أعد أستطيع فتح النوافذ في منزلي بسبب الروائح الكريهة. الأمر لا يطاق”.
تُظهر الصور المتداولة آثار محارق المستشفيات، حيث يتصاعد الدخان بشكل مستمر، مسببًا أضرارًا ليس فقط للمرضى داخل تلك المنشآت، بل أيضًا للسكان المحيطين بها.
و تُظهر الإحصائيات أن كل عراقي يحتاج إلى 75 شجرة لإنتاج ما يكفي من الأكسجين، وفقًا لموقع “نمبيو”.
وفي حديثه، أفاد الوكيل الفني لوزارة البيئة، جاسم الفلاحي، بأن بؤر التلوث في حدود العاصمة هي السبب الرئيسي وراء الروائح الكريهة التي تعاني منها بغداد. وقد أشار إلى أن حرق النفايات واستخدام الوقود الثقيل هما من أهم الأسباب وراء ارتفاع مستويات التلوث.
وفقًا لموقع “آي كيو آير” السويسري المتخصص في مراقبة جودة الهواء، فإن مستويات التلوث في بغداد تجاوزت مدنًا معروفة مثل لاهور في باكستان، والقاهرة في مصر، ودلهي في الهند.
وفي 2023، بلغ متوسط جودة الهواء في العراق 8.8 أضعاف القيمة الإرشادية السنوية لمنظمة الصحة العالمية، مما يجعل بغداد الأسوأ بين جميع محافظات العراق.
ومع تزايد التلوث، أعلنت الصحة النيابية عن إغلاق 150 موقعًا لصهر المعادن في بغداد كخطوة للحد من هذه الأزمة. ومع ذلك، حذرت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي من احتمالية هطول أمطار حمضية في العراق، وبالأخص في بغداد.
وفي الوقت الذي نفت فيه وزارة البيئة وجود أي مخاطر على السكان، أشار مرصد العراق الأخضر إلى أن الأمطار الحمضية قد تكون لها آثار ضارة على الماشية والمحاصيل.
و”إذا هطلت الأمطار الحمضية، فإنها ستؤثر على الأراضي الزراعية وما تنتجه من خضروات وفواكه، مما قد يسبب الضرر للإنسان عند تناولها على المدى البعيد”، كما ذكرت بيانات المرصد.
تتوالى التساؤلات حول سبب ارتفاع نسبة التلوث في بغداد، في ظل عدم وجود معامل ومصانع كبيرة كما هو الحال في دول أخرى.
ويبدو أن هناك عوامل سلبية غير متوقعة، مثل معامل إنتاج مواد كيميائية أو حتى عمليات حرق واسعة، ومخلفات صناعية بالقرب من العاصمة.
وفي الشوارع، يعاني المواطنون من السعال الشديد نتيجة التلوث، إذ يقول أحدهم: “أشعر أن الكبريت يُرى بالعين في الهواء، كأنه ضباب كثيف. لم أعد أتحمل هذا الوضع”.
وبينما تضج الآراء المتباينة حول كيفية الخروج من هذا المأزق، تبقى الأسئلة قائمة: كيف يمكن للعراق مواجهة هذا التحدي الكبير؟.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: التلوث فی فی بغداد
إقرأ أيضاً:
تقرير أمريكي:إيران من تتحكم بطاقة العراق وهي مصدر هشاشته السياسية والاقتصاية
آخر تحديث: 10 يونيو 2025 - 10:25 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- اعتبر تقرير امريكي صادر عن موقع “أنترناشيونال بوليسي دايجست” أن الاعتماد القوي للعراق على النفط، جعل بغداد عرضة للصدمات الاقتصادية العالمية، مضيفاً أن إستراتيجية الطاقة في العراق ركزت تقليدياً على صادراته إلى الأسواق الغربية، وأن عدم الاستقرار السياسي المتواصل دفع العديد من الشركات الغربية إلى التردد في الاستثمار على المدى الطويل.ولفت التقرير إلى أنه للتعامل مع ذلك، فإن العراق أصبح أكثر تحولاً نحو آسيا، وبدرجة أقل، أوروبا، وذلك في مسعاه لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأهمية الجيوسياسية، مشيراً إلى أن الصين برزت سريعاً كشريك للطاقة في العراق، حيث أنها استوردت 1.19 مليون برميل يومياً، وهو ما يمثل ثلث صادرات النفط في العراق على الرغم من أنه ليس جزءاً رسمياً من مبادرة “الحزام والطريق”، بينما ترسخ استثمارات الشركات الصينية دور بكين كقوة آسيوية أخرى، دورها في دبلوماسية الطاقة.فإن الاتفاق يعكس منطقاً مشابهاً مما يدل على الشركات المدعومة من الدولة الصينية في إعادة إعمار العراق أثناء إمكانية الوصول إلى السلع الإستراتيجية على المدى الطويل.ومع ذلك، مع ترسيخ الصين من خلال الاستثمارات واسعة النطاق والسيطرة على السلع، تكتسب قوة آسيوية أخرى من خلال شكل أكثر عدوانية من دبلوماسية الطاقة، إلى جانب الهند التي أصبحت الآن ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، وتعزز مشترياتها من النفط العراقي، بحيثت تجاوزت مشترياتها من العراق، مشترياتها النفطية من المملكة السعودية في العام 2024. وإلى جانب هذا الشق الآسيوي، قال التقرير إن دبلوماسية النفط العراقية تضيف مع فرنسا، طبقة أوروبية رئيسية لإستراتيجية التنويع التي تنتهجها بغداد، ببما في ذلك من خلال الاتفاق مع “توتال إينرجي” في العام 2023، مضيفاً أن تعطل الاتفاق لمدة عامين، ثم استئنافه، يؤكد على استعداد بغداد لمتابعة الانخراط الأعمق مع أصحاب المصلحة الأوروبيين.وتابع التقرير أن الأهم في هذا الاتفاق مع الفرنسيين، أنه يشمل أيضاً البنية التحتية الشمسية، فيما يمثل إشارة إلى حقيقة أن هيمنة الوقود الأحفوري لها تاريخ انتهاء صلاحية، مضيفاً أنه على نفس مستوى الأهمية، فإن الشراكة الفرنسية تظهر رغبة العراق في إبقاء الأبواب الدبلوماسية مفتوحة مع الغرب، حتى مع توسيعها نحو الشرق. وبرغم ذلك، قال التقرير إن مشهد وضع الطاقة في العراق ما يزال يتشكل من قبل القوى الفاعلة الإقليمية القوية، من بينها إيران وتركيا، حيث استفادت الأولى من دورها في إمدادات الكهرباء في العراق لممارسة النفوذ السياسي، لكن فشل بغداد المتكرر في دفع كلفة الطاقة الإيرانية، أدى إلى تكرار انقطاع التيار الكهربائي، وهو ما منح طهران تأثيراً كبيراً على الاستقرار المحلي للعراق.وبعدما أشار التقرير إلى الاصطدام أحياناً كثيرة بين طموح تركيا في أن تكون ممراً إقليمياً للطاقة، مع قيود البنية التحتية في العراق، أوضح أنه ما من شيء أكثر وضوحاً مما كان عليه في حالة خط أنابيب كركوك – جيهان، وهو شريان حيوي لتصدير النفط، لكن معطل عن العمل منذ العام 2022 حيث تسببت النزاعات القانونية على صادرات النفط الكوردية والإيرادات إلى تعقيد إعادة تشغليه، على الرغم من أن المفاوضات الثنائية قد تحقق تقدماً. ولهذا، قال التقرير إنه في إطار السياق الأوسع، فإن دبلوماسية الطاقة في العراق تبدو توسعية ومقيدة في الوقت نفسه، فمن ناحية تقوم بغداد بتوسيع قاعدتها الاقتصادية وتنويع شركائها الدوليين، لكن من ناحية أخرى، تظل قدرتها على تطبيق رؤية سياسة طويلة المدى، عرضة للخطر بسبب الانقسامات الداخلية والتبعيات الخارجية.وتابع التقرير موضحاً أن خطة الحكومة العراقية الحالية للأعوام الخمسة المقبلة، تتطلب تنويعاً اقتصادياً أكبر، إلا أنه من دون إصلاح هيكلي أعمق، فإن دبلوماسية النفط تخاطر بأن تصبح حلاً قصير المدى لفشل الحوكمة. ومع ذلك، اعتبر التقرير الأميركي أن إستراتيجية العراق المتطورة تتمتع بوزن كبير، موضحاً أنه مع تحول الطلب العالمي على النفط، والتحول الجيوسياسي للطاقة إلى نظام متعدد الأقطاب، فإن المنتجين من المستوى المتوسط كالعراق، بإمكانهم أن يلعبوا دوراً كبيراً في صياغة ديناميات الطاقة المستقبلية.وأضاف أن سياسة الموازنة التي تتبعها بغداد ببناء علاقات في أنحاء آسيا وأوروبا كافة، مع تجنب الاعتماد المفرط على طرف واحد، في إطار سياسة تحوط إستراتيحي، يرتبط نجاحها ليس فقط بعدم الاعتماد على المشاركة الدولية، وإنما أيضاً على قدرة الدولة على إعادة بناء المؤسسات المحلية والبنية التحتية للسياسات. وختم التقرير بالقول إن “دبلوماسية الطاقة في العراق هي أكثر من مجرد براميل ومشترين”، موضحاً أنها تعكس تجربة أوسع”، ومتسائلاً عما إذا كان ببمقدور الدولة الغنية بالموارد وإنما “هشة سياسياً”، أن تحول الحاجة الاقتصادية إلى ميزة جيوسياسية؟.وتابع قائلاً إنه في حال نجح العراق، فإن إستراتيجية الطاقة الصاعدة، بإمكانها أن تشكل بداية فصل جديد، لا يعتمد فقط على تنويع المشترين، وإنما أيضاً من خلال إعادة ضبط سياستها الخارجية، موضحاً أن بغداد ومن خلال مغازلة كل من القوى الشرقية والغربية، فإنها بذلك تؤكد نفسها ليس فقط كمصدر سلبي، وإنما كلاعب متعمد بشكل متزايد في مستقبل سياسة الطاقة العالمية.