الخليج الجديد:
2025-05-19@23:43:14 GMT

إفريقيا مهد الإنسانية وكعكة الدم

تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT

إفريقيا مهد الإنسانية وكعكة الدم

إفريقيا مهد الإنسانية وكعكة الدم

أفريقيا منجم العالم ومزرعته وقوته البشرية، فمع نهاية هذا القرن سيمثل سكان إفريقيا 40% من سكان العالم ومعظمهم من الشباب.

معظم المساعدات لإفريقيا يتبدد قبل وصولها لمستحقيها، وتشير تقديرات إلى أن كل 13 دولارًا يتم جمعها بالخارج يصل منها دولار واحد فقط إلى إفريقيا.

في غرب أفريقيا تحضر صورة دول فاشلة أرهقتها انقلابات عسكرية وعدم الاستقرار، والجماعات الإرهابية ونسب الفقر المرتفعة ومتوسط الأعمار المنخفضة.

تم تقسيم إفريقيا جنوب الصحراء بين عدة دول دون مراعاة الإثنيات المحلية ولا الثقافات والهوية ما ترك هذه الدول ساحة حروب أهلية ومجازر إبادة عرقية وتفشي المليشيات.

* * *

مالي الغنية.. مالي الفقيرة

حين يذكر اسم دولة "مالي"، تحضر إلى الأذهان صورة الدول الفاشلة التي أرهقتها الانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار، والجماعات الإرهابية ونسب الفقر المرتفعة ومتوسط الأعمار المنخفضة.

مالي المستعمرة الفرنسية السابقة لم تكن كذلك طوال تاريخها، بل ظلت ردحًا طويلًا من الزمن مملكة عظيمة ثرية، كانت يومًا إمبراطورية تمتد حدودها إلى المحيط الأطلسي، ويذكر أن إمبراطورها الأشهر "مانسا موسى"، حين حج لمكة عام 1324م عبر العديد من الدول والممالك، وأينما حل بقافلته الضخمة كان يبني مسجدًا على نفقته الخاصة هدية لأهل البلد.

وحين وصل إلى القاهرة كان المماليك في انتظاره، واستقبلوه بحفاوة بالغة، ويذكر أن سعر الذهب انخفض في العالم بسبب هذه الرحلة المقدسة، لكثرة ما وزعه "مانسا موسى" خلالها من ذهب، وبلغة العصر ارتفع معدل التضخم بسبب وفرة المال وقلة السلع.

في هذه الفترة كانت عاصمة مملكة مالي هي تمبكتو الملقبة بـ"مدينة الأولياء" و"جوهرة الصحراء"، وكانت مركزًا لتجارة الذهب، وملتقى للتبادل التجاري ومنارة للحضارة الإسلامية في غرب إفريقيا، فتبدلت الأحوال في مالي كغيرها من الأمم، حتى وقعت أسيرة مثل جيرانها في يد الاستعمار الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر، وأصبحت جزءًا مما سمي بالسودان الفرنسي، حتى حصلت على استقلالها عام 1960.

ومنذ ذلك الحين لم تنجح مالي في الوصول إلى مسار التنمية والتطور لأسباب عدة: الاضطرابات الداخلية بسبب التعددية العرقية، ومن ثم الاقتتال على الحكم، والتدخلات الأجنبية، وكثرة الانقلابات العسكرية والصراعات الحدودية، وانتشار الإرهاب.

مالي تعد نموذجًا يتكرر في العديد من الدول الإفريقية التي كانت مستعمرة من قبل الأوروبيين، حيث تم تقسيم إفريقيا جنوب الصحراء بين عدد من هذه الدول دون مراعاة للإثنيات المحلية ولا الثقافات والهوية، وهو ما ترك العديد من هذه الدول ساحة للحروب الأهلية ومجازر الإبادة العرقية وتعدد المليشيات المسلحة وضعف الجيش الوطني.

إفريقيا والانقلابات العسكرية

استخدم الاستعمار الأوروبي القوة الغاشمة لإخضاع الشعوب الإفريقية ونهب ثرواتهم وتحطيم كرامتهم وإذلالهم واستخدامهم كعبيد في مزارع لمحاصيل تفيدهم في الصناعة والتصدير بغض النظر عن حاجة الشعوب نفسها، التي كانت قبل الاستعمار تزرع حاجتها من المحاصيل الغذائية التي تعيلها وتمنع عنها شبح المجاعات.

عقود طويلة من الاستعمار تركت وراءها الملايين بلا تعليم أو رعاية صحية أو هوية وطنية جامعة، كان المستعمر الأبيض يختار من بين السكان من يكون عونًا له على أهله، ليسيده ويجعل منه حاكمًا ومسؤولاً، ولاؤه يكون لأسياده وليس لبلاده وأبناء جلدته.

حين تختفي العدالة والمساواة يسود العنف والغضب ويتمدد الإرهاب، وتصبح لغة القوة والعنف هي الوسيلة الوحيدة للتغيير، ولقد شهدت إفريقيا بين عامي 1960 و2000م ما مجموعه 82 انقلابًا، كما أن 20% من البلدان الإفريقية تم فيها انقلابات عسكرية منذ عام 2013.

وخلال العقد الماضي تم في مالي وحدها 3 انقلابات عسكرية: في 22 مارس 2012، وفي 18 أغسطس 2020، وفي 24 مايو 2021، وفي بوركينا فاسو انقلابان: في 17 سبتمبر 2015 و23 يناير 2022، وكلاهما جار للنيجر التي تم فيها الانقلاب العسكري الشهر الماضي، ولقد أعلنت السلطات الحاكمة في الدولتين عن أن أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمثابة إعلان حرب عليهما.

انقلاب النيجر يثار حوله الكثير من ردود الأفعال الدولية يسبب توقيته، وليس بسبب استهجان الفعل المعتاد عليه في إفريقيا، لسبب يسير وهو أن فرنسا، صاحبة النفوذ والمصلحة في النيجر، ومعها المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة يشعرون بالخطر بسبب تراجع نفوذهم في إفريقيا في حين يزداد النفوذ الروسي والصيني، فإفريقيا كعكة ضخمة، تسعى الدول الكبرى جميعها للحصول على أكبر حصة منها، وللأسف دائمًا ما تكون هذه الحصة ملطخة بدماء الأفارقة.

إفريقيا المنسية وخدعة المساعدات

عدد من الدول الإفريقية أعربوا مؤخرًا عن استيائهم من موقف الدول الغنية بالنسبة للمساعدات المقدمة لإفريقيا مقارنة بما تقدمه هذه الدول لأوكرانيا، رغم أن العديد من الدول الإفريقية فيها نزاعات مسلحة، وتعيش في أزمات اقتصادية طاحنة، وأحوالها أسوأ من أوكرانيا، والمساعدات الدولية لإفريقيا معظمها يتبدد قبل وصولها إلى مستحقيها، وتشير بعض التقديرات إلى أن كل 13 دولارًا يتم جمعها في الخارج لا يصل منها سوى دولار واحد فقط إلى إفريقيا.

ويرجع ذلك إلى ارتفاع رواتب العاملين ومزاياهم في مؤسسات المساعدات، كما أن معدات الإغاثة وأدواتها يتم شراؤها من الغرب، وأحيانًا لا يصل حتى هذا الدولار إلى مستحقيه، بل يذهب إلى الأنظمة الحاكمة الفاسدة ليتراكم في حساباتها في الخارج.

إفريقيا هي مهد الإنسانية كما أكدت الدراسات العلمية والاكتشافات الأنثروبولوجية، وأيضًا هي منجم العالم ومزرعته وقوته البشرية، فمع نهاية هذا القرن سيمثل سكان إفريقيا 40% من سكان العالم ومعظمهم من الشباب.

يكثر الحديث عن مساعدة إفريقيا، ولكنه يظل مجرد كلمات خطابية، ولو أرادت الدول الكبرى بإفريقيا خيرًا، فعليها أن لا تتعامل معها على أنها بقرة حلوب، لكن على كونها قارة تستحق شعوبها حياة أفضل في ظل أنظمة حكم رشيدة تعمل لصالح شعوبها، وليس لصالح هذه الدول، وأن يكونوا شركاء لإفريقيا وليسوا سادة عليها، وللأسف لا أحد يستمع لصوت العقل، لكن الجميع يتعامل بلغة القوة، ولا عزاء لأبناء إفريقيا الذين يبتلعهم المتوسط كل عام في محاولة للحصول على حياة أفضل لدى المستعمرين القدامى.

*مي عزام كاتبة وصحفية مصرية

المصدر | الجزيرة مباشر

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أفريقيا الغرب مالي تمبكتو الانقلابات العسكرية المساعدات الدولية الاستعمار الفرنسي هذه الدول العدید من من الدول

إقرأ أيضاً:

غضب أوروبي بسبب تأخر إنفانتينو عن حضور الجمعية العمومية للفيفا

انسحب ممثلو الاتحادات الأوروبية لكرة القدم (يويفا) من الجمعية العمومية الـ75 للاتحاد الدولي التي عُقدت في الباراغواي الخميس، تعبيرا عن غضبهم من وصول رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) السويسري جاني إنفانتينو متأخرا، بسبب حضوره اجتماعات في السعودية وقطر ضمت الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتسبب تأخر وصول إنفانتينو لحضور الاجتماع السنوي للهيئة الحاكمة العالمية في تأخير انعقاده لأكثر من ساعتين، ما أدى إلى انسحاب العديد من ممثلي الاتحادات الأوروبية والرئيس السلوفيني للاتحاد الأوروبي (يويفا) ألكسندر تشيفرين، بعدما دعا إنفانتينو إلى استراحة في الفعالية التي أُقيمت في لوكي، خارج أسونسيون.

وأصدر (يويفا) بيانا شديد اللهجة عقب انسحاب بعض الأعضاء، واصفا الاضطراب الناجم عن تأخر وصول إنفانتينو بأنه "مؤسف للغاية"، متهما رئيس فيفا بتقديم "مصالحه السياسية الخاصة" على الرياضة.

وقال "يُعد كونغرس فيفا أحد أهم الاجتماعات في عالم كرة القدم، حيث تجتمع جميع الدول الـ211 المشاركة في اللعبة لمناقشة القضايا التي تؤثر على الرياضة في جميع أنحاء العالم".

وأضاف "تغيير الجدول الزمني في اللحظة الأخيرة، لما يبدو أنه مجرد تلبية لمصالح سياسية خاصة، لا يخدم اللعبة، ويبدو أنه يضع مصالحه في المرتبة الثانية".

إعلان

وتابع "نحن جميعا في مناصبنا لخدمة كرة القدم، من الشوارع إلى المنصة، وقد شعر أعضاء مجلس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بالحاجة في هذه المناسبة إلى التأكيد على أن اللعبة تأتي في المرتبة الأولى والمغادرة في الموعد المحدد أصلا".

كما أعربت رئيسة الاتحاد النرويجي ليز كلافينيس عن استيائها من إنفانتينو في بيان وُزّع على الصحافيين، واصفة ما حصل بأنه "مخيب للآمال ومثير للقلق".

إنفانتينو يصوب الكرة للجمهور خلال حضوره المنتدى السعودي-الأميركي (رويترز) اعتذار إنفانتينو

من جانبه، اعتذر إنفانتينو عن تأخره أمام الكونغرس قبل مغادرة الوفود.

ألقى إنفانتينو باللوم على مشكلات الطيران في تأخر وصوله، لكنه شدد على أهمية حضور الاجتماعات في قطر والمملكة العربية السعودية، مستضيفتي كأس العالم 2022 و2034.

وقال إنفانتينو عن زيارته للخليج "بصفتي رئيسا لفيفا، فإن مسؤوليتي هي اتخاذ القرارات بما يخدم مصالح المنظمة (…) شعرت أنه يجب عليّ التواجد هناك لتمثيل كرة القدم وجميعكم".

ورافق إنفانتينو، الرئيس الأميركي ترامب الذي كان زاره الأسبوع الماضي في البيت الأبيض، في جولته الخليجية.

إنفانتينو بجوار الرئيس الأميركي ترامب (رويترز)

وستكون الولايات المتحدة محور اهتمام الفيفا خلال السنوات المقبلة، حيث ستستضيف النسخة الأولى المحدثة من كأس العالم للأندية الشهر المقبل، قبل استضافة مونديال 2026 مع كندا والمكسيك العام المقبل، وكأس العالم للسيدات في 2031.

ورفض الأمين العام للفيفا السويدي ماتياس غرافستروم الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول تأخر وصول إنفانتينو عقب الاجتماع.

قال "ليس لديّ أي تعليق على ذلك، لقد شرح أسباب التأخير. كانت لديه مسائل مهمة لمناقشتها. لقد عقدنا اجتماعات رائعة في الكونغرس".

وانتهى اجتماع الخميس من دون اتخاذ قرارات رئيسة، في حين استغل الباراغوياني أليخاندرو دومينغيس رئيس اتحاد أميركا الجنوبية (كونميبول)، المناسبة للتعليق على الاستعدادات لمونديال 2030.

إعلان

قال دومينغيس الذي طرح مؤخرا اقتراحا مثيرا للجدل لتوسيع كأس العالم من 48 إلى 64 فريقا، إنه يعتقد أنه لا ينبغي استبعاد "أحد" من هذا العرس الكروي، الذي يُصادف الذكرى المئوية لكأس العالم.

وقال دومينغيس من دون أن يُشير صراحة إلى فكرته بشأن التوسيع "كأس العالم هي الاحتفال الأكثر شعبية في العالم، ولا ينبغي استبعاد أحد من هذا الاحتفال".

وقد قُوبل اقتراح دومينغيس الذي يسمح بإقامة المزيد من المباريات في الأرجنتين والباراغواي والأوروغواي، بينما تبقى معظم المباريات في إسبانيا والمغرب والبرتغال، بمعارضة شديدة في جميع أنحاء عالم الكرة المستديرة.

وأعرب رؤساء الهيئات الكروية الحاكمة في كل من أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية والوسطى والكاريبي عن معارضتهم للتوسع.

وأضاف دومينغيس "لا أدعوكم لتغيير موقفكم، بل للتفكير معا في خلق شيء جدير بالتاريخ".

مقالات مشابهة

  • محافظ الدقهلية يكرم البطل العالمي عبد اللطيف مناع بعد حصوله على الميدالية الذهبية في بطولة إفريقيا للمصارعة
  • أكبر 10 دول منتجة ومصدرة للفستق في العالم بينها دولة عربية
  • ليبيا تشارك بـ6 ملاكمين في البطولة الإفريقية
  • 1.87 مليون طن..الوزراء: مصر أكبر منتج للتمور على مستوى العالم
  • إعلان بغداد.. القمة العربية تؤكد الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • الإمارات أول دولة في العالم تطبق فحص الكشف عن سرطان القولون من خلال الدم
  • جواهر القاسمي تشهد إطلاق مجموعة «قلب كريم» لدعم المشاريع الإنسانية حول العالم
  • نائب إطاري يدعو السوداني إلى التعامل بالمثل مع الدول العربية التي حضرت للقمة بمستويات أدنى
  • قادة أوربيون في بيان مشترك: لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تحدث أمام أعيننا في غزة
  • غضب أوروبي بسبب تأخر إنفانتينو عن حضور الجمعية العمومية للفيفا