كشف تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن وزير المجتمعات المحلية البريطاني السابق، مايكل غوف، أمر بإجراء مراجعة سرية لمجلس منطقة تاور هامليتس في لندن بتكليف من السفير البريطاني السابق لدى السعودية، السير جون جينكينز، على خلفية مخاوف من وجود "التطرف" داخل المجلس.

وتعتبر منطقة تاور هامليتس من أكثر الأحياء ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية في لندن.



ووفقا لهذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، فقد جاء قرار غوف بتعيين جينكينز بناء على التحقيق المثير للجدل الذي أجراه في سنة 2015 حول جماعة الإخوان المسلمين بهدف تحديد المخاطر المحتملة المرتبطة بـ "التطرف" في مجلس تاور هامليتس.

وعلى الرغم من أن غوف أصدر أمراً بإجراء المراجعة في شباط/ فبراير الماضي، إلا أنه لم يكشف علناً أن "التطرف" كان أحد الأسباب الرئيسية وراء هذه المراجعة.

وأكد تقرير نُشر الثلاثاء الماضي أن المراجعة التي أجراها جينكينز لم تكشف عن أي دليل على وجود "التطرف" بين صفوف مجلس تاور هامليتس ولم يتم حتى البحث عن صلات محتملة للتطرف.

ومع ذلك، أوصى التقرير بتعيين مبعوثين وزاريين لمراقبة إدارة المجلس بعد أن كشف عن غياب الرقابة الفعّالة فيه. كما وصف التقرير إدارة المجلس بأنها "مشبوهة ودفاعية" مع تحذيرات بشأن "ثقافة المحاباة" السائدة داخله.

وأضاف التقرير أن وزير المجتمعات المحلية السابق، مايكل غوف، طلب من فريق التفتيش التأكد من تطبيق المعايير المتوقعة لإدارة الحكم المحلي الفعّالة، بما في ذلك دراسة آليات صرف الأموال وتعيين كبار الموظفين في المجلس.

ومع ذلك، أثار تعيين جينكينز، الدبلوماسي المخضرم الذي يفتقر إلى الخبرة في إدارة الشؤون المحلية، تساؤلات حادة من قبل منظمات المجتمع المدني والسياسيين المحليين. ففي آذار/ مارس الماضي، وجّه هؤلاء رسالة إلى غوف اتهموا فيها جينكينز بمشاركة منشورات معادية للإسلام على وسائل التواصل الاجتماعي.

ورد في الرسالة أن "سجل جينكينز الطويل في الأدوار الدبلوماسية يثير تساؤلات حول سبب اختياره مفتشاً لمجلس يُمثّل أكثر الأحياء تنوعاً في بريطانيا".


جينكينز و"مكافحة التطرف"
وذكر الموقع أن تعيين جون جينكينز مفتشاً لمراجعة مجلس تاور هامليتس جاء بناءً على "خبرته المتخصصة في مكافحة التطرف"، وذلك وفقاً لرسالة من محامي الحكومة رداً على دعوى قانونية رفعها المجلس.

 وأوضحت الرسالة أن الوزير السابق مايكل غوف كان "قلقاً بشأن وجود أدلة تشير إلى التطرف داخل المجلس، وتأثير ذلك على قدرة المجلس على تقديم أفضل قيمة في المجالات التي طُلب فيها التفتيش".

وحسب عمدة تاور هامليتس، لطف الرحمن، فإن الحكومة السابقة استخدمت المراجعة كعملية "استقصائية للبحث عن التطرف داخل المجلس"، دون إبلاغ السلطات المحلية بذلك مسبقاً.

وقال عمدة تاور هامليتس: "حتى الآن، لم يتم تقديم أي دليل يثبت وجود أي صلة بين المجلس والتطرف". وأضاف أنه "لم يتم إبلاغ المجلس رسمياً أو بشكل غير رسمي من قبل الحكومة أو المفتشين بأن التحقيق كان يهدف إلى التحقيق في التطرف".

الأعلام الفلسطينية في تاور هامليتس
تزامن أمر وزير المجتمعات المحلية البريطاني السابق، مايكل غوف، بالتحقيق في مجلس تاور هامليتس مع موجة من الجدل السياسي حول رفع الأعلام الفلسطينية في المنطقة.

ففي كانون الثاني/ يناير الماضي، قدّمت مجموعة ضغط تُدعى "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" شكوى إلى الشرطة البريطانية، زاعمة أن الأعلام الفلسطينية التي تُرفع في الحي تُعتبر "مسيئة".


وفي شباط/فبراير الماضي، أثار الوزير المحافظ السابق، بول سكالي، جدلاً واسعاً حينما وصف المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة العالية في لندن، مثل تاور هامليتس، بأنها "مناطق محظورة".

ورغم ردود الفعل الغاضبة والانتقادات الواسعة، قدّم سكالي اعتذارًا في اليوم التالي عن تصريحاته، التي أثارت استنكاراً من مختلف الأوساط السياسية والاجتماعية.

انتقادات واسعة حول التحقيق
بينما أكّد تقرير المراجعة الحكومية على "بطء استجابة المجلس" تجاه مسألة رفع الأعلام الفلسطينية، كشف التحقيق أن المفتشين الحكوميين قد طرحوا أسئلة حول الخلفيات السياسية لأعضاءٍ في المجلس، ما أثار موجة من الغضب بين الموظفين المحليين. وفي ردٍ على تلك الانتقادات، نفى محامو الحكومة هذه الادعاءات بشدة.

كما سلط التقرير الضوء على ممارسات التحقيق التي اعتُبرت مثيرة للجدل، حيث أشار إلى أن المفتشين قد وجّهوا أسئلة "عدائية" لموظفين من أصول بنغلادشية في المجلس، استفسروا خلالها عن انتماءاتهم السياسية.

وقد اعتبر البعض أن هذه الأسئلة تمثل تدخلاً غير مبرر في شؤونهم الشخصية، مما زاد من حدة الانتقادات الموجّهة إلى أسلوب التحقيق.


نظرة مشككة تجاه سياسة مكافحة التطرف
لا تزال سياسة غوف لمكافحة التطرف، التي تستند إلى تقرير جينكينز حول جماعة الإخوان المسلمين، تثير تساؤلات كبيرة، خاصة في ظل تراجع الحكومة البريطانية عن موقفها بعد نشر التقرير في 2014.

وهذا التراجع يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت السياسات المعتمدة فعلاً تدعم مكافحة التطرف، أم أنها تسهم في تعزيز الانقسامات الاجتماعية بشكل أكبر. ويبقى السؤال الأبرز: هل كان التحقيق المزعوم في مجلس تاور هامليتس يهدف حقاً إلى البحث عن التطرف، أم كان محاولةً لفرض قيود على الأنشطة السياسية التي تتناول قضايا شائكة مثل الصراع الفلسطيني؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تاور هامليتس لندن بريطانيا بريطانيا لندن تاور هامليتس صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأعلام الفلسطینیة مکافحة التطرف

إقرأ أيضاً:

تنتج 80% من نفط البلاد | حضرموت.. ماذا وراء الصراع في أكبر المحافظات اليمنية؟

محافظة حضرموت، التي تمثل 36% من مساحة اليمن وتنتج نحو 80% من النفط، تمثل مع موانئها الحيوية «المكلا والشحر والضبة»، محور تنافس محلي بين الحكومة الشرعية، حلف قبائل حضرموت، والمجلس الانتقالي الجنوبي، إضافة إلى عناصر متطرفة، حيث يعكس الصراع على المنشآت النفطية والمطارات ملامح التوتر ومحاولات السيطرة، وسط جهود للحفاظ على وحدة الدولة والاستقرار في مواجهة التدخلات الإقليمية.

الأطراف اليمنية في حضرموت التي يهيمن عليها العامل القبلي والعشائري تشمل الحكومة الشرعية وحزب التجمع الوطني للإصلاح (فرع إخوان اليمن) المسيطرين على وادي حضرموت وسيئون، وحلف قبائل حضرموت (تأسس 2013) الساعي لإدارة ذاتية وتوزيع عادل للعوائد، والمجلس الانتقالي الجنوبي (تأسس 2017، يسيطر على الساحل والمكلا ويطالب بإعادة التقسيم السابق) ممثلاً بقوات حماية حضرموت، إضافة إلى عناصر تنظيم القاعدة بقيادة أبو عمر النهدي.

مؤخراً، حاول زعيم حلف قبائل حضرموت، عمرو بن حبريش، اقتحام منشأة نفط المسيلة والاعتداء على القوات المكلفة بحمايتها، حيث سيطر حبريش على المنشأة في إطار مطالب الحلف بالحصول على إدارة ذاتية خارج سلطة المجلس الانتقالي، وتوزيع عادل للعوائد، بعد تنظيم تحركات جماهيرية في إبريل للمطالبة بالحكم الذاتي، ما أشعل التوتر بين الأطراف المسيطرة على الموارد الحيوية بالمحافظة.

لم تستمر سيطرة حبريش على المنشأة طويلاً، حيث تدخل المجلس الانتقالي الجنوبي لتحريرها في عملية «المستقبل الواعد» بقيادة العميد صالح أبو بكر «أبو علي الحضرمي». دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، ما دفع المملكة العربية السعودية للتدخل، وعقد هدنة برعاية محافظ حضرموت الجديد، سالم أحمد الخنبشي، لإيقاف العمليات المسلحة مؤقتًا، في محاولة لاحتواء التصعيد بين القوى المحلية.

إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي نقض الهدنة، وطرد قوات حبريش من المنشأة النفطية، واستولى على المطار والقصر الرئاسي في سيئون، وقيادة المنطقة العسكرية الأولى، ومدن سيئون والقطن وتريم وحورة الخشعة، وأزاح اللواء 135 مشاة المتهم بالتبعية لحزب الإصلاح، وسيطر على محافظة المهرة شرق اليمن بالكامل، مع تعزيز نفوذه على المنشآت النفطية والمرافق الحيوية، ما يعكس تمدد سيطرة المجلس على شرق البلاد.

وغادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عدن متوجهاً للسعودية لمشاورات حول حضرموت، مؤكدًا التزام الدولة بالشراكة الوطنية ووحدة القرار السيادي ورفض الإجراءات الأحادية التي تقوض الشرعية. شدد على الالتزام بالهدنة برعاية سعودية، وأمر بتشكيل لجنة تحقيق لانتهاكات حقوق الإنسان، محذرًا من أن الانشغال بالصراعات الجانبية يخدم المشروع الإيراني، في وقت تواجه فيه اليمن لحظة فارقة لا تحتمل الصراع والمزايدات.

اليمن كان مقسماً لدولتين قبل الوحدة عام 1990، بين الجمهورية العربية اليمنية في الشمال وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب. بعد الوحدة، لم تهدأ محاولات الانفصال الجنوبي، مع اشتعال حرب 1994 التي انتهت بسيطرة القوات الشمالية، ثم ثورة 2006 الفاشلة، وسيطرة الجنوب مجددًا عام 2015. هذه الخلفية التاريخية تعكس جذور التوترات والصراعات المتكررة في محافظات الجنوب.

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول الانقلاب على الحكومة الشرعية وإعلان انفصال الجنوب كلما توافرت الظروف، ففي 25 إبريل 2020 أعلن الانقلاب حتى تطبيق اتفاق الرياض المبرم في نوفمبر 2019. سبق ذلك إعلان المجلس ما يسمى بـ«إعلان عدن» عام 2017، ثم الانقلاب على الحكومة في أغسطس 2019 والسيطرة على قصر معاشيق وعدن بالكامل، قبل الانقلاب الثاني في إبريل 2020.

بحسب المجلس، سبب الانقلاب على الشرعية هو سيطرة حزب الإصلاح (الإخواني) على مقدرات الجنوب في شبوه وأبين وعدن، إضافة إلى اتهامات الحكومة بتنفيذ حملات اعتقالات وخروقات في حضرموت والمهرة وسقطرى. كما اتهم المجلس السعودية بعدم الرد على خطاباته الرسمية بشأن منع عودة فريق المجلس للعدن لتنفيذ اتفاق الرياض، ما زاد من تفاقم الأزمة بين الأطراف المحلية والتحالف الإقليمي.

اتهم المجلس الحكومة الشرعية بسياسات العقاب الجماعي لأبناء الجنوب، وإيقاف الرواتب، وإغلاق الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب والصرف الصحي، مع تصاعد حدة الوضع بعد فيضانات 21 إبريل 2020. وطالب المجلس بإدراج المحافظات الجنوبية في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة للانخراط في تسوية تفاوضية، مؤكدًا أن الهدف الأساسي من انقلاب إبريل الأخير هو تحريك المياه الراكدة في تنفيذ اتفاق الرياض.

يشير المجلس إلى أن أربع محافظات جنوبية كانت تُدار ذاتيًا سابقًا، وهي مأرب وشبوه والمهرة وسقطرى، ولم يتبق سوى أبين وعدن ولحج والضالع، ما يعكس سيطرة المجلس على عدن بعد الانقلاب الأول في أغسطس 2019، وتصاعد المواجهات في سقطرى مع الإدارة الشرعية. هذه التطورات تظهر مدى تمدد المجلس الانتقالي واستغلاله الهدنة لتوسيع نفوذه على الجنوب.

السعودية رعت في نوفمبر 2019 اتفاق «الرياض» بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي لإنهاء الانقسام والصراع على السلطة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم ممثلين عن المجلس وقوى جنوبية أخرى، على أن تخضع جميع القوات العسكرية لسيطرة الحكومة الشرعية. رغم ذلك، استغل المجلس الظروف الصعبة والهدنة المقررة في إبريل 2020 ليعلن انقلابًا على الشرعية، ويسيطر على عدن رغم رفض غالبية محافظات الجنوب للانقلاب.

اقرأ أيضاً«العليمي» يؤكد رفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة اليمنية

الرئيس اليمني الأسبق على ناصر محمد يحتفي بالمثقفين بالقاهرة.. ويؤكد: الكلمة الصادقة وجه الوطن المشرق

«مأساة الطائرات الأربع».. العليمي: الحوثيون رفضوا إخراجها فدمرتها إسرائيل

مقالات مشابهة

  • الفأرة التي في أيدينا.. كيف كانت وكيف أصبحت؟
  • كانت لسة على ذمته| القصة الكاملة في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار .. ماذا حدث؟
  • المجلس الوزاري: رفع توصيات استكمال بسماية السكني لمجلس الوزراء
  • تنتج 80% من نفط البلاد | حضرموت.. ماذا وراء الصراع في أكبر المحافظات اليمنية؟
  • تفاصيل الاجتماع الثالث لمجلس كلية اللغة العربية بأسيوط الطلابي اليوم
  • المحافظ بن ياسر: المهرة كانت وستظل نموذجا للهدوء والاستقرار بفضل تلاحم أبنائها
  • مركز: جرائم القتل التي ارتكبتها العصابات المسلحة بغزة تستوجب التحقيق والمساءلة
  • الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها الثامن من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة
  • تكريم "عامر" ولغة الجماعة دستور أول اجتماع لمجلس سموحة
  • ماذا فعل وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان في تونس؟