أقامت المنظمة العالمية لخريجى الأزهر فرع الغربية بالتعاون مع الجمعية الشرعية بالمحلة محاضرة دينية بعنوان كيف تدير حواراً ناجحاً وذلك بقاعة المحاضرات الكبرى بالجمعية الشرعية بالمحلة.

جاء ذلك ضمن فاعليات برنامج الملتقى الثقافي الدعوي برئاسة الأستاذ الدكتور سيف رجب قزامل رئيس فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالغربية والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأستاذ الدكتور حاتم عبد الرحمن رئيس الجمعية الشرعية بالمحلة، والأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز بالسعودية، نحو إرساء الفهم الصحيح للإسلام

وحاضر فيها فضيلة الأستاذ الدكتور حسن خطاب أستاذ الدراسات الإسلامية، ووكيل كلية الآداب جامعة المنوفية بحضور فضيلة الشيخ إبراهيم الجندي مدير القطاع الدعوي بالجمعية، وسعيد صقر المنسق العام بالفرع، وراجية موسي المنسق الإداري للفرع، منصور مبارك منسق الملتقى الثقافي بالجمعية الشرعية.

وأشار د.حسن خطاب أن الحوار يشكّل ركنًا أساسيًّا من أركان الدّعوة الإسلاميّة، فالدّعوة الإسلاميّة في الأساس قائمة على حوار المُخالفين وإقناعهم بالحجّة والمنطق والدّليل، وقد جاءت الدّعوة الإسلاميّة في أساسها لتُعطي الحريّة لجميع النّاس في اعتناق الإسلام فلا إجبار لأحد على ذلك ما لم يقتنع اقتناعًا كاملًا، قال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، فالحوار ينبغي أن يكون مُمنهجاً بالحِكمة مُتّصفاً بالموعظة الحسنة، قال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)وأولى الإسلامُ مَوضوعَ الحوار أهميّة فريدة، ويُراد بالحوار النقاش الّذى يدور بين أشخاص مُختلفين في فكرةٍ ما، أو في معتقدٍ وآخر، حيث إنّ كيفية الحوار وطريقته تنعكس على المُتحاورين إمّا سلباً أو إيجاباً و إنّ من أهمِّ ثمرات الحوار في الإسلام تضييق هوّة الخلاف بين المتحاورَين، وتقريب وجهات النظر بينهما حتى لا يبقى في صدورهما شيءٌ ضدّ بعضهما، حيث يُمكن من خلال الحوار الهادئ الوصول إلى حلِّ وسطٍ يرضي جميع المتحاورين ويُقنعهم إن كان الخلاف بين جماعتين أو شخصين في فكرة ما، وبالتحاور يُستبدل التباغض والتناحر إلى تحاببٍ وتواد.

وطالب د.خطاب بأهمية أن يكون هناك حواراًمجتمعياً بين الأباء والأبناء بين الأزواج الزوجات بين الأفراد والمجتمعات فالحوار يساهم في تحقيق الألفة والمحبة والسلم المجتمعي وبناء حياة أفضل مبنية على التعددية وحرية الرأي والتعبير المسئول المبنى علي الحكمة والموعظة الحسنة، فلا يَنبغي أن ينبني التحاور على حبّ إظهار القدرات المعرفيّة من أجل الوصول للسمعة، أو الرياء، أو يكون القصد من ذلك مجرّد الجدال، أو إعلاء الباطل مع علمه ببطلانه. كان الشافعيُّ رحمه الله يقول: (ما ناظرتُ أحدًا قط على الغلبة، ووددتُ إذا ناظرتُ أحداً أن يظهرَ الحقُّ على يديه)، . والتواضع ولين الجانب وحُسن الخُلق عند طرح الفكرة المخالفة للآخر، ولذلك أثرٌ فعّالٌ على المُستمع والمتحاور، حيث إنّ المتحدّث إن انتقى كلماته وتحدّث بتواضع كان ذلك أدعى للإنصات له والاهتمام كما ينبغي أن يُتقن المُحاور فنّ الاستماع للآخر، وحُسن استماعه لمن يحاوره فلا يَنبغي أن يكون الحوار من طرفٍ واحدٍ بحيث يستأثر هو بالكلام دون محاوره، و ينبغي للمحاور أن يتكلّم إلا بما يَعرف، وذلك شرطٌ مهمٌ لنجاح الحوار والوصول إلى الغاية منه، ودون العلم يُصبح الحوار هشًّا لا نفع منه ولا فائدة، وينبغي أن ينبني الحوار على أدلّةٍ وبراهين منطقيّة وصحيحة حتّى يكون ناجحاً ومنهجياً، وإلا كان مُجرّد كلامٍ لا قيمة له ولا فائدة منه.

ويضيف أن الحوار وسيلة فاعلة لتحقيق الأهداف المنشودة للمعلم والداعية ولرب الأسرة وطالب العلم ولكل مسؤول فهو ضرورة من ضرورات الحياة مع ما فيها من شقاق ونزاع ومد وجزر وأخذ وعطاء وكان الرسول يحاور الشباب ويتغاضي عن زلاتهم حتى يصل بهم الي حقيقة الإيمان مثل حادث الشاب الذي أراد أن يأذن الرسول له بالزنا فخاطبه الرسول بالحجة والمنطق وحذره من خطورة هذه الفاحشة على المجتمع، ودعا له أن يحصن فرجه، فهداه الله الي الإستقامة، اسلوب تربوى عظيم من سيد المرسلين لرعاية الشباب، ورسالة هامة للمربين والقائمين على أمور الشباب، فلايجب الأخذ على الشباب دون بيان الخطأ الذي يقعون فيه وفتح الحوار معهم والعناية بهم وغرس القيم الصحيحة بداخلهم ودمج الشباب فى كافة مجالات الحياة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الازهر

إقرأ أيضاً:

الإسلام دين ودولة

يمانيون| بقلم: بشير الصانع

 

الإسلام دينٌ يجمع بين روحانية الإيمان وصلابة البناء الاجتماعي والسياسي؛ فهو منظومة متكاملة تقوم على هداية الإنسان وإقامة العدل وصناعة الوعي وبناء الدولة.. هذه الشمولية هي ما جعلت الإسلام قادرًا على صناعة حضاراتٍ خالدة؛ لأَنَّها لم تفصل بين ما يعيش في القلب وما يصنع الواقع، بل صاغت منهما كيانًا واحدًا متماسكًا يتجه نحو الله ويعمر الأرض بمنهجه.

وعندما نتأمل في حقيقة نظام الحكم في الإسلام، ندرك أنه يقوم على مبدأ الحاكمية لله، وأن مصدر التشريع هو القرآن الكريم والعترة الطاهرة، بعيدًا عن الأهواء والتجارب البشرية القاصرة.

هذا الارتباط بالوحي يعطي النظام الإسلامي عمقه الأخلاقي، وروحه العادلة التي تحفظ الإنسان من الظلم، وتصنع مجتمعًا متوازنًا تلتقي فيه القيم الروحية مع التنظيم الإداري والسياسي.

فالدولة في الإسلام هي امتداد طبيعي لمنهج التوحيد في حياة الناس.

ومع مرور الزمن، تبيّن أن فصل الدين عن الدولة لم يجلِبْ للعالم سوى التفكُّك والانهيار الأخلاقي وانتشار الفساد وسيطرة المصالح الضيقة.

القوانينُ الوضعية مهما تطورت تبقى محدودةً؛ لأَنَّها تنطلِقُ من رؤية بشرية جزئية، بينما الإنسانُ بطبيعته يحملُ في داخله حاجات روحية وأخلاقية لا تُشبعها التشريعات المادية وحدَها.

ولهذا، كلما ابتعدت المجتمعات عن نور الوحي، ازداد الظلم، وضعفت الروابط الإنسانية، وسادت النزاعات والمفاسد.

وفي ظل هذه الفوضى العالمية، يظهر الإسلامُ؛ باعتبَاره الطريق القادر على إعادة التوازن.

فهو يقدِّمُ رؤيةً واضحةً للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، ويمنح الجميع حقّ العدالة، ويُلزم الدولة بالقيام بوظيفتها في رعاية الناس وحماية حقوقهم.

إن تطبيق الشريعة الإسلامية بوعي وعدل هو السبيل لنهضة المجتمعات؛ لأَنَّه يعيد الإنسان إلى مركز المسؤولية، ويربط حركة الدولة بقيم إسلامية لا تتغيّر بتغير الأهواء.

ومن أخطر ما نعيشه في واقعنا اليوم سعيُ الأعداء إلى إبعاد العلماء والمتدينين عن تولي المناصِب القيادية في الدولة.

هذا الإقصاء هو مخطّطٌ يخدُمُ مصالحَ القوى المستكبرة التي تدرك أن العالِمَ الربانيَّ هو الأكثر وعيًا بخطر المشاريع الاستعمارية، والأقدر على إقامة القسط، والأصلح لقيادة دولة إسلامية قوية ومتماسكة.

فوجود العلماء في مواقع القرار يعني أن القيم هي التي ستقود، وأن الحَقَّ سيُعلَن ولو واجه مصالحَ الكبار، وهذا ما يخشاه الأعداءُ بشدة؛ لأَنَّهم يدركون أن العِلم الشرعي يصنع رجالًا لا يخافون إلا الله.

ولدينا في تاريخنا الإسلامي نموذجٌ أعظمُ للقيادة الربانية التي تجمع بين العلم والشجاعة والعدل، وهو الإمام علي عليه السلام.

فقد كان الإمامُ عالمًا ربانيًّا تربَّى على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأُوتي من الحكمة والبصيرة ما جعله من أعلم الناس بكتاب الله.

وحين تولى الخلافة، قدّم للعالم نموذجًا فريدًا للدولة العادلة التي لا تحيد عن الحق؛ فحارب الفساد، وواجه الانحراف، وأعاد الحقوق إلى أهلها، وساوى بين الناس دون تمييز.

كانت دولته تعبيرًا حيًّا عن حكم العلماء الربانيين، الذين يجعلون من السلطة وسيلة لإقامة العدل لا لتحقيق المصالح الشخصية عكس غيره.

وكما كان الإمام علي نموذج القيادة الربانية في الماضي، لدينا في واقعنا المعاصر نموذجٌ آخر يجسد هذا النهج، وهو السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله.

فقد قدّم للأُمَّـة رؤية واعية تستند إلى القرآن، وتستمدُّ قوتَها من الإيمان، وترتكز على استقلال القرار السياسي ورفض الوصاية الخارجية.

جمع بين الوعي العميق والبصيرة، وبين القيادة المسؤولة التي تحفظ كرامة الشعب وتقف بثبات أمام قوى الاستكبار.

خطابُه مدرسةٌ فكرية وإيمانيةٌ تُنعِشُ الروح، وتصنع الوعي، وترسّخ القيم في النفوس، وتبني مجتمعًا يتقدّم بثبات نحو التحرّر والاستقلال.

وقيادتُه للجبهة الداخلية والخارجية، وصبرُه، ووضوح رؤيته في مواجهة الأعداء، نموذجٌ عمليٌّ على أن العلماءَ الربانيين عندما يكونون في مواقع القيادة تصيرُ الأُمَّــة أقوى، وأكثر قدرة على الصمود، وأقدر على صناعة دولة حقيقية تتكِئُ على الوعي والإيمان.

ولدينا كذلك نموذجٌ حيٌّ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حَيثُ يمثّل حضور العلماء في إدارة الدولة ركيزةً أَسَاسيةً في بناء مؤسّسات ثابتة تقف في وجه القوى الطاغية.

هذا النموذج المعاصر يوضح أن الدولة التي تستند إلى الدين تكون أشد مناعة وأكثر قدرة على تحقيق العدالة والنهضة، تمامًا كما كان نموذج الإمام علي في الماضي والسيد القائد في واقعنا اليوم.

إن واقع الأُمَّــة اليوم يحتاج إلى مثل هذا الوعي؛ فالمعركة معركة وعي وهُـوية ومسار.

وما يريده الأعداء هو دولةٌ بلا روح، ومسؤولون بلا مرجعية، ومجتمع بلا قيم، حتى يسهل اختراقه والتحكم بمصيره.

أما عودةُ العلماء والدعاة الربانيين إلى مواقع التأثير فهي خطوة جوهرية في طريق إقامة دولة حقيقية تحمي الإنسان وتنهض بالأمة.

فالإسلام هو مشروعٌ حضاريٌّ متكامل.. وكلُّ محاولةٍ لفصل الدين عن الدولة هي في حقيقتها محاولةٌ لفصل الإنسان عن قيمه، وفصل المجتمع عن مصدر قوّته.

طريقُ النجاة يبدأُ بالعودة إلى الله ورسوله وأعلام الهدى، والثقة في منهجه، وتمكين العلماء وأهل الوعي من قيادة العمل السياسي والاجتماعي.

ومن هذا الطريق تُبنَى الدول، وتُستعاد القوّة، ويُصنع المستقبل الذي يليق بأمةٍ تحمل رسالة الله إلى الأرض.

 

مقالات مشابهة

  • الإسلام دين ودولة
  • الاستسلام لبوتين لن يكون تنازلًا عن أوكرانيا فقط
  • حافظ الإسكندرية يتفقد سير العملية الانتخابية بمدرسة السيرة الحسنة في دائرة الرمل
  • بابا الفاتيكان يدعو حزب الله اللبناني لإلقاء السلاح والجلوس لطاولة الحوار
  • ترامب والإخوان
  • شادي محمد: لو صلاح جه الأهلي.. ده شرف ليه قبل ما يكون إضافة للنادي
  • وزير التعليم: طوّرنا 94 منهجا دراسيا وفق معايير أكاديمية معتمدة دوليا
  • كلمتا البابا ورئيس الجمهورية...خطاب واحد بصوتين
  • قرار الغرب: نفط فنزويلا لن يكون في خدمة الصين
  • تركيا تحذر من استخدام «لغة الانفصال السياسي» في المرحلة الحالية