حكم الحلف بالنبي وهل الحنث فيه يستوجب الكفارة؟ مجدي عاشور يجيب
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
حكم الحلف بالنبي وهل الحنث فيه يستوجب الكفارة؟ سؤال أجاب عنه الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية، وذلك ردا على سؤال: ما حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل يجب بالحنث فيه كفارة ؟
حكم الحلف بالنبي وهل الحنث فيه يستوجب الكفارة؟وقال عاشور في بيانه حكم الحلف بالنبي، إن الحلف يقصد به الأيمان المؤكدة للخبر سواء في ثبوت الأشياء المحلوف عليها أو نفيها، مشيراً إلى اتفاق الفقهاء على أن الحلف بالله تعالى يعتبر يمينًا شرعية ، يجب بالحنث فيها كفارة، واختلفوا في حكم الحلف بنبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فهو مكروه عند الحنفية تخريجا على كلامهم في الحلف بغير الله تعالى، وحكى ابن عابدين عن الْقُهُسْتَاني القول بالحرمة .
وأكد أن المعتمد عند المالكية والشافعية أن هذا الحلف ليس بمحرم ، بل مكروه . وهو عند الثلاثة من لغو اليمين فلا يجب بالحنث فيه كفارة .
قال العلامة ابن عابدين في "حاشيته": [مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْحَلِفِ بِغَيْرِهِ تَعَالَى ( قَوْلُهُ وَهَلْ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَالْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا مَشْرُوعٌ.. وَإِنَّمَا سُمِّيَ يَمِينًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِحُصُولِ مَعْنَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ.. وَالْيَمِينُ بِغَيْرِهِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهَا , وَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ لا تُكْرَهُ لأَنَّهَا يَحْصُلُ بِهَا الْوَثِيقَةُ لا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا , وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لا عَلَى وَجْهِ الْوَثِيقَةِ كَقَوْلِهِمْ وَأَبِيك وَلَعَمْرِي ا هـ وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ . وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِهِ تَعَالَى تَارَةً يَحْصُلُ بِهَا الْوَثِيقَةُ : أَيْ اتِّثَاقُ الْخَصْمِ بِصِدْقِ الْحَالِفِ كَالتَّعْلِيقِ بِالطَّلاقِ وَالْعَتَاقِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَرْفُ الْقَسَمِ , وَتَارَةً لا يَحْصُلُ مِثْلُ وَأَبِيك وَلَعَمْرِي فَإِنَّهُ لا يَلْزَمُهُ بِالْحِنْثِ فِيهِ شَيْءٌ فَلا تَحْصُلُ بِهِ الْوَثِيقَةُ , بِخِلافِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ وَالْحَدِيثُ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " { مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ تَعَالَى } " إلَخْ مَحْمُولٌ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ عَلَى غَيْرِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا لِمَا فِيهِ مِنْ مُشَارَكَةِ الْمُقْسَمِ بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى فِي التَّعْظِيمِ]
وقال الشيخ الدردير في "الشرح الصغير 1/ 330": [وَلا بِنَحْوِ النَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ ) مِنْ كُلِّ مَا عَظَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لا يَنْعَقِدُ بِهِ يَمِينٌ , وَفِي حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِذَلِكَ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلانِ]، قال العلامة الصاوي عليه: [قَوْلُهُ: "قَوْلانِ" الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْكَرَاهَةُ]
وقال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج 10/ 4" :[فلا تنعقد بمخلوق: كنبي وملك للنهي الصحيح عن الحلف بالآباء.. وحملوه على ما إذا قصد تعظيمه كتعظيم الله تعالى، فإن لم يقصد ذلك أثم عند أكثر أصحابنا أي: تبعا لنص الشافعي الصريح فيه، كذا قاله شارح.
والذي في شرح مسلم عن أكثر الأصحاب الكراهة وهو المعتمد وإن كان الدليل ظاهرا في الإثم... وقال ابن الصلاح: يكره بماله حرمة شرعا كالنبي ويحرم بما لا حرمة له كالطلاق]
وذهب الإمام أحمد إلى أنه ينعقد به يمين شرعية موجبة للكفارة ، وعليه المذهب ، وقال به أكثر علماء الحنابلة ، وقد استدلَّ لذلك بأنه أحد ركني الشهادة كاسم الله تعالى ، فهو من باب تعظيمه بتعظيم الله له ، كما حمل محققو المذهب قول الإمام أحمد على استحباب الكفارة لا وجوبها .
قال الإمام ابن قُدَامة في "المغني 9/ 514-515": [قال أصحابنا: الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم يمين موجبة للكفارة. وروي عن أحمد أنه قال: إذا حلف بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنث، فعليه الكفارة. قال أصحابنا: لأنه أحد شرطي الشهادة، فالحلف به موجب للكفارة، كالحلف باسم الله تعالى... وكلام أحمد في هذا يحمل على الاستحباب دون الإيجاب]
قال العلامة المرداوي في "الإنصاف 11/ 14-15": [وأما الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم : فقدم المصنف هنا: عدم وجوب الكفارة . وهو اختياره . واختاره أيضا الشارح، وابن منجا في شرحه، والشيخ تقي الدين رحمه الله. وجزم به في الوجيز . وقال أصحابنا: تجب الكفارة بالحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة. وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب. قال في الفروع: اختاره الأكثر، وقدمه. وروي عن الإمام أحمد رحمه الله مثله. وهو من مفردات المذهب. وحمل المصنف ما روي عن الإمام أحمد رحمه الله على الاستحباب].
وشدد مجدي عاشور : حمل المحققون النهي عن الحلف بغير الله تعالى على ما قُصد به حقيقة الحلف، أما إذا كان على سبيل العادة أو الترجي أو تأكيد الكلام فجائز ولا حرج فيه، وذلك لوروده في الأدلة الشرعيَّة والتي منها حديث الرجل النجدي الذي سأل عن الإسلام.. وفي آخره: فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» أَوْ «دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» (صحيح مسلم/ 11).
وأكد أن الحلف بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقصد حقيقة اليمين أمر يدور الحكم فيه بين الحرمة عند بعض الأحناف والكراهة عند بعضهم ولم ينصوا أهي كراهة تنزيه أم تحريم على مصطلحهم ، وهو مكروه عند المالكية والشافعية في المعتمد لديهما وفي قول لأحمد .. والجواز هو المعتمد عند الحنابلة .
ومع ذلك فالخروج من الخلاف مستحب، ويتم ذلك بتعليم الناس وليس بتبديعهم أو تكفيرهم بسبب ظاهر الحديث .. ولا نؤثمهم لأن القول بالحرمة هو قول من الأقوال . والقاعدة أنه : " لا يُنْكَرُ المختَلَف فيه " .
أما إذا كان على سبيل جريان العادة التي يقصد بها الترجي أو تأكيد الكلام لا حقيقة الحلف، فهو أمر جائز ولا حرج فيه باتفاق ؛ إذ قد ورد في نصوص السنة الشريفة وكلام السلف الصالح .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الكفارة مفتى الجمهورية الحلف بغير الله ه صلى الله علیه وسلم الإمام أحمد الله تعالى ال ح ل ف ت ع ال ى
إقرأ أيضاً:
فضل قراءة سورة الكوثر 100مرة صباحا لمدة أسبوعين.. لا يعرفه كثيرون
لاشك أن الاستفهام عن ما فضل قراءة سورة الكوثر 100 مرة في الصباح ، يفتح إحدى بوابات أسرار سورة الكوثر ، التي تخفى عن الكثيرين، فهناك الكثير من الفضائل المنتشرة بين الناس والتي ترتبط بعدد، سواء قراءتها 100 أو 1000 أو 70 مرة، وتبع أهمية معرفة ما فضل قراءة سورة الكوثر 100 مرة في الصباح ؟، حيث إن القرآن الكَريم كَلام الله المُنزل على سيّدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- المُتعبّد بتلاوته، والمنقول إلينا بالتواتر، المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس، أُنزِل ليَكونَ المعجزةَ الخالدة لسيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم كله خير، وقد وردت العديد من الأحاديث في فضائل بعض السور، منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها ما لم يثبت عن النبي ويتناقله الناس، ومن بينها يأتي الاستفهام عن ما فضل قراءة سورة الكوثر 100 مرة في الصباح ؟.
ورد عن ما فضل قراءة سورة الكوثر 100 مرة وطلب الرزق بمولود من الله عز وجل، ويتم ذلك بتكرار السورة 14 مرة متتالية، ثم القيام بدعاء الله عز وجل بالرزق بالمولود الصالح، لمدة أسبوعين، وبعد الانتهاء من صلاة الفجر، عندما يشرع الشخص في تلاوة السورة، وطلب الحاجة، عليه أن يثق في رب العالمين، وفى قدرته على تحقيق ما يتمناه وتلبية دعاءه.
قراءة سورة الكوثر في الصباحوجاء عن قراءة سورة الكوثر في الصباح ، كواحدة من السور المكية التي تم نزولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، في مكة المكرمة، هي السورة 108 من حيث الترتيب في كتاب الله الكريم، ويصل عدد آياتها إلى ثلاث آيات، تحتوي على عشر كلمات، يطلق عليها اسم سورة النحر، وهي أقصر سور القرآن الكريم.
و روي انس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم (أغفى رسولُ اللَّهِ إغفاءةً، فرفعَ رأسَهُ مبتَسِمًا إمَّا قالَ لَهُم وإمَّا قالوا لهُ لِمَ ضحِكْتَ فقالَ رسولُ اللَّهِ إنَّهُ أُنْزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌ فقرأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ): حتَّى ختمَها ثم قالَ لهم: هَل تَدرونَ ما الكَوثرُ قالوا اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ. قالَ هوَ نَهْرٌ أعطاني إياه ربِّي عزَّ وجلَّ في الجنَّةِ علَيهِ خيرٌ كثيرٌ ترِدُ علَيهِ أمَّتي يومَ القيامةِ آنيتُهُ عدَدُ الكواكِبِ يُختَلَجُ العَبدُ منهم فأقولُ يا ربِّ إنَّهُ مِن أمَّتي فيقالُ لي إنَّكَ لا تَدري ما أحدَثوا بَعدَكَ.
وتعد هذه السورة ثوابها عظيم لقارئها في الأخرة، حيث أنه يشرب من نهر الجنة، ويحصل على الكثير من الحسنات والثواب، ورويَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قرأ سورة الكوثر سقاه الله من كل نهر في الجنة، ويكتب له عشر حسنات بعدد كل قربان قربه العباد في يوم النحر أو يقربونه.
ما فضل قراءة سورة الكوثرلم يَثبت في فضل قراءة سورة الكوثر ، كما الكثير من سور القرآن، أحاديثٌ ورواياتٌ خاصة بفضلها، لكن من المُمكن أن تستنتج بعض الفضائل العامَّة المُرتبطة بنهر الكوثر الذي أتت السُّورة على ذكره وسُمِّيت باسمه، ومن هذه الفضائل: ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: قَالَ: بَيْنَما رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ).
ويمكن أن يُستخلص ما فضل قراءة سورة الكوثر من هذا الحديث الشَّريف، وهذا الفضل مُتمثلٌ في استبشار النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- وضحكه عند نزول السُّورة عليه، ممّا يُشير إلى مكانتها وعِظمها، وهذا هو الحديث الشَّريف الوحيد الذي يمكن اعتباره مباشراً في فضل السُّورة، أمَّا باقي الأحاديث والآثار فهي مُنصبَّةٌ على نهر الكوثر وصفاته وفضله.
ممَّا جاء في نهر الكوثر ووصفه ما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال:(بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ فَإِذَا طِينُهُ أَوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ شَكَّ هُدْبَةُ)، أمَّا الأخبار الواردة في أنَّ لقراءة سورة الكوثر يوم الجمعة أو غيره من الأيام ألف مرَّةٍ فضلٌ مخصوصٌ، وأنَّ الله يسقي من قرأها من أنهار الجنة فلم يثب، واعتُبِرَ الحديث المُطوّل الوارد في فضائل سور القرآن بتعدادها سورةً بما فيه الكوثر موضوعاً؛ أي مكذوباً على النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-، أو كما وصفه ابن الجوزي: (حَدِيث فَضَائِل السُّور مَصْنُوع بِلَا شكّ).
ما فضل سورة الكوثرورد أن هذه سورة كريمة بها يخاطب الله جل في علاه نبيه وخليله، ومصطفاه محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب الكريم المبهج ، خطاباً يتضمن هذه المنح الربانية ، والعطايا الإلهية (إنا أعطيناك الكوثر)، و الكوثر : نهر في الجنة كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة الصريحة، بل قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن نهر الكوثر الذي في الجنة هو من جملة الخير الكثير الذي أعطى الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، فإذا كان أقلُّ أهل الجنة من له فيها مثلُ الدنيا عشر مرات فما الظن بما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما أعده الله له فيها.
وورد أن الكوثر مأخوذ من الكثرة ، فهو : الكثير ، والغزير ، والفائض ، والدائم غير المقطوع ولا الممنوع و هو الخير الكثير: من القرآن، والحكمة، والنبوة ، والدين ، والحق ، والهدى ، وكلِّ ما فيه سعادة الدنيا والآخرة فهو كوثر لا نهاية لفيضه ، وكوثر لا إحصاءَ لعدده، وكوثر لا حدَّ لدلالاته، منوهًا بأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، أن يجمع بين هاتين العبادتين العظيمتين : الصلاةِ ، والنسك.
وجاء في مسألة ما فضل سورة الكوثر ، الصلاة والنسك هما أجل ما يتقرب به إلى الله فأجلُّ العبادات البدنية الصلاة ، وما يجتمع للعبد في الصلاة لا يجتمع له في غيرها من سائر العبادات ، فالصلاة تتضمن خضوع القلب ، والجوارح ، والتنقل في أنواع العبودية، كما يعرف ذلك أرباب القلوب والهمم العالية والنحر أجل العبادات المالية، وما يجتمع في النحر من إيثار الله، وحسن الظن به، وقوة اليقين ، والوثوق بما في يد الله أمر عجيب، إذا قارن ذلك الإيمانُ والإخلاصُ، وقد جاء الأمر بالصلاة والنحر معطوفاً بـ (الفاء) الدالة على السببية – كما يقول أهل العلم – فالصلاة والنحر سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله من الكوثر ، والخير الكثير.
وقد تمثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فكان كثير الصلاة حتى تفطرت قدماه، وكثير النحر حتى نحر بيده ثلاثاً وستين بدنه في حجة الوداع ، وكان ينحر في الأعياد وغيرها، منوهًا بأن الله خاطب نبيه إن مبغضك – يا محمد – ، وكارهك ، ومن لا يحبك هو الأبتر : هو الأذل ، المنقطع دابره ، الذي لا عقب له ولا أثر أبتر مقطوع لا يولد له خير ، ولا عمل صالح ، ولا ولد صالح والأبتر هو كل شانئ لمحمد صلى الله عليه وسلم ومبغضه ، وشانئ لهذا الدين ، وشانئ لأتباعه.
ورد أن آخر هذه السورة العظيمة ، هو الذي يفسر معناها ، ويوضح غايتها ، والمراد منها : فمن شنأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرهه ، وكره ما جاء به ، بتره الله من كل خير ، بتر الله ذكره ، وأهله ، وماله ، وخسر دنياه وآخرته ، بتر حياته فلا ينتفع بها ، وبتر قلبه فلا يعي الخير ، ولا يؤهله لمعرفته ، ولا لمحبته بتر أعماله فصرفها عن الطاعة والعمل الصالح ، بتره من الأنصار والأعوان ، وبتره من جميع القرب وأعمال البر ، لا يذوق للإيمان طعماً ، ولا للطاعة حلاوة ، وإن باشرها بظاهر جوارحه ، فقلبه مصروف عنها ومن شنأ وكره بعض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وردَّه لأجل هواه ، أو متبوعِه ، أو شيخِه ، أو طائفتِه ، فصار يوثر كلام الناس ، وعلومهم وآراءهم على كلام الله ، وكلام رسوله ، وعلوم القرآن والسنة فهو داخل في هذا .
فضل سورة الكوثر في الصلاةفضل سورة الكوثر في الصلاة عن الإمام الصادق عليه السلام: من قرأ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ في فرائضه ونوافله سقاه الله من الكوثر يوم القيامة، وكان محدثه عند رسول الله صلي الله عليه وسلم في أصل طوبى.
سورة الكوثر ليلة الجمعةورد عن الإمام الصادق عليه السلام: من قرأها بعد صلاةٍ يُصَلّيها نصف الليل سِرّاً من ليلة الجمعة ألف مرّةٍ مكملة، رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في منامه بإذن الله تعالى، وفي من كتاب خواص القرآن أن من يقرأها ليلة الجمعة مائة مرّة رأى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في منامه رأي العين، لا يتمثّل بغيره من الناس إلّا كما يراه»
قراءة سورة الكوثر للزواجيقال إن من يقرأ هذه السورة سبعون مرة يومياً، في الصباح والمساء يرزق بالزوج الصالح، مع الالتزام بدعاء الله تعالى عز وجل، كما يمكن أن تكتب هذه السورة بنفس العدد، وتقوم الفتاة أو الشاب الذي يريد الزواج بحملها معه. يمكن دعم الأمر بقراءة سورة الأنعام سبعون مرة، مع سورة الكوثر.
دعاء قضاء الحاجة بعد قراءة سورة الكوثرأستغفر الله العظيم الذي لا له إلا هو الحي القيوم وأتوب اليه.
اللهم يا جامع الشتات ويا مخرج النبات ويا محيي العظام الرفات ويا مجيب الدعوات ويا قاضي الحاجات ويا مفرج الكربات ويا سامع الأصوات من فوق سبع سموات ويا فاتح خزائن الكرامات ويا مالك حوائج جميع المخلوقات اسألك اللهم أن تجود علي بقضاء حاجتي (…وتسمي حاجتك…) انك قادر على كل شيء يا رب العالمين يا عظيم.
فضل سورة الكوثر 1000 مرةوما جاء عن فضل قراءة سورة الكوثر ألف مرة يوم جمعة، وفائدتها ليس له أي أساس من الصحة، ولم يأتي في الكتاب أو السنة النبوية فضل قراءة ذلك العدد منها.
سورة الكوثر للتخلص من السحرسورة الكوثر للتخلص من السحر ، يقال إن من يقرأ سورة الكوثر عشر مرات، في مكان يوجد به سحر، لكنه لا يعلم أين تم وضعه، سوف يقوم الله عز وجل بإلهامه بالمكان، ولا يطوله أي شر من ذلك السحر، إذا لم يظهر السحر من اليوم الأول، يتم تكرار الأمر ثلاث أيام متتالية.
فضل قراءة سورة الكوثر في المنامورد أن رؤية القرآن كله بشكل عام في المنام تشير إلى الخير، وبشرى سارة لصاحبها، رغم أن سبب نزولها حزن النبي عليه الصلاة والسلام عما حدث له. في رواية عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال عن هذه السُّورة: «نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَدْخُلُ، فَالْتَقَيَا عِنْدَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَتَحَدَّثَا وَأُنَاسٌ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَاصُ قَالُوا لَهُ: مَنِ الَّذِي كُنْتَ تُحَدِّثُ؟ قَالَ: ذَاكَ الْأَبْتَرُ، يعني النبيّ صلوات الله وسلامه عليه، وَكَانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَكَانَ مِنْ خَدِيجَةَ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ مَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ: أَبْتَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هذه السورة».
سبب نزول سورة الكوثروجاء في سبب نزول سورة الكوثر ، أنها كانت أقوى رد من الله تعالى على الكفار حيث أنزلها الله عز وجل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قال الكفار عنه أنه أبتر، ولم ينجب صبيان، بعد ما توفى ولديه من السيدة خديجة رضي الله عنها، فجاءت السورة رداً على ذلك.
وذكر الواحديّ في كتابه أسباب النزول، وغيره من المحدِّثين والمفسِّرين، أنَّ سبب نزول سورة الكوثر راجعٌ لما رُوِيَ عن أحد المشركين، وهو العاص بن وائل، الذي لقي النبيَّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- وهو خارجٌ من المسجد والعاص داخلٌ إليه، وكان جماعةٌ من كفار قريش يجلسون فيه، فسألوه من كان يحدث؟ فأجاب مع الأبتر، يعني النبيَّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-؛ إذ إنَّ الأبتر في اللغة من لا ابن له، وكان عبد الله بن النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- من زوجته خديجة -رضي الله عنها- قد توفّي وقتها، فأنزل الله تعالى عندها سورة الكوثر، كما في رواية عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال عن هذه السُّورة: «نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَدْخُلُ، فَالْتَقَيَا عِنْدَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَتَحَدَّثَا وَأُنَاسٌ مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَاصُ قَالُوا لَهُ: مَنِ الَّذِي كُنْتَ تُحَدِّثُ؟ قَالَ: ذَاكَ الْأَبْتَرُ، يعني النبيّ صلوات الله وسلامه عليه، وَكَانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ خَدِيجَةَ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ مَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ: أَبْتَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هذه السورة».
وورد سبب نزول سورة الكوثر في روايةٍ أخرى أنَّ العاص دخل على جماعةٍ من قريش فوجدهم يتحدّثون عن النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- فقال لهم: دعوه، فإنَّه أبتر وذكره سينقطع بعد موته، وفي روايةٍ أخرى أنَّه كان يمرُّ على النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- فيقول: إني شانؤك؛ أي كارهٌ لك ومُبغض، وإنَّك لأبتر، فأنزل الله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).
سورة الكوثرتعد سورة الكوثر سورةٌ مكيَّةٌ على قول جمهور المفسِّرين، وقال بعض السَّلف، كمجاهد والحسن وعكرمة وقتادة، أنَّها مدنيَّةٌ، وهو ما رجَّحه بعض المُعاصرين من المُفسِّرين، كالطاهر بن عاشور، وبناءً على القول بأنَّها مكيَّةٌ فهي السُّورة الخامسة عشرة في ترتيب نزول السُّور على النبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، حيث نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التَّكاثر، وهي السُّورة رقم مئة وثمانية في ترتيب المُصحف الشَّريف، وعدد آياتها ثلاث آياتٍ، وتُعتَبر أقصر سورةٍ في القرآن الكريم لا من حيث عددُ آياتها؛ لأنَّ سورتيّ العصر والنَّصر كذلك آياتهما ثلاثة، لكنَّ سورة الكوثر اعتُبرت الأقصر من حيث عددُ كلماتها وحروفها.
لماذا سميت سورة الكوثر بهذا الاسمسمِّيت سورة الكوثر بهذا الاسم لأنَّها بدأت في أول آياتها بذكر الكوثر، وقد اختُلِفَ في تفسير المراد بالكوثر؛ فالكوثر في اللغة اسمٌ للخير الكثير جاء على وزن فَوْعل، وهي صيغةٌ من صيغ الأسماء الجامدة تُفيد الكثرة والإفراط فيه، وأورد المُفسّرون معانيَ عديدةً للكوثر؛ فمنهم من قال هو نهرٌ في الجنَّة، ونُقِلَ عن ابن عباس قوله بأنَّه الخير الكثير، وعكرمة فسرَّه بأنَّه النبوءة والكتاب، والمغيرة قال أنَّه الإسلام بمُجمله، ونُقل عن أبي بكر بن عياش قوله بأنَّ المُراد بالكوثر كثرة أمَّة الإسلام، وفسَّره الماورديّ بأنَّه رفعة الذكر ونور القلب والشَّفاعة التي مُنحت للنبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- وأعطيت له.