مؤسسة خيرية صينية تغيث الغزّيين منذ بداية الحرب
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
بكين- رغم تسارع النشاط الاقتصادي في أقاليم الصين ومدنها المزدحمة والانشغال بما يحققه إنتاجها من نجاحات متتالية، تلفت الانتباه مبادرة إنسانية تجاه أهل غزة بإقليم جوجيانغ بأقصى شرق البلاد، تنفذها وتنسق جهودها لأكثر من عام مؤسسة "القلب الواحد الخيرية".
فبعد أيام من بدء معركة "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ القائمون على هذه المبادرة بإرسال أولى مساعداتهم الإنسانية إلى قطاع غزة، ثم توسعت إلى مخيمات اللاجئين في لبنان من خلال برنامج تعاوني شبابي بين الصين وباكستان.
وُزعت تلك الشحنات الغذائية على 540 ألف غزّي ولبناني، بعد تنسيق 112 حملة إغاثية منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حسب إحصاءاتهم التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها.
ويسعى البرنامج إلى دعم استمرارية توفر المعونات وتعزيز العلاقات مع المتطوعين والعاملين في الحقل الإنساني في غزة كمنطقة صراع ساخنة، وتجهيز حملة إغاثية واحدة كل 4 أيام.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الأمين العام لـ"مؤسسة القلب الواحد الخيرية" تشيو سيو، إن جمعيته لم تتأخر عن مساعدة الفلسطينيين في غزة بعد بداية الحرب معتمدين على التعاون مع متطوعين فلسطينيين يدركون حاجات المجتمع الميدانية. وإنها لم تكتف بتوزيع المواد الغذائية، بل بدأت تقدم الوجبات الجاهزة حيث إن كثيرين يفتقدون لأدوات الطهي، وقدمت أيضا أغطية وكسوة للشتاء، ومواد للتدفئة، وأدوية ودعمًا نفسيا أيضا.
وأقامت المؤسسة، وفق تشيو، نقاط رعاية صحية مستعينة بأطباء من شمالي غزة، نزحوا مع غيرهم داخل القطاع، فوفرت لهم دعما ماليا ودوائيا رغم شح المستلزمات الطبية وصعوبة إيصالها.
ويقول إنهم أدركوا بعد فترة أن تلك الجهود غير كافية نسبيا، فسعوا إلى إيصال كميات أكبر من المساعدات، وكانت أولى محاولاتهم بإيصال 50 طنا من الأرز في مارس/آذار الماضي، ولم تنجح المحاولة حتى يونيو/حزيران من العام الجاري.
وفي أبريل/نيسان الماضي، التفتت هذه المؤسسة إلى النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب في غزة فعملت على توصيل شحنات مياه، مرات عديدة. وتحدث تشيو سيو عما يحتاجه أطفال القطاع من تدخل نفسي للتخفيف من آثار مشاهد الحرب، حيث قال إنهم نظموا برامج مناسبة لأعمار أطفال القطاع كمسابقات وألعاب لإدخال شيء من الفرحة إلى قلوبهم.
وبخصوص التبرعات لهذه الحملة، يوضح المتحدث نفسه أن أفرادا ورجال أعمال كُثُرا تبرعوا لها، كما نظمت جمعيته فعاليات في مدارس إقليم جوجيانغ ومنها قيام تلاميذ المدارس بخط رسوم ولوحات يتم بيعها في مزادات خيرية. وتأمل المؤسسة أن تلهم وتشجع مزيدا من عامة المواطنين في إقليمها للإسهام في هذا العمل الإنساني.
وتابعت صحف رسمية صينية هذه المبادرة، حيث نشرت صحيفة "تشاينا ديلي" اليومية تقريرا وصورا لأعمال إنسانية في غزة حضر فيها علم الصين.
وأشار تقرير آخر بصحيفة "غلوبال تايمز" إلى تعاطف رجال أعمال ومواطنين مع ما يرونه من صور للحرب ومعاناة أطفال غزة، مما دفعهم للتبرع لجمعية "القلب الواحد الخيرية" التي جذبت شراكة مؤسسات أخرى مثل "اتحاد شباب مدينة وينجو"، وهي إحدى مدن إقليم جوجيانغ، وكذلك "الحب الأبدي"، ومقرها في بكين، حيث ساهموا جميعا في حملات جمع التبرعات لشراء مواد غذائية وأدوية ومياه شرب لأهل غزة المحاصرين.
يذكر أن مؤسسة "القلب الواحد الخيرية" كانت قد قدمت معونات سابقة في مناطق مختلفة حول العالم شهدت كوارث وأحداثا صعبة، كتقديم مساعدات لضحايا الزلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وفي باكستان وأفغانستان أيضا.
وهي تنطلق من إقليم جوجيانغ الذي تقابل سواحله بحر شرق الصين، ويبلغ عدد سكانه نحو 65 مليون نسمة، ويعرف بأنه من أوائل الأقاليم التي شهدت انفتاحا اقتصاديا وتحولا صناعيا وإنتاجا زراعيا متنوعا، وبتحسن مستوى معيشة ودخل سكانه، ويعيش بعض أبنائه خارج البلاد في أوروبا والولايات المتحدة.
وقدمت الحكومة الصينية نفسها معونات لغزة. وفي إجابته على سؤال الجزيرة نت، قال مكتب المتحدث باسم الخارجية إن بكين تشعر ببالغ القلق من استمرار الحرب في غزة وما أفرزته من خسائر كبيرة في الأرواح وأزمة إنسانية غير مسبوقة، مشيرا إلى أن حكومته قدمت مساعدات مالية عن طريق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونرا) والحكومة الفلسطينية، ومعونات غذائية وطبية أخرى عبر مصر.
وأضافت الخارجية أن الرئيس الصيني شي جين بينغ كان قد أعلن، في 30 مايو/أيار الماضي، عن تعهد بلاده بتنفيذ خطة عون إغاثي قيمتها 70 مليون دولار لقطاع غزة.
وحسب وكالة "شينخوا" للأنباء الرسمية، قدمت الصين مساعدات دوائية وغذائية لأهل غزة 3 مرات على الأقل في الأشهر الأخيرة، جاءت كالتالي:
3 ملايين دولار في الثاني من أغسطس/آب الماضي للنازحين في القطاع. مليون دولار، في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للسلطة الفلسطينية والأونروا عبر وكالة التعاون التنموي الصينية الدولية. في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قدمت بكين حزمة أخرى بقيمة 2.1 مليون من معونات غذائية ودوائية عن طريق مصر.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول فی غزة
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف الملفات الجنائية لـعصابة أبو شباب في غزة
غزة- تكثف الأجهزة الأمنية في قطاع غزة وفصائل المقاومة الفلسطينية عمليات ملاحقة عناصر العصابات المسلحة المدعومة إسرائيليا التي يقودها ياسر أبو شباب، وتتخذ من المناطق الشرقية لمحافظة رفح مقرا لوجودها بحماية من جيش الاحتلال.
وقالت مصادر أمنية إن مجموعة من المقاومة الفلسطينية اشتبكت الليلة الماضية مع القائمين على تلك العصابات، مما استدعى تدخل مُسيرة إسرائيلية لتخليص عناصر منها.
البدايات والنشأة
كشفت مصادر أمنية فلسطينية في قطاع غزة -للجزيرة نت- النقاب عن الملفات الجنائية لقيادة العصابة التي يتزعمها أبو شباب، ونائبه غسان الدهيني.
وتعود بداية تجنيد قوات الاحتلال لهذه العصابة المسلحة -التي تعمل تحت إشرافها- إلى الأشهر الأخيرة من عام 2024، عندما وفرت مأوى لها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش جنوب شرق مدينة رفح.
وتتحصن العصابات المسلحة بالقرب من معبر كرم أبو سالم جنوب شرق مدينة رفح والذي تخصصه قوات الاحتلال لإدخال البضائع والمساعدات إلى قطاع غزة مما يمنحها فرصة للتحكم بها والسطو عليها، وإعادة بيعها للمواطنين، وبالتالي استقطاب أشخاص جدد للتعاون معها.
هارب من السجنوأكدت المصادر الأمنية -في تصريحات للجزيرة نت- أن الجيش الإسرائيلي أشرف على تسليح أبو شباب الذي يطلق على نفسه قائد القوات الشعبية، ويقود "عصابات إجرامية متخصصة في قطع الطريق أمام قوافل المساعدات الواردة من معبر كرم أبو سالم جنوبي قطاع غزة، وإطلاق النار على المواطنين".
إعلانوبحسب المصادر فإن أبو شباب كان معتقلا لدى الأجهزة الأمنية في قطاع غزة منذ عام 2015، بتهمة تجارة وترويج وتعاطي المخدرات، وحكم عليه بالسجن 25 عاما.
وبعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكن أبو شباب من الهروب من سجن "أصداء الواقع" غرب مدينة خان يونس، بعد تصاعد موجات القصف الإسرائيلي.
وتفيد المصادر أن أبو شباب أعاد منذ ذلك الوقت تواصله مع جيش الاحتلال الذي أعاد تأهيله ليقود هذه العصابات بهدف زعزعة الأمن والاستقرار داخل قطاع غزة.
ويتخذ أبو شباب من المناطق الشرقية لمدينة رفح -التي ولد فيها في فبراير/شباط عام 1990- مكانا لتمركزه وانطلاق عملياته، والدعوة لمواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية.
الرواية الإسرائيلية
في المقابل، كانت صحيفة معاريف الإسرائيلية قد أكدت أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) يقف وراء تجنيد عصابة أبو شباب، حيث أوصى رئيس الجهاز رونين بار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- بتنفيذ خطوة تجنيد العصابة، وتسليحها، ضمن خطة تجريبية تشمل إدخال عدد محدود ومدروس من البنادق والمسدسات بشكل مراقب، لا يغيّر ميزان التسلح داخل غزة، حسب وصف الصحيفة.
وتضم عصابة أبو شباب عشرات العناصر، جند غالبيتهم جهاز الشاباك -حسب الصحيفة- لتشكيل عصابة مرتزقة لصالح إسرائيل، وهم مجرمون متورطون في قضايا مخدرات وتهريب وجرائم ممتلكات.
وتشير الصحيفة إلى أن الفكرة الأساسية للشاباك كانت استخدام هذه العصابة كمشروع تجريبي لمعرفة ما إذا كان بإمكانها فرض نوع من الحكم البديل لحركة حماس في منطقة صغيرة ومحدودة داخل رفح "ومع ذلك فإن المنظومة الأمنية الإسرائيلية لا تبني أوهاما أو تعلق آمالا كبيرة على هذه المجموعة كبديل للحركة".
إعلان سوابق جنائيةوفي الآونة الأخيرة، برز اسم الدهيني -المولود في رفح عام 1987 والذي يدعي أنه نائب قائد القوات الشعبية- بصفته العقل المدبر لعصابة أبو شباب.
ونشر الدهيني -عبر صفحته على فيسبوك- صورة له وهو يطلق النار في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال.
وتؤكد المصادر أنه كان مسؤولا في جيش الإسلام (وهو تنظيم فلسطيني متشدد فكريا ظهر في سنوات سابقة بقيادة ممتاز دغمش) وكان يُعتمد عليه بخطوط التهريب من سيناء والتواصل مع الجماعات المتشددة هناك، وتم فصله لاحقا في قضية أخلاقية.
وسبق للأجهزة الأمنية في غزة أن اعتقلت الدهيني مرتين على خلفية قضايا جنائية، أولها في مارس/آذار 2020، والثانية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وتفيد معلومات إضافية عن الدهيني أن شقيقه وليد شنق نفسه داخل السجن في قطاع غزة منتصف عام 2018 بعد اعتقاله في قضية مخدرات.
ملاحقات واشتباكاتواشتبكت عناصر من الأجهزة الأمنية في قطاع غزة الليلة الماضية مع عصابة أبو شباب المطلوبة للعدالة، ولكن الجيش الإسرائيلي تدخل بواسطة طائرة مسيرة وهاجم عناصر الأجهزة الأمنية مما أدى لاستشهاد 4 منهم.
وقالت قناة 24 الإسرائيلية إن الجيش اغتال مسلحين من حماس حاولوا استهداف عناصر أبو شباب.
وتكرر تدخل الجيش الإسرائيلي لحماية العصابات المسلحة خلال اشتباكها مع فصائل المقاومة الفلسطينية والأجهزة الأمنية، مما يكشف مدى الحماية التي يوفرها لهم جيش الاحتلال، واستخدامهم في حالة الفلتان الأمني الذي يريد نشرها في قطاع غزة.
ويرجح مراقبون أن يكون معظم الأفراد -القائمين على هذه العصابة المسلحة المدعومة إسرائيليا- من أصحاب السوابق الجنائية الذين لديهم ارتباط مسبق بالجيش الإسرائيلي، وهو ما يؤكده الملف الجنائي للعضو البارز فيها عصام النباهين الذي ينحدر من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وتورط النباهين بقتل شرطي فلسطيني أثناء محاولة القبض عليه على قضية ذمة مالية، وصدر بحقه حكم بالإعدام، قبل أن يهرب من السجن مع بداية الحرب على غزة، وتسجل الأجهزة الأمنية في ملفه الجنائي تجاوزات أخلاقية.
في مقابلة مع إذاعة إسرائيلية.. ياسر أبو شباب يكشف علاقته بالسلطة الفلسطينية ومصدر سلاحه وتنسيقه مع الاحتلالhttps://t.co/DqeEZdABJ9
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) June 8, 2025
إعلان الارتباط بأجهزة السلطةوتربط النباهين علاقة بضباط الأجهزة الأمنية في رام الله، في الوقت الذي تدعي فيه العصابة أنها تتبع ما وصفته "الشرعية الفلسطينية". إلا أن الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء أنور رجب نفى وجود أي علاقة تربط السلطة بأبو شباب.
وقال اللواء رجب -في تصريحات صحفية- إن الأجهزة الأمنية لا تتعامل مع أي مجموعات بأسماء أشخاص.
وكان مصدر قيادي في جهاز أمن المقاومة الفلسطينية كشف للجزيرة نت عن وضع أعضاء عصابة أبو شباب على قائمة المطلوبين لها، وكثف الجهاز معلوماته الاستخبارية وجهوده الميدانية للوصول إليهم.
وشدد المصدر على أنه سيتم التعامل مع هذه العصابة بالطريقة ذاتها، التي تتعامل بها المقاومة الفلسطينية مع جيش الاحتلال، وهو ما بدا واضحا من الفيديو التي بثته كتائب القسام نهاية مايو/أيار الماضي لاستهداف عناصر مسلحة تابعة للعصابة عبر كمين لها شرق مدينة رفح.