ليبيا – سلط تقرير اقتصادي صادر عن وكالة أنباء “بيزنس نيوز يورب”، الناطقة بالإنجليزية ومقرها ألمانيا، الضوء على الآفاق المستقبلية لثروات ليبيا المعدنية.

التقرير الذي تابعته وترجمت أهم طروحاته الاقتصادية صحيفة المرصد، أوضح أن هذه الآفاق قد تتخطى الاعتماد على قطاع النفط والغاز في دولة شهدت سنوات من عدم الاستقرار السياسي والفوضى الاقتصادية، مما يعني أن لديها فرصة سانحة لتحويل اقتصادها عبر استغلال احتياطياتها الهائلة من المعادن الحيوية.

ووفقًا للتقرير، توفر موارد التعدين مثل خام الحديد، الفوسفات، الكبريت، الذهب، المغنيسيوم، الرخام، النحاس، والجص إمكانات كبيرة للتنويع الاقتصادي والنمو على المدى الطويل، رغم هيمنة قطاع النفط والغاز على الاقتصاد لفترة طويلة. وأشار التقرير إلى أن الجيولوجيا المتنوعة لليبيا، المتشكلة عبر تاريخ معقد، وهبتها موارد معدنية كبيرة.

وأوضح التقرير أن الأساس الجيولوجي لليبيا يتألف من صخور نارية ومتحولة عميقة تعود إلى ما قبل العصر الكامبري، وتغطيها أحواض رسوبية تشكلت خلال عصر الحياة القديمة بفعل الهبوط والترسيب المطول. كما ساهمت مراحل لاحقة من النشاط البركاني والتعديات البحرية خلال حقبتي الحياة الوسطى والسينوزوي في تكوين رواسب غنية بالمعادن.

وأشار التقرير إلى أن جيولوجيا البلاد المتنوعة تدعم وجود مجموعة واسعة من الثروات المعدنية، مع احتياطيات كبيرة تتركز في مختلف المناطق، مؤكدًا أن صناعة تعدين الجبس تتمركز في منطقة خليج سرت، خاصة بالقرب من بنغازي.

وبحسب التقرير، تدعم هذه الاحتياطيات استخدامات البناء والصناعة، بينما تزدهر صناعة الملح على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، خاصة بالقرب من بنغازي ومصراتة، حيث تتيح الظروف الطبيعية المواتية استخراج أملاح عالية النقاء.

وأضاف التقرير أن رواسب خام الحديد في منطقة وادي الشاطئ بغرب وسط ليبيا تُعد من بين الأكبر في العالم، مشيرًا إلى اكتشاف هذه الاحتياطيات في العام 1943، وتُقدر بنحو 750 مليون طن متري، بمتوسط محتوى حديد يبلغ 52%، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

وأوضح التقرير أن خام الحديد يتكون من معادن “الهيماتيت الأووليتي”، و”الليمونيت”، و”الشاموسيت”، و”السيدريت”، فضلًا عن كميات كبيرة من “المغنتيت”، وهو معدن أكسيد الحديد المغناطيسي. ورغم حجم هذه الرواسب وملاءمتها للتعدين السطحي، إلا أنها لم تُستغل بشكل كبير بسبب تحديات لوجستية، بما في ذلك موقعها البعيد، على بعد نحو 900 كيلومتر من أقرب ميناء في مصراتة.

وأشار التقرير إلى أن ليبيا تمتلك، بالإضافة إلى الجبس وخام الحديد والملح، احتياطيات كبيرة من المعادن الثمينة الأخرى. ووفقًا لأطلس العالم، تحتوي ليبيا على رواسب فوسفات تُقدر بنحو 100 و9 آلاف طن متري، توجد في حوض مرزق الغربي، إلى جانب رواسب بوتاس كبيرة في حوض سرت. كما يتم استخراج الكبريت بشكل رئيسي كمنتج ثانوي لتكرير النفط، مما يُسهم في تنويع المحفظة المعدنية لليبيا.

وتطرق التقرير إلى الجهود المبذولة حاليًا لتطوير قطاع التعدين، بإشراف المؤسسة الحكومية المعنية باستخراج الجبس بالقرب من بنغازي لدعم صناعة البناء في البلاد. كما تولت شركة ليبية مختصة استخراج الملح ومعالجته في منشآت بالقرب من بنغازي ومصراتة.

وذكر التقرير أن هذه الشركة تنتج حاليًا ملح الطعام المعالج باليود عالي النقاء، بالإضافة إلى الأملاح الصناعية. كما قامت شركة سودانية ليبية مشتركة باستكشاف منطقة جبل العوينات الممتدة على الحدود بين البلدين للتحضير لمشاريع التعدين المحتملة.

وأكد التقرير افتقار ليبيا لعمليات تكرير المعادن الكبيرة مثل خام الحديد أو الفوسفات أو الجبس، رغم إمكاناتها الهائلة، مرجعًا ذلك إلى الانقسامات السياسية التي تعيق استغلال الموارد. ومع ذلك، تركز السلطات الحكومية الليبية على تحويل قطاع التعدين إلى محرك اقتصادي رئيسي.

وأشار التقرير إلى أن الهدف هو زيادة مساهمة قطاع التعدين، التي تبلغ حاليًا 1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، إلى مستويات أعلى. وتعمل المؤسسة المعنية بالتعدين على خطط لتحويل الموارد المعدنية إلى ركيزة حيوية للاقتصاد بحلول العام 2033، مع التركيز على خام الحديد والجص والفوسفات والملح.

وأوضح التقرير أن الخطط تشمل تحديث البنية التحتية وإصلاح اللوائح لجذب الاستثمار، واستكشاف الشراكات الدولية مثل المناقشات الأخيرة مع تشاد بشأن مشاريع التعدين المشتركة. كما تتضمن الخطط إنشاء شركة قابضة لإدارة الموارد المعدنية وتعظيم استفادتها لتحقيق النمو الاقتصادي.

وأضاف التقرير أن هذه الخطط تشمل شراكات استراتيجية مع شركات دولية لتعزيز قدرات الإنتاج والمعالجة، وتوسيع البحث العلمي والاستكشاف لزيادة إنتاجية القطاع باستخدام التكنولوجيا والابتكار. كما تسعى الحكومة لتحديث البنية الأساسية الرابطة بين مناطق التعدين والموانئ لتحسين كفاءة القطاع.

وأشار التقرير إلى مشاريع مقترحة، مثل خط سكة حديد بطول 880 كيلومترًا لنقل رواسب خام الحديد من سبها إلى ميناء مصراتة. ومع ذلك، لا تزال هذه المشاريع مجرد مقترحات في ظل غياب خطط ملموسة أو جهود نشطة لتنفيذها.

وأكد التقرير أهمية استكمال مشروع الطريق السريع الساحلي بطول 1800 كيلومتر، الممتد من الحدود التونسية إلى الحدود المصرية، بتمويل إيطالي، لتحسين الاتصال بين مناطق التعدين في الجنوب والموانئ الشمالية.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الإطار القانوني المنظم لتصدير المعادن لا يزال بلا تطوير ملموس، رغم وجود محاولات متضاربة بين حكومتي الدبيبة وحكومة الاستقرار. ومع ذلك، يسعى مستثمرون دوليون، بمن فيهم الصين ودول أوروبية وأسترالية وأميركية، إلى دخول قطاع التعدين الليبي بسبب إمكاناته الواعدة.

وأكد التقرير أن عدم الاستقرار السياسي والمخاوف الأمنية، بما في ذلك النزاعات المسلحة، يشكلان عقبات رئيسية أمام جذب الاستثمارات الأجنبية، فضلًا عن تحديات بيئية وصعوبات في تطوير البنية التحتية. ومع ذلك، تبقى ليبيا غنية بالموارد المعدنية التي قد تسهم في تحقيق نمو اقتصادي إذا تم استغلالها بشكل فعال.

 

ترجمة المرصد – خاص

 

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: قطاع التعدین خام الحدید التقریر أن ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

شبكة مياه حديثة لوادي حلفا بتمويل رئيسي من الموارد المعدنية بقيمة 250 مليون جنيه

سلّمت أمس الشركة السودانية للموارد المعدنية، في إطار مشروعات المسؤولية المجتمعية للعام 2025م، دعماً نوعياً لشبكة مياه وادي حلفا، تمثل في تنفيذ مشروع متكامل لتوريد مواسير HDP عالية الجودة بطول 5 كيلومترات، بتمويل رئيسي بلغ 250 مليون جنيه من الشركة، إضافة إلى دعم تكميلي من محلية وادي حلفا بلغ 100 مليون جنيه، ليصل إجمالي تكلفة المشروع إلى 350 مليون جنيه.ويستهدف المشروع معالجة أزمة المياه بشكل جذري عبر تحسين البنية التحتية وتوسيع الشبكة، باستخدام مواسير بقطر 8 بوصات، تعد من النوعيات ذات العمر الافتراضي الطويل والتحمل العالي للضغط والبيئة.وشهد تنفيذ المشروع المدير التنفيذي للمحلية الأستاذ أبوعبيدة ميرغني برهان، وعدد من القيادات الرسمية والفنية، إلى جانب ممثلي المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا.وأكد المدير التنفيذي للمحلية أن هذا المشروع يمثل نقلة حقيقية في خدمات المياه بالمنطقة، مثمنًا الدعم الكبير من الشركة السودانية للموارد المعدنية، التي تكفلت بأغلب التمويل، مشيرا إلى أن مساهمة المحلية البالغة 100 مليون جاءت دعماً لاستكمال التوصيلات الضرورية وتنفيذ الشبكة على الوجه الأمثل.من جانبه، أوضح مدير مكتب الشركة السودانية بالولاية الشمالية، المهندس عبدالرحمن النضيف، في تصريح لسونا أن المشروع تم برعاية ومتابعة دقيقة من المدير العام الأستاذ محمد طاهر عمر، ويجسد التزام الشركة بتحسين حياة المجتمعات المحلية، مشيرا إلى أن الكميات المستلمة وُضعت وفق دراسات فنية تغطي احتياجات الحل الجذري لشبكة مياه وادي حلفا.كما عبّر مدير مشروعات المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا عن إشادة المجلس ومباركته لهذه الخطوة المهمة، مؤكدًا أنها تمثل استجابة حقيقية لمطلب ظل قائماً لسنوات، وأن المشروع سيسهم في تحسين جودة الحياة بالمنطقة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • جودة التعليم في الصدارة.. جامعة أسوان تُفعّل التقرير السنوي كأداة تطويرية
  • 21% نموًا بمحفظة التنمية الوطنية لدى جهاز الاستثمار العُماني.. ورفد خزينة الدولة بـ3.7 مليار
  • مجمع الاستخبارات الأمريكي: ترامب لا يقرأ.. فليكن التقرير بطريقة فوكس نيوز
  • شبكة مياه حديثة لوادي حلفا بتمويل رئيسي من الموارد المعدنية بقيمة 250 مليون جنيه
  • النفط والمعادن تشكل لجنة لاستلام قطاع العقلة بشبوة خلفًا للشركة النمساوية OMV
  • هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن تُبقي على تعرفة بند فرق أسعار الوقود عند الصفر
  • درميش: استدامة قطاع الطيران في ليبيا تتطلب بيئة سياسية مستقرة
  • خبراء أمريكيون في التكنولوجيا والأمن السيبراني يبحثون من الرباط فرص الاستثمار في الجيل الخامس
  • غينيا تسحب 129 تصريحا للتنقيب في إطار الرقابة على الموارد المعدنية
  • وزير البترول يناقش نظم تحفيز الاستثمار في مناطق البحث والاستكشاف